أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - البئرُ المقدسة














المزيد.....

البئرُ المقدسة


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5886 - 2018 / 5 / 28 - 15:13
المحور: الادب والفن
    




التقيتُها في سكوتلندا. السيدةَ الشقراء الجميلة ذات العينين اللامعتين. شاعرةٌ بريطانية تعيش في بقعة نائية من سكتلندا، وتكتب قصائدها حول الطبيعة الساحرة، الشرسة، الآسرة، الصاخبة، الهادئة، والغضوب. التقينا في ورشة للترجمة، ضمن مجموعة من سبعة شعراء وشاعرات من جنسيات مختلفة. أقمنا معًا، لمدة أسبوع، في قصر كلاسيكي يقفُ وحيدًا وسط الحقول التي تتواثب فيها الأرانبُ البرية وتحفر خنادق في رمالها لتختبئ داخلها من البشر لتصنع عالمها السريّ الخاص. كلٌّ منّا، نحن الشعراء السبعة، عليه أن يقرأ قصائد الشعراء الآخرين، عبر لغة وسيطة هي الإنجليزية، ثم يُترجمها إلى لغته الأم. وفي نهاية ذلك الأسبوع الشاقّ بالعمل والترجمة، الشيّق بالمتعة والمعرفة، نقرأ قصائدنا، مع ترجماتها، في أول أيام معرض أدنبره الدولي للكتاب، في انجلترا.
أعجبتني، من بين قصائدها، واحدةٌ تبكي فيها الشاعرةُ حال بئر مقدسة في ويلز اسمها "بئر القديس أندرو”. كانت الشاعرةُ حزينة حين تحولت البئرُ إلى مكان مهجور لإلقاء القمامة وأعقاب السجائر وبقايا الطعام، حين يجتمع فيها التلاميذ الهاربون من مدارسهم للتدخين والثرثرة بعيدًا عن عيون الرقباء، وفي نهاية جلساتهم، يلقون نفاياتهم في البئر. فكتبتْ هذه القصيدة، التي ترجمتُها للعربية، وأقدمها اليوم لقرائي الأعزاء.
وسوف نلاحظ كيف نجحت الشاعرةُ في اللعب على الإيقاع السمعي للكلمات، مع صوت خرير مياه البئر، لتصنع تمويهًا لغويًّا بارعًا، يخدم قضيتها ويقدم كلمات جديدة منحوتة من صوت هدير الماء، لكنها تحمل معاني ورسائلَ توضح فكرتها الشعرية والمضمونية.

بئر القديس أندرو
----
تلك هي البئرُ التي بناها راهبٌ،
سطحُها مثل ظهر حوتٍ
مُبطّن بألواح البلاط،
وعتبةُ بابه
مثل راية علم.

فوق بقعة
تُطلُّ على الأمواج المتكسرة
تبزغُ ربوةٌ مُعشوشبةٌ
بقمة مستديرة،

درجاتٌ حجريةٌ
حلزونيةٌ
تقود إلى الأسفل
والماء
بطيئًا
ينسربُ
في مسامّ التلّ،

الماءُ يرشحُ من الطين المترسِّب
في هدير موجةٍ
تتشاسعُ
تُبشّرُ بالشفاء
والتجدد.

تفورُ المياهُ
حتى يغصََّ فمُّ البئر بأكوام النفايات:
معلبات آرنبرو،
قناني بلاستيكية،
بقايا فطائر متآكلة.

مَن الذي يأتي إلى هنا؟
إلى هذي البئر المقدسة؟
تلاميذُ ثلاثةٌ
يجيئون إلى هنا
للتدخين
أو
للثرثرة.

كيف عرفوا أنها مجردُ ضريح آخر
يلجأ إليها الهاربون من مدارسهم
كمكان للتدخين؟


"شكرا أن جعلتِمونا نعرف ما هي."
ثلاثتهم
في معاطفَ سوداءَ طويلةٍ
كأنما الطائفةُ الجديدة للقديس كاينتش
تتأسسُ
جوار البئر.

حيث يقطر الماء مرةً
أو مرتين
في الصومعة الصغيرة.

ديست
ديست
ديست
ديست.2

الآن
ينبغي أن تنظّف البئرُ
وتُغسل.

بين الجداران المخضوضرة
كريهة الرائحة بالدخان
تقبع كومة معطوبة
من أحلامنا.

رغم ذلك
وعلى نحو ما
سوف يتدفقُ نحونا الماءُ العذبُ
من جديد
قطرتان في كل مرة،
ريس-بكت،
ريس-بكت.3

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا تُدهشنا دولةُ الإمارات؟
- الرقص داخل الأغلال … محاولة للطيران
- السؤالُ أم الإجابة؟
- العالم يُحذّر من كتاب فاطمة ناعوت الجديد
- الرئيسُ والبيسكليت...والعجبُ العجاب
- أنا لِصّة طباشير
- لماذا أكتبُ بالطباشير؟
- 3 دروس صعبة ... في حكاية محمد صلاح
- لماذا يُقبّل البابا أقدامَ الفقراء؟
- صائغُ اللآلئ … عظيمٌ من بلادي
- الأرخميديون
- هاتفي... الذي أحبَّ تونس
- مات نزار العنكبوت ... منذ خمس دقائق
- عاصفة الغبار ... شهادة جماهيرية ل (علي الحجار)
- فيلم هاني رمزي الجديد .. الضحك بطعم المرّ
- هل جدلت السعف بالأمس؟
- أوهامُ الحبّ ... وفنّ الهوى
- مشعل النور من الأقصر للمغرب على صفحة النيل
- نشاركُ في الانتخابات … حتى نستحقُّ مصرَ
- ماما سهير … ماما آنجيل


المزيد.....




- -غزة فاضحة العالم-.. بين ازدواجية المعايير ومصير شمشون
- الهوية المسلوبة.. كيف استبدلت فرنسا الجنسية الجزائرية لاستئص ...
- أربعون عاماً من الثقافة والطعام والموسيقى .. مهرجان مالمو ين ...
- أبو الحروب قصة جديدة للأديبة منال مصطفى
- صدر حديثا ؛ أبو الحروف والمدينة الهادئة للأديبة منال مصطف ...
- غزة في المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا السينمائي
- السلطان و-الزواج الكبير- في جزر القمر.. إرث ثقافي يتوّج الهو ...
- -مكان وسط الزحام-: سيرة ذاتية لعمار علي حسن تكشف قصة صعود طف ...
- السعودية.. الفنان محمد هنيدي يرد على تركي آل الشيخ وتدوينة ا ...
- المخرج علي كريم: أدرك تماما وعي المتلقي وأحب استفزاز مسلمات ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - البئرُ المقدسة