أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - ورطة الحصار - وحر الإنتظار (أ):















المزيد.....



ورطة الحصار - وحر الإنتظار (أ):


بشاراه أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5828 - 2018 / 3 / 27 - 13:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا زلنا مع دوامة وهم المُصمم وتهافت نظرية التصميم الذكى


الأخ سامي لبيب قد جسد خلط الأوراق وبلور التناقض في أقصى درجاته, وهذا ما يفسر ويبرر لفه ودورانه حول فكرة لديه باتت مبتذلة إذ أنه لم يستطع حتى الآن ترسيخها لشدة التناقض في طرحه وتقلبه من النقيض للنقيض. لذا نراه قد ورط نفسه في متاهة دائماً يكون هو الخاسر فيها ومع ذلك نراه يستميت بالتوغل فيها وإجترار ما قاله عن نفس الفكرة سلباً ليقوله عنها ذاتها إيجاباً في مرة تالية,, وهكذا دواليك. فهو يتحدث عن فهم الإنسان مع انه قد أعياه فهم نفسه التي بين جانبيه, ويتحدث عن فهم الحياة والوجود فنراه ينظر إليهما من خلال حواسه هو ومعلوماته المتناقضة التي لا تلبث أن تعيده إلى نقطة البداية متعلقاً بأذيالها. ثم نراه ينفي وجود إله صانع لهذا الكون وفي نفس الوقت يعترف بالخالق له, ثم لا يلبث أن ينزهه عن كل نقص, فمرة يشببه بالخلائق ويشخصنه, ومرة أخرى يعترف بأنه خارج إطار المادة وأنه منزه عن الأخطاء والعشوائية والفوضى... الخ.

قال وكرر فدور بأن لديه مائة حجة تفند وجود إله,, ثم إنتقل إلى مائتي حجة ,,,, وإذا إستمر على هذا المنوال فنتوقع منه ألاف الحجج. رغم أنه لم يوفق حتى الآن في حجة واحدة وقد حاصرناه في بعضها فلم يحر جواباً أو يتفاعل مع الحقائق التي أعجزته حقيقة فلم تزده إلَّا إصراراً وعناداً ومكابرة, وليَّا لعنق الحقيقة دون أن يبرهن إدعاءاته التي باتت متشابهة ومتناقضة ,,, ولعله لم يفطن إلى أنه بإبتكاراته للحجج الواهية هذه يزداد بعداً عن غايته بتناسب طردي مع إصراره على هذا التناقض وإكتفائه بالوهم.

يقول عن نقده لفكرة الإله المصمم - ومع علمه بأن هذه الفكرة نابعة من الكنيسة الكاثوليكية الأمريكية - إلَّا أنه لا يتحرج من أن ينسبها للمؤمنين المسلمين (الشماعة التي يعلق عليها خرق الآخرين) لاغياً بذلك البون الشاسع والخلاف المنهجي والأصولي ما بين مؤمني الكنيسة الذين يؤمنون بيسوع "آلهاً خالقاً دياناً", وبين إيمان المسلمين الذين يؤمنون بأن ذلك (الذي خلق الكون كله بكل مخلوقاته وبكل أسراره وبكل معلومه وخفيه انما هو الذي خَلَقَ ولم يُخْلقْ,, وهو الذي أخبر عن نفسه ولم يستطع أحد من العالمين أن ينفي عنه قوله وتحديه المفتوح لكل من يدعي العلم والفكر والتفوق إنسياً كان أم جنياً, فرادى أو مجتمعين .... ذلك هو "الله" الذي لا إله إلَّا هو) والذي يؤمن به المسلمون فرداً صمداً قاهراً فوق عباده, رحمان رحيم.

فكل ما ينتهي إليه العلم والتجربة من إيجابيات وروائع وإبداعات مؤكدة الثبوت تنسب إليه وحده لا شريك له فيها ملا ند ولا معين,, وكل سلبيات ينتهي إليها العلم والتجربة والتأكيد فهذه يستحيل أن تنسب إليه. هذا هو الإله الذي يؤمن به مؤمنو المسلمين. فلا تلف وتدور في الفارغة وتضيع وقتك وعملك في الجري وراء سراب بقيعة.

إن فكرة (المصمم الذكي) ليس للمسلمين شأن بها, فهي فكرة خرقاء في نظرهم وقرارة أنفسهم, ولكنها بالنسبة لأصحابها ومصِّدريها هي مبررة ما دام أن الإله الذي يؤمنون به وينسبون إليه الخلق كله هو "لاهوت في ناسوت",, فما دام ذلك كذلك فإن كل الذي تقوله عن العشوائية, والأخطاء, والفوضى, وضرس العقل, وملوحة الماء, والزلازل, ما دامت منسوبة إلى "ناسوت" فهي مقبولة لدى أصحابها, فقد قبلوا ما هو أكبر من ذلك وأبين, فما الجديد في مثل هذا الإفك المبين؟. فهل هؤلاء الكنسيين هم الذين قالوا عن إلهمم (ليس كمثله شئ)؟؟؟, وحتى إن قالوها, فهل يمكن أن يصدقهم عاقل؟؟؟ وهم قد رأوا يسوعهم بينهم يأكل ويشرب وينام ويستيقظ, ويقضي الحاجة كغيره من البشر, وقد إدعوا أن الشيطان إختبره, وإدعوا أيضاً أنهم قتلوه وصلبوه وما قتلوه يقينا, بل شبه لهم. ثم بعد ذلك يعتقدون بأنه قام من بين جيف الأموات, وقد طالبنا صناديدهم "تعجيزاً مشوب بتحدٍ" أن يقدموا لنا دليلاً واحداً أو برهاناً فخنسوا ولم يستطيعوا لذلك سبيلاً. فهل رأيت مسلماً قط قال بذلك الإفك حتى المنافقين منهم؟

لقد حسم الله الخلاق العليم هذا الأمر حسماً قاطعاً. فعندما قال المشركون للنبي الخاتم محمد صِفْ لنا ربَّك,, أهو من ذهب أم من فضة أم من نحاس,,, وقد إدعوا من قبل بأن الملائكة بنات الله,, وقد سألوه بقولهم له: (ربك يا محمد! من هي أمه ومن هو أبوه),, ثم إدَّعى اليهود ان عزير (الراهب عزرا) إبن الله, وأدعى النصارى أن المسيح إبن الله ووحيده أرسله للبشرية ليكفر عن ذنب أبيهم آدم الذي حمَّلهُم الله إياها بلا مبرر, ليس ذلك فحسب بل جاء من السماء إلى الأرض حتى يتعذب نيابة عنهم (بدلاً من أن يغفر ذلك الذنب المدعى عن الذي إرتكبه أو يعاقبه به,, أو حتى إن سلمنا جدلاً بأنه كان يريد أن يأخذ الأبرياء بهذا الذنب من أبناء مرتكبه الذين لم يقترفوه معه أصلاً, فما أهون عليه من أن يغفره لهم جميعاً وهو جالس على عرشه بدلاً من أن ينزل من السماء "لاهوتاً" ثم يدخل في فرج ناسوت هي فتاة "عذراء بتول" فيولد طفلاً رضيعاً ويتعرض للذل والمهانة والصلب والقتل ,,,, بل قالوا إنه خليفة الله, بل قالوا إنه هو الله الخالق الديان, وقد شاخ الله وإعتلى يسوع العرش بدلاً عنه بعد أن كان يجلس على يمينه,,,,, إلى آخر هذه التراهات والخزعبلات (تعالى الله عن كل ذلك علواً كبيراً).

فرد الله عليهم جميعاً بسورة حاسمة قوامها خمس آيات قصار لم تزد كلماتها عن خمسة عشر كلمة:
1. يقول الله تعالى لنبيه الخاتم في رده على السائلين والمدعين جميعاً من يهود ونصارى وأميين مشركين بهذه السورة الكريمة التي تعدل ثلث القرآن, فكأنما قال له فيها,, يامحمد: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ 1), فهذه الكلمات الأربع نفى الله بها مطلق إله غيره. لأن كلمة "أحد" تختلف تماماً عن كلمة "واحد",, فمثلاً لو كانت هناك حجرة بها جمع من الناس يتضمن الجنسين, فلو قال أحدهم في هذا الحالة إنه (لا يوجد في الغرفة واحد) يكون صادقاً في قوله هذا لأنه بالفعل "لا يوجد واحد" وإنما "يوجد جمع" به أكثر من واحد واحدة. ولكنه إن قال: (لا يوجد بالغرفة "أحد"), فليس هناك أي إحتمال لوجود كائن يمكن أن يطلق عليه "أحد", وهذا يعني أن الغرفة فارغة تماما. لذا فإخلاص الألوهية لله وحده تقتضي إستخدام المفردة "أحد". فهذه الآية وحدها تنفي أي إدعاء لأي فاسق بأن هناك آلهة غير الله أو معه "مطلقاً".

2. وقوله تعالى في الآية التالية: (اللَّهُ الصَّمَدُ 2), فهذه الآية "ذات الكلمتين فقط" وحدها كافية لنفي إدعاء النصارى بأن الله مركب من أقانيم ثلاثة ("لاهوت" و "ناسوت" و "روح القدس"), تلك الصفاة التي إفتروْها على الله كذباً وبهتاناً, وإدعوها ليسوع حتى ينصبوه إلها مع الله أو دونه.

3. وقوله تعالى في آية ثالثة: (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ 3), فإن هذه الكلمات الأربع كافية للرد على المشركين وعلى النصارى لأن الله "ذات فريدة", ليست مولودة أو مخلوقة, فلا أم له ولا أب, كما أنه ليس له صاحبة ولا ولداً,, فكانت هذه الآية حاسمة قاطعة بالإخلاص لتفرده ووحدانيته التي لا بداية لها ولا نهاية. فهو حي قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم. شاء من شاء وأبى من أبى, وتمحك من تمحك وافترى.

4. أما قوله تعالى: (وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ 4),,, هذه الآية ذات الكلمات الخمس, والحاسمة للإخلاص التام له سبحانه,, لازمة لقفل باب التطلع إلى "ذات أخرى" يمكن أن تحمل الصفاة السابقة كلها,, لذا كان لا بد من هذا الحسم بقوله تعالى بعدم وجود ند له أو شريك أو مثيل.

يا أخ سامي,, لِمَ أنت مصر على خلط الأوراق ووصم غيرك بما هو مستنكر ومستهجن لدى أسلافك النصارى, فأنت في الأساس "كتابي" نصراني, فنقدك للنصرانية التي وقفت بنفسك على تناقضاتها وإستهجنتها,, هذا يعتبر سلوك إيجابي منك وشجاعة أدبية ووعي فكري مقدر. وهو قدر كافٍ لأن يقودك إلى بر الأمان,, فلماذا تحاول توجيهه إلى وجهة أسوأ من التي كان عليها هؤلاء الذين تنتقدهم؟؟؟ ..... نعم وألف نعم,,, إن الفكر العلماني بالنسبة للنصارى واليهود قبلهم فكرٌ إيجابيٌ متقدمٌ,, وتمرد على واقع يلفظه العقل السليم,, وليس هذا الذي تنتقده وتشمئذ منه هو في أصل "التوراة" ولا في أصل "الإنجيل",, ولتعلم أن الدين الوحيد الذي يرفع هذين الكتابين الكريمين إلى مرتبة "القرآن الكريم" تماماً هو الإسلام ويوثق ذلك علناً في القرآن الكريم,,, ولا أظن عاقلاً تغيب عنه هذه الحقيقة الظاهرة الماثلة. ولا تنسى أن الإسلام وحده (قرآناً وسنة نبوية), يعتبر كل من "موسى" و "عيسى بن مريم" عليهما السلام من (أولي العزم من الرسل تماماً مثل النبي والرسول محمد صلى الله عليه وسلم), يقول القرآن في سورة البقرة: ( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ - « كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ » « لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ » - وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ 285).


يا أخ سامي,, رجاءاً لا تعمل على إضلال البسطاء عن علم وقصد, بخلطك للأوراق بهذه الصورة الفجة,, إن الذين أتوا بفكرة "الإله المصمم", أو "المصمم الذكي" هم أهل الكتاب وليس المسلمين,, وتحديداً النصارى الذين يؤمنون بألوهية "الناسوت اللاهوتي" إن جاز لنا التعبير, فعندما تتحدث عن المؤمنين "تعميماً وتعويماً" فإن الأمانة العلمية والروح الإنسانية الأبية تقتضي منك أن تميز بينهم ولا تخلط الأوراق عامداً متعمداً,,, فالبوزيين لهم إيمان بإلههم , والهندوس لهم إيمان بإلههم,, فالتمييز هنا لازم والخلط والتعميم يعتبر عدم أمانة في الطرح وهناك غائية من ورائه ليست كريمة ومصيرها الإحباط الذاتي التلقائي.

أولاً: عندما تعمم بقولك: (... يعتبر دليل التصميم والنظام من أقوى الأدلة التى يتصورها المؤمنين تبرهن على وجود إله , من خلال فهم يرى الكون والحياة تحتاج لمصمم شخصانى عاقل قام بتصميمها عن إرادة وغاية , لتقول هذه الرؤية إذا رأيت بيت فهناك من صممه ليبدو هكذا , فهو لم يوجد بدون تصميم وغاية , لذا فالكون المنظم هناك من أوجده ولم يأتي بلا غاية ...), فهذا الذي تدعيه من أقوى الأدلة لدى المؤمنين "مطلقاً" يعتبر تزوير متعمد, لذا فهو يقدح في المصداقية. فالمؤمن المسلم يستحيل أن يصف الله "بالمصمم" لأن لله تسع وتسعون اسماً ليس من بينهم هذا الإسم الإفك الذي يشبهه بالحوادث, وهو فوق كل حادث. يجب أن تنتبه كثيراً إلى هذا السلوك المتعارض مع المنطق والموضوعية والأمانة العلمية, فقط لترضي هواك وتبلغ مرادك الذي كلما حاولت الإقتراب منه إبتعد عنك كثيراً.

والشاهد على قولنا هو عبارتك التي تلتها حيث قلت فيها: (... هذه الرؤية التى يتبناها المؤمنون بفكرة الإله الصانع هى رؤية خاطئة للأسباب التالية:
- بداية هذا المنطق لا يجب أن يسرى على فكرة الإله , فالإله المفترض ليس مادة حسب إيمانهم وعليه لا يسرى عليه المنطق المادى , كما أنه ليس كمثله شئ حسب تصوراتهم لذا فلا يسرى عليه المنطق المحكوم بالوجود المادى ...).
هذه العبارة كلها مغالطات ومتناقضات وخلط للأوراق بصورة تصم الآذان وتجهض الولدان وتزكم الأنوف,, بل وتقدح في مصداقية قائلها,, وذلك للآتي:

1. إن قولك في صدرها: (... هذه الرؤية التى يتبناها المؤمنون بفكرة الإله الصانع هى رؤية خاطئة ...), قد تعمدت هنا عدم تمييز المؤمنين أصحاب الفكرة التي تخطئها, حتى توهم القارئ أنها فكرة المؤمنين المسلمين على الرغم من أنك تعرف تماما إنها قد ولدت (في رحم الكنيسة الانجيلية فى أمريكا), والدليل هذا التحايل يكمن في الأسباب التي ذكرتها بعدها.

2. ففي الأسباب التي سقتها لتؤكد خطأ الكنيسة الذي نسبته للمسلمين يكمن في قولك: (... بداية هذا المنطق لا يجب أن يسرى على فكرة الإله , فالإله المفترض ليس مادة حسب إيمانهم وعليه لا يسرى عليه المنطق المادى , كما أنه ليس كمثله شئ حسب تصوراتهم لذا فلا يسرى عليه المنطق المحكوم بالوجود المادى ...). حقيقة هذا تزوير مشين ويستحيل أن يصدر عن باحث علمي محايد ونزيه. لماذا هذا الخداع, ولمصلحة من هذا التزوير إبتداءاً؟ أرأيت كيف يكون التناقض والبهتان يا عزيزي؟ فلا مؤمنو الكنسية قالوا عن الله (ليس كمثله شئ), ولا مؤمنو المسلمين قالوا (بفكرة الإله الصانع), فما تبريرك لهذا الخلط المعيب المقصود لذاته ولك فيه مآرب أخرى يا سيد سامي لبيب؟؟.

3. ألا ترى - مع تناقضك المريع - في قولك: (... بداية هذا المنطق لا يجب أن يسرى على فكرة الإله, فالإله المفترض ليس مادة حسب إيمانهم وعليه لا يسرى عليه المنطق المادى , كما أنه ليس كمثله شئ حسب تصوراتهم لذا فلا يسرى عليه المنطق المحكوم بالوجود المادى ...). فكيف تكون فلسفتك الأساسية هي "إنكار الإله الخالق مطلقاً وبلا مبرر أو تراجع" وفي نفس الوقت تفترض له كل صفاة الكمال والجمال والجلال, وتفترض أنه (ليس كمثله شيئاً), وأنه ليس مادة وأنه ينبغي أن لا يسري عليه المنطق المادي ... الخ, ألا ترى أنك لن تستطيع نفي إعتقادك "مضطراً" بصدق هذه الحقائق رغم أن هذا الصدق يتعارض تماماً مع توجهك المتآكل من أطرافه ووسطه؟؟؟

ثم أنظر لهذه الصورة الصارخة من التناقض والإبهام المريب في قولك: (... يصورون الإله كفاعل عاقل أنتج وصمم الكون والحياة كحال المهندس, وهذا مفهوم خاطئ من أساسه , فالمُفترض أن الإله ليس عاقلاً , فالعقل يعنى التحدد بمفاهيم وأطر العقل والمعقول ليخضع الإله هكذا لمفاهيم العقل ومحدداته وترتيبه مما يقوض الحرية والمشيئة الإلهية المطلقة علاوة أنه ُيشخصن الإله بالإنسان محدود الحرية والقدرة ...). التكلف واللجاجة واضحة في هذه الفقرة والتضارب والإنكفاء .... للآتي:
1. أولاً: من أولئك الذين تقول عنهم إنهم: (... يصورون الإله كفاعل عاقل أنتج وصمم الكون والحياة كحال المهندس, وهذا مفهوم خاطئ من أساسه ...), ثم تخطئ قولهم الذي ينسجم مع توجهك؟ .... لا شك في أنك تتحدث عن المؤمنين "مطلقاً", ومن ثم فإن "الإبهام والتعميم" بالنسبة لك سيكون أولى من "التمييز", لأنك عندها لن تكون لديك قضية تفلسفها على هواك. ولأنك تعلم أن الذين يصورون الإله بهذه النواقص هم النصارى وأياك لا غير, بل وتعلم يقيناً أن مؤمني المسلمين يستحيل أن يصورا الإله بالحوادث, لذا آثرت الإبهام على التمييز كمنهجية أساسية تسمح لك بخلط الأوراق وتسهل لك عملية البهتان عليهم, لذا نقول لك نعم هذا المفهوم خاطئ من أساسه, وهذا يعني أنك ومن أدعاه وصوره مخطئون وأن هذه التخطئة منك نعتبرها إعتراف عملي بأن مؤمني المسلمين على حق.

2. ثانياً: الشق الآخر من التناقض يكمن في قولك: (... فالمُفترض أن الإله ليس عاقلاً , فالعقل يعنى التحدد بمفاهيم وأطر العقل والمعقول ليخضع الإله هكذا لمفاهيم العقل ومحدداته وترتيبه مما يقوض الحرية والمشيئة الإلهية المطلقة علاوة أنه ُيشخصن الإله بالإنسان محدود الحرية والقدرة ...). وهذا أيضاً إعتراف منك ببعض صفاة الإله الخالق, وقد نزهته هنا من كل نقص ووصفته بكل صفاة الكمال والجمال والجلال,, وهذا الإعتراف منك ينسف مشروعك الإستراتيجي من أساسه ويؤكد خطأك في القول "بالعشوائية" و "الأخطاء", و "الفوضى" في الكون وينفي أن تكون الزلازل والأعاصير والأمراض وضرس العقل,,,, كل هذه أخطاء... الخ ,,, أليست هذه هي الحقائق التي يحاججك بها مؤمنو الإسلام وكثير من مؤمني اليهود والنصارى المخلصين؟؟؟.

يستمر سامي لبيب في هذا الإتجاه منزها الإله الخالق من النقائص ومثبتاً له الكمال المطلق فيقول أيضاً: (... الإله أيضا لا يفكر, فالتفكير يعنى الإلتزام بمحددات الفكر ومتطلباته ونظامة وترتيبه ومنطقه بينما يُفترض فى الإله أنه غير خاضع لمتطلبات وترتيب ومنطق ...),
ثم يقول أيضاً في تنزيهه له: (... الإله لا يمكن أن يكون مصمماً وخالقاً فى نفس الوقت فهو إما خالقاً وإما مصمماً , فالمصمم يتعاطى مع ماهو موجود من مواد ليعيد ترتيبها وصياغتها وفق لرؤيته وفهمه , فالفكر المُخطط يلزم وجود المادة أولا فمنها يأتى التصميم والتخطيط , فيستحيل وجود فكر مُخطط بدون المادة , فالمهندس أو المخترع لا يُصمم ولا يَخترع شيئاً بدون وجود وحدات مادية موجودة ليقوم بتركيبها بطريقة خاصة , بينما الخلق هو الإيجاد بدون تعديل أو تطوير أو إعادة إنتاج وعليه لا يكون الإله مصمماً أو لو كان خالق ففكرة أنه مُصمم ستنفى صفة الخلق عنه .! ...), هذا كلام جميل منطقي وموضوعي, وينسجم تماماً مع الواقع والحقائق الحقة. وهذا هو الفكر الإيماني الإسلامي الصحيح الذي يعتنقه الصفوة من أتباع موسى, وعيسى, ومحمد عليهم الصلاة والسلام.

ثم يقول في هذه الفقرة: (... هناك العشرات من الحجج المنطقية التى تنفى وجود الإله المصمم العاقل والتى تناولتها فى مقالى : وهم المصمم والمنظم – مقدمة ...). هذه المقدمة التي يتحدث عنها سامي قد تناولناها بالنقد والتفنيد وقد كتبنا فيها خمسة مواضيع (A-E), منشورة على صفحتنا, وقد أرسلنا الموضوع السادس للنشر قبل أكثر من أسبوع ولم ينشر بعد, ونحن في إنتظار نشره لتكتمل الصورة وتظهر الحقيقة كاملة.

عودة مرة أخرى لخلط الأوراق والحديث "بالإبهام والإيهام والتعميم والتعويم", لفسح مجال للإطالة والمناورة. هذه المرة مع فكرة/ فرية أو كما يسميها لبيب نظرية (التصميم الذكي), وكالعادة حرص على عدم تمييز مصدر النظرية وعلاقتها بالإيمان وبالإله إبتداءاً وإنتهاءاً. مما يضعف فرص الحسم بالقول الفصل فيها.
لن أخوض في تفاصيل هذه الفرية بل سأكتفي بخلاصة مفهوم سامي لبيب عنها, إن كان معها أم ضدها. ولكن قبل هذا وذاك, فلنلفت نظر القارئ إلى سذاجة فكرة مقارنة الإكتشافات العلمية والتطور وعلوم الفضاء واليولوجيا بطلاقة قدرة خالقها ومبدعها,, وسوء فهم معنى كلمة "علم", أو "إكتشاف", أو "تطور",, سواءاً أكانت على البسيطة أو في باطنها أو في الفضاء البعيد أو حتى ما فوق العنان. الخ.

أولاً: لا يسمى الحدث "علماً" إلَّا إذا أدرك الإنسان وجوده المسبق, فالعناصر مثلاً موجودة سلفاً بالتربة وكان الإنسان يجهلها, فكلما تعرَّف على عنصر منها أصبح أصلاً في علمه المتنامي, وكلما تعرف على مزيد من خواصه كما توسع علمه به وبالتجربة يصل إلى خواصه الكيميائية والفيزيائية ووزنه الذري,,, الخ. وما جهله منها ظل سراً من أسرار الكون, ولكن جهله به لا يعني عدم وجوده, وعدم معرفته لشئ من خواصه لا يعني أنه بدون خواص.

ثانياً: الإكتشافات أيضاً قد تكون أداة من أدوات العلم, فقد يكتشف عنصراً أو مادة لم تكن معروفة له من قبل, وقد تكون معروفة ولكن بالبحث والدراسة والتجارب تكتشف خواص إضافية لم تكن معروفة عنه من قبل فتتسع دائرة العلم درجة أو درجات محدودة.

ثالثاً: التطور أيضاً يحدث بإضطراد كلما أكتشفت مزايا جديدة نتيجة التفاعلات التي تحدث بين النعاصر وكلما تطورت وسائل وآليات البحث والتعدين والتحليل والتجارب,,, وفي الغالب تبدأ البحوث بفرضيات تخضع للدراسة فإما أن تثبت صحة الفرضية, أو تثبت عكسها, أو تأتي بنتائج مبهرة لم تكن مقصودة لذاتها,,, والحقيقة أن كل حالات العلم والإكتشافات والتطوير عمل تجريبي لا ينتج عنه "خلق" من عدم,, وهذه التجارب هي مقصودة لذاتها من الإله الخالق, ليصل الإنسان إلى معرفة دقة خلقه وإبداعه عبر هذه التجارب ليشكر عليها ويستزيد.

أما علوم الفضاء فهي لم تأت من فراغ,, فالإنسان يرى مخلوقات أكبر منه حجماً تسبح في الفضاء بخفة, فتمنى أن يسبح مثلها, وقد تعلم السباحة من الأسماك والحيتان والحيات فنجح في ذلك, فوجد – عبر الدراسة والمتابعة – أن القاسم المشترك بينها هو "الجناحين" و "الذيل",, فتمنى أن يطير مثلها, فحاول محاولات مميتة مضنية عبر الزمن حتى وصل إلى ما وصل إليه عبر صناعة آلات تشبه الطائر "إنسياباً" و "أجنحة" و "ذيل", ثم تطور عبر الإفتراضات التجارب وتشجيع النجاحات والإستمرار في تطويرها حتى صنع الصاروخ والمسبار... الخ
ولكن,,, ما علاقة ذلك بفرية (المصمم الذكي), وما علاقة هذه الفرية بحتمية وجود الإله؟ ألست معي في أن هذا الخلط يعتبر إختزال لهذه الكون بإبداعه وإعجازه في هذا القدر الزهيد من المحاولات الإنسانية المحدودة الأثر والتأثير على الكون, بل على الكرة الأرضية منه فقط التي هي عبارة عن حصاة صغيرة عليها غبار إسمه البشر؟؟؟

هل إستطاع الإنسان بهذا القدر الزهيد من تغيير طبائع الأشياء وخواصها أو إضافة أو حذف شئ إليها أو منها؟؟؟ ..... ما هذه النظرة الضيقة والأفق المنغلق الذي ينظر الإنسان الساذج من خلاله حتى يتطاول على خالق كل شئ فقط لمجرد أنه قد صبر عليه وجعله من المنظرين وأخَّر مؤاخذته النهائية ومحاسبته ليوم تشخص فيه الأبصار, فظن ألَّن يقدر الله عليه إن شاء ويجعله هباءاً منثوراً.

إن كل هذا العلم الذي أبهرك لم يستطع علمائه الأولين والآخرين أن يقبلوا التحدي ويخلقوا "ذباباً" فرادى ومجتمعين ومعهم الجن قاطبة,, بل كل هذا العلم الزهيد الناقص من أطرافه لم يسعفهم لقبول التحدي الأخف وطأة عليهم بأن يستعيدوا ما "سلبه الذباب منه" فيستنفذوه منه,,, ضعفوا وضعف مطلوبهم إلى أبد الآبدين.

فإن كنت بقولك عبارة: (... فلا داعى لإثارة وجود إله يصنع ويصمم ...) تقصد بها أصحاب فرية (المصمم الذكي), وإلههم المركب, فهذا شأن لا يعنينا, بل نؤيدك فيه لعدم وجود إله يصمم إلَّا إذا كان إفكاً, أما إن كنت تقصد بذلك مؤمني المسلمين فهذا إفك مبين, وبالطبع لن يريحهم نسبة هذه السخافات إليهم,, أما الإدعاء بان المسلمين قد وجدوا زلزالاً قوياً فهذا عشم إبليس في الجنة,, نعم هناك ذلزال الحق والحقيقة الذي قد نسف عروش أوهام وخرافات الموهومين الجدليين الماديين.

لقد أخفقت يا عزيزي للمرة الألف في تصويرك للحقائق مقلوبة منكسة لعلها تشفع لك, ولكن هيهات,, فأنت تقارن الغباء الذي إعتبرته "صيغة حديثة" مع أنها متخلفة لأن مدلولها ينزل الإله منزلة البشر بمهارة وذكاء أكبر قليلاً من غيره,,, وهذا هو السفه نفسه, وتقارنها بأبلغ رد ينطق به إنسان رغم الفارق بين دعي اليوم وبليغ الأمس الَّذَيْنِ بينهما أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان فالإعرابي كان بليغاً في رده بكلمات معدودات, قال فيما وبها حقائق لا ولن يستطيع أن يختلف حولها اثنان. فإن وجدت "بعرة" في مكان ما فهذا دليل مادي على أن هناك "بعيراً" قد أبعرها, فحتى الأحمق الجاهل المعتوه لن يقول بأنها نزلت من السماء أو أنها صنعت في مصنع الصابون.

وإن وجدت أثراً لضبع أو فيل أو إنسان,,, فإن ذلك يعتبر دليلاً مادياً يشهد بأن ضبعاً أو فيلاً أو إنساناً قد مر بتلك البقعة التي بها الأثر رغم عدم وجوده ومشاهدته وقد المشاهدة. لقد كان نظر الإعرابي إلى الكون كله براوئعه ثاقباً عميقاً,, فأدرك عظمة من أوجده وأبدعه فكان فكره خصباً, ورده موجزاً معبراً. أما الأحمق القائل بفرية (المصمم الذكي), لم يتخطى فكره مرمى بصره فكان من الخائبين الأفاكين. ففرية التصميم الذكى ليست فكر غيبى أو علمي,, وإنما هي "رجم بالغيب" في أبشع صوره. ولا علاقة لها بنظرية ولا علمية ولا فكرية ولا منطقية (نتفق معك في هذا) ونكتفي به.

وها قد دخلنا مرة أخرى في أنشوطة ودوامة الخلط والخطرفة والتخريف,,, فهل الظواهر الجغرافية والمناخية والبيولوجية تعتبر في نظر البعض أخطاءاً؟؟؟ ... وهل التقلبات المناخية "التي هي آيات معجزات", وضرورات بيئية لازمة والرياح والأعاصير لمجرد أن البعض لم يستطع فهمها وإستيعاب حكمتها وضرورتها تعتبر أخطاء في نظر الجدليين الماديين؟؟؟
على أية حال, الأمر لدى المؤمن يختلف تماماً, ويراه كما قدره وقصده الإله الخالق المبدع, لذا فهو يقف خاشعاً أمام هذه الآيات متدبراً مفكراً يقرأ الرسائل الواضحة والتلميحات الدقيقة التي تحملها ويعلم يقيناً أنها مسببة وليست عشوائية كما يظن العامة والبسطاء والروافض؟؟؟ وهل يتوقع بعض الناس حصولهم على مياه عذبة وتربة خصبة, وتلقيح تلقائي,,,, بدون رياح, وهل يظن الغافلون أن الجناة العصاة سيتركون بلا تنبيه وتوبيخ وعقاب يتفاوت بتفاوت جبروتهم وتجبرهم على الضعفاء والفقراء والمستضعفين المهمشين؟؟؟

ثم ما علاقة الجور والظلم والفقر والمرض .... بالأخطاء الكونية علماً بأنها كلها من صنع الإنسان نفسه, فهو الذي يجور على غيره ويظلمه,, وهو الذي – بإستبداده وتغوله وتجبره – ينشر الفقر والمرض والجوع وبتكبره وتجبره ينشر الموت والدمار الشامل والإبادة الجماعية, فيصل به حد الجبروت أن يصنع أسلحة الدمار الشامل والإبادة الجماعية وينشر الأمراض عبر القنابل الجرثومية والعنقودية, والنابالم الحارقة,, (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس).

وهل يتفق العلم والعلماء معك يا لبيب في قولك بأن " العالم مليء بالأخطاء الجيولوجية التي تسبب الزلازل و البراكين والتسونامي التى تفتك بالآلاف كل عام ", إن كان لديك مرجعية علمية تقول بذلك فهلا أشرت إليها لأننا لم نعهدها من قبل.

غريب قولك هذا يا لبيب,, أراك تبحث عن أي شئ تنتقده بمنطق أو بدون منطق,, يكفي تأكيداً لهذه الخصلة وذلك السلوك قولك: (... أين هو الذكاء في خلق أكثر من ربع اليابسة صحراء لا تصلح لعيش الإنسان أو الحيوان بينما يزدحم الناس في جنوب شرق آسيا لدرجة أنهم أصبحوا يعيشون في المراكب ...), فليتك تجيبنا على سؤال مباشر لك,,, هل هناك مدينة أو قصر أو جنة أو مشروع أو مزرعة لم تكن صحراء قاحلة من قبل؟؟؟ فهل تزاحم الناس في جنوب شرق آسيا أصبحوا يعيشون في المراكب لأنهم لم يستطيعوا العيش في الصحراء وتجهيزها لسكناهم؟

فهل يكون مقبولاً لديك أن يخلق الله بقعة صغيرة بحجم الغرفة أو البيت الصغير فيخلق فيهما آدم وزوجه ثم بعد ذلك يوسعها شيئاً فشيئاً كلما خلق مزيد من البشر أبناء آدم؟؟؟ فالله قد خلق الأرض بقدر معلوم وزودها بكل ما يحتاجه البشر في المستقبل حتى آخر لحظة للوجود وقد بين ذلك بدقة متناهية في سورة فصلت, حيث قال: (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ 9), (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِينَ 10), (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ 11). إذاً الصحراء هي كنوز الأرض ومستودعات العناصر اللازمة لبقاء الإنسان أثناء فترة ضيافته فيها فهو لن يحتاج إلى شاحنات أو طائرات عملاقة أو أطباق طائرة تاتي بالمؤن من السماء ليل نهار.

والأغرب من ذلك وأنكى قولك: (... وما هو الذكاء في خلق أرض يغطي سبعين بالمائة منها بحار مالحة لا تصلح للشرب أو الزراعة وهناك أناس يموتون من العطش والجوع لأن أرضهم لا تنتج ما يكفيهم ...),, يا له من منطق أغرب من الخيال,, فهل ملوحة المسطحات المائية الكبيرة كالبحار والمحيطات تعتبر نعمة أم هي نقمة في رأيك ومفهومك؟؟؟ ..... تخيل معي أن الماء في المحيطات كان عذباً فراتاً, فكيف إذاً سيتم نقل ماء منها إلى مجاهل أفريقيا مثلاً,,, فهل سيكون ذلك بمركبات الفضاء والمسبارات أم بالطائرات العملاقة,,, ثم أولاً وأخيراً,, من هو الذي يُصعِّد الماء العذب من هذه المياه المالحة ويرحلها عبر الرياح في طبقات الجو العليا بعيداً عن التلوث إلى أن تنزل بإذنه وتقديره على الفقراء والمساكين والجياع في أماكن سكنهم ومعاشهم,, ماءاً مباركاً سحاً فراتاً وكيف سيتحصل على الماء كل المسافرين عبر الصحاري والوديان, وكيف ستتحصل الحيوانات البرية والوحوش على إحتياجاتها من الماء؟؟؟ وهل إذا عاقب الإله الجبارين المتمردين من خلقه بمنع القطر منهم أيكون هذا خطأ وعيب في الكون أم هو تخويف بغرض فرض العدل والتوازن في المجتمع بين الناس حتى لو كان ذلك بالقوة والقهر؟؟؟ ,

والأغرب من كل هذا وذاك وتلك هو قولك: (... وماهو الذكاء في خلق مناطق كبيرة يغطيها الجليد طوال العام ولا يسكنها الناس ومناطق كل فصولها صيف حارق عند خط الاستواء ...), فهب أنك دخلت في المطبغ بمكان سكنك فإنك ستجد نفسك قد وفرت درجات مختلفة ومتفاوتة من الحرارة, فالبوتاغاز مثلاً فيه أكثر من مشعل مختلف الحجم ودرجة الحرارة ومع ذلك هناك تحكم كامل في رفع وخفض الشعلة التي تصدر الحرارة, هذا بجانب الفرن, ولو إنتقلت ببصرك إلى الثلاجة لوجدت بها مناطق متفاوتة من درجة الحرارة "فالفريزر يمثل" منطقة تجميد دائمة (قطب متجمد), وهناك مناطق أخرى أسفلها بدرجات برودة متفاوتة, ولو إنتقلت إلى الغرفة لوجدت بها "مراوح" ومكيفات... الخ, وإذا دخلت في الحمام وجدت سخانات ومياه دافئة وأخرى فاترة ومياه بارد,,, الخ ...), فهل هذه التجهيزات تعتبر ذكاء لأنها ضرورية أم هي أخطاء معيبة يلزم نقدها؟؟؟

والأكثر غرابة إنتقادك لجيولوجيا الأرض,, بقولك: (... وما هو الذكاء في خلق جوف الأرض ساخناً لدرجة إثارة البراكين أو الزلازل وهدم المبانى على رؤوس البشر الأبرياء والأطفال الذين لم يروا من حياتهم شيئاً ...), أليس الافضل لك أن تسأل أهل الذكر من العلماء الجيولوجيين والفلكيين لتعرف ضرورة هذه الزلازل والبراكين ولتعرف ماذا يعني أن يكون جوف الأرض ساخناً ومنصهراً,, وما هي الفائدة التي يجنيها الإنسان من ذلك,,, فالإله الخالق لم يضع ذلك الإنسان في فوهة البراكين, ولم يقهره على ذلك, بل قال: (والأرض وضعها للأنام, فيها فاكية والنخل ذات الأكمام, والحب ذو العصف والريحان), وقال (ومددنا الأرض مداً). فالمؤمن يعلم يقيناً أن الزلازل والبراكين ضرورة تبرر حجم الكوارث القليل نسبياً والتي تحدث في بعضها للغافلين أو للمقصودين بها عقاباً على جبروتهم على الضعفاء. فالإله الخالق لم يترك الإنسان غافلاً بل قال له: (إذا زلزلت الأرض زلزالها,, وأخرجت الارض اثقالها,, وقال الإنسان مالها,, يومئذ تحدث أخبارها بان ربك أوحى لها) ولكن أكثر الناس لا يفقهوم.

أما إستهجانك بخلق ما تعرف "بالزائدة الدودية" في الإنسان بالإضافة إلى ضرس العقل,,, نقل لك ببساطة, هل هذه الزائدة وضرس العقل يوجدان فقط في البعض أم أنهما مكونان موجودان في جوف وفم كل إنسان ؟؟؟ ..... فإن قلت بأنهما بكل إنسان - وهذا هو الحق المبين - نقول لك إذاً عدم فهمك لأهمية وغاية كل منهما ليس مبرراً لأن تعتبرهما أخطاء وتسخر من خلقهما. أما الغبي الفونسو فقد دلل على غبائه وسطحيته ووثقهما بهذه العبارة الجوفاء الفارغة. أما ما بقي من حديث عن "المصمم العاقل", فهذا لا شأن لنا به, رغم أن الفقرات التالية مشحونة بالمتناقضات والإدعاءات المتكررة فلن نناقشها لأنها لن تغير من الواقع شيئاً.

ولكن ينبغي أن نلفت نظر القراء إلى حقيقة يحاول لبيب إخفاءها ولكن هذه المحاولة هي التي تكشفها وتعريها,,, إن مشكلة هذا الرجل هي "الإسلام" أولاً وأخيراً ووسطاً,,, فهو يعلم يقيناً أن هذا الدين متين عصي على الإختراق مباشرة, فهو يسعى لأن يعتاد الناس على وجوده ضمن الأديان الإفك الفاسدة ليكون نداً لها بند,, وسوف نتابع هذه الغاية ونركز عليها في كل تحليلاتنا لكتاباته. ولتأكيد ذلك علينا أن نركز على هذه العبارة على سبيل المثال لا الحصر, التي يقول فيها: (... يجدر الإشارة ان فكرة المصمم الذكى لم تجرؤ ان تعلن عن شكل الألوهية فهل هو الإله يهوه ام المسيح المخلص ام الله الإسلامى أم زيوس لتترك الامور عائمة أو قل قد تنحاز لفكر الالهيون فى الإله الخالق المصمم المنصرف عن مراقبة البشر ورصد اخلاقهم لياتى هذا الفهم والإستنتاج مخالفاً للمسيحيين والمسلمين الذين يحتفون بفكرة المصمم الذكى بالرغم انها لا تعنى آلهتهم ...).

على الرغم من الربكة الضاربة أطنابها في هذه الفقرة والتي نراها مقصودة بهذا الظاهر الزائف للتعمية إلَّا أننا ينبغي أن نركز على المهم فيها, فنقول:
1. على الرغم من أنه يعرف يقيناً أن فكرة "المصمم الذكي" هذه مصدرها الكنيسة الكاثوليكية الأمريكية تحديداً, وأن الإسلام والمسلمين لا علاقة لهم بهذه الفرية المضحكة, إلَّا أنه يصر على إقحام الإسلام فيها في كل مناسبة وبلا مناسبة,, وهذا يعني انه يريد أن يوصمه بعار خصومه وخيبتهم التي يناهضهم فيها جملةً وتفصيلاً,

2. إن قوله بأن هذه الفكرة لم تجرؤ أن تعلن عن شكل الألوهية,, فهو بذلك يراوغ ويدلس عياناً بياناً, فما دامت الفكرة من الكنيسة فقطعاً غير وارد أن تكون للإسلام بها علاقة من قريب أم بعيد, ولكنه يريد أن يماري بمكر ظاهر. فما دامت الكنيسة هي المصدر, فهذا يعني أن الإله المقصود "تحديداً" هو "المسيح المخلص" بالنسبة لهم, ما لم يكن هناك نصارى آخرين يعتقدون في ألوهية زيوس كبير الالهه في الأساطير الإغريقية.

3. ومعلوم أن زيوس لم يَدَّعِ خلق الكون لنفسه,, وكذلك المسيح فهو بشر ولم يدَّعِ خلق الكون أيضاً, أما إلله الذي يؤمن به المؤمنون بصفة عامة ومؤمنو الإسلام بصفة خاصة لا علاقة له بهؤلاء الآلهة الإفك,, لأنه "ذات" وليس شخص أو صنم,,, فليتك تلتزم النزاهة "مهنياً" على الأقل, فالشنآن ظاهر ولن ينطلي المكر على مؤمن, ولكن العامة قد لا يفطنون لهذه الخدعة. فهذا الشخص يريد أن يعتاد الناس على ذكر الله ضمن الآلهة الإفك وهذا خبث كريه ومكر ماحق,, ولا يحيق المكر السيئ إلَّا بأهله.

4. أيضاً محاولته التمويه بتزوير عبارة (المصمم الذكي), بعبارة ("الإله الخالق" المصمم), وهي من صنعه وتأليفه ليربط ما بين فرية (المصمم الذكي) الكنسية, بعبارة (الإله الخالق) التي هي القول الحق الذي يؤمن به المسلمون,, فيلتبس الأمر على العامة الذين قد يقبلونها على مضض ما دامت تحتوي على عبارة (الإله الخالق), وحتى إن رفضوها لورود كلمة "مصمم" فيها يكونون قد رفضوا معها عبارة (الإله الخالق) فيا له من خبث ومكر مهين. لا يا عزيزي, لن تستطيع تمرير هذه الخدعة بخلط السمسم بالرمل. إنتبهوا أيها الأخوة, فالمسعى خبيث.

5. نقول له أيضاً أننا لن نمرر له عبارته المركبة التي يقول فيها: (الإله الخالق المصمم المنصرف ...), هذه العبارة أيضاً من صنعه ودسه المريب,, (فالمصمم الذكي) معروف مصدرها ورفض المؤمنين المسلمين لها, وعبارة (الإله الخالق المصمم) مصنوعة بخبث ومكر لدسها وتمريرها بين العبارات كدس السم بالدسم,, وأيضاً عبارة (الإله الخالق المصمم المنصرف ...), أشد مكراً وخبثاً من سابقتها لأنه قصد بها تثبيت فكرة (الإلها الخالق المصمم) من جهة, ثم إضافة عبارة "إنصراف الإله الخالق عن مراقبة البشر", لذا قال فيها: (الإله الخالق المصمم المنصرف عن مراقبة البشر ورصد اخلاقهم), ومعلوم لدى كل الناس أن (الإله الخالق) عند مؤمني المسلمين (حي, قيوم, لا تأخذه سنة ولا نوم), يُصرِّفُ شئون عباده وخلقه بذاته, فكيف لهذا الشخص ان يصفه بأنه منصرف عن مراقبة البشر ورصد أخلاقهم؟؟؟

6. لم يكتف بهذا القدر من التبشيع والدس والبهتان,, بل زاد عليه قوله: (... لياتى هذا الفهم والإستنتاج مخالفاً للمسيحيين والمسلمين الذين يحتفون بفكرة المصمم الذكى بالرغم انها لا تعنى آلهتهم...), لا ورب السماوات العلا هذا إفتراء وبهتان مبين,,, كيف يعقل أن يحتفي المسلمون المؤمنون بعبارة (المصمم الذكي) التي تعتبر واصفة للخالق بصفة الحوادث والمخلوقات؟؟؟ ..... ولماذا في الأساس تسعى للربط ما بين عبدة الله خالق الخلق والكون وبين عبدة بشر أو حجر أو طاغوت؟؟؟ ..... نعم كل أهل الكتاب الذين يعبدون الله خالق الخلق والكون وحده لا شريك له هم في الواقع إخوان لنا لهم ما لنا وعليهم ما علينا. أما أهل الاقانيم فإنه لا علاقة لنا بهم, وهذا لا يمنع أن نتعامل معهم معاملات إنسانية بعيداً عن الدين والعقيدة.

لا يزال للموضوع من بقية باقية,

تحية كريمة للأكرمين,

بشاراه أحمدعرمان.



#بشاراه_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وقفة تأمل وتصحيح مفاهيم:
- تفنيد آفة الوثنية ووهم التنوير في الفكر الإلحادي (E1):
- تفنيد آفة الوثنية ووهم التنوير في الفكر الإلحادي (1D):
- تفنيد آفة الوثنية ووهم التنوير في الفكر الإلحادي (C):
- تفنيد آفة الوثنية ووهم التنوير في الفكر الإلحادي (B):
- تفنيد آفة الوثنية ووهم التنوير في الفكر الإلحادي (A):
- التّحَدِّيْ!! بِمَحْقِ وسَحْقِ مائَةِ فِرْيَةٍ مُفْلِسَةٍ (a ...
- التّحَدِّيْ!! بِمَحْقِ وسَحْقِ مائَةِ فِرْيَةٍ مُفْلِسَةٍ (a ...
- التّحَدِّيْ!! بِمَحْقِ وسَحْقِ مائَةِ فِرْيَةٍ مُفْلِسَةٍ (a ...
- التّحَدِّيْ!! وقفة تأمل إضطرارية لازمة لمناقشة حالة:
- التّحَدِّيْ!! بِمَحْقِ وسَحْقِ مائَةِ فِرْيَةٍ مُفْلِسَةٍ (a ...
- التّحَدِّيْ!! بِمَحْقِ وسَحْقِ مائَةِ فِرْيَةٍ مُفْلِسَةٍ (a ...
- التّحَدِّيْ!! بِمَحْقِ وسَحْقِ مائَةِ فِرْيَةٍ مُفْلِسَةٍ (a ...
- التّحَدِّيْ!! بِمَحْقِ وسَحْقِ مائَةِ فِرْيَةٍ مُفْلِسَةٍ (a ...
- التّحَدِّيْ!! بِمَحْقِ وسَحْقِ مائَةِ فِرْيَةٍ مُفْلِسَةٍ (a ...
- التّحَدِّيْ!! بِمَحْقِ وسَحْقِ مائَةِ فِرْيَةٍ مُفْلِسَةٍ (a ...
- التّحَدِّيْ!! بِمَحْقِ وسَحْقِ مائَةِ فِرْيَةٍ مُفْلِسَةٍ (a ...
- التّحَدِّيْ!! بِمَحْقِ وسَحْقِ مائَةِ فِرْيَةٍ مُفْلِسَةٍ (a ...
- التّحَدِّيْ!! بِمَحْقِ وسَحْقِ مائَةِ فِرْيَةٍ مُفْلِسَةٍ (a ...
- التّحَدِّيْ!! بِمَحْقِ وسَحْقِ مائَةِ فِرْيَةٍ مُفْلِسَةٍ (a ...


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - ورطة الحصار - وحر الإنتظار (أ):