أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زين اليوسف - إلهٌ تهاوَى














المزيد.....

إلهٌ تهاوَى


زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)


الحوار المتمدن-العدد: 5009 - 2015 / 12 / 10 - 16:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كلما ظهر خبر جديد عن داعش و عن وحشية ما يقوم به أفراده تجاه الآخرين ستجد أن الأصوات المتفاجئة مما فعلت داعش تقارب في أعدادها تلك المستنكرة لأفعالها..و لكنك أيضاً ستجد بين هذه الفئة و تلك فئة ثالثة و هي تلك التي تبرر لتنظيم داعش ما يفعله من منطلق أن الضرورات تبيح المحظورات..و في أحيانٍ كثيرة أصبح و يصبح ذلك الأمر -أي التبرير لوحشية التنظيم- وسيلة تبيح لتلك الفئة التنفيس عن وحشيتها و التي لا تجرؤ بالطبع على البوح بها علناً لأنها ما زالت ترغب في المحافظة على صورة الإنسان التي تتوهم إقامتها بداخلها.

و كلما فكرنا في الحديث عن وحشية داعش سنجد بأننا نُساق مُرغمين لنعود إلى المصادر التراثية التي وجد فيها ذلك التنظيم الشرعية الدينية الكافية التي تسمح لأفراده بأن يتوسدوا وسائدهم في نهاية يومهم الدامي ليناموا مرتاحيَّ الضمير..و بالنسبة إليَّ لا أجد أن تلك المصادر هي بالفعل المشكلة الرئيسية التي قادت إلى كل تلك الوحشية..فحتى لو قرأت كتب تحرضني على العنف فغالباً -أو هذا ما أرجوه- لن تتأثر فطرتي الإنسانية بها..و لكني أجد أن المشكلة الرئيسية تكمن في أن فكرة الإسلام الحديث بُنيت على التفوق و هنا هو لم يبتعد كثيراً عن فكرة تفوق الجنس الآري و التي كانت نتيجتها ضحايا بالملايين في حربٍ عبثية..و هنا سنجد أيضاً أن التاريخ يكرر نفسه بإصرارٍ غريب لأن الحمقى لم يصغوا إليه جيداً في المرة الأولى..فبينما اندثرت تقريباً فكرة قتل الآخر بناء على الدين الذي يعتنقه من المجتمعات الغربية إلا إنها ما زلت موجودة و مترسخة في وجدان أي مسلم و كل ما تحتاج إليه هو القليل فقط من التحريض لتستيقظ بداخله تلك الجينات النائمة منذ أن نزل وحي على نبي في غارٍ ما.

و كلما قرأنا عن التنظيمات الإسلامية المتشددة نجد أن أغلب الأشخاص المنتمين إلى قيادة الصف الأول فيها و الذين غيروا خريطة مجتمعاتٍ بأكملها هم من الحاملين لشهاداتٍ تعليمية جد متدنية..فغالبيتهم لم تنهي تعليمها الإعدادي و حتى تلك التي أنهته توقف تعليمها عند المرحلة الثانوية..و هنا نجد أن المنتمين لهذا الفكر المتطرف وجدوا عبر التشدد في الإسلام الحل السحري لكل مشاكلهم..فأصبح هو الأداة التي ستمنح أي فردٍ منهم -و الذي لم يحقق أي نجاح يذكر في دراسته أو في حياته العملية- التفوق على الآخرين الأفضل منه تعليمياً أو ربما حتى إنسانياً.

قبل بضعة أسابيع شاهدت فيلماً وثائقياً من ثلاثة أجزاء حول تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية..هذا المكان الجغرافي بمصادره الدينية المتطرفة كان السبب في وجود القاعدة كفكرة و لكنها التفتت إليه لتلتهمه أول ما سنحت لها الفرصة لذلك..و لكن لم تكن هذه النقطة التي لفتت انتباهي في ذلك الفيلم الوثائقي و لكنها اعتماده على أفلام تسجيلية قام بتصويرها أفراد التنظيم بأنفسهم..تلك الأفلام و ما تحويه من مشاهد متفرقة تعكس الخلل النفسي الواضح الذي يعاني منه أغلب أفراد ذلك التنظيم أو المنفذين لعملياتها الانتحارية..فأغلب المقاطع كانت تدور حول النعيم الجنسي الذي ينتظر الانتحاريين بمجرد قيامهم بعملياتهم مع مقاطع تظهر الكثير من التبجح بعمليات الذبح التي قاموا بها..و لعل أكثر تلك المقاطع بشاعة هو الذي يظهر أحدهم و بمجرد انتهائه من ذبح مواطنٍ أمريكي يتحدث غاضباً مع من ساعدوه في مهمته الملعونة تلك حول الراتب المرتفع الذي كان يتقاضاه ذلك الأمريكي من حكومة بلاده!!..أي أنه فعلياً من أسباب ذبحه له أنه كان يرى أن حكومة بلاده تمنح ذلك المهندس "الكافر" راتباً خيالياً لم تفكر بمنحه هو إياه بالرغم من أنه "مسلم" و لنتغاضى عن حقيقة أن أقصى شهادةٍ علمية كان يحملها ذلك الشخص هي الشهادة الإعدادية فتلك بالنسبة إليه كانت نقطةً هامشية لا تستحق التوقف عندها طويلاً..فأي ظلم كان يعاني منه ذلك الشخص و الذي قاده للانحراف "قليلاً" عن مسار المواطن الصالح!!.

و لكننا بالرغم من تلك الوحشية سنجد أن الكثيرين ما زالوا يرون بأن المنتمين لتنظيم داعش أو لأي تنظيمٍ متطرف آخر إسلامي الهوى ما هم إلا مجموعةٌ من الضالين الذين يجب السعي نحو هدايتهم!!..و من هؤلاء المؤمنين بهذا الرأي رئيس أكبر مؤسسةٍ دينية إسلامية أي شيخ الأزهر و الذي رفض أكثر مرة أن يعتبر المنتمين لتنظيم داعش من الخارجين عن ملة الإسلام و حجته كانت -و ما زالت- هي أن داعش بُنيت على فكرة التكفير و هنا لا يجب مواجهة التكفير بتكفيرٍ مضاد و لكن بنوعٍ يكاد يكون يُقارب التقبل له و لأتباعه..و كأن ذلك الشيخ يخبرنا بأنه بمجرد أن تؤمن بأن إسلامك يجعلك أفضل من الآخرين فستكون كذلك رغم أنف الجميع و سُتمنح حصانةً إلهية تجعلك منيعاً عن المحاسبة و بمباركة الأغلبية و ربما الجميع.

لهذا أجد أن أكبر فشلٍ حققه الإسلام الحديث هو أنه نجح و بطريقةٍ غريبة في نزع الفطرة الإنسانية لدى المسلم العادي قبل المتطرف..فحتى لو تجاهلنا فكرة التفوق التي أذهبت بنصف عقل المسلمين فسنجد أن النصف الآخر أطاره اندثار الحس الإنساني الطبيعي فيهم و الذي يجعل من إزهاق أي روح عملاً مستنكراً تشمئز النفس من التفكير به أو منح المبررات الأخلاقية له فكيف بالتخطيط بدقةٍ و عناية من أجل تحقيقه!!..لهذا ربما لا يحتاج المسلم لأن يدين داعش و ربما لا يحتاج أن يعلن تكفيره لأفرادها و لكنه يحتاج إلى الكثير من الإنسانية و ربما الكثير من الرغبة في البقاء على فطرته الأولى..تلك الفطرة التي منعت هابيل من مد يده تجاه قاتله ليكون هو الجلاد لا الضحية..و لكن القاعدة كما داعش كما العديد من المسلمين -كما إسلامهم من قبلهم- نجحوا و بطريقةٍ مثيرةٍ للاشمئزاز من جعل آلهتهم تتهاوى أمام الجميع كما فعل الرسول الكريم بأصنامٍ كانت قريش لها تنذر و تتعبد.



#زين_اليوسف (هاشتاغ)       Zeina_Al-omar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بضع ساعات
- أوهام
- عن أركانٍ خمسة!!
- مكعبات
- الطوق و الأسورة
- من دون أي شغف
- نبضةٌ إضافية
- أريد
- حرب
- مغناطيس
- قصة مذهبين
- أفكارٌ هشة
- ختان..اغتصاب و تحرش
- على جناح ذبابة
- تساؤل
- داعشي حتى يثبُت العكس
- أنامل عاهرة
- لائحة اتهام
- الكتابة بمدادٍ من نار
- رجل الستة ملايين دولار


المزيد.....




- اللواء سلامي: اذا تخلى المسلمون عن الجهاد فإنهم سيعيشون أذلا ...
- تقرير فلسطيني: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- اللواء سلامي: نحن المسلمون في سفينة واحدة ويرتبط بعضنا بالآخ ...
- اللواء سلامي: إذا سيطر العدو على بقعة إسلامية فإنه سيتمدد إل ...
- اللواء سلامي: اذا تخلى المسلمون عن الجهاد فإنهم سيعيشون إذلا ...
- اللواء سلامي: الأمة الإسلامية تتحرك بفخر نحو قمم الفتوحات
- دراسة: السود والمسلمون والآسيويون أكثر عرضة للفقر في ألمانيا ...
- بوتين.. البدايات والموقف من الإسلام والقضية الفلسطينية
- -لن يوجد يهودي آمن حتى يصبح الجميع آمنا-
- المقاومة الإسلامية في العراق تضرب 3 أهداف في الأراضي المحتلة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زين اليوسف - إلهٌ تهاوَى