أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حيدر سالم - عن سوق مريدي (3 ) / مروءة أهل العراق البلاستيكية














المزيد.....

عن سوق مريدي (3 ) / مروءة أهل العراق البلاستيكية


حيدر سالم

الحوار المتمدن-العدد: 5743 - 2017 / 12 / 31 - 20:13
المحور: سيرة ذاتية
    


عن سوق مريدي ( 3 )

مروءة أهل العراق البلاستيكية

بدأت اليوم حملة جديدة لإزالة التجاوزات في الشارع العام الذي أكله السوق . محلات من الصفيح ، و سرر تفترشها البضائع ، و عربات خشبية على هيئة صندوق ، و بعضهم يرمي بضائعه في الارض و يبيع . بدأ أزيز الرصاص يخترق ضجيج السوق منذ الصباح حينما أنزل أحدهم رتبة العقيد من كتفه ، فتصادم الجيش مع الناس و بدأت الاطلاقات النارية بنذير و توعد واضح .

سأحدثكم عن طفل لا يتجاوز العاشرة من عمره ، إسمه كرار ، ذو سمرة لا يقشعها أي مسحوق ، و ملوحة عرفنا بها نحن أبناء الجنوب / أولاد الكارثة ، كان ينتظر هو وإخوته الصغار كل يوم فرصة تتيح له أن يحتل فسحة يبيع فيها أنعلا رخيصة ، ورثوا من أبيهم أعينهم الناعسة ، الصغيرة الى درجة لا يبدون أنهم يتملكونها ، هو من قطاع 23 القريب من سوق مريدي ، و كان مصابا بمرض لا أعرفه في قلبه ، و لطالما فقد وعيه و نقله المارة الى الطبيب ، كان يجلس و يمشط الشارع بنظرة طامحة ، وحين يتطلع الى الشارع يفتح فمه ليبصر بتمعن ! ، يترقب هفوة من الزمن تنثره ببهجة أن يبيع ، حتى صعقه الموت و أرداه في هاوية أقل وطأة من حياته في سوق مريدي ، اليوم وقد فرغ نصف السوق رأيت أخيه الاصغر يتفرس في الشارع و ليس له ما يفعله ، فهم قد ركنوا الى عزلة عن الحياة و البيع في زاوية بعيدة عن هذا العالم و إن كان بيتهم لصق السوق ، لاح لي بعيدا عن روث هذا الاسطبل الضخم / العالم ، كان غاطسا في نيرفانا تخصه ، تجنحه ليغيب في طيران رائق لا تشوبه سموم الارض نعلته الكارثة أم نعلها ؟ ، أ من الفراغ إعتقدت البشرية أن الالهة تمكث في السماء ؟ .

اليوم تملكتني صدمة كبيرة ، كنت أعتقد أن أهل العراق أهل مروءة و نخوة ، فلا و الله ، أبصرت الناس يحملون همومهم مع بضائعهم ، لست مهتما بمن له الحق ، القانون أم الناس ، الدولة التي تريد فتح الشارع أم الناس الذين إمتعضوا و ضربوا الجيش لان أرزاقهم ستنقطع ، أريد الإقتراب من موضوع آخر ، أريد الإشارة إلى التشفي الذي طفح من وجوه الناس إزاء ما شاهدوه من مصيبة حلت بالاخرين ، أي مروءة و شرف أيها العراقيون ؟ شاهدت عجوزا يسحب أيامه في صندوق بلاستيكي يضعه في نهاية دراجته الهوائية ، و أعمى يتلمس الطريق بعصاه و هو يحمل ما رمي من حديد المحلات لغاية أجهلها ، و الاطفال يسبحون في أكوام من النفايات التي خلفتها جرافات الحكومة ، رأيت شابا و قد شجت رأسه قطعة صفيح حادة ، و لأتجنب أن يطالكم الملل سأسأل الان عن مشاهد التفت حول رقبتي كحبال من شظايا الزجاج ، لماذا كان الصبي يضحك وهو يشاهد الالم الذي إرتسم على وجه الشاب الذي شج رأسه ؟ لماذا خرج احدهم صارخا بالناس أن لا يجمعوا أغراضهم قريبا من بيته ؟ ( قيل لي لأنه لم يأخذ نصيبه من الشارع ! ) ، و كان اخوه يستلذ برؤية الناس و هم يتراكضون لنقل بضائعهم ، و قد نهرني لانني نظرت اليه بقرف حينما أدلى بفرحه و زهوه . لماذا يفرح الناس بألم الاخر ؟ ألم يقولوا بأن هؤلاء المساكين يشعلهم الظلم كل يوم ؟ لماذا عادوا ليعلقوا على الحادثة " أفضل " ؟ .

تذكرت اليوم قصيدة سعدي يوسف عن سالم المرزوق حيث و صفه ( ابو المروءة ) ، لعل سعدي أحب أن يصفه بما يستخدمه أهل العراق من ألقاب تروق لهم ، لكن هذه الصفات ستبقى حبيسة القصائد و المداولات الشعبية ، فلا مروءة في العراق و لا هم يحزنون . و يطيب لي أن أذكركم بقبس من إضاءة حجاجية " يا أهل العراق ، يا أهل النفاق و الشقاق و مساوئ الأخلاق ، إنكم طالما أوضعتم في الفتنة ، و اضطجعتم في مناخ الضلال ، و سننتم سنن الغي "



#حيدر_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأخطل الصغير و دماء الورد !
- الابنودي أصابع الطين - مقال
- باليه فوق الجثث - قصة قصيرة
- كافكا و جليل القيسي
- مهرجان الغايات و الوسائل
- عن جدي و الشهد و الدموع
- عجين مريدي - قصة قصيرة
- عن سوق مريدي - مقال
- عن سوق مريدي ( 2 ) - مقال
- جدار الاوراق _ قصة قصيرة


المزيد.....




- الصفدي لنظيره الإيراني: لن نسمح بخرق إيران أو إسرائيل للأجوا ...
- عميلة 24 قيراط.. ما هي تفاصيل أكبر سرقة ذهب في كندا؟
- إيران: ماذا نعرف عن الانفجارات بالقرب من قاعدة عسكرية في أصف ...
- ثالث وفاة في المصاعد في مصر بسبب قطع الكهرباء.. كيف تتصرف إذ ...
- مقتل التيكتوكر العراقية فيروز آزاد
- الجزائر والمغرب.. تصريحات حول الزليج تعيد -المعركة- حول التر ...
- إسرائيل وإيران، لماذا يهاجم كل منهما الآخر؟
- ماذا نعرف حتى الآن عن الهجوم الأخير على إيران؟
- هولندا تتبرع بـ 100 ألف زهرة توليب لمدينة لفيف الأوكرانية
- مشاركة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في اجتماع مجموعة السبع ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حيدر سالم - عن سوق مريدي (3 ) / مروءة أهل العراق البلاستيكية