أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زين اليوسف - يجب أن تحترق














المزيد.....

يجب أن تحترق


زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)


الحوار المتمدن-العدد: 5719 - 2017 / 12 / 6 - 10:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


صنعاء تحترق..فمنذ ما يقارب الأسبوع بدأت الاشتباكات المسلحة بين طرفيَّ المعادلة في العاصمة اليمنية صنعاء أي بين أتباع علي صالح من جهة و أتباع عبد الملك الحوثي من جهةٍ أخرى..و خلال بضعة أيام فقط تغير الكثير في تفاصيل صورة الصراع القائم في اليمن منذ ثلاث سنوات تقريباً و في ذات الوقت أصبح ذلك الصراع يحمل في طياته الكثير جداً من ظاهرة ديجافو و التي تجعلك لا تشعر بالندم على عدم قدرتك على السفر عبر الزمن لأن التاريخ يتكرر -و ربما بمعظم تفاصيله- أمامنا الآن كما سيظل يفعل دوماً ربما.

فعلى سبيل المثال عندما أحرق نيرون مدينة روما بسبب نبوءةٍ آمن بها جلس يراقبها من برجه المرتفع باستمتاعٍ كبير و هو يصغي إلى صراخ ضحاياه و يغني أشعار هوميروس بسعادةٍ و لذةٍ كبيرتين..كان يعلم أن من سينجو من حريق ذلك اليوم لن يتذكر من بدأ به و إن فعل فسيهديه أي كبش فداء تقع عليه يداه لكي يقتص منه و هو ما كان..فأصبح المسيحيون الجدد حينها هم كبش فداءه و هم الضحية التي استمتع من كانوا ضحايا لنيرون بالأمس لرؤيتهم و هم يقتلون بأبشع الطرق..تلك القصة تتشابه كثيراً مع ما حدث مع علي صالح و إن اختلفت مع قصته في بعض تفاصيلها..ماذا تقول؟؟..تعتقد بأن التاريخ لا يكرر نفسه بهذا الإصرار الشديد؟؟..لا بأس سأجعلك ترى كيف أن الشعوب تتشابه تقريباً في إصرارها على إتباع نهجٍ يجب أن لا يُتبع و لهذا لا يختلف التاريخ كثيراً مهما تغيرت الأماكن.

فطوال ما يُقارب ال 33 عاماً حكم فيها اليمن بشكلٍ صريح -و بضعة أعوامٍ من خلف ستار- إمتهن علي صالح -كما فعل نيرون من قبله- قتل كل من يخالفه فكان المعارضون له إما يموتون فجأة أو يختفون من الوجود أيضاً فجأة..و حتى الموالون له كانوا يتساقطون بذات الكيفية عندما يلاحظ بأن سطوتهم أو نفوذهم بدأ يتصاعد..هذه السياسة الثعبانية اتبعها الرجل حتى بعد تنازله عن السلطة ظاهرياً فأتى بأضعف فصيلٍ ديني في اليمن و عمل على رعايته و تقويته ليشتد عوده و ليكون أداته التي ينتقم بها فيلتهم له الجميع خاصةً من انقلبوا عليه سياسياً إبان أحداث عام 2011 م..و هكذا ظل علي صالح رغم تنازله عن السلطة ظاهرياً يتلاعب بمهارة الحاوي بكل من هم حوله و يحترف سياسة ضرب الأطراف المتنافسة ببعضها البعض..و لا فرق هنا إن كانت تلك الأطراف حلفاء محتملين له أو شعباً يحكمهم أو حكاماً لدولٍ أخرى تربطه بهم المصلحة فقط لا غير..فالجميع من وجهة نظره كانوا يستحقون أن ينالوا نصيبهم من جنونه.

و لكن لعل الفارق الوحيد بين نيرون و علي صالح هو أن الأول قرر في لحظةٍ من لحظات جنونه التي لم تكن تنتهي أن يسلب حياته بيديه قبل أن يفعلها به سواه..بينما في حالة علي صالح فعلى الأغلب سيصبح -سواء انتهت الاشتباكات المسلحة بين أتباعه و أتباع منافسه بانتصاره أو بهزيمته- المرادف الحاضر إما للمهدي المنتظر أو للحسين بن علي..فإن انتصر فسيمثل المخلص الذي قام بتخليص المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين إن لم يكن اليمن كلها من حالة الانقسام و الخضوع لعدة أطرافٍ متناحرة..و إن هُزم و انتهى الأمر بمقتله -في أسوء السيناريوهات التي يضعها لنفسه- فسيصبح كما الحسين بن علي ذلك الثائر على الظلم و الذي أتى ليملأ الأرض عدلاً بعد أن امتلأت جوراً بعثره هو دون غيره فوق رؤوسنا طوال فترة حكمه..و من سخرية القدر أني و أنا أكتب هذه الكلمات وصلني خبر مقتله و إعلانه بطلاً قومياً.

و هكذا و بكل بساطة سيجد دائماً علي صالح -كما كان نيرون من قبله- من يمجده رغم كل ما فعله و رغم ما فعلته بنا لحظات جنونه و ما أكثرها..سيمجده هذا الشعب الذي أصاب الخدر معظم عقول أفراده و سيتناسى أنه أهلك هذه البلاد و تسبب بمقتل عشرات -و ربما مئات- الآلاف بتحالفه الشيطاني مع الحوثيين و الذي كان الغرض الوحيد منه هو الانتقام من شعبه الذي كانت إحدى خطاياه الكثيرة أنه تجرأ و صرَّح برفضه لاستمراره في حكمه..سيجد من يُلبسه قميص يوسف الذي قُدَّ من دُبُر ليضعه في مصاف الشهداء و سيكون عبد الملك الحوثي و أتباعه من بعده هم كبش الفداء الذي قدَّ ذلك القميص و قتل صاحبه..فالحوثيون الآن -كما كان المسيحيون الجدد في عهد نيرون- فصيلٌ ديني و جميع الفصائل الدينية نجحت دون استثناءٍ يُذكر في منح شعوبٍ بأكملها تاريخاً جمعي من الكراهية و المقت و التوجس تجاهها.

الآن سيتغير كل شيء حتى التاريخ و سيصبح المخلوع صالح هو الرئيس السابق الذي انبرى لتخليص البلاد من حكم ميليشياتٍ دينية قضت على الحرث و النسل و كانت السبب في حريقٍ يستعر فيها منذ ثلاث سنوات تقريباً..سيصبح علي صالح ذلك البطل المغوار و الشهيد ذو الدماء العطرة و سيُعتبر تراجعه عن دعم ذلك الفصيل الديني الذي أوجده هو بنفسه ليبتلع البلاد و الشعب و خصومه توبةً تغفر له ما تقدم و ما تأخر من ذنوبه و ما أكثرهما..الآن سيتناسى الجميع ما فعله الرجل بنا طوال عقود و سيتناسى بأنه في نهاية الأمر سقط عن طريق أحد الأطراف التي ظن أنه يستطيع التلاعب بها حتى النهاية كما فعل بالجميع.

صنعاء تحترق -كما فُعل بروما منذ زمنٍ طويل- و لكن لعل هذا ما تحتاج إليه جداً..أن تحترق بكل ما فيها و بمن عليها..لعل صنعاء كما اليمن تحتاج إلى الكثير من الحرائق لينهض من رمادها خلقٌ جديد لم يتلوث بعد بأفكار العبودية تجاه قادتهم و بضرورة تقديسهم مهما فعلوا بهم..لعل صنعاء تحتاج إلى أن تحترق جداً لتتطهر من عبادة الأصنام و الخوف من الثورة عليها..لعل هذا ما تحتاجه رغم قسوته و بشاعته و هو أن تحترق حتى التفحم فلا يبقى منها إلا رماد ماضيها لتبعثره الرياح..فربما حينها ستتطهر فعلاً لا قولاً من رجس صمتها طوال عقود -لا يُراد لها أن تنتهي- عن من كانوا يأتوها كل ليلةٍ ليغتصبوها و هي بهم راضيةً مرضية.



#زين_اليوسف (هاشتاغ)       Zeina_Al-omar#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صلصال
- نصر المنابر
- التجربة المُحمدية
- لا تصالح
- براءة
- خلافة
- فلنجلد زين كثيراً!!
- مثلي مثلك
- طابورٌ خامس
- 24 ساعة
- تحالف
- إلهٌ تهاوَى
- بضع ساعات
- أوهام
- عن أركانٍ خمسة!!
- مكعبات
- الطوق و الأسورة
- من دون أي شغف
- نبضةٌ إضافية
- أريد


المزيد.....




- ناصيف زيتون ودانييلا رحمة يحتفلان بذكرى زواجهما الأولى
- فرنسا: قضية -المجوهرات المخفية- للوزيرة رشيدة داتي تعود إلى ...
- قضية اختطاف وقتل الطفلة الجزائرية مروة تثير تساؤلات عن ظاهرة ...
- تقارير: قرار واحد لترامب قد يُفضي إلى أكثر من 14 مليون وفاة ...
- من العزلة إلى الإعمار... هل ستفتح واشنطن أبواب سوريا للعالم ...
- قتيلان على الأقل في موجة حر شديدة وفيضانات تجتاح إيطاليا
- دعم خليجي متجدد للبنان.. تأكيد على الأمن والاستقرار والتنمية ...
- شبهة تجسس ـ برلين تستدعي السفير الايراني وطهران تنفي ضلوعها ...
- ماكرون يبحث مع بوتين الملف النووي الإيراني وحرب أوكرانيا في ...
- عاجل| ترامب: رفعت العقوبات عن سوريا من أجل منح البلاد فرصة


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زين اليوسف - يجب أن تحترق