أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - ربحوا الله وخسروا القدس














المزيد.....

ربحوا الله وخسروا القدس


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 5722 - 2017 / 12 / 9 - 18:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في تظاهرتهم ضد إعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل وتأكيد إنحيازه للخطاب الديني الصهيوني خرج العرب ومعهم مسلمون من مختلف الهويات الوطنية في واشنطن تعبيرا عن رفضهم وشجبهم لهذا القرار.. عظيم إلى هذا الحد ورائع, لكن المشكلة أن المسلمين منهم, ولأن اليوم هو جمعة, إنشغلوا بالصلاة أمام البيت الأبيض, وذلك ما جعل المتظاهرين وكأنما قد خرجوا ضد أنفسهم وضد قضيتهم.
الصلاة في القدس أمام المسجد الأقصى حق متأسس على طبيعة المدينة كونها مكانا مقدسا لهم وكذلك للدينين المسيحي واليهودي, وهي هنا تأتي في سياقها الإيجابي. أما أمام البيت الأبيض فستأتي هذه الصلاة في سياق معاكس تماما وتؤسس لنتيجة هي بالضد من نوايا المتظاهرين أنفسهم ..
لماذا ؟ السبب ليس معقدا فهمه ..
إذا كان الهدف من التظاهرة هو مخاطبة الشعب الأمريكي نفسه فأنا أجزم أن الأمريكي وهو يرى مسلمين محتشدين يصلون أمام البيت الأبيض سوف ينشغل عن قضية القدس بمعناها الإنساني والأخلاقي ليقف مشدودا أمام بعدها الديني, وحينها, وبوجود ثقافة الإسلاموفوبيا والشحن ضد الإسلام الذي راح يترسب حتى في لاوعي الإنسان الأمريكي والغربي فإن الإنحياز لترامب حتى على مستوى الراي العام سيتصاعد, وستكون القدس هي الخاسرة الحقيقية في هذا السباق غير المتكافئ.
السؤال .. ألا تستحق القدس تأجيل صلاة الجمعة ليوم واحد, أو على الأقل لما بعد إنفضاض التظاهرة, أو على الأقل ممارستها في غير الساحة المجابهة للبيت الأبيض.
لقد وضع ترامب أمريكا ضد المسلمين أما المسلمون فقد وضعوا الله ضد قضيتهم.
إن أغلب السياسيين الصهاينة باتوا وكأنهم متفقون على يهودية دولة إسرائيل. بالنسبة لهؤلاء ما الذي يعطي يعطي حماس أو الإيرانيين أو حتى السعوديين والأتراك الحق في إقامة دول دينية في حين يحرم على الإسرائيلين ذلك ؟!. قبل عقود كان يمكن للعرب مع وجود أنظمتهم الشبه علمانية أن يكونوا أقوى حجة ثقافية وسياسية في دحض المشروع اليهودي الديني, لكن بعد تراجع الحركة الشبه علمانية وتصاعد حدة الخطاب الديني, بل وقيام دول ذات هويات دينية بحتة, لم يعد صعبا على الإسرائيليين المجاهرة بوجود خطاب ديني مباشر للدولة الصهيونية والتحرك لتضمين دستورهم ما يؤكد على يهودية الدولة. أما أكثر الجوانب إضحاكا في المشهد السياسي فهو إعتراض الدول الإسلامية التي تتضمن دساتيرها جميعا ما يؤكد إسلاميتها على ميل الدولة الإسرائيلية لتأكيد وجودها كدولة يهودية, والأكثر إضحاكا أيضا هي المقارنة التي قد تطلقها صورة ممنتجة تجمع ما بين إسماعيل هنية بلحيته الإسلامية المعتدلة ودشداشته الإخوانية وقلنسوته السلفية بجانب اليهودي نتنياهو اليهودي, لكن المتحضر بالشكل والصورة على الأقل .
لم يعد من المفيد التحدث بثقافة المراحل السابقة. بعد الردة الدينية السلفية بشقيها الشيعي والسني وتصاعد نفوذ وحجم التطرف الديني التكفيري صار صعبا المطالبة بتخفيف حدة الخطاب الديني حتى المعتدل منه, لكن لن يكون من الخطأ الطلب من المتدينين الذين يزعقون بمعاداتهم للدولة اليهودية أن يكونوا أكثر دقة في الفصل بين خطابهم الديني وبين خطابهم السياسي إذا ما شاؤوا إقترابا مفيدا من الرأي العام الأمريكي والغربي. إن المطلوب من هؤلاء, على مستوى خوض صراع تاريخي معقد كالصراع الفلسطيني الإسرائيلي أن يفصلوا بين خطابهم الديني الشخصي وبين مقومات الخطاب السياسي التحضري. وبتعبير أكثر دقة فإن صعود قوى الخطاب الديني وهيمنته على المؤسسة السياسية يشكل خطرا على جوهر القضية الفلسطينية ذاتها ويمهد الطريق نحو تأسيس قاعدة متينة للهزيمة التاريخية لأنه يمنح الصهاينة فرصا أفضل لتحقيق الإنتصارات.
ودون إعادة تأسيس خطاب ثقافي علماني متحضر فإن وضع الإسلام في مواجهة اليهودية والمراهنة على إمكانية تحقيق إنحياز غربي ضد الدولة اليهودية يدلل على غياب الحد الأدنى من إستيعاب عوامل وابعاد الصراع العربي الصهيوني.
الواقع لا أحد يطلب من المسلمين التخلي عن دينهم .. المطلوب منهم معرفة أين ومتى يُصَّلون.
أمام البيت الأبيض, وفي مختلف الأروقة الإجتماعية والرسمية الغربية, على العرب أن لا يضعوا أنفسهم في الموقف الذي يظنون أنهم من خلاله سيكسبون الله والقدس معا.
وفي مواقف كهذه لعلي أراهم سيخسرون الله والقدس معا..



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاربة الفساد في العراق أم محاربة داعش .. أيهما الأصعب
- عن المسألة الكردية .. لكي لا يتحول الحلم إلى كابوس
- الحريري .. خرج ولم يعد
- العراق .. إعادة تكوين
- بين الزمان والمكان
- البارزاني .. الزعامة القبلية في مواجهة الضاغط الديمقراطي
- من العنصري فينا يا أخوتي الأكراد
- أصل القرد .. إنسان
- إسرائيل وكردستان العراق
- براز الشيطان
- طشاري .. ما بعد الدولة الكردية
- عين على الدولة الكردية أم على الدولة السنية
- كيف أضاع صدام العراق وضيَعّه .. الأثرة والجزع
- هل إحتل العراق الأكراد كما يدعي دعاة الدولة الكردية
- الأكراد .. عرب !
- العراقيون وإسرائيل
- مسعود لن يشق لكم البحر بل سيغرقكم فيه
- بيت بلا أسوار
- الإستفتاء وإعلان الدولة الكوردية المستقلة هل سيكونا كويت الب ...
- علي الأديب وفقه التبعية والعمالة


المزيد.....




- -ما تفعله اختطاف-.. فيديو يُظهر شابة متشبثة بشجرة وملثمون يح ...
- غموض وتساؤلات حول تداعيات قرار الحد من صلاحيات القضاة في الو ...
- مصر.. تحرك من السيسي بعد مصرع -عاملات اليومية- بحادث تصادم م ...
- الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء أحياء في غزة، و81 قتيلاً خلال 2 ...
- صحيفة: جدّ رئيسة الاستخبارات البريطانية كان جاسوسا لألمانيا ...
- انقسام في الولايات المتحدة بشأن نجاعة الضربات الأمريكية ضد إ ...
- هل نضجت ظروف اتفاق لوقف إطلاق النار بغزة؟
- مسؤول عسكري أميركي: لم نستخدم قنابل خارقة للتحصينات في أصفها ...
- ويتواصل تدهور أوضاع الشعب التونسي
- باكستان: مقتل 16 جنديا في هجوم انتحاري غرب البلاد وإصابة مدن ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - ربحوا الله وخسروا القدس