أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - فيلم هاني رمزي الجديد .. الضحك بطعم المرّ














المزيد.....

فيلم هاني رمزي الجديد .. الضحك بطعم المرّ


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5835 - 2018 / 4 / 4 - 13:22
المحور: الادب والفن
    



شكرًا للكوميديان الكبير "هاني رمزي" على دعوته الكريمة لي لمشاهدة العرض الخاص لفيلمه الجديد: "قسطي بيوجعني"، من إخراج إيهاب لمعي . وسرُّ سعادتي بتلك الدعوة هو تمكّني من سماع ردود الفعل الفورية حول الفيلم، من أسرة هاني رمزي، لجلوسي إلى جوارهم في قاعة العرض بحكم الصداقة التي تربطني بهم.
كنتُ أجلسُ جوار والدة الكوميديان، أستمتعُ بملاحظاتها حول الفيلم. كانت بالنسبة لي تجربة جديدة وفريدة، كيف ترى أمٌّ ابنَها على الشاشة وهو يؤدي شخصية رجل يهرب منه الجميع؟ ولا تشفع له خفة ظلّه ومرحه. ببساطة لأن وظيفته هي ملاحقة الناس في كل مكان من أجل تحصيل فواتير وأقساط وكمبيالات من فقراء بالكاد يجدون قوت يومهم بكل العناء والعسر والعنت؟ "الكل بيهرب منه ومحدش عاوز يشوفه!!!"، هكذا همست لي الأمُّ في نبرة صوت مسكونة بالقلق والابتسام. نبرة صوت تجمع بين مشاعر متناقضة: الفرح بابنها لأنه نجح في أداء دوره في الفيلم، والحزن الذي تشعر به أي أمٍّ حين ترى ابنها مكروهًا حتى ولو على الشاشة، والأسى على حال أولئك الفقراء المأزومين الذين يهربون من ابنها ويتذوقون الذلّ من أجل قسط ثلاجة أو بوتاجاز أو مروحة، لدرجة أن أحدهم اختار "الموت" هربًا من القسط، حين أخبره مُحصّل الأقساط "أكمل"، هاني رمزي، أن "الموت وحده هو الذي سيُنجيه من سداد القسط في الغد".
الفيلم يعرض الواقع الاجتماعي العجيب للمصريين اليوم. تحطّمت الصورة النمطية الشهيرة للهرم المجتمعي الذي في قمّته طبقة الأغنياء وفي سفحه طبقة الفقراء، وفي منتصفه الشريحة الأكبر: طبقة البرجوازية الوسطى. لم يعد لهذا الهرم وجود في واقع مصر الاقتصادي الراهن. إنما غدت الطبقاتُ الثلاثُ، طبقتين وحسب. شريحة ضئيلة للغاية هم الموسرون، بينما السواد الأعظم من الشعب يتدرج ما بين الفقير والمعدم، واختفت تقريبا الطبقة الوسطى التي هي عماد كل مجتمع صحي.
لا تملك نفسك من الابتسام وأنت ترى المطاردات المكوكية بين "أكمل"، الجابي الذي يجمع الأقساط، وبين البسطاء الذين يحاولون الفرار منه بكل السبل. لكنه الابتسام الممزوج بالمرار والتأمل.
وكعادة أفلام هاني رمزي، يأتي مشهدُ النهاية ليكون المشهد العمدة الذي يُختزن فيه المورال وتتكثف فيه الرسالة. كان مشهد النهاية الصادم بكل ما يحمل من أسًى ومرارة، بمثابة "الكمبيالة" الأخيرة التي يُحصّلها منك بطلُ الفيلم الكوميديان هاني رمزي، مقابل ما منحك من ضحكات على مدار الساعتين، مدة عرض الفيلم. فوق كوبري "قصر النيل" بالقاهرة، ذهب "أكمل" محصّل الكمبيالات في الساعة الثالثة فجرًا، ليبحث عن عاشق قرر الانتحار لأن حبيبته لا ترد على رسائله. وللمفاجأة، لم يجد أكمل منتحرًا واحدًا، إنما عشرات المصريين الذين قرروا الانتحار كلٌّ لسبب مختلف. هذا لأن طفلته ماتت بعدما عجز عن توفير مصاريف علاجها، وذاك لأنه كان الأول على فرقته في الجامعة ورُفضت أوراق تعيينه بسبب نقص اللياقة الاجتماعية لأسرته المتواضعة، وآخر قرر الانتحار بعدما انهار المنزل الذي كان يؤويه مع أسرته، وغيرها من أزمات حقيقية يعيشها المصريون. وفي هدأة الليل وسكون النيل، نسمع صوت ارتطام جسد منتحر مع صفحة الماء، يعقبه صوت ارتطام جسد آخر، فيكون كل صوت بمثابة صوت رصاصة مدوية في أسماعنا وضمائرنا. هذا المشهد العمدة يُلخص جانبًا خطيرًا من مآسي المصريين الذين ينتمون إلى الشريحة المرهقة اقتصاديا.
تحيةً لصديقي الفنان الذي يحرص دائمًا على تقديم الابتسامة ممزوجة بالفكرة وبالسؤال وبالشجن. أحييه على فيلمه الجديد الذي سيبدأ عرضه في دور السينما منذ اليوم على أمل أن يشاهده المسؤولون في بلادي، لأنه بالفعل يعالج قضية ماسّة وموجعة وهي قضية الغارمات والغارمين، الذين ربما يقضون حياتهم في غياهب السجون بسبب خمسين جنيها قسطًا لغسالة أو بوتاجاز. فضلا عن القضايا الكثيرة الأخرى التي جمّعها وأجزها مشهدُ النهاية فوق كوبري قصر النيل، وكلٌّ منها يمكن أن يكون تيمة فيلم مستقل بذاته.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل جدلت السعف بالأمس؟
- أوهامُ الحبّ ... وفنّ الهوى
- مشعل النور من الأقصر للمغرب على صفحة النيل
- نشاركُ في الانتخابات … حتى نستحقُّ مصرَ
- ماما سهير … ماما آنجيل
- وشوشات مارس 18
- شارع البابا شنودة
- معركة سيناء 2018… سيمفونية الحسم الأسطورية
- الإيمان الحقيقي ... والإيمان الشو
- حكاية بنت اسمها فافي
- لو كانت -شيرين- إماراتية!
- وشوشات فبراير 18
- فاروق حسني … الفنانُ الذي يعرفه العالم
- حين عانقتُ (جميلة بوحَيرد)…أخبرتني الرصاصةُ
- عصا -راجح داوود- … في موريتانيا
- أبونا سمعان … العدلُ معقودٌ بناصية بلادي وجيشه
- الشمعةُ التي في قلوبكم
- بهيج إسماعيل … الروايةُ بنكهة الشِّعر والجنون
- صَهٍ … الجيشُ المصريُّ يتكلم!
- سأقولُ يومًا لأطفالي إنني زُرتُ العراق


المزيد.....




- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...
- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...
- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - فيلم هاني رمزي الجديد .. الضحك بطعم المرّ