|
انهيار الديبلوماسية المغربية
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 5803 - 2018 / 3 / 2 - 09:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الحروب الديبلوماسية تعتبر من الحروب الناعمة الأكثر فتكا ، بالاضافة الى الحروب السياسية والثقافية . ولكل حرب تقنياتها وأدواتها وأسلحتها . لكنها أحيانا تتواطأ فيما بينها لتطبق على الضحية او الطرف المستهدف ، فيجد نفسه عاريا مستسلما . كما ان الحروب الديبلوماسية لا تشن عبثا أو بغتة أو جراء رد فععل غاضب ، بل في معظن الأحيان تطبخ على نار هادئة ، وتستهدف المدى المتوسط والبعيد . وتعتبر نوعا من الضغوط غير المباشرة لأهداف متوارية . لكن الديبلوماسية لاتعني الحرب بقدر ما تعني بناء جسور العلاقات الدولية والثنائية وتمتينها وتقويتها .فعن طريقها يمكن التوفيق بين المصالح المتعارضة ووجهات النظر المتباينة، كما يقول أحد الباحثين . وهي توثق عرى الصداقة وتعضد مواثيق الأحلاف . من خلالها يمكن الوصول الى تسويات وترضيات توافق مصالح كل بلد . وتحافظ بقوة على المصالح العليا لأي بلد . فمراكز الدول تحددها قوة نشاطها الديبلوماسي ،وحيوية الاسترتيجية الديبلوماسية .كما أن الحروب المعاصرة تبدأ بمناوشات ديبلوماسية وبقصف تعبيري لفظي . وقد يكون وضع أي بلد محددا رئيسا في خريطة العلاقات الدولية ، ومن خلاله يمكن الحكم على مستوى ديبلوماسيتها .ذلك أن وضع البلدان العام يعتبر بمثابة المعيار الأساس الذي يحدد تعاملات وعلاقات الدول مع بعضها البعض . وعلى ضوء قرار محكمة الاتحاد الأوروبي الأخير باعفاء واستثناء منتوجات الصحراء المغربية من التداول والتجارة ، رغم التسهيلات التي يقدمها المغرب للاتحاد الأوروربي في جميع تعاملاته معه ، الى درجة اعتبار المغرب بلدا لايزال محتلا من قبل فرنسا الاستعمارية حسب مجموعة من المعطيات والقرائن . على ضوء هذا المستجد الذي تم التلاعب به منذ سنوات بين اقرار وامتناع . يحق لنا كمواطنين أن نتساءل عن دور الديبلوماسية المغربية في مثل هذه القضايا الحساسة ، وعن دوافع الاتحاد الاوروبي لاتخاذ مثل هذه القرارات غير المبررة قانونا وشرعا ، بالنظر الى مجموعة من الأسانيد القوية ، تاريخية وجغرافية ، او على مستوى العلاقة بين الطرفين ، واولويات كل طرف . واذا كانت الديبلوماسية على ضوء ما جاء في المقدمة ، فانها تعني فن تمثيل الحكومات ومصالحها عند الدول الأخرى . فهل وفقت الآلة الديبلوماسية المغربية في الحفاظ على مصالح المملكة في الاتحاد الأوروبي ؟ . وكيف فشلت هذه الترسانة الهائلة من الديبلوماسيين في اقناع نظرائهم الأوربيين بأحقية المغرب في استغلال خيرات صحرائه الضخمة ، من مواد اولية أرضية وتلك المتعلقة بالأسماك ؟ . على العموم يمكن التأكيد أن الديبلوماسية العربية جميعها متخلفة ، لكن هل هذا يعني ان ننساق وراء من يرمي نفسه في الهاوية ؟ . أم أن ثقة الديبلوماسية المغربية ثقة عمياء في نظرائهم الأوروبيين وينتظرون منهم أن يقدموا لهم كل شيئ على طبق من ذهب ؟ . ولماذا تنتصر الاستخبارات والاستعلامات المغربية على المعارضين المغاربة في الخارج ، بينما تنتكس الديبلوماسية المغربية في نفس الأرض ؟. وهل يمكن الجزم أن الديبلوماسية المغربية كمؤسسة تفتقد للذكاء والحيلة حسب تعريف السير أرنست ستاتو للديبلوماسية ؟ . قبل ايام قليلة أقرت محكمة جنوب افريقية ببيع شحنة من فوسفاط مغربي في المزاد العلني بعدما رأت عدم أحقيته بعائداته ، على عكس ما صنعت دولة بنما قبل اشهر حيث قررت محكمتها العليا بعدم الاختصاص في نفس الموضوع . وقبل قليل قرأت في صفحة أحد الأصدقاء الفيسبوكية أن البرلمان الألماني قد أجاز رفع علم البوليساريو في مرافقه العمومية . الهزائم لا تأتي فرادى . لكننا هنا امام شبه انهيار تام للمنظومة الديبلوماسية المغربية . وهذا ما يدفعنا للتخوف من المستقبل . فالقضية لا تتعلق بنظام او بأشخاص فاشلين بقدر ما تتعلق بدولة ووطن وشعب ، لهم الحق ، وكامل الحق انتقاد النظام لافتقاده للكفاءة اللازمة في لدفاع عن مصالحنا وثرواتنا . ان الخطأ اليبلوماسي ، مهما كان صغيرا ، يمكن ان تترتب عنه كوارث عظمى . وليس بعيدا عنا ما صنعه الاستعمار في الحرب العالمية الثانية ، حيث وعد العرب بتخليصهم من استعمار الأتراك ، ومنحهم حريتهم واستقلالهم ، لكنهم تفاجأوا بتقسيم أرضهم وكونهم أصبحوا نفسهم جزءا من الغنائم يتم توزيعها بين الحلفاء .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قضية توفيق بوعشرين والتوظيف السياسي
-
لا أمل ...
-
صناعة الشرق الأوسط من جديد
-
بين اللورد بايتس ووزراء كلينكس
-
هل يمكن أن أخالف السيد حسن نصر الله ؟؟
-
لو كنت مثلي
-
من الأسلمة الى الأنسنة
-
تعويم الدرهم المغربي ، نحو غرق أعمق واحتجاجات ضخمة
-
النظام المغربي أمام حقائقه
-
تحليل استخباري لأحداث ايران الأخيرة
-
احتجاجات ايران تحت مجهر احتجاجات المغرب
-
لا تركعوا لهبل
-
أول صفعة عربية للبيت الأبيض من أضعف خلق الله
-
قراءة جيوستراتيجية في قرار ترامب نقل السفارة المريكية الى ال
...
-
اللعب خارج الملعب ؟ المملكة العربية السعودية نموذجا
-
هذه موانع الحرب العشرة في الشرق الأوسط يا عطوان
-
بنكيران ينسف بروج الدكاترة والمحليين العاجية
-
مقارنة عابرة بين ديمقراطية الكيان الصهيوني وبين ديمقراطية ال
...
-
أزمة الثقافة في طنجة ، هل من منقذ ؟
-
خطاب الملك بين التفكك والسمو
المزيد.....
-
وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
-
مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم
...
-
البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ
...
-
كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري
...
-
بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض
...
-
السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم
...
-
وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
-
مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس
...
-
-حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع
...
-
دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|