أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالص عزمي - مسرح الكاريكتور الدنيماركي















المزيد.....

مسرح الكاريكتور الدنيماركي


خالص عزمي

الحوار المتمدن-العدد: 1463 - 2006 / 2 / 16 - 11:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كل مسرحية تحتاج الى مؤلف ومخرج ومن خلالهما تتوافد العناصر الاخرى كالتمثيل والاضاءة والمكياج والمؤثرا ت الصوتية وغيرها ؛ وحينما تتكامل تلك العناصر وتتهيأ للعرض يأتي دور الجمهور ومن ثم مهمة النقاد ؛ وهكذا ارى الهدف من وراء رسوم الصحيفة الدينماركية وهي تتعكز على مسرح الحياة....

المؤلف خلف الستارة وقد وضع الفصول مهيأ خشبة المسرح لان تتشبع بجو محموم من الاستفزاز اليومي بدءا من ذلك اليوم المشؤوم 11 سبتمبر ؛ اما المخرج البارع بالايذاء فقد استقطب ( جوقته ) لهذا الحدث الهام الذي يسعى الى ايجاد خندق تتشابك فيه ايدي شعوب ومنظمات تمد قائدها بالقوة والتضامن المادي والمعنوي لغرض دحر عدو موهوم يتوجب تحويله الى عدو واقعي شاخص يمكن محاربته فعلا ؛ الا ان مسرح الاحداث بقي لايحرك ساكنا ؛ فقد نأت كثير من عناصره بنفسها عن هذه المسرحية المأساويةولم يبق حولها سوى بعض ( الكومبارس ) الذين يقبضون ولا يقدمون سوى التثآء ب والنعاس . عند هذا الحد من الصبر الطويل وجد المؤلف نفسه امام مقولة ( اما تكون او لاتكون ) ؛ فشمر عن ساعد الجد وحول مسرحيته التراجيدية الى كوميدية ضاحكة تنتمي الى عائلة التهريج لا الى اسرة الموقف ودفع بها
الى مخرج المشاكل حيث حولها هذا بدوره الى أحد رسامي الكاريكتور المرافقين لذات ( الجوقة) لكي يضع لمشاهدها رسوما يكون هدفها استفزاز مشاعر الجبهة الاخرى من جهة ودفع النائين عن بؤرة الاحداث الى التخندق وراء ذلك المؤلف الذي ترك وحيدا كل هذه المدة يحارب الطواحين ...

واخرجت المسرحية التهريجية وتضامن البعض وراءها؛ ولكن الذي لم يحسب له المؤلف ولا المخرج حسابا ( كالعادة) ان النار التي أشعلت لم تبق في الحدود الضيقة المرسومة لها بل سرى اوارها الاستفزازي من بقعتها الضئيلة في الدنيمارك الى عوالم شاسعة تمتد من اندنوسيا شرقا الى امريكا االلاتينية غربا ومن الدول الاسكندنافية شمالا الى اوستراليا جنوبا ....انها حرائق جامحة لا توقفها حدود او سدود.

لقد كان أمل كل من المؤلف المخطط للفوضى والمخرج الخبيث المشاكس من وراء هذا العرض التهريجي على مسرح الحياة الواقعية اصطياد ثلاثة عصافير بحجر واحد : ــ
1 ــ الاول : ــ تخندق بعض دول و وشعوب و منظمات العالم في جبهة واحدة ازاء عدو مفترض كما حدث أيام الاتحاد السوفياتي و في نطاق الحرب الباردة
2 ــ الثاني : انهاء حالة االجمود التي عزل فيها القطب االقطب الاوحد في سجن انفرادي في حين ترك النائون بأنفسهم لرغباتهم حريةالمشاهدة على معركة اراد لها ذلك العتي ان تتوهج ضد عدومفترض.
3 ــ الثالث : خلخلة دواخل تلك الدول الاوربية ( العتيقة!!) الموحدة وتركها للتشرذم والدمار الاقتصادي والتجاري والسياحي ...الخ ودفعها بعيدا عن اي تقارب ايجابي مع الحضارات الاخرى .

والا ... فعلام هذه الرسوم ؛ ولماذا هذا التوقيت السيء؟! ولماذا يزج بشعب يغلب عليه طابع التسامح بهذا الاتون .كما عوقب العرب من قبل دونما أي تفريق اوتمييز !! قيل ان هناك احصائيات اثبتت ان نسبة عالية من المستطلعة اراؤهم أ يدوا الرسوم ؛ ولكننا لم نسأل من هو الذي قام بذلك الاستطلاع ومن وقف وراءه ؟!! ألا يمكن ان يكون الذي اعده هو نفسه الذي سخر الرسام لخدمة اغراضه !!؟ ثم لماذا لم نأخذ بنسبة استطلاع دقيقة و حقيقيةغير تلك المزيفة اثبتت ان اكثر من( 56 بالمائة) من الشعب هناك رفضوا تلك الرسوم المهينة ؛ و لنتسآءل ايضا لماذا اختفت هذه الاحصائية بعد يومين من النشر ؟ !!!

ان الحريات التي نص عليها الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عن الامم المتحدة عام 1948 ؛ وما تبعه من مواثيق وعهود( لعل اهمها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية )؛ كلها تهدف الى تركيز قواعد الحريات العامة والخاصة بصيغة تتساوي في الحاجات والتطبيق العملى فحرية الرأي لا يمكن لها ان تتجاوز حرية المعتقد . لان الاعلان العالمي هذا ارتكز على ما اسماه نصا (المباديء الاخلاقية التي استقرت في ضمير الانسانية ) والتي اكدت بشكل صريح على ( تقرير احترام حقوق الانسان والحريات الاساسية ) ولكن ما هو ذلك الاحترام المقدس الذي قصده الجزء الذي اهمل من النص انــــه
ذلك الذي (يعزز التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الامم وجميع الفئات العنصرية والدينية ...)
وعليه اليست تلك الرسوم خروجا على هذا النص القاطع ؟ بل اليس ان الاعلان العالمي الملزم ذاته قد منع تأويله على نحو يفيد انطواءه( على تخويل اية دولة او جماعة او فرد ؛ اي حق في القيام بأي نشاط او بأي فعل يهدف الى هدم اي من الحقوق والحريات المنصوص عليها فيه ) ؛
ولنتساءل معا : ما هو ذلك الهدم الذي يعتبر اكبر مما احدثته تلك الرسوم لكي ينطبق عليه النص المانع والموجب للمسؤولية في الاعلان الاممي .؟!
حينما يكون الفرد مواطنا واعيا بمسؤوليته ؛ مدركا لمهته ؛عليه في الدرجة الاولى ان يبعد الضرر والخطر عن وطنه لا ان يرمي به في اتون مشتعلة تدمر ما بناه لاجيال واجيال وتلحق به من الخسائر المادية والمعنوية ما ليس له قبل بها ؛ لمجرد ابراز ذاته او فكرته اوتحقيقا لدوافع خبيثة خفية تدفعه لذلك ...
ان حرية الرأي في هذا المجال تقابلها و تتوازن معها حرية المعتقد ؛فأن كانت حرية الرأي مقدسة ( وهو ما نؤمن به ونكافح من اجله حتى النفس الاخير من حياتنا ) فأن حرية المعتقد تقف على قدم المساة معها ايضا وان هذا التوازن يقتضي ان يكون النقاش والحوار ضمن تفاصيل هاتين الحريتين وفي نطاقهما ولا يتعدى حدوده الى المقدسات العليا اللآخرين ؛ لان هذا التجاوز نفسه يدمر قاعدة حرية الرأي الملتزم ذاتها .؛ويحولهاالى أباحية مشرعة الابواب للشتم المتبادل المقذع والاهانات التي تنال كل المقدسات والمحرمات الاخرى.

في غمرة هذا التصخاب سألني استاذ جامعي جليل ونحن نتحاور في مجال هاتين الحريتين ؛: ماهي امثلتك على صيغة النقاش المسموح به في اطار المعتقد الديني الاسلامي ؛ أجبته: مع كوني لست من الذين يخوضون في الامور الدينية لضعف في ثقافتي ا لمتواضعة في هذا المجال ؛ لكنني استطيع ان اعطيك امثلة لا حصر لها عما خاض به السابقون ومن تلاهم بعدئذ : ( كالتفسير والسنة والحديث والفقه والاجتهاد والقياس والتصوف ... الخ) ولكل من هذه وغيرها فروع لا حصر لها . قال.. اذن والمقدس ؟ قلت له اعطني رمزا تراه مقدسا لاجبك ! قال( علم الدولة)؛ قلت: ...مع ان الفرق شاسع .. ولكن لكي اقرب معنى صيغة اهانة المقدس عند الاوربي سأعطيك هذاالمثل ـ لاشك انك شاهدت رسامين يفترشون الساحات لرسم لوحاتهم ...اذن تصور ان رساما تعمد ان يأخذ قطعة قماش قذرة نتنة امام اعين الجمهور ثم يفآجأهم بأن يرسم عليها علم البلاد بصيغة في غاية الاحتقاروالتدني ؟!! ؟ ستقول ...ان صيغتي الرسام الدنماركي وهذا الرسام مختلفتان من حيث الاسلوب و الرمز المرسوم !! هذاصحيح من حيث الشكل ... ولكنهما متطابقتان في القصد المتعمد من الاهانةالمبتذلة !! و اذن اين تصبح حرية الرأي امام فعل جنائي مباشر مقصود الهدف يرمي الى التحقير والازدراء .. ؟!! هنا نظر اليّ الاستاذ مليا والالم يعتصره ؛ و قال : ان المثل بارع ...لقد اوضح لي كم كان ذلك العمل مبتذلا .ورخيصا وبعيدا عن حرية الرأي ؛ ان مثله كمثل شتيمة مهينة لانسان يطلقها شخص ما تحت غطاء وجهة النظر وحرية التعبير .

وغدا حينما تهدأ العاصفة ؛ سيتسآل الكثيرون عن مدى الخسارة والربح من وراء ذلك الصخب الذي نثر فوضاه على مسرح الحياة ؛ وسيأتي الجواب بالمحصلة التالية : ــ
اولا ــ ان الخندق الذي حفر لكي تتكدس فيه جبهة الحرب الباردة الجديدة التي يراد تسخينها ؛ قد تلاشت امام كشف حقيقة واقع ما جرى ؛ بل وامام مصالح الدول التي تأثرت الى حد بعيد بتلك الاحداث ؛ والتي ستنصرف متداعية الى ترميم ما اصابها او ربما ما قد يصيبها مستقبلا من اضرار .
ثانيا ـ لقد تنادت الفضائيات العالمية وعلى وجه السرعة ــ ومنها الاوربية بالذات ــ الى عقد ندوات وحلقات دراسية لاتاحة الفرصة امام جمهور واسع من المختصين في الشؤون الاسلامية من المعتدلين والمتوازنين فكريا لشرح ابعاد مفهومهم العلمي لمعنى التقديس . اضافة الى ما حفلت به مواقع الانترنيت من استفسارات مذهلة العدد من الاوربيين بالذات ؛ للتعرف على اية افكار حديثة تقربهم الى مفاهيم اكثر وضوحا وتفسيرا . ناهيك عن المكتبات التي تدفق عليها طالبوا التعرف على حقيقة الاسلام اذ تكاد تخلو اليوم رفوفها من المصادر المعتبرة التي يسعى اليها الباحثون عن تلك الحقيقة .
ثالثا ــ بل ان جامعة لايدن الهولندية العريقة أسست قسما خاصا لتدريس الدين الاسلامي على مستوى البكلوريوس والماجستير اعتبارا من ايلول القادم....... ( واول الغيث قطر ثم ينهمر )

وبعد كل هذا وذاك ؛ هل نجح المؤلف الفوضوي والمخرج المشعوذ والتابعون من خلال مسرحيتهم التهريجية تلك ؛ في جمع الحشد المضاد أم ان الخطة الواهية قد فشلت وانقلب السحر على الساحر كما يقال؛ وان العقد غير المقدس بدأ ينفرط مجددا وذلك لقصر في النظر وعدم ادراك لردة الفعل او لسرعة المتغيرات لآنية في العالم . وهل ادرك (الكاريكتوريون ) ان الحريات الانسانية ليست هي التي تتفرق او تنهار امام تجارب سطحية واهية مبتذلة ؛ وان الحضارات البشرية التي تتقارب وتتحاور وتتناغم وتحترم خصوصيات بعضها البعض هي التي يكتب لها البقاء والتطور .



#خالص_عزمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقا ... انها مستقلة
- في عيد ميلاد اماديوس موزارت
- يحكى أن 3
- الفنان اسماعيل الشيخلي في ذكراه الرابعة
- حل الجيش العراقي
- عند الامتحان -المشهد الثاني
- عند الامتحان
- الثلوج والوطن
- الطابو ولعبة الكراسي
- 2 الانسحاب
- قوافل الانسحاب 1
- صف لي لبنان
- كان ... واختها لجنة ميليس
- لكل سؤال جواب
- مقاومة الاحتلال
- متحف العراق
- تزوير الارادة
- نثرية دامية مسلسل التعذيب
- يحكى أن ...ثانية
- تمثال عبد المحسن السعدون


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالص عزمي - مسرح الكاريكتور الدنيماركي