أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مظهر محمد صالح - تقسيم العمل..ثروة أم اغتراب؟














المزيد.....

تقسيم العمل..ثروة أم اغتراب؟


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 5873 - 2018 / 5 / 15 - 14:08
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


تقسيم العمل..ثروة أم اغتراب؟

الكاتب:د. مظهر محمد صالح

15/4/2014 12:00 صباحا

في يوم من ايام الخريف ،تطلع ذلك الشاب الاسباني على مشهد هائل انعقد امامه قبل ان يغادر مرفاْ مدينة البندقية الهادئ والجو الرطيب يتسلل بين حنايا النفس بالأسى العذب،ما جعل ابخرة الصراع الناشبة في اعماقه تتكثف وهو يقول في سره ان الحياة لم تخلق الا لتكون مسرحاً للعجائب،وان احزان الدنيا توجد لا لتثبط الهمم ولكن لتسخرها!ففي العام 1436ميلادية كان الشاب الاسباني لوركا في مدينة البندقية الايطالية ليرى بنفسه كيف كانت تُسلح دولة-المدينة (البندقية) سفنها الحربية آنذاك. ولم يخف المنظر المثيرللتسلح والتجهيز نفسه في مرفأ البندقية، لذلك فان لوركا شاهد كفاءة العمل بنفسه وهو في طريق عودته الى اسبانيا،يوم كانت البندقية تجهز سفنها الواحدة بعد الاخرى وبسرعة ودقة عاليتين لتكتمل عملية التجهيز بأقل من ساعة. تأمل لوركا الكيفية التي كانت تجهز بها السفن الحربية الاسبانية بالذخائر الحربية والمؤونة اللازمة ليقارن ذلك بما كان يجري في البندقية وهو يضع في ذهنه حقيقة ان الكفاءة في العمل قيمة لايمكن تجاهلها، فقد لاحظ ان تجهيز السفن الحربية الاسبانية بالذخائر والمؤن يتم مرة واحدة وبحشد بشري من العاملين ،في حين كان يجري العكس في البندقية ،حيث تُسحب السفينة الى واحدة من القنوات واثناء مرورها امام المرفأ المعني يتولى منتجو السلاح والذخيرة كل حسب اختصاصه بالتجهيز واولويته ،اي بدءاً بالاول وانتهاءً بالاخر وعلى طول القناة المذكورة.
لقد سجل لوركا في مفكرته اليومية ،كسائح اسباني و الشاهد الاول على العلو الذي بلغه تقسيم العمل و مثلته أوائل خطوط الانتاج في العالم والتي ابتدأتها البندقية في القرن الخامس عشر الميلادي.كما ساعد تقسيم العمل في تقدم الثورة الصناعية الاولى في القرن الثامن عشر والذي مكن بلدان العالم من التحسين المفاجئ في الانتاجية والثروة معاً. لقد عدُ تقسيم العمل بمثابة طريقة انتاج مثلى تقف اليوم وراء كل هدف تصنيعي نتطلع للعناية به ومن ثم تحقيقه.
في كتابه (ثروة الامم) 1776ميلادية قدم آدم سمث، مؤسس علم الاقتصاد الكلاسيكي،مثاله الشهير في قياس الانتاج و الانتاجية الناجمة عن التخصص و تقسيم العمل في مصنع الدبابيس في انكلترا قائلاً: (عندما يجري تصنيع الدبابيس عن طريق العمل اليدوي فأن ما يستطيع ان ينتجه العامل الواحد بنفسه في يوم العمل لايتعدى دبوساً واحداً.ولكن في مصنع الدبابيس عندما يتم تقسيم العمل بين عددٍ من العمال المتخصصين،حيث يقوم الاول بسحب المعدن ويقوم الثاني بتوتيره باستقامة ،في حين يتولى الثالث قطعه ويتولى الرابع تدبيبه ويقوم الخامس بصقل رأس الدبوس الذي يتطلب عمليتين او ثلاثة وصولاً الى العملية الاخيرة التي يتولاها العامل العاشر . وان اجمالي العمليات ،التي يقوم بها العمال العشرة ،تًكون بمجموعها ثمانية عشر عملية.وان مجموع ما ينتجه العمال العشرة في يوم العمل الواحد سيبلغ 48 الف دبوس،مما يعني ان انتاجية العمال العشرة قد بلغت 40الف بالمئة! وبهذا يعظم التخصص وتقسيم العمل الانتاج والانتاجية والنمو الاقتصادي وثروة الامم في آن واحد.
وعلى الرغم مما تقدم وجد آدم سمث ان ثمة مخاطر يتركها التخصص وتقسيم العمل في صورته الشديدة في قدرة العمال على ايجاد فرصة عمل عند البطالة بسبب مهارتهم المقتصرة على لون واحد من العمل ولاسيما عمال المناجم او عمال صناعة السيارات في الوقت الراهن او غيرهم.كما ان قيام العامل المشتغل بتكرار العملية الانتاجية الضيقة نفسها يومياً قد يقود الى التشوش الذهني له وتتسبب في اغتراب العاملين عن بعضهم البعض، وهو الاصطلاح الذي اطلقه آدم سمث واسماه بالاغترابalienation وايده كارل ماركس عند صياغة بيانه الشيوعي المسمى (المنيفستو) ودوره في تاريخ الحركة العمالية في القرن التاسع عشر .كما جسد شارلي شابلن في فيلمه الشهير (الازمنة الحديثة) 1936ميلادية فلسفة الاغتراب في عالم الصناعة ودواليبها الصماء التي لاترحم وهو يحكي قصة الانسان الذي تتحكم به الآلة او محاولة الآلة بأن تجعل الانسان كائناً يشبهها ويتحرك مثلها لتنسحق براءة الانسانية بها ومن اجلها .وهو الامر الذي كان يحدث اثناء فترة الكساد العظيم في اميركا في مطلع ثلاثينيات القرن الماضي.
ختاما: وبغض النظر عن هذا وذاك،فقد ظل التخصص و تقسيم العمل مصدرإلهام و نمو وتطور في حياة الامم الصناعية الحديثة ، ولايزال يمثل الجزء الاكثر قوة والاشد اهمية في تشكيل المنطق الاقتصادي في تكوين ثروة الامم.



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزوة المتحف..!
- ليلة الهروب
- صبي تحت الشمس..!
- النفط والحليب من دين واحد
- نساء في اقتصاديات العمل
- فندق الاسرار!
- سرب الحمام..!
- العتاد المسروق
- جزيرة السعادة..!
- في انتظار كافكا..!
- اشياء لا تموت!
- ميشيل فوكو.. حوارٌ لاينقطع !
- جيفارا والعراق
- موعد مع الإمبريالية
- مأدبة الغداء العاري..!
- مختبر الحرية
- عمار الشابندر ... رجل السلام


المزيد.....




- عيار 21 اتحرك لكام؟! أسعار الذهب في الإمارات اليوم الإثنين 2 ...
- ارتفاع ملحوظ في سعر الدولار اليوم بتاريخ 23 من يونيو 2025 .. ...
- دليلك الشامل للشراء والاستثمار.. أسعار سبائك الذهب في الإمار ...
- وصل كام يا ترى .. سعر الدهب عيار 21 أسعار الذهب اليوم “تحديث ...
- خطط النفط تتعثر.. «حرب الشرق الأوسط» تربك شريان الاقتصاد الع ...
- «أسرار الحصول» على الإقامة الذهبية الإماراتية 2025.. شروط وخ ...
- هاتف ريلمي C67.. مواصفات تقنية قوية وتصميم أنيق بسعر اقتصادي ...
- تفاصيل حدود السحب من البنوك وماكينات ATM وتطبيق إنستاباي بعد ...
- مدونون: الشيكل في الضفة من وسيلة تبادل إلى أداة خنق اقتصادي ...
- لقاء قائد جيش باكستان بترامب يفتح آفاق تعاون في التجارة والت ...


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مظهر محمد صالح - تقسيم العمل..ثروة أم اغتراب؟