أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرزاق عوده الغالبي - طائر حافي لا أعرفه أبدًا،ولكني أعرفه جيدًا....!؟














المزيد.....

طائر حافي لا أعرفه أبدًا،ولكني أعرفه جيدًا....!؟


عبد الرزاق عوده الغالبي

الحوار المتمدن-العدد: 5801 - 2018 / 2 / 28 - 10:20
المحور: الادب والفن
    


طائر حافي لا أعرفه أبدًا،ولكني أعرفه جيدًا....!؟

عبد الرزاق عوده الغالبي

كلمة أقولها،و قد يثير الاستغراب عنوانها، فهو متناقض في التعبير، لكنه حقيقة تهزّ جدران مخيلتي احترامًا وتقديرًا، و أخذ التفكير مني طويلًا كي أجد مدخلًا ومخرجًا لتلك الحالة العجيبة التي تعيش في علاقاتي، وتساءلت :
- "ما هي ....؟"
- "هل هي حالة عصرنة....؟"
- "هل هي صداقة ....؟، وكيف ....؟"

إذًا أنا لم ألتق هذا الشخص أو ذاك ثانية واحدة، إذًا هو العصر وجبروته العجيب، هي ثورة الاتصالات العجيبة المجنونة، التي عصرت الأرض بقبضتها الفولاذية حتى جعلتها كرة صغيرة بحجم قبضة يد طفل، نقلّبها من خلال جهاز صغير في جهاتها الست، في كل دقيقة تمر, ولا مجال لمفارقتها دقيقة واحدة، و واحدنا جالس في كرسيه من أي بقعة من هذا العالم، هي سمة هذا العصر, مارد النت الذي ينتقل بيننا بدعكة صغيرة من جهاز النقال, و من أعمق نقطة وصلها ابن آدم في الفضاء أو أعمق نقطة في أعمق أعماق الأرض.....يا الله...! قدرات هذا المارد تتجاوز قدرات مارد مصباح علاء الدين، ولا أدري هل نحن رجعنا إلى ذاك الزمن أم عشنا في أحلامه حقيقة ملموسة...!؟

كانت خيال من أخيلة ألف ليلة وليلة وبساط الريح وقوة المارد, وسرعة في تحقيق الأماني والمنجزات, دعكة من جسد مصباح علاء الدين، الفانوس العتيق الذي يملأه الصدى، تتطاير نظراتنا مع كلمات جدتي حول موقد النار ومدفأة علاء الدين المخروطية التي كانت في يومها أكبر اختراع يساوي اليوم مكوك فضائي يطلق باتحاه ثقب دودي خارج مجرتنا ....

وكبرنا وتحولت مدفأة علاء الدين (سبلت ) يتسيّد الحائط، وبعد سنة صار السبلت عموديًّا لأن ذاك لايكفي تكيفه استمرارنا في النوم, فهو همّنا الوحيد بعد الأكل، وبعد فترة وجيزة صار جزءًأ من سقف المطبخ, ومع هذا السباق في التطوّر وأنا لا أزال أفكر بقوله تعالى: يامعشر الجن والأنس..!

وأخاطب ضميري :

-"إذا كنا نحن الأنس، فمن هم الجن....؟"

يصمت ضميري طويلًا, ثم يتنحنح وبعدها تنفرط عقدة لسانه السليط, وتنتشر فوق بساط الحكمة فيقول:

-"نحن...!؟"

تعجبت من رده وقلت :

-" كيف...!؟"

ضحك ضميري ورد باستهزاء :

ألا ترى نحن فقط نراوح في مكاننا، من نوم إلى مائدة الأكل, ومن مائدة الأكل للفراش، لا ندرك شيئًا غير أننا نشتري كل ما يسوقه لنا الغرب من علم ومخترعات, وما علينا إلا التبجح بالقول :

"نحن أصل هذا العلم...ونذكر ساعة شرلمان, عشبات الرازي، وعجلة أور و أول حرف مسماري.... لكن لا نذكر لماذا لم نفعل شيئًا يكمل ما فعله أجدادنا....!

ضحكت من رده السليط وقلت :

-"صدقت والله، ما فعلناه لا يتجاوز سوى النوم والأكل, سيتّسع في الأهمية لو أضفنا له النفاق والكذب والقيل والقال وأكل لحم الآخرين في المقاهي، وأظن أننا تطوّرنا في الآونة الأخيرة حين كفّرنا من أغرقونا في مخترعاتهم، وبدأنا نفجّر في بلدانهم، ثم دارت عجلة التطوّر فينا إلى الأمام في السنوات الأخيرة, فاخترعنا سبلًا جديدة في الموت، فنحن لا نحسن غيره، والسبب هو أننا لا نريد أن نصبح مثل الكفرة الغرب, الذين يزرعون السعادة بمخترعاتهم، لأن السعادة حرااااام...فيها غناء و رقص وموسيقى, وتلك الأشياء تجلب الفرح والسعادة...!؟ لذلك دأب علماؤنا على العمل في مختبراتهم حتى توصلوا إلى آخر صرخة في علم الموت وهو اختراع الموت ذبحًا، وبذريعة التكفير، وقتل الأطفال، وبيع النساء في الأسواق ...!؟...فعلًا تلك المخترعات أرعبت الكفرة الغرب، وجعلتهم يفكّرون في إبادتنا فحوّلوا اختراعاتهم إلى أسلحة وضعوها في أيدينا لنقتل بعضنا البعض، وها نحن نسكن هذا الحقل المتقدّم من المعرفة.....!"

وأنا في هذا الاستغراق، سمعت صوت محادثة على تلفوني، لمحتها و في طرفها الثاني هذا الرجل العجيب -محمد عزام- الأديب المصري الرائع، اللطيف، الذي يذكّرني دائمًا بالتمسّك والإخلاص, خصوصًا في الأدب, أرى فيه معطف غوغول، ورسائل دستوفسكي، وطفلة جان فالجان، وسمكة سنتياغو، وإخلاص أنتونيو لبسانيو، وموقف عطيل ودزدمونا في مشهد سايبرص ...وهروب مارك توين، وسفينة موبي دك، ومرتفعات ويذرنج .....وهو ويقبع في مكان صغير (وهذا ما أعرفه عنه فقط من خلال ما تصلني من صور على مصباح علاء الدين الجديد ) يكتب عن مجتمعه وفقرائه، بجهاد مستميت، يحاول أن يجعل كل شخص في تلك الكرة الصغيرة يعرف شيئًا عن فقراء مصر، ومعاناتهم، كتب رائعته الأنفوشي وهي سبب تعرفي عليه وتشرفي بصداقته، من خلال اتصال تلفوني أقل من دقيقة بتوجيه مني للناقدة الكبيرة عبير خالد يحيى وهي تنقد تلك الرواية, والاختلاف على عقدتها، وكان دخولي حلًا لتلك المناقشة، ذلك الحل الذي ولد جزءها الثاني ازميرالدا، ويستمر هذا الرجل بالابداع ليخلد الإسكندرية ،مدينة العشق والجمال ،و بطبيعته الإنسانية الأدبية ولاءً يعكس طيبة أهله ، أبناء الكنانة، ويظلّ يتذكّرني في كل مناسبة حتى صرت أعرفه جيدًا وهو في قارة أخرى غير قارة آسيا التي أسكن جنوبها الشرقي، أكثر من الذين أعرفهم وهم يبعدون عني بضعة سنتمرات....فهو عملاق من خيال كاتب عبقري ، لم تثنه المسافات ،و صار حقيقة تسكن خلدي ،وها انا أذكره كما يذكرني ....أليس هذا الرجل يستحق الإحترام...؟...فمن شدة حبه للفقراء لقب نفسه بالطائر الحافي... !



#عبد_الرزاق_عوده_الغالبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لمحة مختصرة عن البراغماتيك اللغوي
- تجارة لن تبور
- جنس ادبي جديد
- حتمية انحسار الحداثة تحت الضغط الذرائعي وعودة الاجناس الأدبي ...
- اشكالية التعقيد والغموض والتكثيف في الأدب العربي من وجهة نظر ...
- هل النقد انشاء ام الانشاء نقد...؟
- غياب الضبط والتنظيم في ساحات الأدب العربي
- سهام النخوة
- حكاية يرويها سكين نادم
- انتحار قلب
- خيانة كلب
- ان قلت اعلم ، فأنت فعلا لا تعلم
- زمن الانتهاك
- الكارثة الموقوتة
- تسواهن
- الحنين إلى الناصرية والوطن في شعر الشاعر العراقي الشفاف
- lمقتل سلحفاة
- هل الغربة وطن....؟
- انتحار قلم
- انكسار


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرزاق عوده الغالبي - طائر حافي لا أعرفه أبدًا،ولكني أعرفه جيدًا....!؟