أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحمن جاسم - كم يحتاج واحدنا إلى -غالا-














المزيد.....

كم يحتاج واحدنا إلى -غالا-


عبد الرحمن جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 1475 - 2006 / 2 / 28 - 09:25
المحور: الادب والفن
    



وغالا لمن لا يعرفها، هي غالا إيلرود، زوجة وحبيبة وملهمة الرسام الاسباني الأسطوري سلفادور دالي رائد السيريالية ووالدها الأبرز. فهذا "المبدع" المعتد بنفسه كثيراً فقد موهبته كلياً بعد رحيل زوجته "غالا" حتى ليقال -و تنسج أساطير كثيرة على الأمر- أنه رقد في تابوتها بعد رحيلها لمدة تزيد على السنة، لا يفعل شيئاً سوى الجلوس هناك.ولكن لماذا كل هذا الحب يا دالي؟ لماذا نرى وجهها في كل رسومه؟ لماذا نراها بصورة مريم العذراء؟ لماذا نرى لمساتها النفسية على كل لمساته الفنية؟ ببساطة لأنها "غالا".
فمن هي هذه الـ "غالا" التي يحتاجها واحدنا كي يكمل هذا الطريق الصعب والطويل الذي يمتد أمامه؟ هذه الفتاة الروسية التي أصيبت في طفولتها بالسل، وأرسلها أهلها للعلاج في أوروبا، عاشت قريبةً من الفن، ولكن يكن لأحدٍ يعتقد بأن هذه الجميلة الرقيقة، يمكن أن تصبح زوجةً لشخصٍ قريب من شخصية دالي. ولكن كما يقول تشارلز كوينتن، باحث الفن المعاصر،: "إن أهمية غالا أكبر بكثير من أهمية دالي، للحقيقة، وهذا رأيي كمحترف، لأنه لولا وجود غالا بجوار دالي، لكان دالي إما انتحر سريعاً، ولم يترك الشيء الكثير، وإما اختفى كما اختفى غيره في غياهب النسيان سريعاً. لقد كانت غالا تلعب دور المرشد، والموجه، والداعم العاطفي والمعنوي، لرجل شديد الغرابة، مثل دالي".
والاسم بحد ذاته لا يعني شيئاً، ولكن ما يختفي خلفه هو سر الأشياء، الشخص الذي يمثله هذا الاسم، فغالا التي كانت متزوجة عند لقائها بدالي من شخصٍ غيره، هو الشاعر روبرت ايلرود، تركته ساعة رأت دالي، الذي لم يكن آنذاك أحداً! أجل لم يكن دالي آنذاك أي أحد، سوى سلفادور دالي، مجرداً من أي شهرةً أو فن، أو حتى مال. كان رجلاً عادياً، ينظر إليه كل الناس على أساس أنه "مغرور"، و"مجنون" و مدعٍ أكثر من اللازم، حتى أن احدى الصحف الفرنسية وصفت معرضه في باريس، بأنه "معرضٌ لمدعٍ لا يعرف عن الفن شيئاً، وبأنها -أي الجريدة- لا تعرف لماذا كل هذا الغرور من فنانٍ لم يقدم شيئاً". كل هذا لم تره غالا، كل هذا لم يعنِ لها شيئاً،
رمته كلها خلف ظهرها، ورأت العبقري، رأت ما يختفي خلف هذا الشارب الغريب، وحملت الفنان-الطفل أي دالي في قلبها طوال فترة حياتهما معاً.
رحل دالي إلى أميركا، العالم الجديد، وأتت غالا معه، كان لا يعرف الحركة دونها، كان مجرد طفل بين يديها، وهي كانت تعرف المقولة "وراء كل رجلٍ عظيم امرأة"، وكانت تجيد فعلاً العزف على أوتارها، فدالي الذي وصل إلى أميركا شخصاً منسياً، سيرحل عنها واحداً من أشهر المبدعين المعاصرين على الإطلاق. في البداية واجه دالي كل أنواع الاحتقار والازدراء التي يمكن أن نفكر بها سواء من قبل الجمهور أو من قبل أصحاب دور العرض. ولكن اليأس الذي دخل إلى قلب فناننا الشاب -آنذاك- لم يدخل إلى قلب "غالا"، بل ظلت تشجعه، وتدافع عنه، حتى أنها في فترات يأسه كانت تعمل لتحصيل المال لأجل تأمين لقمة عيشهما معاً، ولكنها أبداً ما وقفت ضد طموحه أو ابداعه.
في العام 1941 حصل دالي على التقدير الأول في حياته، حيث منحه متحف الفنون الحديثة في نيويورك فرصة اقامة معرضه الأول هناك. غالا التي كانت تعاني من تقلبات دالي المزاجية، وغرابة أطواره، طورت أسلوب تعاملها معه، وعرفت كيفية "تدجينه"، فدالي الذي عرفه الآخرون، صاخباً، عجولاً، كطفلٍ مدلل، كان يبدو أمامها كما لو أنه مفتون، حتى إنه في افتتاح معرضه في نيويورك، ترك جميع الحضور وذهب يبحث عنها، والسبب أنها تأخرت لعشر دقائق في الفندق. بعد ذلك بسنة، كتب دالي عن سيرته الذاتية "الحياة السرية لسلفادور دالي" قائلاً: "إنني دون غالا، لست سلفادور دالي، دونها أكون مجرد رجلٍ آخر، كان سينتحر عند برج ايفل".
في العام 1982، رحلت غالا دالي، التي قالت يوماً، والتي ظل دالي يعاتبها عليها حتى وفاته، "نحن لن نفترق"، والتي قالتها بعد لقائهما بأقل من شهر. دالي ظل حزيناً من وقتها، حتى وقت وفاته، 1989، لكي يكمل ما أرادته أن يكونه، أنشأ دالي مؤسسة "غالا وسلفادور دالي" لكي تخلدهما سوياً.
أخيراً، يبقى واحدنا عمراً بأكمله في رحلة البحث عن "غالا" التي تخصه، التي ترى في داخله شيئاً لا يراه الآخرون، غالا التي تحبه لأنه هو، التي تقدره لأنه هو لا شيء غيره. ويبقى الطريق طويلاً، ويبقى البحث شاقاً.



#عبد_الرحمن_جاسم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تخاف أحداً؟ معذرةً؛ أنت كاذب
- لا تنزعج فأنت لا قيمة لك!
- حوار مع الفنانة العراقية سحر طه
- كم أتمنى أن أموت
- يومٌ عادي
- رحلة!
- كن صريحاً
- حب
- عن الأصدقاء والقداسة
- عن نزار قباني، وآسف أن أخيب أملكم
- عن السفسطائيين، عن أفلاطون وغداً
- عن محمود درويش: معرض الكتاب والكاتب النجم
- معذرة لكنني لست ديمقراطياً
- تفاءل
- ابنة لحواء
- روبن هود في معرض الكتاب
- رسالةٌ إليكِ - قد مضى وقتٌ طويل ولم ترسل بعد
- معذرة فيروز؛ لكنني فرغت منكِ...
- أغنية
- مجنون


المزيد.....




- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...
- ميسلون فاخر.. روائية عراقية تُنقّب عن الهوية في عوالم الغربة ...
- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...
- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...
- فنانون سوريون ينعون ضحايا تفجير كنيسة مار إلياس
- المفكر الإيراني حميد دباشي.. التصورات الغربية عن الهوية الإي ...
- فيلم -باليرينا-.. درس جديد في تصميم الأكشن على طريقة -جون وي ...
- التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحمن جاسم - كم يحتاج واحدنا إلى -غالا-