أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - خجي وسيامند: الفصل السابع 3














المزيد.....

خجي وسيامند: الفصل السابع 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5975 - 2018 / 8 / 26 - 20:29
المحور: الادب والفن
    


دأبت تنظر إلى سحنة رفيق الليل، المشمولة بغمامة الوَسَن. عندئذٍ استعادت ملامحَ أخيه، حينَ كان متدلٍ من سقف عليّة المسكن، معلقاً بحبل الانتحار، متأرجحاً هادئاً وديعاً ـ كما لو كان طفلاً في سرير أيام زمان، تهدهده والدته كي ينام.
" لقد أُشْبِهَ أيضاً بطفل مذنبٍ، هاربٍ إلى النعاس من فكرة العقوبة، التي تنتظره في الغد "، قالت للأخ بنبرة من يعاتبَ شخصاً آخر مسكوناً في داخله. وكان " سيامند " قد استرد حيويته بعد غفوةٍ مبتسرة، سلّمته لحُلم غريب. ردد معقّباً على الحكاية الحزينة: " بلى، كان كابوساً.. كابوساً ". في محاولة لصرفها عن الذكرى المؤلمة لكليهما، حدّثها عن ذلك الحلم، المنتهي إلى جعل كيانه ينتفض بهزة قوية.
" رأيتني في بلدة جدّتي لأبي، والوقت كأنه ظهيرة صيف. وكنت مع الأهل على مصطبة مستطيلة الشكل، مشرفة على النهر، محجوبة من جانبيها عن المصطافين الآخرين بوساطة عيدان من القصب المتشابك. كنت إذاك أنظر بشعور من الحسد إلى فرهاد، المُشرع في صيد الأسماك مستعملاً صنارة من نوع القصب نفسه. فجأة، وعلى حين غرّة، ظهرت رويداً سمكة هائلة، كأنها قرش أو حوت، وكان شص الصنارة مغروزاً في فمها. بدت هائجة، تشزرنا بنظراتٍ حاقدة، كما لو كانت مغضبة من فكرة أن صبياً صغيراً بوسعه خداعها. ثم ما لبثت أن جذبت بحركة عنيفة الحبلَ المعلق بالصنارة، ليُشَدّ الصيّادُ معه. مرتاعاً، تابعتُ طيرانَ أخي في الهواء ومن ثم سقوطه وسط النهر، العميق والسريع الجريان. بدأ الجميع بالصراخ، وخصوصاً الأم. إلا أبي، وكان يقف مبتسماً يراقب المشهد وعلى كتفيه عباءة خفيفة وخَلِقة. لقد لاحَ بابتسامته الشنيعة، المفترة عن أسنان مسودة، مثل دراكولا السينما الكلاسيكية. وبينما أمنا الملولة تستصرخه في يأس، كنتُ أقترب من موقفه ببطء وفي نيّتي دفعه إلى نهر الهلاك ".
علّقت " تينا " على الحلم، بينما يدها تمتد للضيف بكأس من الفودكا: " قبل الحادث المفجع بأيام، حدّثني عن حلم رآه وكان أيضاً يجمعُ بعضَ أفراد الأسرة بما فيهم أنتَ. ولكن تفاصيل الحلم ضاعت من ذاكرتي، اللهم سوى أن واقعته المُفترَضة جدّت في حمّام منزلكم وعلى خلفية حدثٍ سياسيّ، حقيقيّ، هز بلادكم في تلك الآونة "
" ربما الأمر تعلق بموت ابن الرئيس في حادث سيارة، وكان قد استحال في أهميته إلى ما يماثل صلب المسيح في معتقدكم "
" ليسَ في معتقدي، على أيّ حال! "
" بلى، لقد ذكرته على سبيل التشبيه حَسْب ". ثم استدرك القول، ساخراً: " ولو أن الأصح، هوَ الإحالة إلى حادثة مقتل ابن إمامهم؛ علي. وهذا الإمام يُعدّ بمثابة الرب لدى أتباعه، وفي التالي، فإن تشبيهه بالمسيح واردٌ ومشروع ". على الأثر، بدأ يرتشفُ الشرابَ من كأسه المُترع. ما لبثَ أن واصل، مبتسماً بخبث: " حلمي هذا، لعله أن يكون نذيراً بانتحاري الوشيك ". بادلته الابتسامَ على مضض، على مألوف عادة الناس المهذبين. وكانت ما تفتأ مرتعشة جرّاء الذكرى الحزينة، حتى أنها التصقت بالضيف مزيداً من الالتصاق. فلما بادرَ إلى وضع كأسه على الخوان، ومن ثم تطويق جسدها بيده، فإنها تزحزحت متململة: " لا، لا أرغب في المضاجعة هذه الليلة ".

***
آبَ " سيامند " إلى النهل من الكأس، مفلتاً جسدها للانتحاء بجسده جانباً. بينما ذهنها راحَ يستعيدُ وقائعَ سهرةٍ قديمة، جمعتها هذه المرة بأحد مواطنيه. آنذاك كانت في أشد حالاتها النفسية عسرةً، بعدما تعرّضت لخيانة مَن كانت تعتبره حبيباً.
" سافر مع عشيقة إلى ألمانيا، ليقضيا ثمة جزءاً من عطلة الصيف. سافرا بسيارة سبقَ واشتريتها من نقودي؛ نقودي المتكفلة أيضاً، ويا للمهزلة!، بنفقات عطلتهما الممتعة. كنت قد التجأت ليلتئذٍ إلى صديق مشترك، وكان فضلاً عن ذلك جاراً يقيم وحيداً في شقة بنفس العمارة. وإنه مَن تعهّد إعلامي بتلك الخيانة، طالما ضميره لم يشأ السكوت عليها "، استرسلت في السرد، متدفقةً. ظهرَ أنها عجزت بدَورها عن السكوت على الذكرى، الممعنة في اختراق داخلها كسكين. وعليه كان مقاطعتها هنا، مُستفهماً: " قلتِ أن اسمه، ‘ دلير ‘، ذاك الصديق؟ لا أعتقد أنني عرفته في الحي، أو حتى سمعت به. كونه من جيل آخر، وعلاوة على ذلك يقيم في السويد منذ أعوام "
" نعم، ولا فرهاد كان قد تذكّر أنه عرفَ شخصاً باسمه. في أوان علاقتي بأخيك، كانت صلتي مقطوعة بأغلب من صادقتهم فيما مضى، ثم ما لبثنا أن انتقلنا للعيش معاً في ستوكهولم "، قالت موضّحةً. وكان " سيامند " ما يزال مستلقٍ على الأرضية المغطاة بزربية محلية، يرمق جسدها شبه العاري بين وهلة وأخرى بعينين مبهورتين، جائعتين. من ناحيتها، لم تضِق من نظراته أكثر مما كانت تعانيه من ضيقٍ نتيجة الذكرى. على أنه آلمها حقاً، آنَ انطلقت ضحكته مع هذه الكلمات الطائشة: " هل كل ما رويتِه، كان من أجل القول أن ذلك الصديق امتنع عن المضاجعة في تلك الليلة احتراماً لمشاعرك؟ "
" امسع، يا صغيري! سندَع كل هذه الحماقات ونولي وجهينا صوبَ ذلك البار، الذي كان من المفروض بك أن ترتاده الليلة مع آلان. ومن يدري، فقد نتمكن هنالك من لقاء ذات الثوب الأحمر؟ "، فاجأته باقتراحها بلهجة جدية تماماً.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خجي وسيامند: الفصل السابع 2
- خجي وسيامند: الفصل السابع 1
- خجي وسيامند: الفصل السادس 5
- خجي وسيامند: الفصل السادس 4
- خجي وسيامند: الفصل السادس 3
- خجي وسيامند: الفصل السادس 2
- خجي وسيامند: الفصل السادس 1
- خجي وسيامند: الفصل الخامس 5
- خجي وسيامند: الفصل الخامس 4
- خجي وسيامند: الفصل الخامس 3
- خجي وسيامند: الفصل الخامس 2
- خجي وسيامند: الفصل الخامس 1
- خجي وسيامند: بقية الفصل الرابع
- خجي وسيامند: الفصل الرابع 3
- خجي وسيامند: الفصل الرابع 2
- خجي وسيامند: الفصل الرابع 1
- خجي وسيامند: الفصل الثالث 5
- خجي وسيامند: الفصل الثالث 4
- خجي وسيامند: الفصل الثالث 3
- خجي وسيامند: الفصل الثالث 2


المزيد.....




- أسطورة السينما الفرنسية بريجيت باردو ستدفن على شاطئ البحر في ...
- أحدثت بجمالها ثورة جنسية في عالم السينما.. وفاة بريجيت باردو ...
- عودة هيفاء وهبي للغناء في مصر بحكم قضائي.. والفنانة اللبناني ...
- الأمثال الشعبية بميزان العصر: لماذا تَخلُد -حكمة الأجداد- وت ...
- بريجيت باردو .. فرنسا تفقد أيقونة سينمائية متفردة رغم الجدل ...
- وفاة أيقونة السينما الفرنسية بريجيت باردو، فماذا نعرف عنها؟ ...
- الجزيرة 360 تفوز بجائزة أفضل فيلم وثائقي قصير بمهرجان في الس ...
- التعليم فوق الجميع.. خط الدفاع في مواجهة النزاعات وأزمة التم ...
- -ناشئة الشوق- للشاعر فتح الله.. كلاسيكية الإيقاع وحداثة التع ...
- وفاة أيقونة السينما الفرنسية بريجيت باردو عن 91 عاما


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - خجي وسيامند: الفصل السابع 3