أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مظهر محمد صالح - نهاية الموديل الاقتصادي للقيصرية الروسية















المزيد.....

نهاية الموديل الاقتصادي للقيصرية الروسية


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 5882 - 2018 / 5 / 24 - 11:20
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


نهاية الموديل الاقتصادي للقيصرية الروسية

الكاتب:د. مظهر محمد صالح

12/6/2014 12:00 صباحا

عدت روسيا من وجهة النظر الغربية بأنها الجزء النامي من القارة الأوروبية، الامر الذي دفع قيصر روسيا بطرس الأعظم ( 1672 - 1725م)، بذل ما بوسعه لجعل روسيا واحدة من القوى الغربية الحديثة، إذ قام ببناء الميناء الجديد لمدينة سانت بطرسبرغ وشيد العديد من المشاغل ذات الصفة الصناعية، ولكنها كانت لتصنيع البارود واسلحة الحرب ومستلزماتها. كما دفعت فكرة التحديث وبناء الدولة العصرية قيصر روسيا الكسندر الثاني بالعمل على ترسيخ الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي التي ابتدأها بالقضاء على العبودية في تلك البلاد، حيث كان الاصلاحيون يأملون بأخذ المبادءة في التنمية الاقتصادية واطلاق النمو الاقتصادي من خلال تحرير سوق العمل والملكية الخاصة.
ولكن لم تفلح هذه الخطوات باستجابة سريعة للنمو، الامر الذي دفع القيصرية الروسية الى تبني ماسمي بـ"الأنموذج القياسي للتنمية" الذي تضمن اولاً، خلق السوق الوطنية من خلال برنامج واسع لربط البلاد بالسكك الحديدية، ففي العام 1913 كان هناك نحو 71 الف كيلومتر من القضبان الممتدة من سكك الحديد، الامر الذي ربط روسيا بالعالم الخارجي. كما تمكن الفلاحون الروس في العام 1903 في مدينة نيكولايف ومن خلال الربط الهاتفي (التلغراف) من التعرف على سبيل المثال على آخر سعر للبوشل الواحد من الحنطة بالسنت الاميركي في سوق شيكاغو، ليتاح لهم مقارنة ذلك بالعملة الروسية (الكوبيكس) لكل (بود) وهو الوزن المقابل المعتمد للحنطة في روسيا وقت ذاك، وقد استخدمت التعرفة الجمركية كوسيلة حماية للصناعة الروسية بوجه زخم الاستيرادات الاجنبية. ويلحظ في العام 1910 ان روسيا تمكنت من صهر(4 ) ملايين طن حديد، واصبحت الدولة الثانية بعد الولايات المتحدة في هذا الحقل، تلتها المانيا وبريطانيا، فضلاً عن تطورها في مجال الصناعات الهندسية وازدهار صناعة النسيج فيها، حيث جرت حماية المنسوجات الروسية بالتعرفة الجمركية المرتفعة جداً ورافق ذلك توسع هائل في زراعة القطن، الامر الذي اطلق عليها اوزبكستان الاخرى. وفي مطلع القرن العشرين اصبح القطن المعد في روسيا يوازي مثيله في المانيا. والامر الآخر هو الاهتمام القوي بـ "الانموذج القياسي للتنمية" لتحديث المناخ المالي الروسي. الا ان روسيا اصطدمت بمصارف اهلية كانت في غاية الضعف والوهن ولم تؤدِ دورها الفاعل في التنمية على غرار ما قامت به المصارف البلجيكية والالمانية. وعلى خلاف ذلك، اضطرت القيصرية الروسية الى الاعتماد على رأس المال الاجنبي والتمويل الخارجي، فجرى تمويل سكك حديد روسيا عن طريق الاقتراض بالسندات الروسية التي تم ترويجها في الاسواق العالمية آنذاك، كما صار الاستثمار الاجنبي الوسيلة الرئيسة في تدفق التكنولوجيا الصناعية الغربية الحديثة الى تلك البلاد.
واللافت، ان المصانع التي شيدت قد جاء معظمها وفق الرؤى الغربية ولم تأخذ بالاعتبار ظروف البلاد الداخلية. كما اعتمد "الانموذج القياسي" التوسع بالتعليم، فعند قيام الحرب العالمية الاولى، كان نصف البالغين هم ممن يقرأ ويكتب، وان الاجور كانت تدفع على اساس التحصيل الدراسي في مصانع البلاد، ما جعل المدارس تجلب الكثير من البالغين الى رحابها طمعاً بالاجر. وعلى الرغم من ذلك، لم تحتل الصناعة الثقيلة سوى نسبة 8 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي الروسي في العام 1913 مرتفعة من نسبة قدرها 2 بالمئة في العام 1885. كما ظلت الزراعة تستحوذ مابين 51 بالمئة الى 59 بالمئة من ذلك الناتج خلال المدة بين العام 1885 والعام 1913، حين ازدهرت اسعار الحنطة في العالم ،وامست روسيا قوة اقتصادية زراعية وليست صناعية بالضرورة.
ان النمو الاقتصادي وازدهاره في روسيا القيصرية جاء معظمه من نمو وازدهار القطاع الزراعي الذي تزامن مع سياسة تصنيعية محمية بالتعرفة الجمركية العالية على البضائع المستوردة، ولكن المشكلة التي واجهها "الانموذج القياسي للتنمية"، هو ارتهان النمو الذي مصدره الزراعة بالظاهرة الريعية لاسيما اسعار الحنطة الروسية المصدرة الى الاسوق العالمية، فعندما انهارت اسعار الحنطة بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى، والبلاد غارقة في الديون الخارجية، اصبحت روسيا بحاجة الى انموذج اقتصادي آخر للنمو كي تتمكن من ان تلاحق النمو الاقتصادي في العالم الغربي.
ويبقى السؤال المحير هو: لماذا اندلعت الثورة البلشفية ؟والجواب المباشر هو ان اخفاق "الانموذج القياسي للتنمية" وفشله تطبيقياً كان سبب اندلاع الثورة البلشفية الروسية، فمحدودية مؤشرات الانموذج القياسي المذكور للتنمية جسدته سوق العمل، إذ ظلت سوق العمل تعاني من الركود والبطالة على الرغم من النمو في الناتج المحلي الاجمالي في البلاد، ولم ترتفع معدلات الاستخدام فيها، كما ان البطالة هي الصفة السائدة لتلك السوق ولم يستوعب النمو اعداد العاطلين فيها، وبهذا استمرت اجور العمال عند مستوى الكفاف وتردى مستوى المعيشة، لأن اية زيادة في الناتج المحلي الاجمالي كانت تصب بلا ريب في تراكم ارباح المالكين الصناعين او ملاك الاراضي الكبار. وهكذا عد الصراع بين تحالف القوى الاجرية والفلاحين من جهة والقوى المستحوذة على فائض الريع الزراعي والارباح الصناعية من جهة اُخرى ، البؤرة التي فجرت الصراع الاجتماعي الاقتصادي الروسي، فالتنمية غير المتساوية والفوارق الطبقية هي التي قادت الى ثورة سنة 1905 التي انتهت بثورة اكتوبر في العام 1917. وانتهت روسيا القيصرية بفشل او قصور أنموذجها القياسي الانمائي في تحويل روسيا الى دولة صناعية على الطراز الغربي وانتهت القيصرية الروسية وانهزمت على يد الثوار البلاشفة، وارتفعت الراية الحمراء على قباب الكرملين لتحل محل الراية القديمة التي كانت رمزاً للامبراطورية الزراعية الضعيفة صناعياً!.
ختاماً، لم يبق امام الثوار البلاشفة الجدد سوى استبدال انموذج روسيا الاقتصادي القديم للتنمية الذي قاد الى الفشل الاقتصادي للقيصرية ونجاح ثورتهم، بأنموذج جديد آخر سمي هذه المرة بأنموذج الدفعة القوية للتنمية.



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقاصة الدراسية وازمة الهوية
- الخمر والأغلبية الصامتة!
- ‎امرأة من حديد!
- عالم مسطح ..!!
- القمامة و صندوق النقد الدولي
- الرقص مع الذئاب..!
- مسابح العنصرية
- العبودية في القرن الحادي والعشرين!
- تقسيم العمل..ثروة أم اغتراب؟
- غزوة المتحف..!
- ليلة الهروب
- صبي تحت الشمس..!
- النفط والحليب من دين واحد
- نساء في اقتصاديات العمل
- فندق الاسرار!
- سرب الحمام..!
- العتاد المسروق
- جزيرة السعادة..!
- في انتظار كافكا..!
- اشياء لا تموت!


المزيد.....




- هتكسب أضعاف الفلوس اللي معاك في شهر واحدة بس .. مع أفضل 6 شه ...
- حرب السودان.. كلفة اقتصادية هائلة ومعاناة مستمرة
- -قضية الذهب الكبرى-.. قرار جديد من هيئة مصرية بحق رجل الأعما ...
- ستاندرد أند بورز? ?تخفض تصنيف إسرائيل طويل الأجل 
- اعملي ألذ صوص شوكولاته للحلويات والتورتات بسيط جدا واقتصادي ...
- تباين أداء بورصات الخليج مع اتجاه الأنظار للفائدة الأميركية ...
- صندوق النقد: حرب غزة تواصل كبح النمو بالشرق الأوسط في 2024
- لماذا تعزز البنوك المركزية حيازاتها من الذهب؟
- كيف حافظت روسيا على نمو اقتصادها رغم العقوبات الغربية؟
- شركات تأمين تستخدم الذكاء الاصطناعي لرصد عمليات الاحتيال


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مظهر محمد صالح - نهاية الموديل الاقتصادي للقيصرية الروسية