أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - نايف عبوش - من هدوء الطبيعة إلى ضجيج العصرنة














المزيد.....

من هدوء الطبيعة إلى ضجيج العصرنة


نايف عبوش

الحوار المتمدن-العدد: 5756 - 2018 / 1 / 13 - 14:43
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    



حتى نهاية خمسينات القرن الماضي، كان الناس في مجتمعاتنا عامة، والريفية منها، بشكل خاص، يتعايشون مع عناصر الطبيعة، مكانا، وزمانا، وكائنات، بشكل مباشر. فكانوا يرعون اغنامهم في البرية سرحا وراء الكلا، ويردون شواطئ الأنهار ورداً، لأسقاء انعامهم، ودوابهم.

كما كانت النسوة، والفتيات، يجلبن الاحطاب، ويلتقطن بعر الاغنام، كوقود للطبخ، وسجر تنور الطين، لعمل الخبز اليومي. في حين كان الصبية يلعبون في العراء، ويسبحون في النهر صيفاً،دون منغصات ضجيج، غير التعب البدني، وحسب.

ولم تكن البيئة اذ ذاك، قد تلوثت بعد، بهذا الشكل المقرف، الذي تشهده اليوم، لا من حيث اتساخها بالنفايات، ولا من حيث صخبها بالضجيج. فلقد كان الإنسان يمشي في الدروب النيسمية في الفلاة، راجلا، او راكباً حماره، او ممتطيا فرسه، ولا يكاد يسمع الا حفيف الريح، ان هبت، او صوت الرعد، إذا تلبد الجو بالمزن، او زقزقة العصافير، وطقطقة اللقلق في عشه بأعلى غرفة الطين. في حين اعتاد ان يسمع ثغاء الاغنام، ونهيق الحمير عند العودة من السراح، إلى المراح، ونباح الكلب على اللصوص ليلاً، والغرباء الذين يقدمون الدار، او يمرون بالقرب منها، و طرد ابن آوى عن قن الدجاج، عندما يحاول بدهاء اكل الدجاج، في غياهب الظلام، او عند الفجر. اما مواء القطط، وصياح الديكة، فقد كان ينساب إلى مسامع الناس بسلاسة، ووداعة،مؤذنا بحلول وقت السحر، وانبلاج الفجر.

تلك الأصوات كانت نغماتها نابضة بحياة فطرية، تبعث السعادة في نفس انسان الريف، حتى انه كان يحاكيها بنفس نغمتها، عندما يطلبها للورد على البئر، او يستدعيها للرعي على المعالف، او يهشها للابتعاد عن الرعي في الزرع. او يدفعها للأيواء، والمبيت في زرائبها ليلاً.

أما بيئة اليوم، فقد تلوثت بمخلفات الصناعة، هواء، وانهارا، ومحيطات. ومما زاد الطين بلة، ذلك النوع من التلوث بالضجيج، الذي احدثته المانيفاكتورة، والمصانع، والسيارات، والطائرات. على ان ضجيج الأجهزة الرقمية الخافت، شكل صخبا من نوع آخر، اكثر امعانا في انهاك مزاج الناس، حيث يستلب راحتهم بالوميض، والنغمة، والانبثاقات المتتالية، خاصة وانها تنبيهات دورية، تستولدها في اللحظة تطبيقات مبرمجة، لا تعرف قيودا تمنعها من الحدوث، والتكرار، غير محددات مبرمجها.

وهكذا بدأ الناس يعيشون حياة يومية صاخبة، تفتقر إلى وداعة، وهدوء طبيعة ايام زمان،حيث ازدحمت الحياة بضجيج العصرنة الصاخب في كل الاتجاهات، فأرهقت الإنسان حقاً ، مسببة له اعتلالات المزاج الدورية، وعكرت عليه وداعة هدوء الطبيعة، حتى ضاق ذرعا بالحياة، على ما حققته له العصرنة من منافع، ورفاهية، لا يمكن نكرانها.



#نايف_عبوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إحياء تقاليد التعاليل.. ومجالس السمر
- محمود عبدالله.. معلم فاضل استوطن ذاكرة جيل
- صخب العصرنة.. والحاجة إلى الطمأنينة وراحة البال
- دعونا نتفاءل بحلول العام الجديد
- وهكذا أضحت القدس قضية إنسانية
- السمن الحر.. من عمل أيدي ختيارات أيام زمان
- الفيتو الأمريكي.. والرد العربي المطلوب
- تهويمات حالمة
- العرب.. بين حال الشرذمة وخيار التكامل
- توحيد موقف الرفض.. والقدس عربية
- التهويد باطل.. والقدس عربية
- من ذاكرة الحياة الدراسية
- وتظل القدس العاصمة الابدية لفلسطين
- الطاحونة
- مولد الرسول الكريم.. والتواصل الحي مع الذكرى
- التهافت على اقتناء الكتاب الورقي ايام زمان
- الحكمة والموعظة الحسنة في شعر الاديب المبدع ابو يعرب
- هكذا قالت لها قارئة
- واجلسها مكانه
- مراعاة خصوصيات الآخرين في مواقع التواصل الاجتماعي


المزيد.....




- مصر.. الدولار يعاود الصعود أمام الجنيه وخبراء: بسبب التوترات ...
- من الخليج الى باكستان وأفغانستان.. مشاهد مروعة للدمار الذي أ ...
- هل أغلقت الجزائر -مطعم كنتاكي-؟
- دون معرفة متى وأين وكيف.. رد إسرائيلي مرتقب على الاستهداف ال ...
- إغلاق مطعم الشيف يوسف ابن الرقة بعد -فاحت ريحة البارود-
- -آلاف الأرواح فقدت في قذيفة واحدة-
- هل يمكن أن يؤدي الصراع بين إسرائيل وإيران إلى حرب عالمية ثال ...
- العام العالمي للإبل - مسيرة للجمال قرب برج إيفل تثير جدلا في ...
- واشنطن ولندن تفرضان عقوبات على إيران تطال مصنعي مسيرات
- الفصل السابع والخمسون - د?يد


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - نايف عبوش - من هدوء الطبيعة إلى ضجيج العصرنة