أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - لماذا انتحر السيد ميم














المزيد.....

لماذا انتحر السيد ميم


خيري حمدان

الحوار المتمدن-العدد: 5864 - 2018 / 5 / 4 - 17:52
المحور: الادب والفن
    


لماذا انتحر السيد ميم
أُصابُ بكثيرٍ من الحيرة حين يسألني أصدقاءٌ جدد وأشخاصٌ أصادفهم في عثرات الحياة عن اسمي! ألا يمكن للعلاقة أن تستمرّ دون طرح الكثير من الأسئلة، لكن هذا مخالف للمألوف، حتّى القطط المنزلية تحمل اسماءً تُنادى به بدلال، لتردّ بغنج طالبة المزيد من الاهتمام، فما بالكم بنا نحن البشر.
مشكلة اسمي بدأت منذ ولادتي، والدي رغب بإطلاق اسم البركة "محمد" على المولود الجديد - أنا، وأمّي لا تجرؤ على الاعتراض بالطبع، لكنّها تتوسّم خيرًا باسم معروف، اسم والدها بالطبع، والشيء المشترك بين الاسمين هو حرف الميم.
انتصر والدي في هذه الجولة غير المتكافئة ونلت اسم محمد.
- آه يا ابني يا محمد يا معروف، الله يرضا عليك. غالبًا ما كنت أسمع هذه العبارة، ولم يمضِ وقتٌ طويل حتّى بدأوا ينادوني بالإسم المركّب الجديد "محمد معروف"، حتى والدي الذي استشاط غيظًا في بادئ الأمر، تصالح مع ذاته وقبل بالأمر الواقع، إكرامًا للمرأة التي تشاطره السرير.
شاءت الظروف حين تجازوت العشرين أن أعمل مرشدًا ودليلا في شركة سياحة، أنا الذي أحبّ السفر والأسفار والتعرّف إلى الغرباء، والاستماع لحكايا ما خلف البحار. سألتني ذات مرّة حسناء قادمة من الشمال عن اسمي، هل هو محمد أو معروف؟ أخبرتها بحقيقة الأمر، فما كان منها إلا أن ضحكت وقالت، سأناديك منذ اليوم بمايكل. ما دمت قد أرضيت والديك، فأنت لن تمانع بإرضاء رغبتي، أليس كذلك يا مايكل؟ لهذه المرأة لو تعلمون أو لا تعلمون سطوة، بحكم جمالها وكرمها الأنثويّ. سريرها واسع ومريح، ولا تمانع كلّما طلبت منها الحضور إلى صدري المتلهف لها، وتردّ ضاحكة. "مايكل، ألا تشبع، ألا ترتوي؟".
أحلق ذقني كلّ صباح بحكم مهنتي، أحدّق في الوجه الرجوليّ الوقح أمامي. أسأله بجرأة، بحكم العشرة الطويلة بيننا.
- من أنت يا هذا، هل أنت محمد أم معروف أم مايكل في نهاية المطاف؟ لم أستغرب كثيرًا حين سمعته قبالتي في المرآة يهمس بثقة غير مسبوقة "بل أنت ميم، أنتَ السيّد ميم ولا شيء أكثر ذلك! أنت مشروع إنسان حضر إلى البسيطة ليرضي كلّ الأذواق والرغبات، أنت الحلقة المفقودة في البيت والعمل يا ميم!".
نعم، هذا صحيح، أرضيت أبي وأمّي، وأرضيت تلك المرأة التي نسيت اسمها بعد أن رحلت على متن قارب أو طائرة، لم أعد أذكر! ثمّ أخذتُ أجيب باقتضاب "تشرّفنا، أنا السيد ميم"، اعتمدت هذه الإجابة وكم أغضتُ العديدَ من الأصدقاءِ الذين لم يقتنعوا بالتسمية الجديدة، فهي لا تليق بمقامي، حسب مزاعمهم. لكنّهم لا يعرفون كنه ما يعتمل في ذاتي، وربّما في نفسِ كلّ منهم ميمٌ غير قادرة على الصراخ والإعلان عن نفسها، ومواجهة الريح وتحدّيات الحياة.
كيف انتحرت ولماذا؟
يصعب عليّ الإجابة في الوقت الراهن، عليكم انتظار رسالة توضيحية منّي أو من نموذجي الأثيري في حضرة الغيب. لا يمكن لمنتحر أن يقدّم تفاصيل وأسباب مقنعة بشأن انتحاره، فلربّما هو نفسه يجهلها، هو على أيّة حال ما يزال يسأل المرآة عن بعض هذه الأسباب، ولا أظنّه يحصل على جوابٍ شافٍ من رجع طيفه.

خيري حمدان
صوفيا
04 مايو 2018



#خيري_حمدان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرجل ذو الأسماء الكثيرة
- المهنة جلاد
- أكره حمام أوروبا
- التعصّب الديني والمذهبي وأثره في تغييب درو المرأة
- التعصّب الديني والمذهبي وأثره في تغييب درو المرأة
- مَنْ هُناك؟
- في البدء كانت الخاتمة
- ظلّ الراقصين
- ما فوق مستوى البحر للحبّ
- الشاعر - قال لي الخالق تكلّم فكتبت.
- هي تملك بيتًا البحر كلّه
- ما تحمله النساء
- كلماتٌ تختقي ما فوق الكعب
- لاعب الشطرنج
- حديث القطط
- أعراس في الحيّ العتيق
- ذكريات خارجة عن القانون
- الرياحُ وحدها تربطني بالمتاهة
- لا خيانة بعد اليوم
- موناليزا


المزيد.....




- كتّاب وأدباء يوثقون الإبادة في غزة بطريقتهم الخاصة
- حين أكل الهولنديون -رئيس وزرائهم-.. القصة المروّعة ليوهان دي ...
- تكريم الإبداع والنهضة الثقافية بإطلاق جائزة الشيخ يوسف بن عي ...
- أهمية الروايات والوثائق التاريخية في حفظ الموروث المقدسي
- -خطر على الفن المصري-.. أشرف زكي يجدد رفضه مشاركة المؤثرين ف ...
- هل يحب أطفالك الحيوانات؟ أفلام عائلية أبطالها الرئيسيين ليسو ...
- أحمد عايد: الشللية المخيفة باتت تحكم الوسط الثقافي المصري
- مهرجان -شدوا الرحال- رحلة معرفية للناشئة من الأردن إلى القدس ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - لماذا انتحر السيد ميم