أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا - صلاح وهابي - ثورة اكتوبر الاشتراكية















المزيد.....



ثورة اكتوبر الاشتراكية


صلاح وهابي

الحوار المتمدن-العدد: 5824 - 2018 / 3 / 23 - 13:21
المحور: ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا
    


لم يكن في القرن العشرين حدث هز العالم كثورة أكتوبر الاشتراكية ، اذ غيرت وجه العالم ليس فقط على النطاق الداخلي لروسيا ، بل تركت بصمتها على مجمل الاحداث على الكرة الارضية بهذا القدر او ذاك ، بارساء نظام جديد لم يالفه العالم من قبل ، بعد الثورة الفرنسية 1789 وكمونة باريس 1871 .

سقوط النظام القيصري

دراسة اي ظاهرة مجتمعية لا بد من الرجوع الى مسبباتها المنتجة لها .
ويمكن ارجاع الاسباب الرئيسية في سقوط النظام القيصري الى:
ا-التناقض بين ( العمل الاجتماعي وراس المال ) ويمكن ملاحظته على ثلاث محاور :
ا- الريف الروسي : يشكل الفلاحون خلال الثورة ما بين 80%الى
85% من مجموع الشعب الروسي ، يعيش هؤلاء تحت نظام شبه اقطاعي، اقلية طفيلة من الاقطاعيين والنبلاء مالكي الأرض وما فيها ، مرفهة على حساب اكثرية جائعة محرومة من الارض وانتاجها ، تحت ظروف غير انسانية لسياط جلاديها تعاني الاملاق والمرض والامية ، تساق للمزارع وساحات الحرب اذ حمل الفلاحين على ظهورهم اوزار الحرب القاسية. هذه الظروف القاهرة دفعت بانتفاضات فلاحية عديدة قمعت بالعنف .
2- ساحات الحرب : دخلت روسيا القيصرية الحرب العالمية
الاولى سنة 1914 الى جانب الحلفاء بريطانيا وفرنسا ضد دول المحور بقيادة المانيا الى جانبها الدولة العثمانية والنمسا والمجر. يقال: ان الحرب منتجة للثورات . دخلت روسيا الحرب بأساليب وأدوات متخلفة وبجيوش جائعة من الفلاحين والعمال وبقية الشعب المهمش، تحت ظروف الحرب غاية في السوء ،لا تشم غير رائحة الموتى وانين المصابين والجياع و هزائم مذلة ، ليس لهم فيها شر نقير . مما ادت الى هروب أعداد كبيرة من ساحات الحرب وانظمام الكثير منهم الى جانب الاحزاب الثورية وخاصة البلاشفة الرافضين للحرب ، ادت هذه الاوضاع السيئة واختلاف كفة الميزان لصالح الالمان باحتلال مدن روسية بكاملها ، وبدأت تطرق ابواب العاصمة سان بطرسبورغ .، راح ضحيتها (10 )مليون من الجنود والمدنين وملايين المهجرين وتهديم البنى التحتية وما تخلفه الحرب من عوق نفسي وجسدي.
3 -الوضع في المدن: لم يكن الوضع في المدن في معظمه باحسن
حال مما عليه في الريف وساحات المعارك ، فالصراع بين العمال ومالكي المعامل الصناعية على اشده، يعيش العمال ظروف عمل غاية في السوء ساعات عمل طويلة باجور زهيدة وبطالة متفشية ، ونقص في الحاجات الضرورية، غياب قوانين تحمي العمال . دفعت هذه الظروف الى الاضطرابات الواسعة فاضرب 500000 عامل في العاصمة ومدينة موسكو ، ومثلهما في بقية المدن الروسية ، مما رفع مستوى الغضب الجماهيري عاليا في المدن والريف .
ب- وجود احزاب ثورية :استثمرت هذه الاحزاب العاملة على الساحة الروسية المناشفة (الاقلية) والبلاشفة ( الاكثرية)بعد الانشقاق ، واحزاب ثورية وديمقراطية عديدة الغضب الجماهيري لرفع سخونته الى الثورة .


الثورة الاولى في شباط
( الحكومة المؤقتة)

كانت ثورة 23 شباط 8 اذار بالتقويم الحديث للكنيسة الغربية ، انعطافا في تاريخ البلاد التي حركت الجماهير وزجها في النضال السياسي واخراجها من صمتها، فاستغلت الاحزاب الثورية ذات التوجه البرجوازي الاوضاع السيئة بقيادة كيرنسكي باسقاط النظام القيصري الوراثي واقامة المجلس التاسيسي (البرلمان) .ونقل القيصر وعائلته الى منطقة الأورال.
اراد حزب الكاديت الديمقراطي الدستوري ربط القيصر بدستور ، ولم تؤمن غالبية الجماهير الغاضبة بقدرات الحكومة المؤقتة بحكم روسيا المترامية الاطراف ، ونقلها الى جادة الصواب .
دفعت الحكومة المؤقتة البلاد الى حافة الهاوية ، انخفض الانتاج 36% عما كان عليه الحال عام 1916 وأغلقت كثير من المصانع، مما ادى الى ارتفاع نسب البطالة وتكاليف العيش بشكل حاد وتراجعت الاجور بنحو 50% عن عام 1913 وارتفعت ديون روسيا ، وكانت البلاد تواجه الافلاس ، وعطل البرلمان للحرب الاهلية .
ولم تعمل الحكومة المؤقتة على ايقاف الحرب على الجبهة ، الهدف الرئيسي للجماهير التي طحنتها الحرب ،لعدم ايمانها بايقاف الحرب طمعا، وتاثير الحلفاء ، فازدادت اعداد الهاربين من الجبهة من الجنود والضباط ساحات الحرب ، كما انها ام تحل مشكلة الارض وبقت حالة الفلاحين لم تتحسن مما مهد الطريق للتغيير الثوري بقيادة لينين .

الثورة البلشفية
ثورة اكتوبر الاشتراكية

الحكومة المؤقتة لم تستطع ان تحسم الصراع لصالحها ، لان التناقض بي العمل وراس المال لم يحل ، حينما دفعت بالبلاد الى الحرب الاهلية .خلال هذه الاوقات كان لينين متخفيا بالقرب من الحدود الروسية الفنلندية ، بتهمة التحريض على الثورة وعقوبتها الاعدام ، يوم خاطب الجماهير:"لقد انجزتم المرحلة الاولى وعليكم انجاز المرحلة الثانية ".
كان لينين من مخبأه على علم باوضاع العاصمة ويرسل تعليماته، وحينما تفاقمت الأوضاع في العاصمة بتروغراد ، استقل القطار متخفيا الى العاصمة فاجتمع باللجنة المركزية لمدة 14 ساعة ، استطاع ان يقنع (10) الى صفه وعارضه ليون تروتسكي لايمانه بفرضية ماركس من ان الثورة الاشتراكية تقام قي بلدان رأسمالية متطورة وفي وقت واحد ، والا سنحول الحرب الاهلية من تحت علم الثورة البرجوازية لنضعها تحت يافطة الثورة الاشتراكية .اما كامينيف وزينو فياف اعترضا من ان الاوضاع الذاتية والموضوعية لم تنضج بعد لاقامة نظام اشتراكي بالقفز على مرحلة بكاملها الا وهي مرحلة الرأسمالية المتطورة .
خلال هذا الجدل دخلت عليهم امراة تحمل كرسيا مذهبا ،فسالوها من اين لكي هذا؟ قالت :" من احد بيوت الاغنياء التي اقتحمتها الجماهير" . فقال لينين :لقد سبقتنا الجماهير ونحن نناقش مدى مطابقة ظروف روسيا للثورة ، فالجماهير سبقتنا فالحزب الذي يفوت الفرصة التاريخية لا يساوي الا صفرا على الشمال فالنلحق بالجماهير ،فهيا بنا .- هل فوت الحزب الشيوعي الفرصة التاريخية لاستلام السلطة عام 1959 ؟-.
في هذه اللحظة التاريخية تطلب من حزب البلاشفة بقيادة لينين التقدير الدقيق والملموس لاختيار النشاط الكفاحي الافضل لاختبار المبادئ ، وكيف نحول الماركسية الى فعل بالاجابة : كيف واين ومتى ولماذا نفعل؟ كل هذه المسائل لا تحل في هدوء المكاتب،ولكن بمراعاة الخبرة التي كدستها الجماهير والظروف الوطنية الملموسة ،بالابتعاد عن الالتزام الحرفي بالفرضيات الماركسية ،فالحياة متجددة ولادة تصنع اشكالا جديدة لتضاف وتعدل الماركسية ، والا تصبح الماركسية دين يتم تقميطه ، وان الحركة تسلم بأساليب النضال الأكثر تنوعا وملموسية ، فالماركسية ترفض الصيغ المجردة والجاهزة التي لا تنبع من الواقع هذا ما اكده لينين في الاجتماع الاخير للجنة المركزية قبل الثورة .
وكان اصرار لينين من امكانية قيام الثورة الاشتراكية باضعف حلقات الرأسمالية ، لتوفر الظرف التاريخي الواجب استثماره والغير قابل للتكرار .
واتذكر ما كان يردده طيب الذكر الاستاذ ياسين دقيقة البعقوبي باستمرار :"النظرية خضراء والحياة سرمدية "
دفعت الحكومة المؤقتة بالبلاد الى الكارثة ، فلم تستطع حل مشكلة الحرب بالسلام ولا التناقض بين العمل وراس المال لا في الريف ولا في المدينة . واستهوت الجماهير الغاضبة ما طرحه حزب البلاشفة من اهداف : الارض للفلاحين والسلام للشعب والحرية والمساواة للعمال والفلاحين والجنود .
واقتحمت الجماهير القصر الشتوي في 25 تشرين اول بالتقويم الكريكوري للكنيسة الشرقية في ليلة 7/6 اكتوبر 1917 بالتقويم الحديث للكنيسة الغربية ، دون مقاومة فعالة بهرب كيرنسكي والقبض على بقية اعضاء الحكومة المؤقتة الذين يحرسم القوزاق وكتيبة من النساء، حتى الكتيبة التي تم سحبها من ساحات الحرب لحماية الحكومة المؤقتة تمرد فسم كبير منهم وانظم الى البلاشفة والحرس الاحمر.ليتسلم البلاشفة السلطة بقيادة لينين.
سأل مقدم قناة rt الروسية احد كبار المؤرخين الروس بمناسبة مرور مئة عام على ثورة اكتوبر الاشتراكية : هل كان بالامكان تلافي او تجاوز ثورة اكتوبر" ؟
اجاب باسلوب ادبي وغير مباشر بنعم او لا .
فقال: كانت الثورة مبثوثة في طرقات المدينة".
واتسائل جدلا لو تجاوز التاريخ ثورة اكتوبر الاشتراكية ، هل كان بامكان الحكومة المؤقتة بقيادة البرجوازية تحقيق ما حققته ثورة اكتوبر خلال عمرها ؟.
واتسائل: هل كان بالامكان تجاوز ثورة 14 تموز عام 1958؟ والابقاء على النظام الملكي افضل ؟

منجزات ثورة اكتوبرالاشتراكية
على الصعيد المحلي والخارجي

اقامت اول تجربة اشتراكية عملية على الكرة الارضية بعد كمونة باريس ، استمرت لاكثر من سبعين عام (1917-1991( حققت كثير من المكتسبات:
1 - اول شعار اطلقه لينين :الاشتراكية تعني السوفيتات (هيئات الحكم الذاتي )+كهربة البلاد. خلال الخطط الخمسية الاول تم ايصال الكهرباء لابعد نقطة في روسيا الممتد ل (22 )مليون كم مربع حتى سيبيريا. لأهميته القصوي في بناء اي بلد.
2- الخروج من الحرب بتوقيع الصلح مع المانيا فالاثنين في حاجة له ، فالمانيا لتتفرغ لبقية الحلفاء بعد ان دخلت الولايات المتحدة الامريكية الحرب الى جانب الحلفاء ،والثورة البلشفية الفتية المهددة بالحرب الاهلية وتامر القيصر مع الثورة المضادة والخارج وتدخل (14) دولة خارجية لاجهاضها .
فارسل لينين وزير خارجيته تروتسكي لمفاوضة الالمان وعقد صلح( بريست فينوليسك) ولكن تروتسكي رجع دون ان يوقع، للبنود المهينة لروسيا ببقاء الوجود الالماني على المدن التى احتلها الالمان خلال الحرب .
فقال له لينين : نستطيع ان لا نوقع على المعاهدة ، ولكن ليس بايدينا ايقاف الحرب " .
بعد ان تاخر السوفيت بالتوقيع على المعاهدة ، انذر الالمان الروس مدة 48 ساعة للتوقيع على المعاهدة والا سوف تستانف الحرب .وخوفا من افشال الثورة ارسل لينين بوخاربن للتوقيع على المعاهدة ،اذ خرجت روسيا من الحرب ليتفرغ قادة البلاشفة لانجاز المهمات الداخلية .
فضحت حكومة اكتوبر معاهدة سايكس بيكو لتقسيم الشرق الاوسط بين الحلفاء. وبعد انتهاء الحرب بخسارة المحور عادت المدن الروسية المحتلة الى حضن الام .
3- في المجال الاجتماعي ساوت بين الرجل والمرأة في الاجر وساعات العمل وامام القانون ، وقضت على البطالة وتحسنت ظروف العمل وارتفعت الاجور وتوفرالسكن وطرق المواصلات شبه المجانية، اذ يعتبر مترو موسكو في ثلاثينيات القرن الماضي بهرة في انشاء طرق الانفاق ،اضافة الى مجانية التعليم والضمان الصحي والاجتماعي ضد المرض والعجز والشيخوخة . فاصبح المواطن السوفيتي لا يخاف على مستقبله ومستقبل عائلته . هذه المنجزات انعكست ايجابا على اخلاقه وسلوكه.لان الفكر بما فيها الاخلاق محكوم بالوجود الاجتماعي وفق علاقات الانتاج الطبقية المشكلة لطبيعته .
4 - توجه الاهتمام بالصناعات بوجه عام ، وركز على الصناعات الثقيلة باعتبارها عماد نهضت البلد ، فاتجهت الى انتاج مصانع الحديد والبتروكيماويات وما تحتاجه الزراعة وطرق المواصلات والعمران، كما ركزعلى التصنيع العسكري .فتحولت روسيا خلال فترة قصيرة من الزمن من دولة متخلفة الى دولة تقف مع مصاف الدول المتقدمة ،فاول دولة سبرت اغوار الفضاء عام 1957 بصعود الكلبة لايكا لتدور حول الارض ، اعقبها اول رائد فضاء يدور حول الارض كاكارين في 13 نيسان 1961، واول مركبة تحط على ارض القمر باخذعينات منه ، مما دفع الولايات المتحدة الامريكية لان لا تتخلف عن السوفيت بانزال ارمسترونغ على ارض القمر .
5- تحمل السوفيت العبء الاكبر في سقوط المانيا النازية عام 1945 وتخليص العالم من شرور الحرب. فاول من دخل برلين ورفع العلم الاحمر على الرايخشتاغ .
اذ تكبد من تضحيات في الارواح بما يقارب من (20) مليون مواطن روسي دعك عن الخسائر في البنى التحتية والمالية.
6- بعد تحريرالجيش الاحمر لاوربا الوسطى والشرقية ساعدها على اقامة انظمة اشتراكية على النمط السوفيتي، وتشكيل حلف وارشو عام 1955 لمقابلة حلف الاطلسي سنة 1949 بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ، اضافة الى المساعدات المادية والعلمية والثقافية السخية.
7- المكتسبات الاشتراكية ادت الى ظهور مفاهيم عصرية في حق الانسان في العمل والتعليم والصحة والسكن والعيش الكريم والتحرير ، فاثرت على ايجاد وتطوير احزاب عمالية وشيوعية ويسارية وديمقراطية وقومية ونقابية، مطالبة حكوماتهم الراسمالية ودول العالم الثالث بالتغيير، بالاضرابات والاعتصامات والثورات، وخوف هذه الحكومات من انتشار الافكار الاشتراكية،وتصدع انظمتها الراسمالية ،اقدمت على تقديم تنازلات اصلاحية اجتماعية واقتصادية واصلاح منظومتها السياسية والقانونية وتطويرها .
8- تحول مزاج الجماهير خلال القرن العشرين عالميا نحو اليسار،خاصة بعد الحرب العالمية الثانية باندحار المانيا النازية وانحسار اليمين المتطرف، فانتعشت وانتشرت الافكار اليسارية والشيوعية والديمقراطية .حتى وصلت الى قرى معزولة كقرية الهويدر من قرى محافظة ديالى . يوم يسأل الدكتور عبد الحسين الخفاجي في روايته ( قرب النهر) محمد الدفاعي بطل روايته :هل كنت اول من اعتنق الشيوعية في الهويدر؟ .
محمد : اعتنقتها في الاربعينيات وسبقني اليها عبود الهاشمي وجاسم عباده العنبكي .
وفي جلسات نادي نقابة المعلمين ، يسأله احد جلسائه عن تاسيس الحزب الشيوعي العراقي ، فيجيب محمد الذي لم يصل تحصيله الدراسي غير الرابع الابتدائي :تاسست البذور الاولى للحزب في بغداد خلال العشرينيات من حسين الرحال وعوني بكر صدقي ومصطفى علي ومحمد سليم ومحمد احمد المدرس وعبد الرحيم جدوع ومثلها في البصرة ليندمج الاثنين لتشكيل حزب مكافحة الاستعمار والاستثمار ليكون لاحقا باسم الحزب الشيوعي العراقي . وانتشرفي بعقوبة في بيت الحكيم وبيت حسين حجي علي وقريبه طالب علي وبيت عبد الجبار بيروتي وهادي صالح بشير والاستاذ منعم عارف و الاستاذ عبد الحق عبد الغني وبيت حسن وهابي وبيت محروك وال السعدي وال الحسك وماجد المحامي والاستاذ عارف عيدان ومتي سليمان ابوناظم وموسى الحداد وابو سلام المعموري وجبار صديقة و... وفي بهرز في بيت الرحبي والخالص في بيت العبلي وشفته في عشيرة الزبيد وقضاء المقدادية في بيت خليل الكهوجي ، وابراهيم الكراخ وصابر العلوجي وحسن خميس في سنسل وعبد الكريم من منصورية الجبل وخانقين في بيت محمد عارف ابو لؤي ومندلي في بيت حكمان فارس وبيت عدنان سيد ظاهر،وغيرهم .
فمن يتفهم الف باء الماركسية لقادر على امتلاك مفاتيح كثير من مغاليق الحياة .
9- انهت القطبية الواحدية التي انفرد بها العالم الرأسمالي ،مما اتاح لدول العالم الثالث مساحة اكبر للتحرك لتحقيق اهدافها الوطنية والقومية ،فوقفت مع قضايا شعوب العالم في تحقيق اهدافها العادلة،فساندت الثورة الصينية ونحاحها عام 1949 باقامة نظامها الاشتراكي الذي فاق كبريات الدول الراسمالية اجتماعا واقتصادا ،وهددت بشكل مبطن الولايات المتحدة باستعمال السلاح النووي باعتبارالاعتداء على الصين اعتداء عليه ،ووقفت مع كوريا الشمالية وكمبوديا ولاوس وفيتنام وكوبا ، ومع الشعب المصري في ثورته عام 1952 واعتبر الاعتداء الثلاثي على مصر عام 1956 اعتداء عليه بالتهديد المبطن باستعمال السلاح النووي فانسحبت القوات الغازية من مدينة السويس والاسماعيلية ،اضافة الى المساعدات العسكرية السخية ايام حزيران 1967 والاشتراك الفعلي لبعض قواته .
ووقف مع ثورة 14 تموز في العراق عام 1958 وانذر كل من بريطانية وفرىنسا من سحب قواتهما من الاردن ولبنان .
ولم تشمل هذه المساعدات الجوانب العسكرية فقط بل شملت الجوانب الاقتصادية والعلمية والسياسية والفكرية بما فيها جامعة لومنبا لتخريج الاف الكوادر الحزببة .

اسباب انهيار التجربة الاشتراكية

فرغم الانجازات العظيمة التي حققتها التجربة الاشتراكية ، الا انها اخفقت في جوانب كثيرة :
1 - بقى قانون التناقض بين ( العمل وراس المال ) يسري ويتفاعل تراكميا على طول عمر التجربة السوفيتية، اذ تحولت ملكية راس المال من الراسمالي الى رأسمالية الدولة والسوفيتات وقيادات الحزب الشيوعي على حساب الاكثرية المنتجة من العمال والفلاحين والمثقفين والمهنيين والشيوعيين المخلصين وبقية ابناء الشعب ،فقمع صوت التغيير بسيف البيروقراطية ، مما ادى الى نخر التجربة من الداخل .
2- احتكار الحزب للسلطة بتعميم الواحدية الفكرية والسياسية ، مما ادى الى تقويض الديمقراطية ، باشاعة دكتاتورية البروليتارية ، مما اضغف التمثيل الديمقراطي البرلماني لكل اربع سنوات. والاكتفاء بالانتخابات الحزبية ، باعتبار الاحزاب الاخرى والبرلمان حلقات زائدة باختفاء الاحزاب البرجوازية لاختفاء نظام الملكية الفردية المنتجة لهم ، مما ادى الى ضعف المنافسة الحرة لتتحول مجالس السوفيتات الى مجالس شكلية .
3- قمعت الاصوات الحرة والمخلصة والمتخصصة لدراسة عينات الاختبار لاخطاء وصعوبات ومشاكل التجربة الاشتراكية ، لإيجاد طرق جديدة لمسارات اخرى، بما فيهم بوخارين وتروتسكي وغيرهما من الاكاديميين والمختصين ،فلم تجد لهذه الاصوات اذان صاغية ،لتعارضها مع مصالحهم الانانية.
4- الحكومات القمعية الواحدية تخلق لدى الفرد حالة من الكسل والانكسار النفسي والا جدوى ، بالابتعاد عن المشاركة الفعالة في الشأن العام ، مما اعاق النمو الاقتصادي والابتكار والتطوير. لغياب المنافسة والربح فانخفض الانتاج كما ونوعا فاهملت الحاجات الضرورية للناس وخاصة الزراعية ، لهذا يوم هوت التجربة الاشتراكية لم تحرك الجماهير ساكنا للدفاع عنها.
5- بقاء الاتحاد السوفيتي مصدرا للمواد الاولية دون تصنيع اغلبها ، واعتماد الناتج المحلي على تصدير النفط والمواد الخام الاخرى بما فيها الاخشاب والاسلحة ، واهمال الصناعات الأخرى وخاصة
المدنية منها بما فيها الاستهلاكية .
6- القفز على اسس المادية التاريخية بتعدي مرحلة الراسمالية المتطورة والانتقال الى مرحلة الاشتراكية فانتج وليدا (خدجا /سبيعي) لم يكمل شهره التاسع في عالم لم يرحم ، والرهان الخاسر على الجانب الاخلاقي بسياسة ارادوية دون توفير الاسس المادية والفكرية الوطنية والعالمية لتعدي مرحلة لها استحقاقاتها الظرفية والزمنية ، وبغيرهم يعني السقوط الى الهاوية عاجلا او اجلا .
7 - ضرب جدار حديدي حول المجتمع ، بحيث اصبح المواطن السوفيتي شبه معزول عما يدور في مجتمعه والعالم ، فضعف التواصل الاجتماعي وتلاقح الافكار وتطورها ، فحدد السفر ووسائل المعرفة والاتصالات المختلفة ،خوفا من الدعايات المضادة فوضعت اجهزت التشويش على ما يبثه الغرب ، دون التحصين الحقيقي للمواطن .
8- تحمل السوفيت العبء الاكبر خلال الحربين العالميتين بتكلفة بشرية تقدر ب(30 ) مليون ضحية عسكري ومدني اضافة الى تهديم مدن بكاملها وتكلفة الحرب المالية والنفسية ،وخاصة الثانية باسقاط الرايخ الثالث للنازية ، مما اضرتا تحقيق كثير من الأهداف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الواجب توفرها للمواطنين .هذا الخوف من تحمل اعباء حرب ثالثة والتامر الخارجي ، دفع القيادة السوفيتية للتوجه الرئيسي لتطوير الانتاج الحربي والمخابراتي، على حساب الانتاج المدني بما فيه الزراعة ، وضرب حصار حديدي على المجتمع.مما رفع من نقمت المواطنين وتذمرهم .
9 - التدخلات الخارجية في البلدان الاشتراكية ، بفرض النمط السوفيتي عليها ، وقمع الحركات الاصلاحية في هنكاريا و بولونيا، وداخله .والتورط في افغانستان ، اذ ذكرت وزيرة الخارجية الامريكية السابقة هيلاري كلنتن امام الكونكرس الامريكي : نحن الذين خلقنا المنظمات الارهابية الاخراج السوفيت من افغانستان ، ودعونا كل اشرار ومتطرفى العالم للمجئ الى افغانستان وزودناهم بالمال والسلاح مع مقاومة الداخل لطرد السوفيت من اجل تحميله اوزار الحرب وتشويه سمعته ومنع انتشار الأفكار الماركسية .
10- العامل الخارجي تمثل بالتهديد المستمر من قبل الدول الرأسمالية ،لافشال التجربة الاشتراكية من الداخل والخارج، بضرب الحصار الاقتصادي والتكنولوجي عليها ،إذ عمل روبرت كندي التلاعب باولويان برنامج الخطط السوفيتية بتأخير أولويات (الرفاه الاجتماعي) بتقديم ماكنة الحرب عليه، باشاعة سباق التسلح النووي بعد ضرب الولايات المتحدة ناكازاكي وهيروشيما المدينتين اليابانيتين قبل نهاية الحرب العالمية الثانية سنة 1945،اضطر السوفييت لانتاج السلاح النووي عام 1949 ، اضافة الى حرب النجوم، لاعاقة النمو الاقتصادي والحد من مستوى استهلاك الفرد الروسي .
اضافة الى التخريب الاعلامي والمخابراتي ، فوضعت السياسة الخارجية كل ثقلها وامكانيات الاستخبارات لايجاد عملاء لها في الداخل لقضم التجربة،و لتشويه وافشال التجربة الاشتراكية ، وما مشروع مارشال لاعادة بناء المانيا الغربية الا لايجاد هوة كبيرة بين الالمانيتين اقتصادا وتقدما تكنولوجيا ورفاها، لايقاف انتشار الشيوعية وهجرة الالمان الشرقيين اليها .ودفع الدول الرجعية والسائرة في ركابها وبالتعاون مع معظم رجال الدين على محاربتها اقتصاديا وفكريا وتشويه تجربتها بوصمها بالكفر والإلحاد ومحاربة الاديان واشاعة الفسوق لأجل عدم انتشار الأفكار الشيوعية واليسارية و افشالها.

مالات السقوط

كان دوي نجاح التجربة الاشتراكية داخليا وخارجيا بمقدار دوي انهيارها .
1- تحول منظومة الدول الاشتراكية الى تبني النهج الراسمالي ، ببيع اكثر ممتلكات القطاع العام الى القطاع الخاص، بدراهم معدودة ،فعلى سبيل المثال بيع معمل لادة لصناعة السيارات وهو من اضخم المعامل بدراهم معدودة لا يساوي ثمن سكرابه .
2- تفتت الاتحاد السوفيتي وتقلصت مساحته الى (17)مليون كم مربع، بخروج دول عديدة عنه استقلت ولحقت المعسكر الغربي ، ولحق ذلك الدول الاشتراكية الاخرى التي اصاب بعضها الحرب الاهلية والتقسيم .
3 - تخلت الدولة كثير من مهامها الاجتماعية ، رغم وجود هامش من الحرية ، مما اضعف الامن المجتمعي بنمو وانتشار مافيات الفساد والمخدرات والبغاء والجريمة المنظمة والتشرد والفقر ، وارتفعت تكاليف الحياة .بتغول قانون التناقض بين ( العمل الاجتماعي وراس المال).
4- تقلص شعبية الاحزاب الشيوعية واليسارية والديمقراطية والنقابات والمنظمات عالميا ،قابله انتعاش اليمين المتطرف ، بما فيه المنظمات الارهابية وتسلم اليمين للسلطة في معظم الدول .
5- ارجاع القطبية الواحدية وانفراد الراسمالية المتوحشة بالعالم بفرض اجندتها ، بالتدخل المباشر وغيره لاسقاط انظمتها وتغيير نهجها والهيمنة عليها .
6 - في روسيا الراسمالية حنين الى ايام ثمار ثورة اكتوبر ، حيث اقام مركز( ليفادا ) المستقل للاستطلاعات الرأي العام بمسح )134) مدينة وقرية روسية خلال الفترة من 18-21 تشرين الثاني من عام 1916 . عبر فيها 56%عن حزنهم لسقوط الاتحاد السوفيتي مقابل 28% بالضد . وعبر 53% عن افتقادهم النظام السوفيتي الموحد الذي نشرته انترفاكس الخبرية بتاريخ 5/12/2016 .
سأل صحفي شحاذا بعد عدة سنين من سقوط الاتحاد السوفيتي : " ايهما افضل الان ام سابقا"؟
قال: " انا لا افهم في السياسة ، الا تراني شحاذا ، سابقا لم اكن كذلك " .
المهم في هذا العرض المبسط التاريخي للتجربة الاشتراكية ، بعد ان وضعت في متحف التاريخ السياسي . مقدار اخذ الدروس والعبر مما الت اليه هذه التجربة لبلدنا للاحزاب الحاكمة والعاملة على الساحة العراقية .
1- الاهتمام الجدي بالقطاع العام لانه اساس عصمت البلد وتقدمه في توفير الحاجات الضرورية صناعية زراعية وخدمية لامتصاص البطالة المتفشية ، بالاشتراك مع القطاع التعاوني والخاص .
2- الابتعاد عن السياسات الواحدية بتقسيم البلد الى كانتونات طائفية / عرقية .باقامة نظام ديمقراطي حقيقي يضمن للجميع حقوق المواطنة دون تهميش واضعاف الاخر بسبب الدين او الطائفة والعرق والسياسة . فبغير السلم الاهلي قد يذهب البلد الى التشظي والتقسيم .
3- الابتعاد من جعل الاقتصاد العراقي وحيد الجانب بالاعتماد على تصدير النفط والغاز دون تصنيعه ، وتنوعه .
4- توجه سياسة الدولة نحو خصخصت منشآت الدولة بما فيها الكهرباء والنظافة والصحة والتعليم وغيرهم ،مما يقود الى تخلي الدولة عن وظائفها الاجتماعية التي تقود الى راسمالية الدولة لخدمة الاغنياء على حساب الطبقات المسحوقة. لان الانتاج البضائعي يقود عفويا الى انتاج الراسمالية.
5- القضاء على الفساد المستشري في بنيان الدولة العراقية ، باقامة العدل ومحاسبة الفاسدين وسراق المال العام بفرض القانون بحزم دون تميز لاحد .ووضع السلاح بيد الدولة حصرا .
6- ان تكون الانتخابات القادمة شفافة ونزيهة .
رغم فشل التجربة الاشتراكية وما آلت إليه ،أهدافها في الحرية والسلام والمساواة ليست طوبائية التحقيق ،وهي بذرة وتدريب لايجاد صيغ جديدة قابلة للتحقيق لمجتمع امثل ترنو له البشرية بعشق ، فلا بد ات مهما طال الزمن مادام على الأرض بشر.



#صلاح_وهابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجرد رأي حريص على الشعبين
- دقت الساعة لعام جديد
- صورة مصغرة
- الى شارع فيت بورج
- الحراك ... احد قوانين التغيير
- ما أهتزت ضمائركم ؟
- حوار حول ثورة 14 تموز 1958
- قصص قصير جدا ج2
- اربع صور
- كوكب بعقوبي يرحل سريعاً
- قراءة في رواية (متاهة اخِيرهم)
- مرض السكر الطائفي القومي
- التيه
- تعقيب (حول نفي محاصرة احياء في ديالى بالكتل الكونكريتية من ق ...
- الصندوق المفخخ
- هل يمكن تكوين كتلة تاريخية من الشيوعيين و الديمقراطيين و الص ...
- النياندرتال
- ذاكرة المكان .... دربونة ام الدجاج
- مقاربات مجنونة بين صدام و القذافي
- حين دقت الساعة 7:20 مساءً


المزيد.....




- إماراتي يرصد أحد أشهر المعالم السياحية بدبي من زاوية ساحرة
- قيمتها 95 مليار دولار.. كم بلغت حزمة المساعدات لإسرائيل وأوك ...
- سريلانكا تخطط للانضمام إلى مجموعة -بريكس+-
- الولايات المتحدة توقف الهجوم الإسرائيلي على إيران لتبدأ تصعي ...
- الاتحاد الأوروبي يقرر منح مواطني دول الخليج تأشيرة شينغن متع ...
- شاهد: كاميرات المراقبة ترصد لحظة إنهيار المباني جراء زلازل ه ...
- بعد تأخير لشهور -الشيوخ الأمريكي- يقر المساعدة العسكرية لإسر ...
- -حريت-: أنقرة لم تتلق معلومات حول إلغاء محادثات أردوغان مع ب ...
- زاخاروفا تتهم اليونسكو بالتقاعس المتعمد بعد مقتل المراسل الع ...
- مجلس الاتحاد الروسي يتوجه للجنة التحقيق بشأن الأطفال الأوكرا ...


المزيد.....

- الإنسان يصنع مصيره: الثورة الروسية بعيون جرامشي / أنطونيو جرامشي
- هل ما زَالت الماركسية صالحة بعد انهيار -الاتحاد السُّوفْيَات ... / عبد الرحمان النوضة
- بابلو ميراندا* : ثورة أكتوبر والحزب الثوري للبروليتاريا / مرتضى العبيدي
- الحركة العمالية العالمية في ظل الذكرى المئوية لثورة أكتوبر / عبد السلام أديب
- سلطان غالييف: الوجه الإسلامي للثورة الشيوعية / سفيان البالي
- اشتراكية دون وفرة: سيناريو أناركي للثورة البلشفية / سامح سعيد عبود
- أساليب صراع الإنتلجنسيا البرجوازية ضد العمال- (الجزء الأول) / علاء سند بريك هنيدي
- شروط الأزمة الثّوريّة في روسيا والتّصدّي للتّيّارات الانتهاز ... / ابراهيم العثماني
- نساء روسيا ١٩١٧ في أعين المؤرّخين ال ... / وسام سعادة
- النساء في الثورة الروسية عن العمل والحرية والحب / سنثيا كريشاتي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا - صلاح وهابي - ثورة اكتوبر الاشتراكية