أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم نصر الرقعي - حوار مع خنزير مسكين !؟















المزيد.....

حوار مع خنزير مسكين !؟


سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)


الحوار المتمدن-العدد: 5898 - 2018 / 6 / 9 - 08:24
المحور: الادب والفن
    


حديث دار بيني وبين خنزير وجها لوجه بلغة العيون في أول لقاء لي حياتي بشكل مباشر مع هذا الحيوان المسكين!
*******************************
- "هل تعلم يا سيد سليم أن نحن معشر الخنازير نحب المسلمين، بينما أنتم المسلمون وخصوصا العرب لا تحبوننا !"
هكذا بادرني احد الخنازير وهو يحدثني بلغة العيون في أول لقاء تاريخي لي بشكل حي مباشر لأول مرة في حياتي مع خنزير وجهًا لوجه! ، قال لي ذلك بعد أن رآني أنظر اليه شذرا مذرا بعينين يتطاير منهما الشرر لشدة الحقد والقرف! ، ذلك الخنزير الذي التقيته ذات مرة حينما ذهبت في نزهة الى مزرعة لتربية المواشي هنا في بريطانيا! ، وأتذكر أنني حينما نظرت اليه شعرتُ للوهلة الأولى بردة الفعل المكتسبة من خلال التربية الدينية الشعبية (الشعبوية/التعبوية) لدينا نحن المسلمين حيال معشر الخنازير والتي تصور لنا في المخيال الثقافي الشعبي أن الخنزير حيوان ملعون قذر مطرود من رحمة الله (عليه من الله ما يستحق!) وهو من (المغضوب عليهم ومن الضالين!) الى يوم الدين (عدو الله ورسوله!) و(عميل للشيطان الرجيم!) وأن المسيح عليه السلام يوم ينزل الى الأرض في آخر الزمان فأن أول مهمة سينفذها هنا هي أنه سيقوم بإعدام هذا الحيوان الخائن المقزز الملعون وسط تكبير المسلمين وهتافاتهم!، هكذا احسست في نفسي نحوه للوهلة الأولى بحكم أنني مسلم عربي تربى على كراهية الخنازير إلى حد الحقد الدفين كما لو أننا بيننا وبينه ثأر قديم من أيام حرب البسوس!، أو كأنما الله تعالى قد أنزل في محكم كتابه آية تقول (( يا آيها الذين أمنوا إن الخنزير لكم عدو فأتخذوها عدوا إلى يوم الدين!)) لهذا ما إن وقع نظري عليه حتى اشمئز قلبي واستشاط غضبي حتى أنني فكرتُ أن أستعيذ الله منه وأتبرأ منه ثم أبصق في وجهه بصقة كبيرة بشكل عنيف، بصقة قوية بكل طاقتي مصحوبة بصوت مسموع تعبر عن كل ما أحمله من حقد موروث على أمة الخنازير اللعينة القذرة قبحها الله!!، بل وقد شعرت بكل هذا الحنق نحوها في نفسي كدتُ أن أصيح بأعلى صوتي في وجهه الكريه : (يا كافر !، يا زنديق، يا عميل إبليس!، يا ملعون!، يا خسيس، يا ربيب القاذورات والعلوج ، قبح الله وجهك، فلتخسأ وليخسأ الخاسؤون!) ، نعم !، صدقوني والله كدت أن أهم بفعل ذلك للوهلة الاولى ولكنني سرعان ما تمالكت نفسي وعدتُ الى عقلي - أو ربما عقلي هو من عاد لي أو أعادني إليه - فوجدتني أشكم نفسي وألجم غضبي واستمع لصوت تفكيري وضميري خصوصا بعد أن رأيت ذلك المخلوق المسكين وهو يرمقني انا شخصياً من دون كل من يحيطون به من كل جانب من المتفرجين بتلك العينين الحزينتين البائستين! ، ثم سرعان ما شعرت بأنه أخذ يرسل الى بعينيه الكسيرتين نظرات مرمزة (مشفرة) تحمل الكثير من المعاني!، فكأنما قد قرأ ما كان يجول ويصول في رأسي من أفكار عدانية عنصرية وحاقدة على أمة الخنازير برمتها صغارها وكبارها وبكل اصنافها!، حيث رأيته وقد طأطأ رأسه قليلًا كما لو أنه يتجنب تلك النظرات النارية المعادية ثم ما لبث أن رفع نحوي بصره بعينين بائستين وهو يرمقني في حزن وألم بل وبشيء من اللوم والعتاب كما لو أنه يقول لي: (حتى أنت يا حاج سليم!؟)، ثم بعد لحظات من انقطاع الارسال شعرت فجأة بأنه أخذ يتمتم بكلمات غير مسموعة، فاقتربت منه فهمس في أذني و قال لي :

- "أعرف انكم معشر المسلمين تكرهوننا جدا نحن معشر الخنازير وتعتقدون أننا حيوانات قذرة ملعونة تستحق الإعدام مثلها مثل الكلاب السوداء الملعونة! ، مع أننا امة الخنازير من الأمم المسالمة ولم يسبق لخنزير واحد ان اعتدى على مسلم واحد! ، بل نحن معشر الخنازير ورثنا عن اباءنا واجدادنا حب المسلمين باعتبارهم أكبر المدافعين عنا وعن حقنا في الحياة" !! .

قال لي هذه العبارات ثم اخلد للصمت وهو يتأملني بعينين حزينتين كعيني من جارت عليه الأيام ودارت عليه الدوائر، كما لو أنه كان يستجدي عطفي مع شيء من عزة النفس!، فاستغربت من كلامه هذا وقلت له مستعجبا في ارتباك محاولا تجنب رائحة فمه غير المحببة :

- "كيف !!؟ بصراحة انا لم افهم ما تقصد بالضبط ؟ كيف أنكم تحبون المسلمين أكثر من غيرهم من البشر!!؟".

فابتسم ابتسامة خجولة كإبتسامة طفل بريء، ثم قال :
- "الستم ترفضون ذبحنا وتحرمون أكل لحمنا؟ بل وتتشددون في هذا شدة ليس لها نظير" !!؟؟.

- "بلى" ! ، أجبته على عجل بنبرة واثقة ومؤكدة صحة ما ذكره لي ، فوجدته يردف قائلا:
- "اذن فأنتم احب الناس الينا ونحن نراكم كأكبر حليف لنا فأنتم ترفضون اكلنا وتحرمون ذبحنا ولحمنا، فأنتم إذن أكثر من يدافع عن حقنا في الحياة البرية!، على عكس القوم الذين يستبيحون ذبحنا وأكلنا ويعملون بنا حفلات شواء (برباكيو) بدون رحمة ولا شفقة!، فأنتم أشد رفقًا بنا من غيركم، وكل الخنازير تنظر إليكم بمودة وامتنان واحترام! فلماذا تكرهوننا كل هذا الكره وتحقدون علينا كل هذا الحقد وما نحن الا من مخلوقات الله المسالمة!؟؟"، " يا حاج سليم نحن مخلوقات من مخلوقات الله لحومنا شبيهة بلحوم الكلاب ولحوم القردة ولحوم البشر، هذا كل ما هنالك!، لهذا حرّم الله عليكم أكلنا لهذا السبب أي لأنن لا نصلح لكم، أما الكلاب والقردة فأغلب البشر يمجون أكلها بعكسنا فالناس خانتهم فطرتهم في معرفة ان لحمنا لا يصلح لهم!، لهذا أنزل الله تحريم أكلنا بنص صريح! ، فماهو ذنبنا حتى تكرهوننا كل هذه الكراهية إلى درجة اتهام بعضكم لذكورنا يتصفون بالدياثة ولا يغارون على إناثهم!!، لا لشيء الا لأن الله حرم أكل لحومنا!؟؟، أما اذا كان الأمر متعلق بالروائح الكريهة أو مسألة (الرمرمة) فحتي الدجاج أشر منا في هذا الامر!، فقط اذهب و زر حظيرة الدجاج وستعرف وترى وتشم هذه الحقيقة!، فلماذا تستلطفون معشر الدجاج ولا تستلطفوننا نحن معشر الخنازير!!؟، وكلانا مخلوق من مخلوقات الله وآية من آياته العجيبة!!؟؟ ، ثم لماذا لا تكرهون القردة أو الكلاب مثلما تكرهوننا وبهذه الدرجة التي وصلت الى حد الحقد واتهامنا بكل ما هو قبيح!؟ أم لأن القرود والكلاب اشطر منا في لعب دور المهرج حيث تعمل لكم حركات مضحكة تضحككم وتسليكم لهذا أنتم راضون عنها وتحبونها ولا تشمئزون منها كما هو حالكم معنا نحن معشر الخنازبر !؟؟"، " يا حاج سليم نحن مخلوقات بسيطة من الحيوانات (الكادحة) التي ظلمها البشر واستعملوها لغير ما خُلقت له، فالله خلقنا لا للأكل بل لأمور أخرى، علمها من علمها وجهلها من جهلها!، ولحمنا لا يصلح لكم أنتم البشر!، فلحمنا كلحم القردة والكلاب لا تصلح لكم، فأنا الخنزير عبارة عن فأر وجرذ كبير لا أكثر ولا أقل !، ولهذا حرم الله عليكم أكلنا، فلماذا تكرهوننا كل هذا الكره بينما أنتم والله أحب أهل الأرض إلينا !!؟؟".

هكذا وشوش لي في أذني ذلك الخنزير المسكين بتلك العبارات المؤثرة فعجبت لأمره بل شعرتُ بالحرج من هذه الكلام العاطفي المؤثر والمقنع الذي ذكره لي وهو ينظر إلي ّ بعينيه الوديعتين اللتين ترقرقت فيهما الدموع وشع منهما الشيء الكثير من الصدق والطيبة الطبيعية!، فما كان مني الا أن اعتذرت له بلغة العيون وأعلنت له عن تعاطفي المحموم معه كمخلوق من مخلوقات الله البديعة و(الجميلة) ، والجمال له وجوه وزوايا متعددة - ووعدته بأن أنقل رسالته هذا إلى (منظمة العالم الاسلامي) وإلى جميع المسلمين لعلهم يغيرون نظرتهم لمعشر الخنزير كمخلوق من مخلوقات الله كغيره من الحيوانات الأخرى!!! ، وحينما كنتُ في طريقي للمغادرة التفت نحو ذلك الخنزير المسكين ورأيت في عينيه شيئا ًمن المودة والامتنان فقال لي بلغة العيون شاكرا : (جزاك الله، خالقي وخالقك يا حاج سليم، الرحمن الرحيم خيرا ً!! ) فقلت له : (ربنا يكون في عونك، وعوننا)!!، ثم ذهبتُ في حال سبيلي!!.
سليم الرقعي
رمضان 2018



#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)       Salim_Ragi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الليبرالية المتوحشة والليبرالية الاجتماعية الأليفة!
- ويظل دريد لحام نجما عربيا لا يأفل!
- القضية الفلسطينية والخطاب الاعلامي الصحيح والفعّال!؟
- دولة الصهاينة ودولة الدواعش وجهان لعملة واحدة!!
- مرور الزمن والشعور به!؟
- القوميون العرب أم الإسلاميون أم الليبراليون؟ من العميل!؟
- ظاهرة السأم الوجودي ومعالجتها بالتكاثر الاقتصادي!؟
- مناقشة حول ما هو الارهاب!؟ (2)
- مناقشة حول ما هو الارهاب!؟
- بين مفهوم الارهاب ومفهوم الاختلال العقلي!؟
- بين الحكم الذاتي والحكم الفيدرالي والكونفيدرالي!؟
- وعكة صحية وخاطرة شعرية!؟
- للموت وجوه متعددة !؟
- الغرب وموقفه من الديموقراطية والاخوان المسلمين!؟
- نظرية المؤامرة وأثرها على مجتمعاتنا (1/2)!؟
- حفّار القبور!؟ قصة قصيرة (2/2).
- حفّار القبور!؟ قصة قصيرة (1/2).
- ما الفرق بين النظام وصورة النظام !؟
- فلتذهب دولنا العربية للجحيم!؟
- هل هناك مفاجآت في الانتخابات المصرية!؟


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم نصر الرقعي - حوار مع خنزير مسكين !؟