|
قراءة جيوستراتيجية في قرار ترامب نقل السفارة المريكية الى القدس
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 5722 - 2017 / 12 / 9 - 05:10
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قراءة جيوستراتجية لقرار ترامب نقل سفارته الى القدس ********************************************** كيف يمكن قراءة قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية الى القدس كعاصمة للكيان الصهيوني قراءة مغايرة ، قراءة تستند الى مرتكزات جيوستراتيجية ، ولعب شطرنجي ورياضي معقد . خاصة في ظل هذا الجدل الجيوستراتيجي الذي تخضع له منظومة الصراع الدولي ، بين أكثر من قطب ؟ . فبعد الرفض الجماعي لقرار ترامب بمجلس الأمن الذي التأم من أجل مناقشة هذا القرار ، أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية معزولة تماما عن المجتمع الدولي ، في حالة لا سابق لها في التاريخ . وقد رفضت بريطانيا نقل سفارتها الى القدس ، كما عبرت فرنسا عن عدم اعترافها بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ، وهما الموقفان اللذان تقاسمهما المجتمع الدولي . ما عكس عزلة ترامب وتهافت كثير من الحكام العرب . وهي الفرصة التي فوتها العرب لاكتساب نوع من الاستقلالية عن الولايات المتحدة الأمريكية ، خاصة في عهد رئيس ضعيف كدونالد ترامب الذي تضيق به دائرة الرفض من الداخل والخارج . وقد ابان قرار ترامب نقل سفارة بلاده الى القدس كعاصمة للكيان الصهيوني عن أفول شمس الولايات المتحدة الأمركية . وكلنا يتذكر ذلك الكتاب الذي حمله الرئيس الأمريكي الأسبق باراك اوباما في يده وهو يهم بالصعود الى الطائرة ، وقد كان يحمل عنوان " عالم ما بعد أمريكا" . وهاهو الرئيس الأمريكي الحالي يدشن هذا العهد بعنوان عريض . فعكس كل قرارات الولايات المتحدة الأمريكية السابقة التي كانت تقسم المجتمع الدولي بين مؤيد ورافض ، استطاع دونالد ترامب بغبائه ، وافتقاده للثقافة الساسية أن يدفع العالم للاجماع على رفض قراره . وهو موقف لم يسبقه اليه أغبى رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية جورج بوش الابن ، رغم قراره الانفرادي بغزو العراق . فقد وجد بريطانيا معه ، واسبانيا وجل الدول العربية ودول أخرى . لكنه اليوم ، وحتى وان وافقته بعض الدول العربية سرا ، فانها أعلنت جهرا معارضتها لقراره . ما يثبت بالملموس ان موضوع القدس موضوع شائك وخطير ، وتداعياته أكبر وأخطر . وهذا ما لم يقرأ حسابه أضعف رئيس في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية . والآن انتقل الثقل الاسلامي الى تنازع بين الفرس وبين الأتراك ، وانكفأت المملكة السعودية عن وضعها السابق كممثلة للعالم الاسلامي السني بخاصة . ولم يبق لها الا بعض الحكام الذين يبتزونها ، بينما مشاعر الشعوب الاسلامية انتقلت الى ايران وتركيا . ولأول مرة تمتنع السلطة الفلسطينية في عهد محمود عباس عن التقاء مسؤول أمريكي كبير من حجم نائب الرئيس الأمريكي ، لا لشيئ الا لأن الضغوط الجماهيرية والالتفاف الدولي حول قضية القدس تمنعها من عقد أي لقاء مع أي مسؤول أمريكي . وهي ضربة ديبلوماسية وسياسية جعلت البيت الأبيض يهدد السلطة الفلسطينية بحجب المساعدات المالية عن السلطة الفسطينية . كما أنه ليس من السهل ان يقول محمود عباس ان الولايات المتحدة الأمريكية لم يبق لها دور في الشرق الأوسط ، وهي أبعدت نفسها عن لعب أي دور في المنطقة . وهو وصف دقيق ، فالمنطقة تعج بصراعات جيوستراتيجية دقيقة ، وما صنعه ترامب يبين أن الادارة الأمريكية الحالية أصابها العمى السياسي وابتعدت كثيرا عن مرامي واهداف الدولة الراعية لأي مشاورات او قضايا حساسة مثل قضية القدس . ومن خلال هذه الحقائق والمؤشرا يمكن الجزم في ظل الصراع الجيوستراتيجي أن ترامب قدم هدية مجانية لأعداء امريكا التاريخيين والوجوديين . العرب حقا ، والفلسطينيين على رأسهم ، لن يخسروا اكثر مما ستخسر امريكا نفسها من قرار ترامب . ان ترامب يعاكس في الحقيقة الادارة الأمريكية ، ويعمل على تفجيرها من الداخل . كيف ذلك . هذا القرار ستستثمره روسيا الى أبعد حد لتركيز تواجدها بالشرق الأوسط الذي يعتبر قلب العالم ، كما ان اوروبا سيزداد تأكدها من غباء هذا الرئيس ، ولن تذعن له ، ان لم تسخر منه، وقد بدأت فعلا بعد ترأس ترامب الابتعاد عن أمريكا والاستقلال بقراراتها . وأكبر مستفيد من قرار ترامب هو ايران ومحور الممانعة والمقاومة . لأنه سيعمل على استقطاب مجموعة من المسلمين والعرب المترددين في مشايعة تيار الممانعة والمقاومة . وهذا ما صنعه السيد حسن نصر الله الذي ظهر في خطاب أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه كان درسا قويا ونفيسا في تكتيكات مواجهة مثل هذه الاشكالات .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اللعب خارج الملعب ؟ المملكة العربية السعودية نموذجا
-
هذه موانع الحرب العشرة في الشرق الأوسط يا عطوان
-
بنكيران ينسف بروج الدكاترة والمحليين العاجية
-
مقارنة عابرة بين ديمقراطية الكيان الصهيوني وبين ديمقراطية ال
...
-
أزمة الثقافة في طنجة ، هل من منقذ ؟
-
خطاب الملك بين التفكك والسمو
-
مرحلة الجثث المتحركة ...السياسة بالمغرب الآن
-
وأخيرا السعودية تهرول نحو روسيا
-
بين الاستقلال والانفصال والمطالب الاجتماعية البحثة
-
حزب الاستقلال وحرب الصحون
-
أفلح قوم ولوا امرأة وذل قوم ولوا رجالا
-
خيانة فقهاء الدين للأمة
-
مقارنة بين استفتاءين وحراك الريف
-
خطاب ثورة الملك والشعب والعودة الى الأدغال
-
خطاب ثورة الملك والشعب ، هل يفعلها ؟
-
خطاب العرش 2017 ، والمفارقات الظاهرة والباطنة
-
الأبعاد الجيوستراتيجية لحراك الريف
-
القبطان مصطفى أديب يدخل أسبوعه الثالث في الاضراب عن الطعام
-
عري
-
الثورة وضرورة المرافقة التنويرية
المزيد.....
-
ولاية أمريكية تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة
-
الملك السعودي يغادر المستشفى
-
بعد فتح تحقيق ضد زوجته.. رئيس وزراء إسبانيا يفكر في تقديم اس
...
-
بعد هدف يامين جمال الملغى في مرمى الريال.. برشلونة يلجأ إلى
...
-
النظر إلى وجهك أثناء مكالمات الفيديو يؤدي إلى الإرهاق العقلي
...
-
غالانت: قتلنا نصف قادة حزب الله والنصف الآخر مختبئ
-
بايدن يوقع قانون مساعدات كبيرة لأوكرانيا والمساعدات تبدأ بال
...
-
موقع أمريكي ينشر تقريرا عن اجتماع لكبار المسؤولين الإسرائيلي
...
-
واشنطن.. التربح على حساب أمن العالم
-
السفارة الروسية لدى سويسرا: موسكو لن تفاوض برن بشأن أصول روس
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|