أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زين اليوسف - نصر المنابر














المزيد.....

نصر المنابر


زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)


الحوار المتمدن-العدد: 5609 - 2017 / 8 / 14 - 10:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عندما تضع قدمك أمام سربٍ من النمل معترضاً طريقه ستجد بأنه غريزياً سيبحث عن طريقٍ آخر لتجنب ذلك العائق الذي بات يحول بينه و بين وجهته..و عندما تعوِّد أي حيوان -أليف كان أم برِّي- على نظام استجابة شرطي معين ستجده ينصاع لا إرادياً له و لك و ستجده حينها -على سبيل المثال- يمتنع عن تكرار تصرفٍ معين تعلم من التجربة -الوحيدة أم المتكررة- مدى الضرر الذي عاد عليه بسبب ممارسته له..و عندما يقوم الطفل في سنوات عمره الأولى بمحاولة لمس النار بسبب مظهرها الجذاب فإنه سيتعلم من التجربة الأولى بأن ذلك الألم الذي شعر به عند أول تلامس بينه و بينها يعني بأن أي محاولة أخرى للمسها مرة أخرى ستتسبب له بالضرورة بذات الألم لهذا ستجده يسعى دوماً إلى تجنب تكرار تلك التجربة.

كل هذه الأمثلة السابقة كانت لتوضيح أمرٍ بديهي و هو أن التكيف السلوكي ما هو إلا عادةٌ غريزية لدى جميع الكائنات الحية مهما صغُر حجمها أو حجم عقلها..فما يحدث هنا هو أن غريزة الكائن الحي تقوم بتحريكه إما للحصول على احتياجاته الأساسية أو لتفادي أي خطر قد يتسبب تصرف معين في وقوعه له..و عادةً ما تكتفي "معظم" الكائنات الحية بخوض تجربةٍ معينة لمرةٍ واحدة أو لمراتٍ قليلة فقط لكي تكتسب هذا النوع من الانعكاس الشرطي و الذي يصبح مع مرور الوقت كطبيعةٍ ثانية لديها..قلت "معظم" لأن هناك فئة عريضة جداً من المسلمين تأبى أن تخضع لسلطة هذا القانون الفطري البسيط.

فهذه الفئة الكبيرة عدداً كانت و ما زالت تخوض معركة طويلة و عبثية تجاه كل آخر مختلفٍ عنها..هذه المعركة الملحمية مرت بعدة مراحل مختلفة تم فيها استخدام عدة وسائل لتحقيق "النصر" على ذلك الآخر..و لعل من أشد تلك الوسائل تكراراً و ثباتاً في الاستخدام لقرون طويلة هي الدعاء على جميع المُختلفين و المخالفين من على قمم منابر المساجد عُقب كل صلاة..و هنا سنلاحظ بأن العقلية المُسلمة التي تؤمن بفعالية هذه الوسيلة فشلت بشكلٍ كبير فيما لم تفشل فيه حتى الحشرات بتكرار إتباع طريقةٍ معينة لم تثبت فعاليتها ليس من المرة الأولى و حسب بل أثبتت فشلها بعد ملايين المرات ربما من استخدامها..هذا الإصرار على تكرار ذات الوسيلة لملايين المرات لتحقيق هدفٍ معين يكشف لنا بطريقةٍ مباشرةٍ جداً حجم المعاناة الفكرية التي مرت و تمر بها الشعوب المُسلمة منذ قديم تاريخها.

هذه المعضلة الفكرية التي يدور المسلمون في فلكها منذ قرون تتمثل في العجز عن التعايش مع الآخر غالباً أو حتى عجزهم عن الوصول إلى وسيلةٍ تكفل لهم التفوق على ذلك "العدو" كما تتجسد تجاهه مشاعرهم..و في حين تبدو تلك الخيارات في ظاهرها خيارات بسيطة للبعض منَّا إلا أنها كانت و ما زالت بالنسبة لمعظم المسلمين معضلة عجزوا عن التوصل لحلٍ لها منذ قرون عديدة..و في الوقت الذي وصل فيه الغرب إلى حلٍ بسيط لتلك المعضلة التي واجهته هو الآخر بأن ألقى سلاحه و أصبح التعايش مع الآخر في مجتمعاته هو الدستور المكتوب غالباً لدولته كان المسلمون يتسلقون منابر مساجدهم بحماسٍ شديد لممارسة التحريض ضده و ضد جميع الأقليات الدينية و المذهبية و الفكرية التي تسكن بين ظهرانيهم.

و هنا قد يخبرني أحدهم مُتذاكياً بأن الفرد المسلم يعاني أيضاً من التعامل العنصري في تلك المجتمعات الغربية التي تدعي قدرتها على التعايش معه بسلامٍ ظاهري غير حقيقي..و هنا سأرد عليه بأنه نعم توجد تيارات متطرفة في الغرب ترفض هذا النوع من التعايش و لكنها تيارات يمكن إحصاؤها ربما باستخدام أصابع اليد الواحدة في ظل وجود أغلبية ترفض أي نوعٍ من أنواع التمييز العرقي أو الديني أو الفكري..بينما في الجانب المظلم من القمر -و أقصد هنا الدول الإسلامية- سنجد بأن التوجه السياسي للدول الإسلامية و الخطاب الديني العام -و المليء جداً بالتحريض على كراهية الآخرين- لا تتم مقابلتهما بالرفض إلا من قبل فئةٍ معينة لا تشكل فعلياً شريحة يُعتد بها خاصة أن هذه الفئة و التي تتجه نحو نقد التوجه الفكري الذي تؤمن به الأغلبية يتم اعتقالها هي الأخرى و قمعها دون اعتراضٍ يُذكر على هذا الأمر.

و لكن من المثير للسخرية بأن جميع تلك اللعنات التي يتم صبها أسبوعياً و ربما يومياً على رؤوس المخالفين و الأقليات و الغرب لم تأتي بأي ثمارٍ حقيقية بل على العكس سنجد بأن الدول الإسلامية هي من تعاني جداً و على جميع الأصعدة..فالحروب و عدم الاستقرار السياسي و الاجتماعي و الإرهاب الإسلامي و غيرها الكثير جميعها مشاكل تعاني منها مجتمعات "اليهود و النصارى" و لكن بشكلٍ طفيف جداً مقارنة بما يحدث في العالم الإسلامي..فهنا كانت إرادة الرب واضحة بأن منح المسلمين كل ما تمنوه لغيرهم طوال مئات السنين بل لعله أيضاً كان مباشرٌ جداً في إخبارهم و بطريقةٍ عملية بأنه لا يحبذ تمرير كل تلك الطاقة السلبية التي تصدر منهم تجاه غيرهم إلى غيرهم..إلا أن الأغلبية ما زالت مصرة على الاستمرار في محاولتها لتصدير كل هذا الحقد الأعمى الذي تعاني منه إلى الآخرين عن طريق دعاءٍ لا يُغني و لا يُسمن من جوع و من الواضح أيضاً بأنه لا يصل.

ستتساءل بعد حديثي السابق هل سيستمر المسلمون في إتباع هذا النهج العقيم جداً بتكرار ذلك الدعاء الأجوف على جميع المخالفين لهم ديناً و مذهباً و فكراً؟؟..نعم سيستمرون و ربما سيفعلونها بحماسٍ شديد يُشعرك بأنهم يفعلون هذا الأمر للمرة الأولى لأن من فوق هذه المنابر فقط دون غيرها سيحققون نصراً لا يمكنهم التخلي ببساطة عن لذة أوهامه..و ستتساءل لماذا لن يكفروا باستخدام هذا السلوك المتكرر و الذي أثبت فشله المستمر طوال مئات السنين؟؟..لأن الخيار الآخر حينها سيضعهم أمام مأزقٍ حقيقي..مأزق البحث عن الأسباب "الحقيقية" التي جعلت مجتمعاتهم تستقر في القاع بالرغم من أن الرب أخبرهم ذات مرة بأنهم "خير أمةٍ أُخرجت للناس".



#زين_اليوسف (هاشتاغ)       Zeina_Al-omar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التجربة المُحمدية
- لا تصالح
- براءة
- خلافة
- فلنجلد زين كثيراً!!
- مثلي مثلك
- طابورٌ خامس
- 24 ساعة
- تحالف
- إلهٌ تهاوَى
- بضع ساعات
- أوهام
- عن أركانٍ خمسة!!
- مكعبات
- الطوق و الأسورة
- من دون أي شغف
- نبضةٌ إضافية
- أريد
- حرب
- مغناطيس


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زين اليوسف - نصر المنابر