|
فيفا كولومبيا ..! - قصّة
جلال نعيم
الحوار المتمدن-العدد: 881 - 2004 / 7 / 1 - 07:59
المحور:
الادب والفن
أقول لها : " سأتمدّد كحلم ، وأنتصب مثل فاكهة ، وخذي أنتِ كلّ ما تشتهين .. " . عندما دخلتِ كان البار خاوياً إلا من وجهي ، وبضعُ أغان ٍ ، إنتقيتِ ركناً أبعد من صحو الدنيا بأجمعها ، وتُهتِ تدخنين ، طنين البيرة يتعالى في رأسي ، وأنا أتأبع حدسكِ للمكان ، للطاولات والناس ، مُبتهجة كانت عيناكِ ، وهما تستدركان ذكرى لم أعرفها ، وما عادَ لكِ مُتّسعُ لروايتها " غامض هو العالم " أقول لنفسي " مليء بأشياءنا التي لا تدرك .." النادلة الكنديّة تُحضر لي كأساً آخر ، أشكرها وأدخّن : ( كثيراً ما تأتي في مثل هذا الوقت ..) تقول مُتطوّعة / أعني قبل أن أسألها كعادتي / مُشيرة إليكِ .. هناك حيث تجلسين وحيدة ، تدخّنين ، وتطلبين مارتيني بطعم التفّاح .. ( لا أعرف إن كانت تحبّ العراقيّين أم لا ؟ ! ) تقول جُملتها الأخيرة وتضحك ، تمضي الى مائدة أخرى وتضحك ، أتبّسم في سرّي ، أترك كأسي وعلبة سكائري وأمضي الى المرأة ، إليكِ ، هناك : ( أهو حلم آخر .. ؟ ) أقول فتسأليني مُعتذرة ( أقصد أن آتي من آخرة الدنيا .. كي التقيكِ .. ؟ .. أليس هو حلماً آخر .. ؟ !) ( فيرونيكا) وتمدّ يدها مصافِحة .. أُعرّفها بنفسي و ببلادي ، تقول : " ما دمت من العراق ، فهو بالتأكيد حلماً آخر .. ! " فتضحك وأضحك ونضحك .. (أنا من كولومبيا .. أقصد لي أكثر من عشرين عاماً هنا .. ولكنّي ما زلت من هناك !) قالت .. قلتُ / أو يُخيّل إليّ ألآن بأنني قلتُ : ( ماركيز والحشيش .. ) (والكثير من وجع الرأس أيضاً ..) ( كنت أظنّ كلّ نساء كولومبيا "ريميديوس"، وكل رجالها أركاديو بونيديّا !) تضحك .. ( هنالك فيرونيكات أيضاً ) تضحك .. ( بلا ملاءاتٍ بيضاء .. رجاء ! ) ( هي محض حُلم .. ) ( تقصدين مثلكِ ..حلم آخر .. ! ) (أقصد أنتم الحالمون .. ) ( أنه ثروتنا الأولى .. ما قبل النفط .. وما بعده .. أوو ..ه .. " شاده " أحب هذه الأغنية ،ترقصين ؟ ) نرقص ، قلبي يهبط مع مرتفعاتها ، تتوالى كؤوس البيرة والمارتيني وأنا أردّد بإسبانية خجلة : " مثير .. " .. " جميل .. " .. " مغرٍ .. " أقبّل حلمتها اليسرى في سيّارتي : ( واوووو .. فيفا كولومبيا .. ! ) أهتف .. تضحك .. أقبّلها .. ( لديّ يوم عمل غداً ..عليّ أن أستيقظ مبكراً ) تقول لي .. أجيبها مُتابعاً مسير أصابعها نحو لوعتي .. ( عليّ الذهاب الى جهنم فوراً ..! ) تقبض على روحي .. تهتف ( فيفا إيراك .. ! ) نضحك حتى أتمدّد على أريكة ، وتلتهبُ فيّ فاكهة ما قبل ألخليقة ، تتسلّلين على قلبي مثل هرّة ، تبرك ، تتنهّد ، أهمسُ لكِ بقدسيّة عوالمنا ألسفليّة ، خذيني وتذكري أصابعكِ تُداعبان سيلانات الرعب فيّ وفيه ، تذكّري طعم شفتيكِ إذ تقبّلان نبض ألأيّام فيه ، تذكّري وجهكِ ، لهفة أنفاسكِ ، فمكِ .. تذكّري حريق ألآلهة و إشتعال ألأنثى ، تذكّري سعير ألروح .. ( حلماً آخر .. أم محض إحتراق ! ) تذكّري إختراق ألمعنى وإنطباق ألمسافة ، تذكّري أنفاق ألعزلة ودهشة ألصهيل تذكّري عُيمة ألأصابع إذ تنطبقان .. هناك أو هنا ( فيفا فيرونيكا ! ) مرّغي وجهكِ ، سيلي على رقبتي مثل عسلٍ قديم و تذكّري .. تذكّري ألأصيل وشهقة ألنوارس إذ تغنّي أو تنفجر بألتحليق .. خذيني وأهزجي على جسدي مثل عرس تيهي معي ، فيّ ، وأصرخي بلذّة مُعتّقة إمتصّي منّي هوسي وأعراسي وغربتي وعانقي معي بهجة ألمستحيل..
ليس في الغربات مسافة " فيرونيكا ".. سواء كان ذلك في عمّان أو كولومبيا أو أريزونا أو حتّى هنا في لوس أنجلس حيث الأيّام تمضي كنهر ، وكذلك الأماكن والوجوه / و ربّما أقصد وجهكِ /.. وكأنها ما كانت أبداً .. وكأنّكِ ما كنتِ بذاك التوهّج هنا قبل ساعات .. هكذا ، أيقظكِ صباح آخر لتلملمي بعثرة أشياءك وتهرعين الى لا مكان ، هكذا تغيبين مثل أكوانٍ أخرى ، هائلة و بعيدةٍ.. ومثلها تصرخين ونتلوّى .. و مثل فاكهةٍ أخرى ، حيث أتمدّد على ألحلم كأريكة ، وتأتي ألنادلة بالتفّاح بطعم ألمارتيني ، وتشيرُ إليكِ وتبتسم ولا تهمس بشيء ، و أمضي إليكِ ، ثمّ أقبّلكِ ونضحك ، وأصرخ ( فيفا غواتيمالا ! ) ونضحك .. دون أن تعرفين بأنّي / بأنّكِ حلماً آخر حيث ألمدينة تمضي مثل نهر وألأكوان تأتي لتبتعد وتغيب لتذرونا في رائحة التفّاح و طعم ألبيرة وأريكة تتمدّد كحلم ..
#جلال_نعيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سياط .. - قصّة
-
إحتراق ..! - نصّ
-
حوار شخصي مع عبد ألهادي سعدون ..!
-
خمسة مسافرين .. في خمسة زوارق ورقيّة ..
-
إنّهم يقتلون الجياد .. !
-
روزاليندا ..!
-
اليوم ألأخير للمطر ..!
-
وقت للحب .. !
-
مجانين
-
إستمناء آخر
-
محاجر
المزيد.....
-
رحيل -الترجمان الثقافي-.. أبرز إصدارات الناشر السعودي يوسف ا
...
-
“فرح عيالك ونزلها خليهم يزقططوا” .. تردد قناة طيور الجنة بيب
...
-
إنتفاضة طلاب جامعات-أمريكا والعالم-تهدم الرواية الإسرائيلية
...
-
في مهرجان بردية السينمائي.. تقدير من الفنانين للدعم الروسي ل
...
-
أوبرا زرقاء اليمامة.. -الأولى- سعوديا و-الأكبر- باللغة العرب
...
-
ابنة رئيس جمهورية الشيشان توجه رسالة -بالليزر- إلى المجتمع ا
...
-
موسيقى الراب في إيران: -قد تتحول إلى هدف في اللحظة التي تتجا
...
-
فتاة بيلاروسية تتعرض للضرب في وارسو لتحدثها باللغة الروسية (
...
-
الموسم الخامس من المؤسس عثمان الحلقة 158 قصة عشق وقناة الفج
...
-
يونيفرسال ميوزيك تعيد محتواها الموسيقي إلى منصة تيك توك
المزيد.....
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
المزيد.....
|