|
إشكالية الإنسان التاريخية في الوصول للإنسانية / تاريخ بشري مليء بالإخفاقات وحداثة تعج بالخيبات .
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 5671 - 2017 / 10 / 16 - 23:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مروان صباح / منذ بدأتُ أعي معاني الكلمات ، أعني ذاك اليوم ، الذي بدأتُ أخوض معركة مع الذات ، بصراحة ، منذ زمن ، أحاول تخطي أو بالأحرى أرتقي إلى الإنسانية ، وذلك بالطبع ، كوني خلقت إنسان ، لكن ، بصراحة أكبر من صراحتي الأولى ، وجدت الوصول إلى مرتبة الإنسانية ، ليس بهذه السهولة ، هناك طبعاً ، فارق بين أن تكون إنسان ، وهذا الأمر ، ليس اختياري ، بقدر أنه يتعلق بالخالق ، أي أنه ، أمر خارج عن إرادة الذات ، وبين أن تكون إنساني ، فهنا المسألة ، اختيارية ومختلفة ، فالإنسانية ، في أضعف معانيها ، الشعور مع الآخر ، فكيف يمكن للبعض ، أن يضع نفسه ، في صفوف الأمامية ، التى خُصصت من أجل الدفاع عن الآخر ، في حين ، يعيش في منزل ، ثمنه يكفي لإيواء ، على أقل تقدير ، خمسمائة عائلة من مسلمين الروهينغيا ، من جانب أخر ، يوجد كثير ألسنتهُم ، لا تهدأ التكلم عن الإنسانية ، رغم امتلاكهم الملايين الدولارات ، والحال ، أن هناك مليارات البشر ، جياع ، ليس فقط فقراء ، بل ، أمعاءهم خَاوِيَة وأجسادهم هياكل عظام .
خلاصة تالية ، هناك قلة في تاريخ البشريّ ، استطاعت الوصول إلى الإنسانية ، على سبيل المثال ، وللتذكير المفيد ، ابو بكر الصديق رضي الله عنه ، أنفق كل ما لديه ، من أجل ترجمة معنى الحقيقي للإنسانية ، وأيضاً ، هناك مثال ماثل ، وهو ساطع في العصر الحديث ، لقد امتلك مهاتما غاندي أو بابو أو أبو الأمة ، على اختلاف مسمياته ، الهند وبما فيها ، لكن ، الرجل دفع حياته ، من أجل الدفاع ، عن الأقلية المسلمة ، وفضلاً عن البؤساء ، التى بحت حناجرهم في الدفاع عن الإنسانية ، يوجد فارق غليظ بين الإنسان والإنسانية ، لا يمكن تغيبه ، بل ، توجد منطقة خطيرة ، هي أقرب إلى الافتراق أو الوداع ، بينهما ، فعندما الإنسان يخفق في الوصول للإنسانية ، يصبح محصور بين طريقين ، أما تكرار المحاولة أو الاستسلام لثقافة البقاء ، التى بدورها تجعله يفقد صفة الإنسان .
الخلاصة ، التى تزيح الغطاء عن الصمت ، هُو صمت ، يشبه من يسكن القبور ، فالأموات يسمعون الأحياء ، لكنهم ، غير قادرين على التكلم ، لهذا ، أحياناً الأنين ، يتيح لمن تبقى له فتات من الضمير ، التعرف على حجم الأزمة الأخلاقية ، لدى الإنسان المعاصر ، فالإنسان يتحدّث عن الشيء ، ومع مرور الوقت ، يتحول الكلام إلى ثرثرة ، مضمونه ، فارغ من أي فعل ، وهذا، يعود سببه ، كما أرجح ، إلى متابعة المسلسلات أو الأفلام أو الأخبار أو قراءة الروايات ، فمعظم المشاهدون والقراء ، يزرفون دموعاً على الضحية ، لكن ، عندما يمارسون حياتهم اليومية ، يأخذون موقعهم الحقيقي ، موقع الجلاد ، لهذا ، الوصول للإنسانية ، يترتب على المرء أولاً ، إدراك وجوده ، أنه خُلق ليموت وليس ليخلد ، لكن ، غريزة البقاء ، جعلت الأغلبية الساحقة ، تُمارس حياة الخلود ، على أرض تزدحم بالأموات، كما أنها أيضاً ، تحرص على إبعاد فكرة الموت عنها ، كأن الموت شبح ، رغم أن الإنسان ، جاء بالأصل منه ، بل ، تحول الموت إلى خَوْف ، يسيطر على تفكير الحي ، الذي يجعل سلوك المتنفس ، احتكاري ، يريد كل شيء ، بأي ثمن ، ودائماً وأبداً ، يكون الثمن ، هو الأخر .
هنا ، أسجل أمام الحياة والموت ، أنني شخصياً ، أخفقت حتى الأن ، بجدارة ، أن أصل للإنسانية ، أكلُ اللحم وأتصدق بالقمح ، أُقدم وردة من أجل قبلة ، لكن ، في المقابل ولحسن حظي ، استطعت في زمن الهروب من فكرة الموت ، أن احتفظ على صفتي كمخلوق ، أصله من الموت ، وأيضاً ، إنسان عابر ،وأخيراً ، ميت لا محالة ، نعم ، لم أتنازل عن صفتي التى خُلقت عليها ، رغم أن الحياة ، مالت لي في كثير من الفترات ، ولكي ، أعلم أنني مازلتُ إنسان ، اتفحص في كل صباح ، مع صديقتي الشمس ، بأنني أمشي على الأرض ، بشعور حافي القدمين ، رغم حذائي الأنيق ، لكن ، مشيِّ ، لم يكن يوماً ما ، على جماجم الناس ، أبداً ، تماماً ، كصديقتي ، فهي تستمر بإشعاعها الفريد ، دون أن تُحرق ، أي كائن حولها أو كل من تحت نورها . والسلام
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تغيب الفكر عن مؤسسات الدول الإقليمية ، تأرجح طويل بين ردة ال
...
-
متغيرات على الأرض ، تحديات مطلوب مواجهتها ، مصر السعودية وال
...
-
برنامج اغتيال ابو حسن سلامة / قناة الجزيرة / اشكالية الاستقص
...
-
القدس / تآكل الهوية الإسلامية وتعاظم الهوية اليهودية .
-
غسان كنفاني ووديع حداد وبرنامج قناة الجزيرة بين إعادة الذاكر
...
-
البداوة العربية تتفوق على المدنية الإسلامية
-
هل البكاء أمام سُوَر البُراق / استبدل البراق إلى مبكى / أما
...
-
بين العَلَمُ والشارب فقد العربي ذاته .
-
تحالف المفكر وراعي البقر، والتحكم بشعوب العالم
-
القوة الفكرية مقابل النارية
-
نصيحة من كاتب عربي إلى الملك محمد السادس
-
الدولة الفلسطينية بين التجميد والتحجيم
-
الضحية والنجاة
-
لماذا إبراهيم دون الآخرين .
-
مروان صباح / ابو محمود الصباح ، صلاح خلف ، محمود درويش ، ابو
...
-
الهتيف والسحيج والعريف
-
حذف الأصل لصالح الصدى .
-
هي والمرآة
-
مراجعة سياسات الاخوان المسلمين في مصر
-
بين الأدنى والأعظم ، حروب يقودها الإنسان ضد الحقيقة والمعرفة
المزيد.....
-
الرصيف الأميركي العائم يستأنف إيصال المساعدات إلى غزة
-
إصابة سفينة شحن بقصف صاروخي قبالة اليمن
-
هل تنجح جهود الولايات المتحدة للدفع بخارطة الطريق؟
-
أنباء عن تعرض سفينة بضائع لقصف بصاروخ جنوب شرقي عدن
-
السعودية تبعد 300 ألف شخص من مكة
-
هيئة التجارة البحرية البريطانية تعلن عن هجوم استهدف سفينة في
...
-
القيادة المركزية الأمريكية: لم يتم استخدام الرصيف البحري في
...
-
هيئة التجارة البحرية البريطانية: إخماد حريق في سفينة إثر تعر
...
-
ما هي خصائص صواريخ -فلق 2- التي استهدف بها -حزب الله- مقر قي
...
-
واشنطن تنفي استخدام الرصيف البحري في العملية الإسرائيلية بال
...
المزيد.....
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|