أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال عبود - الضرّابة














المزيد.....

الضرّابة


كمال عبود

الحوار المتمدن-العدد: 5728 - 2017 / 12 / 15 - 20:05
المحور: الادب والفن
    


الزاد قليل ، والحكايا كثيرة
الزاد قليلٌ في الشتاءات الطويلة ، والتوق إلى حكاياها يتجدد في الأمسيات حول ( الكانون ) *
تبدأ الجدّة حكاياها بالصلاة على النبي وحمد الله على نعمه وعلى وجودنا في هذا البيت الدافيء ، صحيح أنّه مبنيٌ من الخشب والقش والطين لكنه يقينا من البرد والثلج الذي تغوص فيه الأرجل حتى الرُكب ..كانت الجّدة في السبعين من العمر تفتخر وتذكرنا في مستهل الحكايه بشيئين : جمالها الأخاذ في صباها وتنازع الشباب على خطب ودها وحسد الفتيات على فتنتها ورونقها ، وتعتزّ بنسبها الذي يوصلها إلى جدّها المؤمن مؤسس العشيرة.

تقول حكاية الليلة أن ّ الجدّ السادس لها منذ أربع مائة سنه قد (غطَّ) في أواخر حياته، أي أنّه نام طويلاً لا يحسّ بمن حوله ولا يفيق من النوم وهذه الحاله تصيب بعض الرجال فينامون ربما اياماً او اشهراً وربما سنوات وغالباً يموتون بعد ذلك ، ولعل بعضهم يفيق من النوم ساعات أو اياماً ويقص ما جرى له حين كان جسده قد ( غطّ) ..
أمّا ( رمضان ) جدها السادس فقد استفاق بعد أشهرٍ من غطّته لمدة يومٍ ونصف قبل أن يموت ففرحت القرية حين استفاق وعادت إليه الروح والذاكره وعرف زوجته والأبناء وكل القريه ...
سأله شيخ القرية : أين كنت يا شيخ رمضان
قال الجدّ : كنت مع - الضرّابه
كبّر الحاضرون وهللوا : لا يمشي مع الضرابه إلا المؤمنين....

سألنا الجدّه التي افتخرت بإيمان جدها مراراً : من هم الضرابه
قالت : هم الذين يضربون في الارض ، رجال مؤمنون لا نراهم ، لهم حرية الظهور بين البشر ولهم حريه الاختفاء ، يمشون في الأسواق ويدخلون البيوت والقصور يراقبون البشر وإذا أُذِن لهم تدخلوا وحلّوا معضلةً أو عاقبوا معتدياً ...
قال رمضان : سرتُ مع الضرّابه لا نجوع ولا نعطش إن أحببنا شيئاً أخذناه بيسر وإن اعجبنا موضع أقمنا به ، نضحك على تصرفات الناس المضحكه ونبارك عمل الأذكياء ، ونطلب الرحمة والعون لأصحاب القلوب البيضاء ، وآخر مكان زرناه قصراً في بلاد الهند لملكةٍ يحبها شعبها ، ملكة غنية العقل والمال ، ملكة ذكيةً وجميله ، بعد أيامٍ من وصولنا عرفنا أنَّ وفداً لسلطانٍ شديد البأس ملك الأقاليم وبلاداً تمتدُّ الى بلاد الديلم والعجم والى ما بعد النهرين حتى وصلت املاكه الى الصحارى والبحر المحيط ، طلب الوفد من الملكة أن تذعن للسلطان القوي وان تُسلمه البلاد دون حرب، كانت الملكة تسمع بالسلطان القوي وتعرف أنّه اقوى ملوك الزمان ، لكنّ الملكه قالت للوفد: الملكة لا تفاوض إلا ملكاً ، عليه ان يأتي إليّ بنفسه!
رجع الوفد صاغراً ، فأرسلت الملكة رجلاً موثوقاً وذكياً ليعرف عن قرب ردّةَ فعل الملك ويعرف أحواله
رجع الرجل إلى ملكته قائلاً : هذا الملك لا طائل له ، شديد غليظ ، متكبر ، قوي ، ملأه الغيظ من ردكّ عليه ويرغب ان يعرف مصدر كبريائك
قالت : صفهُ لي
قال : ملك ولا كل الملوك ، مهيب الحضور ، قوي الشكيمة ، ربعٌ من الرجال ذو خدشٍ على جبهته إثر ضربة سيف ، معقود الحاجبين .
قالت الملكة : حسناً ، عمّا قريب سيأتي إلينا !

وهكذا صارت الملكة تقضي أيامها على شرفة القصر إلى أن أتى الملك متنكراً بصفة شحاذ يتسول وهو يدور حول القصر
عرفته الملكه من أوصافه فأوعزت إلى حراسها : ضعوه هذا المتسول في السجن واقطعوا عنه الماء والطعام ، وراقبوه
مضت عدة أيام وجاء بعدها الحارس يقول : لقد أنهك الجوع والعطش ذاك السجين وخارت قواه.
نزلت الملكه إلى قاعة كبيره ، فيها طاولات واسعه ،على إحداها سلال من الذهب ، وعلى الاخرى أكوام من الفضه وعلى طاولة ثالثه الأحجار الكريمه التي تبهر ، وعلى الأخرى النفائس من الصناعات والتحف ، وفوق طاولة صغيره كسرات خبز وشربة ماء!
أدخلوا الملك الاسير إلى القاعة وقال له الحارس : اخترْ طاولةً وخذ ما عليها هديّةً وملكاً لك !
دار الرجل في القاعة ، وحين رأى شربة الماء انقض عليها وأفرغها في جوفه ، وصار يلتهم كسرات الخبز الجافه
أتتْ الملكة إلى السلطان قائلةً: تركت الكنوز والذهب وهرعت الى شربه ماء وكسرة خبز
قال السلطان : أيتها الملكه ، الآن عرفت أن الحكمة تغلب القوة والعظمة!
رجع السلطان إلى بلاده وتخلى عن المملكة وأقطارها وعاش زاهداً في الدنيا ، سائحاً ، فقيراً حتى وصل إلى ضيعتنا ومات بها وقبره ومقامه تحت شجرة الريحان الكبيرة ، جانب قبر جدي السادس - رمضان - وشاهدة القبر مكتوب عليها: كل كنوز الأرض لا تساوي كسرة خبز وشربة ماء ...
وعلى شاهدة قبر جدي - رمضان - : الحكمة أساس المُلك
*****
* الكانون موقِد صغيرمن الطين يشعل فيه الحطب للتدفئه ايام الشتاء
* غطّ في النوم ، هو نتيجةٌ لما يعرف الآن – الجلط’ الدماغيّة-



#كمال_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حمّام العنّابة
- هبّاش النبّاش
- فدّان أبو مالك - الأكحل
- ألْ التعريف والمُعرّفُ بالإضافة
- سلسلة الفضّه
- بائعة الجبن شيماء
- الحنكليس والانتياس
- قميص عرّو
- جورة بو سمعان
- جب داؤود
- أبو قطيط
- النورَجْ
- الجلموق
- الغربال
- الأبلق مختار الرعوش
- حلساء .. ملساء
- ظِلالْ
- حكايا جدو أبو حيدر -30-
- حكايا جدو أبو حيدر -29-
- حكايا جدو أبو حيدر -28-


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال عبود - الضرّابة