|
الشهد و الدموع مرة أخرى ، و للأبد
حيدر سالم
الحوار المتمدن-العدد: 5888 - 2018 / 5 / 30 - 17:32
المحور:
الادب والفن
الشهد و الدموع مرة أخرى ، و للأبد
قد لا أكتب الان عن المسلسل ، و لا عن شخص يشاهدها ، بل عن حالة خاصة منها و خارجها ! في بيت جدي القديم ، كنا نجلس في الغرفة التي نسميها ( هول ) ، و بعدها تأتي الغرفة التي أمكث فيها اليوم ، كان البيت مغمورا بألوان حميمية ، تغطس الشبابيك و الابواب باللون الاخضر ، و نصف الجدران ، كنت أتكا على الحائط ، خلفي نافذ تفغر فمها الاسود على الغرفة ، تختلس النظر للمسلسل الذي أعدنا مشاهدته آلاف المرات ، جدي ينتصب واقفا الى جانب التلفاز بسبب الطرش و العمى ، و جدتي تنث إستفزازها الذي لا ينضب كعادتها ، أبي يخجل أن يتمدد على يمينه أمي و أخي الرضيع في حضنها بينما تمدد عمي سعد و عمي محمد في منتصف الغرفة ، و أنا أنسدح على قدم عمتي أمل / أمي التي حمتني من أنياب العالم ، و عماتي الاخريات يقشرن البطاطس و الباذنجان للعشاء ، كان صوت أبي يختلط مع هدير حافظ بيه رضوان ليخبرني بأن علينا الذهاب لدارنا لان الوقت قد تأخر ، و أنا كنت أطلب من الله أن لا تنتهي الحلقة ، و عندما تظر شارة النهاية ، ومع جملة ( ياغربت الانسان ما بين ناسه ) تكون دموعي قد غمرت وجهي ، و قد تلاشت عيوني خلف الضباب الاسود .
مازلت أتذكر شارة النهاية ، و أحفظها ، و أرددها و أفخر أمام صديقي بأنني أحفظ اللحن منذ صغري أيام كانت غير مرفوعة باليوتيوب ، هذه المسلسل حالة خاصة من التيه ، ضمخت عظامي البيضاء بألوان لا أعرف خليطها الى اليوم ، بلون ( غربة الانسان ) في زمان مشبوه ، لكن كل الأدلة تفضي الى أن ليس ثمة زمان عاشه الانسان لم يكن مشبوهاً ! ، كنا على مر التأريخ ( ناكل في بعضينا ) ، بعد مرور سنوات طويلة و بسبب قراءتي عرفت سيد حجاب ، أحببت الرجل ، فهو يكتب بلغة جميلة ، و بسيطة ، و لا تخلو من العمق ، و تولهت بعمار الشريعي حتى انني أحلم به ، و كنت أهرب لأسمع صوته حينما يضجّ العالم في داخلي ، و عرفت أنه ملحن المسلسل ، و الاول الذي كتب أغانيها ، و الى يومي هذا و منذ حوالي 20 سنة مازلت أشاهد الشهد و الدموع ، لقد شاهدتها أكثر من وجوه الناس ، و تعقبتها طويلا ، منذ عامين و أنا أنوي الكتابة عن الملحن الجميل عبد العظيم عبد الحق ( المستكاوي ) الذي غمرته عتمة التيه و نسيه العالم ، و عرفت انه أحد الممثلين الذي احببت دوره في طفولتي ، و شاهدت أكثر من فلم لعبد العزيز مخيون و أعجبني تمثيله وهو من أفراد المسلسل و قد غمرته ألوات التيه ، و نسرين التي إعتزلت عام 1991 ، و و خالد زكي الذي غاب عنا طويلا وظهر في عدة أعمال ( عبيطة ) ، و ( سوزي ) التي اختفت و ....... صدقوني أغلب الكادر غمرتهم هذه الألوان / ألوان التيه .
كان تنبثق من التلفاز نافذة ، لونها أسامه أنور عكاشة ، ويوسف شعبان و عفاف شعيب ، و سيد حجاب و عمار الشريعي و خالد زكي ، و الجميع ، و بقيت بعد أن استمعت لثوان و في مشهد عابر ؛ أتذكر اغنية محمد قنديل ( يابو سمرة السكرة ) ، و بقيت نافذة غرفتي ( الان ) تُطل على ألوان التيه ، و كأن كل شيء انتهى مع شارة النهاية ، البيت القديم تلاشى رغم أنني أسكن فيه الان لكنه غير الذي كان بعد أن صبغوه بلون جديد غير الاخضر ، و جدي وقف في القبر الى جانبه أصداء صراخ زينب و حافظ ، و الذين عجت بهم الغرفة تبخروا في عتمة الحياة مثلما تبخر المستكاوي ، و الان أبي يسحبني لأن الحلقة إنتهت ، و الجميع غمرهم التيه ، و قد تلاشوا في مديات نائية ، يحيطهم وابل من الصمت ، بقيت نافذتي و ذكريات سوداء يحملن ذلك اللون ، لون الضباب الأسود ، و الى الان تبكي أصداء الذكريات مع كلمات ( يا غربة الانسان ما بين ناسه ) ، يحثها أنين ألوان التيه .
#حيدر_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الايقاع و محمد عبد الوهاب / الجزء الثاني
-
الايقاع و محمد عبد الوهاب / الجزء الاول
-
كافكا ليس كابوسياً
-
أرصفة مريدي - قصة قصيرة
-
مقطع من قصة ( ن ) / قصة طويلة
-
أسير مريدي - قصة قصيرة
-
حسناء مريدي - قصى قصيرة
-
حسناء مريدي - قصة قصيرة
-
الثياب الرثة تقلقكم
-
المتفوقون بالعمل !
-
طالبُ المُستنصرية الأخير - نص
-
حنا مينه قاصاً
-
سكّان الأزقة الكافكوية ، سعدي عباس العبد أنموذجا
-
إبتسامة هاربة - قصة قصيرة
-
العنف اللغوي في الاغنية العراقية
-
برستيج العامل الجديد
-
عن سوق مريدي (3 ) / مروءة أهل العراق البلاستيكية
-
الأخطل الصغير و دماء الورد !
-
الابنودي أصابع الطين - مقال
-
باليه فوق الجثث - قصة قصيرة
المزيد.....
-
-فنان العرب- محمد عبده يعلن إصابته بالسرطان
-
ترام الإسكندرية و-أوتوبيس- القاهرة..كيف يستكشف فنان الجمال ا
...
-
تردد قناة بطوط كيدز Batoot Kids 2024 بجودة HD وتابع أجدد الأ
...
-
مسلسل المتوحش الحلقة 32 على قصة عشق باللغة العربية.. موت روي
...
-
اخيرا HD.. مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 ( مترجمة للعرب
...
-
مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة عبر قناة الفجر الج
...
-
-من أعلام الثقافة العربية الأصيلة-.. هكذا وصف تركي الفيصل ال
...
-
خطوة جرئية من 50 فناناً امريكياً وبريطانياً لدعم فلسطين!
-
الفنان محمد عبده يكشف تفاصيل إصابته بالسرطان
-
مش هتغيرها أبدا.. تردد قناة وان موفيز “one movies” الجديد 20
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|