|
ذهول
نزار صباغ
الحوار المتمدن-العدد: 1502 - 2006 / 3 / 27 - 10:00
المحور:
كتابات ساخرة
ذهـــــول قد يتملكني الذهول في حال تلقيت زيارة من سكان الفضاء ، من فوزي بالجائزة الكبرى في الياناصيب الوطني ، من حصول تسونامي مائي في مدننا الداخلية ، من اختراع عربي لسفينة فضائية ... وغيرها من الاحتمالات التي قد أراها في حياتي الباقية كما كان الراديو والتلفاز لما كان قبلي في هذه الحياة . لكنني أذهل دائماً وفي كثير من المرات ، إن لم يكن أغلبها ، من مدى المعرفة والسعة اللتان يتحلى بهما مسؤولينا المحليين ، ومن مدى معرفتهم واطلاعهم وخبرتهم في كل شيء . فهم عميقو المعرفة في كل ما يتعلق بشؤون الحياة بحلوها ومرّها ، وبشكل تنظيري ... وعملي .
في الفنون وتأثيرها ومنعكساتها ، في الأدب والثقافة وتوجهاتها وشؤونها ، في البيئة وعناصرها وتأثرها وتأثيرها ، في العلوم الفيزيائية والكيميائية بعناصرها ومضارها ومنافعها وأوجه استخدامها ... في الكومبيوتر والانترنت والأساليب الصحيحة للتعامل والاستخدام ، في الفلسفة وعلوم المجتمع والإنسان ، في الإعلان والإعلام ، في المهرجانات والمؤتمرات ، في الهندسة والإدارة والتخطيط ، في الإصلاح والتطوير والتحديث ، في الزراعة والتجارة والصناعة والسياحة ، في علوم القانون والسياسة والاقتصاد ، وفي الرياضة والانتخابات إلى ما هنالك من احتمالات ... أذهل وأعجب من مدى قدراتهم ، وتمكنهم من تنظيم أوقاتهم في مجال المتابعة وفي مجال الاستفادة من كل دقيقة لزيادة معرفتهم ومعلوماتهم وتخصصاتهم الشمولية ... من تمكنهم من إقناع الغير كائناً من كان بآرائهم ووجهة نظرهم ، بسلامة وحسن إدارتهم ، بتفوقهم في صواب أحكامهم ... وفي مدى قدرتهم على ضبط أعصابهم وتوترهم ، وتفهمهم وسماعهم لآراء الغير وإن كانت غير متوافقة مع آرائهم ، ومن ثم إقناعهم بأنهم دائماً ( الغير ) مجانبون للصواب . أذهل وأعجب من أنهم لا يستخدمون سوى ما نسبته عشرة بالمائة من أدمغتهم كما أجمع العلماء ، أولئك العلماء الذين يكادون يجزمون أن العالم "أنيشتاين" لم يستخدم سوى 10% من دماغه ..
لكني أذهل تماماً وبالمطلق ، عند سماعي لآرائهم في مجال مقارعة ذاك الوحش المخيف اللامرئي شبه الوهمي ، والذي يطلق عليه " الفساد " ... إذ أنهم ، وبكل سلاسة ومقدرة وهدوء أعصاب ، يحاولون جاهدين إقناع الجميع ، أن الفساد موجود منذ بدء التاريخ ، وأنه مذكور في القرآن الكريم ، ويستشهدون بسور وآيات وقصص منذ قايين وهابيل ، ويؤكدون أن مقارعته تحتاج إلى سنين ، وأنهم عنه ليسوا بغافلين ، وأنهم يحاولون جاهدين وصادقين ، راجين السند من رب العالمين ... أهم كذلك عميقون في شؤون الدين...؟ أخشى ما أخشاه تغيير الأسباب من الامبريالية والامبرياليين إلى الفساد والمفسدين ... ربي وإلهي ، خذ بيدهم بما هم عليه قائمين ، وزدهم بقدراتهم المعرفية الشمولية واجعلهم متمكنين ، وليكونوا علينا رحومين ، وللفساد مقارعين ، وللإمبريالية مصارعين ، ولاقتصاد السوق الاجتماعي داعمين ، ومد في أعمارهم وانصرهم على أعدائهم وحقق لهم امنتياتهم وزد في ثرواتهم وكافئهم على قدر نياتهم ، اجعلنا غاضين بسيطين ساندين داعمين مطيعين مصفقين ، ولا تجعلنا من الحاسدين ... يا جبار يا كريم يا رب العالمين .
نـزار صبـاغ
#نزار_صباغ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من دون تشبيه
-
رب ضارة .. نافعة
-
مصادر موثوقة .. واستنساخ
-
المقاطعة الدينية
-
للكعبة رب يحميها
-
من دون تأويل
-
المسرح واللاعبون
-
أحلام اليقظة.. والسياسة
-
البواقون
-
أحلام اليقظة ... والسياسة
-
كلام الناس - 2
-
المرتد - 2
-
المرتد
-
كل يغني على ليلاه
-
اقتل إحساسك
-
عدوانية الغرب بين الخيال والواقع
-
مسرح عرائس
-
من الضحية ؟
-
ثلاثة خربوا سوريا...؟
-
فكرة حول العلمانية
المزيد.....
-
الجزيرة 360 تطلق برنامجها الساخر -الشبكة-
-
ثبتها الآن.. تردد قناة كراميش للأطفال 2024 على القمر الصناعي
...
-
جيمس كاميرون يشتري حقوق كتاب تشارلز بيليغريمو لتصوير فيلم عن
...
-
كأنها خرجت من أفلام الخيال العلمي.. ألق نظرة على مباني العصر
...
-
شاهد.. مشاركون دوليون يشيدون بالنسخة الثالثة من -أيام الجزير
...
-
وسط حفل موسيقي.. عضوان بفرقة غنائية يتشاجران فجأة على المسرح
...
-
مجددًا.. اعتقال مغني الراب شون كومز في مانهاتن والتهم الجديد
...
-
أفلام أجنبي طول اليوم .. ثبت جميع ترددات قنوات الأفلام وقضيه
...
-
وعود الساسة كوميديا سوداء.. احذر سرقة أسنانك في -جورجيا البا
...
-
عيون عربية تشاهد -الحسناء النائمة- في عرض مباشر من مسرح -الب
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|