|
خيانة فقهاء الدين للأمة
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 5651 - 2017 / 9 / 26 - 04:53
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
خيانة فقهاء الدين للأمة ******************* ان استغلال تعاليم الدين السمحاء ، وتوظيفها في مآرب سياسية ودنيوية عابرة ، خيانة لا يرضاها المسلم ذو الحس السليم والفطرة البيضاء . أما اذا كانت هذه الخيانة في امور مقطوع فيها بنصوص قرآنية ، فان الأمر يتطلب وقفة عقلانية وانسانية ، قبل الوقفة الدينية ، فالأمة في أمس الحاجة الى العقل قبل الايمان ، فمن لاعقل في ايمانه لاروح فيه كما يقول الشاعر . يقول تعالى "لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " ، وهذا رد فصيح على خرجة السديسي الأخيرة بخصوص قيادة العالم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة السعودية . وهي خرجة غير موفقة بالمرة ، رائحة العفن السياسي تفوح منها بشكل فظيع . واذا تم توظيف الدين الحنيف لخدمة أجندات سياسية ، فقل على الدين السلام . خاصة اذا كانت هذه السياسة تروم موالاة من يعلن ليل نهار حربه ضد الاسلام ، وكرهه للمسلمين . ما يجعل السديسي في مأزق حرج من أمره كامام للحرم الشريف الذي يحرم عليه شرعا اعتلاؤه بعد هذه الخرجة غير الموفقة . واذا عدنا الى النصوص القرآنية فاننا نعثر على كثير منها تذم موالاة الكفار والنصارى واليهود ، الا من كان عادلا منصفا منهم . والا فان الاستعداد لهم والاحتراس منهم يبقى واجبا انسانيا قبل أن يؤول الى تقرير ديني . فموالاة الكفار محرمة في الشريعة الاسلامية . بل انه عز وجل يخصص ويضيق من دائرة موالاة الكفار وان كانوا آباء أو اخوانا أوأقرب مقربي الانسان كالأزواج والعشيرة ، وهذا لاقفال الباب امام أي تأويل أوتبرير . يقول جل جلاله "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ [1] وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ " . واذا كان ترامب قد أبان منذ اول يوم كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية عن كره شديد للاسلام والمسلمين ، كما ان الادارة الأمريكية قد أعلنت غير مرة عن نيتها صناعة اسلام يوافق رؤاها وأهدافها ، فان أضعف الايمان هو الحذر منه . لكن أن ينبري من يعتبر اماما وقدوة الى الاشادة به والدعوة له ، فهذا ما يعد طعنة في الظهر وخطيئة كبيرة لا تغتفر ، "وظلم ذوي القربى أشد مضاضة من الحسام المهند " . أما ظلم العلماء وخيانتهم فهو خطيئة كبرى كما سلف . " ومن يتولهم منكم فانه منهم " . الولايات المتحدة الأمريكية لا تستمال بالبلاغة اللغوية او الاشادة التعبيرية ، هي لا تعرف الا لغة واحدة ؛ لغة المال والمصلحة ، اما ان تقرن اسمها باسم دولة كالمملكة السعودية كزعيمي العالم وقائديه ، لدغدغة مشاعر مسؤوليها ، فان ذلك لا ينفع مع دهاة السياسة الكونية . هم يدركون انهم من بين قادة العالم ، كما يدركون أن المملكة السعودية أبعد من ان يقترن اسمها باسم آخر الامبراطوريات الكونية ، بل سيعتبرونه سبة ، واني أتحدى الجميع أن كتابا أمريكيين او عالميين سيهزأون بعبارة السديسي وسيجعلونه مادة دسمة لسخريتهم . فما الذي صنعه ترامب او الولايات المتحدة الأمريكية كادارة سياسية للانسانية ؟ ، وما الذي صنعته المملكة السعودية كعائلة حاكمة للانسانية ؟ ، غير الحروب والمآسي وسفك الدماء ، ونشر ثقافة الخيانة ضد الوطن ، وضد القيم المحلية . ان التاريخ لا يكذب ، وهو اصدق من امام الحرم . وواقع العرب والمسلمين حجة ودليل وبرهان يشفي غليل من يبحث عن الحقيقة . فهل في هذا تحامل على ثقافة الغرب ، أو تعصب ضد عائلة حاكمة بعينها ؟ . ان الوقائع والأحداث والمعطيات تفيد أن السياسة جرت بعض رجال الدين الى حوضها الآسن ، عوض ان يطهر روح الدين أسن حوض السياسة . ولو بنظرات انسانية ذات قيم عالية . أو بقبسات من تعاليم العدل والاخاء والتعاون . فالدين الاسلامي لم ينهنا عن التعامل مع غير المسلمين ، بل على العكس من ذلك حثنا على التعاون معهم اذا كانوا يبتغون خيرا وفضلا ، وهذا ما صنعه الرسول محمد مع كفار مكة ويهودها . ونحن لم نكن يوما أمة منغلقة ، بل عكس ذلك هو ما حدث على مر تاريخ الاسلام . فكان الانفتاح والامتياح من جميع ثقافات العالم ، والتعايش مع جميع الأمم . لكن على اساس التشارك ، وليس على اساس التبعية المطلقة والاذلال المطبق . قبل ايام قليلة فقط تبنى البرلمان الأوربي قرار بعدم توريد الأسلحة الى السعودية ، وهو القرار الذي تم تبنيه قبل عام ، لكن بعض الدول الأوربية لم تعمل به ، كانجلترا . وقد وصف بعض البرلمانيين الأوربيين المملكة السعودية براعية الارهاب . وهو ما اكده أحد الاعلاميين الأمريكيين استنادا الى أبحاث استخباراتية أمريكية ، حيث تم كشف تورط سعوديين اثنين باسناد ودعم السفارة السعودية بواشنطن في عملية خطف طائرة أمريكية قبل تفجيرات 2001 . كما تم تحريك قانون جاستا ثانية ، لابتزار المملكة في أموالها ، بعد تأديتها مبالغ خيالية للولايات المتحدة الأمريكية ناهزت 1000 مليار دولار خلال أقل من شهر . الانتصار للانسانية امتحان صعب ، واعلاء كلمة الحق أمر شاق ، دفع فيه كبار العلماء تكاليف غالية ، فالأئمة الأربعة لم يستحقوا لقبهم عبر العصور الا بامتناعهم عن ممالأة الحكام في اهوائهم ، فتعرضوا جميعهم لمحن شتى . حتى ان الكثير من الأعلام امتهنوا حرفا يدوية او تجارة بسيطة كي لا يمدوا ايديهم لذوي السلطان . امثال الامام الثوري الذي تاجر بالزيت . أما السديسي فثرواته لا تقدر بثمن ، بل ان الميكروفون الذي يتلو عليه تلاوته مصنوع من الذهب الخالص ، له حارس خاص به . وهذا بطر وفساد ، مادام هناك من فقراء الأمة من لم يجدوا رغيفا يابسا لملء بطنهم ، وهم بالملايين . التاريخ لا يرحم ، ولعل سياسيينا وفقهاءنا ، لم يتعظوا من التاريخ القريب ، ولعلهم يتعظون من المستقبل القريب . وقد صدق العلامة الجليل محمد الغزالي حين قال "إننى أعتقد أن انتشار الكفر فى العالم يقع نصف أوزاره على متدينين بغّضوا الله إلى خلقه بسوء كلامهم أو سوء صنيعهم».
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقارنة بين استفتاءين وحراك الريف
-
خطاب ثورة الملك والشعب والعودة الى الأدغال
-
خطاب ثورة الملك والشعب ، هل يفعلها ؟
-
خطاب العرش 2017 ، والمفارقات الظاهرة والباطنة
-
الأبعاد الجيوستراتيجية لحراك الريف
-
القبطان مصطفى أديب يدخل أسبوعه الثالث في الاضراب عن الطعام
-
عري
-
الثورة وضرورة المرافقة التنويرية
-
أردوغان ديكتاتورية أم براغماتية متطرفة؟
-
ماذا بعد زيارة وزير الخارجية الكويتي لطهران ؟
-
الأمم المتحدة تصل الى نهايتها
-
الحرف طريق الحرية
-
خارج النص
-
العالم والأبواب المغلقة .حكومة العالم الخفية
-
الاختلاف ضرورة حياة
-
ناهض...انهض ....لا زلت تفكر ........الى روح الفقيد ناهض حتر
-
مثقفو مواسم الانتخابات
-
أفكار عن واقع لافكر فيه
-
نفس الايقاع
-
حلم سياسي
المزيد.....
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو
...
-
معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
-
-مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن
...
-
تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة
...
-
اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
-
تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
-
تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ
...
-
المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
-
نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب
...
-
“محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|