أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالص عزمي - المقدمات 1















المزيد.....

المقدمات 1


خالص عزمي

الحوار المتمدن-العدد: 1469 - 2006 / 2 / 22 - 09:45
المحور: الادب والفن
    


(هذه مقدمات لكتب جديدة انجزتها وهي مهيأ للنشر في كل آن ؛ واخرى لكتب كانت قد صدرت في فترات مختلفة ؛ رأيت من الضروري للجيل الطالع ان يلقي عليها نظرة متفحصة لتتاح له فرصة المقارنة والتتبع لما هو كائن؛.. وما كان عليه توجهي الفكري والادبي في تلك الفترة الماضية ، مبتداءا بالجديد الذي لم ينشر بعد ضمانا لتثبيت لمحة عن كتب قد لا يتاح لها النشر لاي سبب مجهول ...)


كانت الصالحية في الجانب الغربي من بغداد ( الكرخ) واحة مخضلة من الاشجار والمتسلقات والشجيرات والزهور ؛ يحج اليها ابناء المحلات القديمة وكأنهم في عرض للازياء ؛ حيث يحملون ما لذ وطاب ؛ ليفترشوا الاراضي الفسيحة الممرعة الى غاية بساتين الليمون والبرتقال والتفاح الممرعة في الاتجاهين نحو الكاظمية شمالا وام العظام جنوبا . وكان عددهم يتضاعف ايام الربيع والصيف وخاصة في العطل الرسمية . اما نحن تلامذة المدارس الابتدائية ؛ فكان لنا التوجه الى هناك ايام الامتحانات لندرس تحت ظلال الليوكالبتوس والنارنج والنخيل الفارع في منطقة دور ونادي السكك . ولعل الحقيقة هي اننا كنا نريد اختلاس النظر ايضا من خلال اشجار الدفلى الى مسبح النادي ؛ حيث السابحات الاجنبيات الفاتنات اللواتي كن يتمتعن بمياهه النقية الباردة في حرارة تصل درجاتها الى 40 سنتجريد في منتصف حزيران .
لقد كنا نأتي زرافاتا من محلات نائية نسبيا الىهذا الموقع الجميل ؛ نبدأ من الجعيفر فالتكارته فخضر الياس فالست نفيسة فسوق الجديد فالشيخ بشار فرأس الجسر فباب السيف فالشواكة ؛ ثم نحط رحالنا في الصالحية ؛ بعد ان نكون قد تمتعنا بمسيرة جماعية بين المقاهي والمطاعم والاسواق الشعبية ؛ وقد تتاح لنا الفرصة للتوقف قليلا لنشرب ( السيفون ) الملون من معمله الرئيسي القريب من محل الحاج صابر المشهور بعمل (لفات ) البيض والطماطة وتوابل العنبة الهندية في سوق الشواكة . فأذا ما انتهينا من كل ذلك وواصلنا مسيرتنا واجهتنا زهور حديقة تمثال الملك فيصل الاول الذي يقف منتصبا مواجها لشارع دمشق الذي تظلله اشجار نخيل جوز الهند التي استوردت غلى يام الانتداب البريطاني في العشرينات من القرن الماضي .
وعلى الجانب الايمن من تلك الحديقة المتواضعة تقع بناية جديدة وعامرة بالوافدين الكثر الا وهي دار الاذاعة . لقد كنا نتوقف امامها ؛ فمن منا لم يسمع من الراديو صوت المذيع وهو يقول ( دار الاذاعة اللاسلكية للحكومة العراقية ) بل ومن منا لم يشنف اذنيه بصوت بلبل الاذاعة الشهير وهو يغرد قبل ان ينطلق صوت قاريء القرآن الكريم وهو يتلو ما تيسر له من آيات الذكر الحكيم ...
لقد كانت سنوات وسنوات وانا امر بذات الطريق واتوقف بذات المكان .... وحتى بعد ان تجاوزت مرحلة الدراسة الابتدائية ؛ لعلي كنت اتفاءل بتلك المنطقة ... وخاصة ايام الامتحانات ؛ بل لقد بلغ الحد بي ان الوذ بها كلما رجعت الى بغداد من بعض المحافظات التي كان يمارس والدي اعماله فيها حيث آخذ قسطا من الراحة وأتهيأ لاداء الامتحانات .
كانت الصالحية غنية حقا بالحدائق ودور السينما والملاهي والمطاعم والدور الكبيرة الحديثة المتميزة بمعمارها ؛ بل وباهم مايميزها ذلك الجسر الحديدي الذي كان يطلق عليه ( جسر الملك فيصل الثاني) وهو الذي يربطها بساحة حافظ القاضي في الجانب الشرقي (الرصافة) .. ان كثرة وقوفي قرب الاذاعة جعلني كثير التساؤل من المترددين عليها من موظفين وعمال ؛ عن أولئك المشاهير الذين تكاد شخصياتهم لا تتغير في الحضور في مواعيد محددة تكاد تكون ثابتة وبمرور الزمن عرفت كثيرين منهم بخاصة من كانت الجرائد تنشر صورهم بين الفينة والاخرى ولما دخلت الاذاعة ــ كما سيرد لاحقا ــ تعرفت شخصيا على قراء القرآن الكريم ؛ الحافظ مهدي والحاج محمود عبد الوهاب وعبد الفتاح معروف وعبد المنعم ابو السعد وموسى الخلخالي وعبد المنعم السيد علي ... الخ وكذلك على ابرز رجال الفكر والادب من امثال ؛ مصطفى جواد ومعمر خالد الشابندر ومصطفى شريف العاني وبهجت الاثري وناجي الاصيل وناجي معروف وفؤاد جميل ؛ والشعراء محمد مهدي الجواهري وحافظ جميل وحسين على الاعظمي وعاتكة وهبي الخزرجي وحسين بستانه وصبيحة المدرس وعبد الصاحب الملائكة وجعفر الخليلي و مكي عزيز وعبد القادر رشيد الناصري وعلي الفراتي واميرة نور الدين وعبد المجيد لطفي وكوركيس عواد .... وغيرهم ...
وكان للممثلين حضورهم في التمثيليات الاذاعية تأليفا واخراجا وتمثيلامن امثال عبد الله العزاوي وكريم مجيد ويحيى فائق وحميد المحل ومهدي وفي وحامد الاطرقجي ... الخ كما كنت اشاهد المطربين وهم يدخلون مع بعض مساعديهم في الايام المحددة لكل منهم وعلى رأسهم محمد القبانجي وعزيز علي ورشيد القندرجي ....لقد كان العطاء ثرا في القراءات القرآنية وفي الادب والتاريخ والشعر والفن والطب وما الى ذلك من ابواب الثقافة ؛ وكانت كل تلك الوان تتفاعل ارهاصاتها في وجداني وتهيأني لاخذ مكاني في المقع المناسب منها . ؛ حتى اتيح لي ان ادخل الاذاعة محدثااولا وانا لم ازل في العشرين من عمري يوم وصلتني دعوة من مديرها الاديب الاستاذ مدحت الجادر لاقدم سلسلة من الاحاديث بعنوان ( الوان من الادب والفن) ؛ اعقبها كتابة بعض التمثيليات الاذاعية ؛ والمشاركة في ندوات وحلقات ثقافية متعددة وولكي تختتم بسلسلة طويلة من احاديث ( حكاية الادب العربي المعاصر ) التي كان لها ان تصدر في كتاب تحت ذات العنوان فيما بعد...
. كانت بناية الاذاعة بسيطة التشكيل ؛ انيقة المظهر تبدأ بسياج خارجي يطل على حديقة مزهرة ؛
تنتهي عند سلم عريض واسع يقودالى شرفة على امتداده يتوسطها باب من الصاج المزخرف تدلف منه الى مدخل مفروش بالسجاد ؛ تقع في بدايته اليمنى غرفة المدير التي كانت معدة ايضا لاستقبال كبار الشخصيات التي لها اسهامات اذاعية ؛ فاذا ما تقدمت قليلا في هذا المسار فانك تكون قد وصلت الى مواقع العمل ؛ فهناك استديو صغير مخصص للاحاديث والتعليقات ولا يبعد عنه استديو كبير مخصص للحفلات الموسيقية والغنائية وما الى ذلك ؛ وتحيط بهما قاعة صغيرة ملحقة لمهام المراقبة والاخراج ؛ امافي داخل البناية فهناك غرف الادارة والحسابات والارشيف الذي كان يعتبر السند الاهم للانتاج الاذاعي من حيث وسائل الايضاح الصوتية وغيرها من الخزين الثمين من الاحاديث والاغاني والتمثيليات والمراجع الاذاعية المختلفة ... الخ
لم يكن دخول الاذاعة والتحدث منها لشاب في اوائل العشرينات من عمره بالامر اليسير ؛ لو لم يكن متسلحا بثقافة رصينة ومقدرة متوازنة على النطق السليم باللغة العربية الصافية مع ثقة بالنفس بعيدة عن الغرور شديدة التماس بالتواضع ؛ اذ بها استطاع ذلك الشاب اليافع وبمساندة من نجوم الاذاعة البارزين الوقوف على قدميه خلف ذلك الحشد الكبير من جهابذة المعرفة والثقافة الثرة .
وسيطلع القاريء من خلال فصول هذا الكتاب على صفحات مفيدة ومؤنسة من التاريخ والتوثيق ؛ والادب والفن ؛ والطرائف والحكايات الممتعة يحيطها اطار محبب من الذكريات الخاصة عن شخصيات هامة كان لها حضورها المؤثر في الحياة العراقية العامة .



#خالص_عزمي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صور من التعذيب تحت ظل الاحتلال
- مسرح الكاريكتور الدنيماركي
- حقا ... انها مستقلة
- في عيد ميلاد اماديوس موزارت
- يحكى أن 3
- الفنان اسماعيل الشيخلي في ذكراه الرابعة
- حل الجيش العراقي
- عند الامتحان -المشهد الثاني
- عند الامتحان
- الثلوج والوطن
- الطابو ولعبة الكراسي
- 2 الانسحاب
- قوافل الانسحاب 1
- صف لي لبنان
- كان ... واختها لجنة ميليس
- لكل سؤال جواب
- مقاومة الاحتلال
- متحف العراق
- تزوير الارادة
- نثرية دامية مسلسل التعذيب


المزيد.....




- مثقفون مغاربة يطلقون صرخة تضامن ضد تجويع غزة وتهجير أهاليها ...
- مركز جينوفيت يحتفل بتخريج دورة اللغة العبرية – المصطلحات الط ...
- -وقائع سنوات الجمر- الذي وثّق كفاح الجزائريين من أجل الحرية ...
- مصر.. وفاة الأديب صنع الله إبراهيم عن عمر يناهز 88 عاما
- -وداعًا مؤرخ اللحظة الإنسانية-.. وفاة الأديب المصري صنع الله ...
- الحنين والهوية.. لماذا يعود الفيلم السعودي إلى الماضي؟
- -المتمرد- يطوي آخر صفحاته.. رحيل الكاتب صنع الله إبراهيم
- وفاة الكاتب المصري صنع الله إبراهيم عن 88 عاما
- وفاة الكاتب المصري صنع الله إبراهيم عن عمر 88 عاما
- وزارة الثقافة المصرية تعلن وفاة -أحد أعمدة السرد العربي المع ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالص عزمي - المقدمات 1