جلال نعيم
الحوار المتمدن-العدد: 1480 - 2006 / 3 / 5 - 11:40
المحور:
الادب والفن
للشاعر الأميركي تشارلز بوكوفسكي
(1920 / 1994)
ترجمة : جلال نعيم
كان جورج ممدّداً في بيته الصغير ، مستلقياً على ظهره ، يتفرّج على التلفزيزن المركون باهمال عند الزاوية . ثمة بقايا طعام على اطباق عشاءه وكذلك بقايا اخرى على أطباق فطوره ، لحيته بحاجة الى حلاقة ، ورماد لفافته يتسلّل من قميصه ليصل حتى فانلته بل ويتجاوزها احيانا ، بعض الرماد المشتعل ، ليلسع جلده ، عندها يلعنه وينكته بعيداً بأي اتجاه .. ثمة طرق على الباب ايضاً يمضي اليه ، بخطوات متكاسلة ، ليجد (كونستانس) وفي كيسها قنينة وسكي لم يمسسها أحد .
" جورج . لقد هجرت ابن القحبة هذا . ما عدت اُطيقه ، ابن القحبة بعد ألآن "
"إجلسي "
فتح جورج القنينة ، التقط كأسين ، وضع ثلثاً من الوسكي في كل منهما ، ثم أضاف ثلثاً من الماء في كليهما وجلس مع (كونستانس) على السرير . استلت سيكارة من حقيبتها وأرّثتها ، بدت سكرانة جداً ويداها ترتعشان :
" لقد أخذت نقوده ايضاً .. أخذت نقوده القذرة وتركت البيت بينما كان هو في عمله . انت لا تعرف كم عانيت مع ابن القحبة هذا "
" أعطني سيكارة " طلب جورج فمالت اليه قليلاً وهي تعطيه اياها فسارع بأن احاطها بذراعيه ، سحبها بقوة ، وقبلها
" إبن القحبة انت " قالت " كم إشتقت إليك ؟"
" إفتقدت ساقيك الجميلتين .(كونني) . لقد إفتقدت حقاً هذين الفخذين "
"ما زلت مغرماً بهما ؟"
"أشعر بالاثارة بمجرد النظر اليهما "
"ما تمكنت من فعلها مع طالب جامعة " قالت (كونني) "إنهم ناعمين جداً مثل خبز مغمّس بالحليب . كذلك كان يحافظ على نظافة بيته ..جورج .. وكأن لديك خادمة . يقوم بكل شيء . وكأن بيته مطهّراً . كنت تأكل قطع اللحم وكأنها مُستلّة من القمامة بيما هو شكاك و .. لا يُطاق ..لايطاق "
"إشربي وستشعرين بتحسّن "
"ما كان يعرف ممارسة الحب حتى .."
"تقصدين بانه لا ينتصب ؟"
"اوه لا .. انتصب .. كان منتصباً طوال الوقت ولكنه لا يعرف كيفية إسعاد المرأة . أنت تعرف الأمر يتطلّب أكثر من .. هو لا يعرف ماذا يفعل . كل تلك الثروة وذاك التعليم بلا فائدة .."
" أتمنى لو كنت حصلت على تعليم عال "
"أنت لست بحاجة لذلك .. لديك كل ما تحتاج . جورج "
"أنا مجرد خادم أمارس كل أعمال الخراء "
"قلت بان لديك كل ما تحتاج .جورج. انت تعرف كيف تجعل المرأة سعيدة "
" نعم ..هو كذلك "
"اتعرف ماذا ايضاً ؟ امه تأتي دائما ! والدته ! مرتين او ثلاثة في الاسبوع . تجلس هناك وتراقبني ، تتظاهر بانها تحبني ولكنها تعاملني معاملة العاهر .. وكأنني قحبة كبيرة سرقت منها ولدها وطارت به ! طارت بلقطتها الثمينة تلك ! يا الهي .. اية فوضى ! هو يدعي بأنه يحبني .. أقول له انظر الى مهبلي (والتر) ! لكنه لا ينظر الى مهبلي ! يقول بانه لا يريد النظر الى ذلك الشيء . "ذلك الشيء" ! هكذا يسميه !انت لا تخشى النظر الى مهبلي . اليس كذلك جورج ؟"
" هو لم يعظّني لحد الآن " " ولكنك عظظته ، انت قظمته .. ألم تفعل ذلك يا جورج ؟"
"المفروض باني فعلت "
"سبق لك وأن لحسته ومصمصته "
"المفروض باني فعلت "
" انت افضل من يعرف بما فعلته ..جورج ؟"
"كم اخذت من النقود؟"
"ستمائة دولار "
"انا لا أحب الناس الذين يسلبون اموال غيرهم .(كونني)"
" لهذا السبب بقيت انت مجرد غاسل صحون ..لأنك نزيه ..اما هو فسافل ..سافل يا جورج ..لقد كسبتها بجهدي .. بينما هو بامكانه تعويضها . هو وامه وحبه ، وحب امه لخصيتيه الصغيرتين النظيفتين ، للمناشف وأكياس القمامة ، لمطيّبات النفس ومعجون ما بعد الحلاقة ، لانتصاباته الحادّة وممارسات جنسه الثمينة ، كلها كانت له ، انت تفهم ، كانت له وحده ! انت تعرف ما تريده المرأة يا جورج .."
" شكرا على الوسكي (كونني) اعطني سيكارة اخرى ؟"
جورج يملأ الكوؤس ثانية .
" كم افتقدت ساقيكِ ..(كونني) حقيقة لقد افتقدت فخذيك . اتعرفين كم احب الطريقة التي تنتعلين فيها الكعب العالي . انها تثير جنوني . النساء الآن لا يعرفن حجم خسارتهن . الكعب العالي يجمّل بطن الساقين ، الفخذ والمؤخرة . ينصب ايقاعاً للمشية .. انه يغريني حقاً .."
" تتحدث مثل شاعر احياناً .. تبدو كذلك مرات ولكنك مجرد غاسل صحون "
"أتعرفين مالذي اريد ان افعله بك حقيقة ؟"
"ماذا ؟"
"أودّ لو أضربك بحزامي على فخذيك ، على مؤخرتك وساقيك ، اود لو اجعلك تبكين وترتعشين ، وبعدها وبينما انت كذلك في البكاء والارتعاش أضعه فيك بصفاء محب ."
"انا لا اريد ذلك . جورج . ما تحدثت معي بهذه الطريقة من قبل ابداً .. كنت دائما مستقيماً معي .."
"إرفعي ثوبك "
"ماذا ؟"
"ارفعي ثوبك الى الاعلى . اريد ان ارى مساحات اكبر من ساقيك "
" تحبهما .. ساقي ..اليس كذلك ؟"
"دع الضوء يشرق بهما .."
ترفع (كونستانس) فستانها .
"ياالهي .. اية روعة .."
"تحب ساقي ..ها ؟"
"انا اعشق فخذيك "
عندها تجاوز جورج الفراش ، استدار وصفع (كونستانس) بقوة على وجهها . تهاوت السيكارة من فمها ..
" مالذي جعلك تفعل ذلك ؟"
" ضاجعت (والتر) ! .. ضاجعت (والتر) اليس كذلك ؟"
"وأي جريمة في ذلك ؟"
"إذن ارفعي ثوبك اكثر !"
" لا "
"إفعلي ما أقول !" صفعها مرّة اخرى بقوة اكبر . سحبت (كونستانس) ثوبها بسرعة ..
" فقط أدنى من اللباس !" صرخ جورج "لا اريد ان أرى لباسكِ !"
" يا إلهي . ماذا جرى لك جورج ؟"
" ضاجعتِ (والتر) !"
"جورج أقسم بأنك ذهبت بعيداً . أريد أن أذهب . دعني أخرج . جورج !"
"لا تتحركي والا قتلتك !"
"تقتلني ؟"
"لقد أقسمت !"
يصب كأساً آخر من الوسكي . يعبّه دفعة واحدة ، بلا ماء ، ويجلس الى جانبها . يأخذ السيكارة وينبتها في رسغها . تصرخ هي بينما يضغط هو السيكارة قبل ان يلقي بها بعيداً .
" انني رجل . حبيبتي . افهمي ذلك ."
"أعرف بأنك رجل . جورج "
" انظري الى عضلاتي ." جلس جورج باستقامة وثنى ذراعيه بشكل استعراضي .
" انها جميلة . حبيبتي . انظري الى عضلاتي . تحسّسيها ..تحسّسيها !"
تحسّست ( كونستانس ) زنداً ثم انتقلت للآخر .
" نعم . لك جسماً جميلاً يا جورج "
" أنا رجل . انني غاسل صحون ولكنني رجل . رجل حقيقي "
" أعرف ذلك . جورج " " أنا لست حليب الخراء الذي تركته .."
" اعرف ذلك .."
" وبامكاني ان أغني ايضاً . عليك بأن تسمعي صوتي "
جلست (كونستانس) بينما شرع جورج بالغناء : غنى "نهر الرجل العجوز" ثم "لا أحد يعرف يعرف المصائب التي رأيتها " . ثم غنى "سانت لويس بلوز" وغنى " ليبارك الرب اميركا " وقد توقف عدة مرات ليضحك ، ثم جلس الى جانب (كونستانس) قائلاً :
"(كونني) لكِ ساقين جميلتين "
طلب سيكارة اخرى . دخنها واحتسى كأسين آخرين ثم وضع رأسه بين ساقي (كونني) ، دافناً وجهه في حضنها وهو يقول :" اعتقد بانني انسان سيء . انني مجنون . انا آسف فقد ضربتكِ . أنا آسف لأني حرقتك بالسيكارة "
جلست (كونستانس) ساكنة ثم أخذت تمشّط شعره باصابعها وتمسّد رأسه بلطف . سرعان ما نام بينما انتظرت هي قليلاً لترفع رأسه وتضعه على الوسادة وتعدّل وضع ساقيه على الفراش . ثم نهضت وسارت الى القنينة ، صبت لها كأساً من الوسكي ، وضعت عليه قليلاً من الماء وألقته في جوفها .. مضت الى الباب ، فتحته ، خطت الى الخارج وأغلقته وراءها . تمشّت عبر الحديقة الخلفية ، فتحت باب الجدار الخشبي وسارت تحت قمر الساعة الواحدة بعد منتصف الليل . كانت السماء صافية من الغيوم ، تلك السماء نفسها التي امتلأت بها في مكان ما . مضت في الشارع المحفوف بالأشجار . اتجهت شرقاً حتى وصلت الى بار (المرآة الزرقاء) ، هناك حيث خطت الى الداخل لتجد (والتر) جالساً لوحده وقد بدت عليه علامات السكر في مؤخرة البار . حثّت خطاها وجلست الى جواره : " هل إشتقتَ اليّ حبيبي ؟" سألت فرفع لها (والتر) رأسه دون ان يجيب بل نظر الى النادل نظرة موحية فتوجه ألأخير نحوهما وقد بدا كل منهم يعرف كل شيء عن ألآخر .
#جلال_نعيم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.