شيخ الجبل

كمال عبود

الحوار المتمدن-العدد: 5804 - 2018 / 3 / 3 - 18:00
المحور: الادب والفن
    

قاسيون ...
قاسيون الجبلْ .. أنتَ أيُّها الجميل
جبهتُكَ صوب الشمس ..
هامتُك قصّةُ عزٍّ ...
وعيناك حكايةُ عشقٍ صوفيّه ...
يداكَ وسادةٌ لِدمشقَ ..
من عُلاك ينسفحُ الفضاءُ إلى الأفقِ البعيد حيث حدود الرؤية تطوّقُ الغوطتين الساحرتين وأوردة بردى تتهادى مياهها العذبه حاملةً نسغَ حياةٍ ممتعةً للشجر والبشر ....
وهنا على شاطيء البحر تؤامك الأقرع ، تتعانق عند هامته سحائب الخير والأزرقان- زرقة البحر وزرقةُ السماء .. بهياً حين يلبس عمامته البيضاء ثلجاً وخيرا ، وساحراً حين نعلو كتفيه ونرنو الى الشفق المبهر حين الغروب والى الجزيرةِ البعيدة والبلاد التي احتضنت لنا أحبّةً خلف الأفق البعيد ...
وإلى الشرقِ عرفنا جبل النبي يونس ، على كتفيه تصبحُ طائراً معلقاً في الفضاء، تحتك سجادة أرض الغاب الواسعه ،... تُحلّقُ نسراً طائراً فوق نهر العاصي ، ترسم لوحة الحياة وقد اكتملت وبرقت تحت اشعة الشمس سواعد وجباه العاملين للضوء والحياه ..
وغير بعيد جبل زين العابدين ، متراس حماة وراعيها ، جار القمر .. جميل ان تكون جاراً للقمر وانت تسهر على قمة الجبل... حيث يمكنك ان تمد يديك وتصافح بدر الصيف ، او تمدُّ شعاع ناظريك الى الغرب البعيد حيث العناق الابدي بين الارض والسماء
يكون المرء ذا حظٍ عظيم لو وقف هناك فوق جبال ( قره شوك) حيث الطيور الحره ، ولانها حرّة مثل ساكنيها تأبى السكن الا في العالي - كما قال اخي الكردي الجمبل -محمد -
هناك المثل في تلاقي الانسان مع نظيره ، هناك تتعانق المشاعر الانسانيه - متجاوزة اللغه والدين والقوميات ، هناك أصالة الجبال والجذور الراسخة لها ، وللانسان ، وهناك عرفت الحجل وطيور البابل القدمة من جبال ديرسم ، والصبايا ذوات الفطرةِ البكر والجمال البكر والعشق الطري طراوة القلوب المُندّاةِ بندى العطر
*****
هذه بعض جبال سوريا وهناك تلالها التي تعطي من قوتها وبهائها تاريخاً وثقافةً وعبرةً وحكمةً ، تلّة حلب وقلعتها .... تلّةُ الحصن وصافيتا ، والمرقب والحارة وتلال الجولان وسويداء القلب وادلب الخضراء، لكل من تلالنا وجبالنا حكايا وحكايا حكايا الفخر ... حكايا الكرم والشهامه حكايا حالمه شفافة سلسه عذبه وقويّه
مثل حكاية شيخ الجبل
*****
1916
وشيخ الجبل هذا هو جدٌي - أبو النديم، يونس، كان في اول الشباب أيام (السفر برلك ) آخر ايام العثمانيين حيث اشتد الفقر وكثرت عصابات السرقه ، وفي احدى الليالي ، قبيل الفجر ، قامت الام تحلب بقرتها ، لكنها لم تجد البقره ولم تجد الثور ، أيقظت الأب الذي ذهب يُخبر اخوته بانّه سُرِق ، أمّا الشاب يونس فقد حمل عصى غليظه وغابَ في الطريق النازلة نحو الغرب ، هناكَ هجم بمفرده ، أوقع إثنان من السارقين أرضاً ولاذ الثالثُ بالفرار ، وعاد يونس بالثور والبقره ونال اعجاب الاهل لشجاعته ونال لقب : يونس الشجاع ولم تجرؤ العصاباتُ سرقة القريةِ بعد ذلك.
شيخ الجبل يجب ان يكون شجاعاً
*****
توفي والد جدّي فأخذ يونس لقب شيخ القرية عن والده وكانت داره ملاذَ الفقراءِ والعابرين ... كان مثالاً للكرم ...حتى أنّه وهب أرضاً كبيرةً كي تُصبح مقبرةً للقريه ووهب عنزاتٍ ونعجاتٍ لأرامل القريه.
شيخ الجبل ِيجبُ ان يكون كريماً
*****
جاءهُ شخصاً يطلب عدلاً قائلاً : جاري قتل أخي ... بالصدفه كان أخي على سطح داره حينَ مرَ سربُ إوزٍّ برّي فوق السطحِ فاطلق جاري النار على الطيور يصطادها فأصاب أخي وقتله وأنا اطالبُ بدمِ اخي
قال الشيخُ : لكَ حقٌ ولك ما تُريد
يجلس جاركَ على السطحِ ، وتجلس أنتَ وحين يمرٌ سربُ إوزٍّ بريٍ تطلق النار على الطير فربما تصيب جارك وتاخذ بثأرك. أو تُسامح جارك وانا أساعده في دفع الديّه.
قال الحاضرون : هذا عدل وتلك شهامة من الشيخ
*****
1936
جاء إلى القرية شيخُ منطقةٍ أخرى، حلّ في ساحة القريه أرسل خبراً إلى الشيخ أبو النديم : إنّ الشيخ محمد بدّور في الطريق اليك ، بقي ابو النديم في مجلسه حتى سمع صهيل الخيل امام الدار..... قام .... وصل الى حيث الضيف ، أشارإلى رجلٍ ثمّ صافح الضيف: أهلاً وسهلاً ، اخبار الشرفاء تسبقهم
قال الضيف : وافعالك دلّت عليك
قال جدي : كيف كانت رحلتكم ... ؟
ظل جدي يحادث الضيف حتى حضر الخروف بين يدين خبيرتين ذبحتا الخروف إكراماً للقادم ، ثمّ خطى الضيف فوق دم الخروف ودخلا المضافه
قال الشيخ بدور: جاءني المندوب الفرنسي وسالني عن مطلب الثوره.
قلت له: سنتفق وعندها اخبرك
ما تقول يا شيخ الجبل ؟
: مطلبنا الأرض والعرض أقول
قال الشيخ بدور: صدقت يا شيخ الجبل ، الحرية والكرامه
*****
2016
هناك من تسمّى شيخ الجبل ، لكن صفاته الغدروالجهل وقطع الطريق والجبن وبيع الارض والعرض ومسح الاحذيه
جبالنا الان حزينه
*****

#كمال_عبود (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل