|
الهتيف والسحيج والعريف
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 5491 - 2017 / 4 / 14 - 11:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الهتيف والسحيج والعريف
خاطرة مروان صباح / منذ اللحظة الأولى ، كان ومازال أستاذ المدرسة ، عندما يريد ، حسم مسألة الفوضى في صفه ، يقوم على الفور ، بتكليف المشاغب في عرافة الصف ، وأيضاً ، هذا يحصل في المظاهرات ، تجد على الدوام الهتيف ، هو من يُكلف ، بمناداة شعارات المرحلة ، لأنه ، الأكثر شغباً بين الجموع ، وهذا ينطبق تماماً ، على السحيج ، فهو ، الزئبق الذي من الصعب الإمساك به ، يقضي الليل كله في عنترات التفحيل ، ومن ثم يخلد إلى النوم كصوص ، وعندما يتطور ويكبر في العمر ، يتحول إلى صَفِيق ، يحتل مكان في الصفوف الأمامية أو في البرلمانات ، التى تُصنف ، بالسرك المصغر ، لكن ، ما يلفت الانتباه ، أن عريف الصف ، مع مرور الزمن ، أيضاً يقع عليه التطوّر ، حيث ، يصبح عريف حفل ، وقد يكون هذا العريف ، مثقف ، صحفي ، كاتب ، شاعر ، رغم ، أن أغلب الاحتفالات تكون لسياسيون ، أو ربما ، حفلات غناء وطرب أو أمسيات شعرية ، لكنها ، من نوع ثقيل ، فيصبح عريف الحفل ، حتى لو كان شاعراً ، شَاعِر ولا شاعر ، وهنا ، لو رفع المرء بعض الشيء من التخيل ، من أجل تصور المشهد ، هكذا ، هل يقبل الجمهور مشاهدة ، الشاعر محمود درويش ، عريف حفل ، على سبيل المثال ، يقدم فيه ياسر عرفات من أجل إلقاء خطاب ، أو دعونا نتساءل بطريقة أخرى ، هل من الممكن تصور ، حسنين هيكل ، الصحفي ، أن يكون عريف حفل ، سيلقي فيه عبد الناصر خطاب ، حتى لو كان تاريخي ، أبداً ، فهولاء ، منذ بداية مشوارهم الثقافي ، كانت مسألة الاعتزاز بالنفس محسومة لديهم ، فهناك شعور منذ الصغر ، يستشعر به المبدع ، أنه سيكون يوماً ما مبدعاً ، وهذه الأمور لا تليق بمبدع ، بقدر أنها تليق ، فقط ، بلسان ينطق ، لغة سليمة ونحو صحيح .
هناك نرجسيتان ، الأولى ، تجهل قدرتها ، كما حصل مع نرسيس ، عندما تحول النهر إلى مرآة ، عكست جمال وجهه ، فكان النهر الفخ الذي أدى به إلى الغرق ، لأنه يجهل السباحة ، وأخرى ، تعّلم جيداً قدرتها ، لهذا ، الوقت مسألة أساسية لها ، تعتبره سر النجاح ، رغم أن الآخرون ، يفهموها على أنها مرض ، لكن ، التجربة البشرية ، تؤكد ، أن سر الفشل ، سببه اهدار الوقت ، وقد يكون المثقف ، أحياناً ، لا يجيد التعامل مع الوقت ، فالمدرك للوقت ، لا يقبل استنزاف وقته بين تسحيج وتهتيف وتعريف ، بل ، يدخر وقته ، من أجل إهداره في التفكير ، الذي ، لاحقاً ، سيُخّرج إلى البشرية انتاج نوعي وابداع يضاف إلى ابداعات سابقة ، لهذا ، هناك كثيرون لا يفرقون بين حركة الجسد والتفكير أو التأليف والترديد ، وبين ذلك وذاك ، يتحول المثقف ، احياناً ، إلى ناظر مدرسة ، عندما يقبل أن يكون عريف حفل ، بل ، كل ما ينقصه ، ليس سوى مسطرة أو خيررانة من أجل اسكات ، الأولاد في الاحتفالات .
هكذا هي الحياة ، أن تكون كامل أو متوعك ، لا ينفع معها القسمة ، أن تكون مثقف ، يعني أنك وضعت قدمك على سلم الإبداع ، والابداع لا يأتي بالإكتساب ، بقدر أنه كامن في النخاع ، يحتاج إلى مهارة الاستخراج ، لهذا ، في متابعاتي للفضائيات ، يلفت انتباهي ، نجوى القاسم ، هذه البنت ، هي ، خارج النص التقليدي للصحافة العربية ، تدير حواراتها ، كالعصفور ، تنتقل بخفة وبارتياحية ، تصل قدرة تنقلها إلى درجة السهل الممتنع ، تتكلم وتفكر بلسان المتلقّي ، وتبتعد في حواراتها عن الهجوم والاستفزاز ، بل ، تحتفظ بسرعة إدراكية ، التى تجعلها أن تبني علاقة مع الضيف ، من أجل استخراج المعلومة ، وهذا بحد ذاته ابداع فريد ، جعلها ، أن تتحول إلى مدرسة عربية جديدة ، في اُسلوب وكيفية الحوار ، وهنا نلاحظ ، أغلبية ضيوف فضائية الحدث ، يشعرون مع نجوى بأستاذيتهم وليس كمتهمين ، وأظن ، بل أرجح ، أنها اثقلت على كاهل من سيأتي في المستقبل بعدها ، وهذا يُلاحظ ، حجم الفراغ الذي يَحْدُث في غيابها .
المثقف عندما لا يستطيع مع مرور الزمن ، أن يتحول إلى مبدع ، يتحول إلى هتيف أو سحيج وينتهي الأمر به ، كالصوص يتكتك ، وليس ، عصفور يغرد ، قادر على الانتقال من سطح للاخر ، وأخيراً يشكل رؤية بانورامية شاملة ، تماماً ، كدافنشي ، الذي راقب نساء العالم ومن ثم ، اختصرهم بلوحة موناليزا . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حذف الأصل لصالح الصدى .
-
هي والمرآة
-
مراجعة سياسات الاخوان المسلمين في مصر
-
بين الأدنى والأعظم ، حروب يقودها الإنسان ضد الحقيقة والمعرفة
-
التعليم والغذاء
-
إدارة ترامب منذ اللحظة الأولى تكشف عن كسلها الذهني .
-
أشباه مانديلا وجيفارا
-
الشيخ كشك وعادل إمام
-
مقارنة بين مغنيات الماضي والحاضر
-
الصحفي والطوبرجي والمقاتل
-
أسباب تراجع الهيمنة الأمريكية على العالم
-
القرن الأفريقي ، الصومال نموذج مبكّر ودائم التجدد .
-
الدولتين بين الاحتمال والمستحيل ، مخرجات مؤتمر فتح من السادس
...
-
مائة عام من الفشل والافشال ، جغرافيا مسموح استباحتها .
-
استبدال قطرة النفط بحبة الذرة ، انتقال من مرحلة الاستخراج وا
...
-
فرز محور الشر ، بين نوايا الأمريكية الحسنة والنوايا السيئة.
-
لبنان على حاله ، رئيس الجمهورية والحكومة ، خيبة اللبنانيين و
...
-
أمة المال والاقتصاد ، نقص في البشر وفائض في المال
-
عودة بوتين من برلين للثأر من واشنطن
-
مصير الرأسمالية والليبراليين مقابل اشباه الرأسمالية ومصائرهم
...
المزيد.....
-
في ظل الحرب.. النفايات مصدر طاقة لطهي الطعام بغزة
-
احتجاجات طلابية بجامعة أسترالية ضد حرب غزة وحماس تتهم واشنطن
...
-
-تعدد المهام-.. مهارة ضرورية أم مجرد خدعة ضارة؟
-
لماذا يسعى اللوبي الإسرائيلي لإسقاط رئيس الشرطة البريطانية؟
...
-
بايدن بعد توقيع مساعدات أوكرانيا وإسرائيل: القرار يحفظ أمن أ
...
-
حراك طلابي أميركي دعما لغزة.. ما تداعياته؟ ولماذا يثير قلق ن
...
-
المتحدث العسكري باسم أنصار الله: نفذنا عملية هجومية بالمسيرا
...
-
برسالة لنتنياهو.. حماس تنشر مقطعا مصورا لرهينة في غزة
-
عملية رفح.. -كتائب حماس- رهان إسرائيل في المعركة
-
بطريقة سرية.. أميركا منحت أوكرانيا صواريخ بعيدة المدى
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|