احذر القمر حين يكون بدرا

شادية الأتاسي

الحوار المتمدن-العدد: 5653 - 2017 / 9 / 28 - 13:26
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    

احذر القمر عندما يكون بدرا
تذكرت هذا القول ،وأنا أرقب القمر ، يرسم استدارة كاملة فوق الجبال ، يتآود الخطى متمهلا ، فوق تموجات البحيرة ، متألقا بتلك الأبهة التي ترافق عادة وجود القمر /أربعطعشر / ، فيسري ذلك الخدر الجميل في الكون ، ويبدو كل شيء خفيفا ، متناغما ،مشفقا ، حنونا ، وتتبادل العناصر التجاذب والتقارب ، ويحدث اللقاء الأثيري بين الأضداد ، وتتم حكاية الاغواء والاستجابة ، بما يليق بحضرة الطبيعة

لايمكن لهذا المشهد البهي ، أن يمر سهلا ،بالنسبة لي ، وأنا ابنة المدينة العصية ،ابنة النهر المتمرد لمصبه وأن لا يستفز كل فوضى الحواس من خزين الذاكرة ،أن لا تسري في روحي ذبذبات ذلك الوله الغارق في غابات شائكة من التفاصيل، والتفاصيل كانت بالنسبة لي معجما عجيبا ، من اصوات الماضي ،تثير دهشتي دائما بذلك الحنو السادر في عمقه ، تتعربش بتأن على جدار القلب والروح ، وتنقر كالعصافير بإلحاح على شباك عمري ،طالبة مزيدامن الزاد ، وتتركني أسيرة سهلة لتلك الأشواق الغامضة ، القادمة ربما من عمق /تلك الجينات / البعيدة الغور في الزمن ، و كلما أجتهدت لأضعها حيث يجب أن تكون ، وأودعها قطار المساء الأخير ، تمد لي لسانها شامتة ومستهينة بجهودي

حين قامت الحرب في بلدي ، وبدأت الطائرات تقصف أهلي وناسي ، بما فيه من بشر وحجر وماء ، أتيت الى هذا المكان الجميل ، وحين تراكمت الأيام وورائها السنون ، كان يلح علي السؤال ، هل يكفي أن يكون المكان جميلا وآمنآ ، ليكون المرء سعيدا ، او على الأقل راضيا ، وفي كل مرة ،لم تشفني أي من تلك الإجابات النيئة ،التي يتحدث بها الجميع ،الإجابة الوحيدة التي ماتزال كافية هي ، صرخة /الدرويش / الشهيرة ،التي مازال صداها يجوب أفاق الشتات / انا لست هنا ،أنا لست هناك / ،

شاركت صديقتي الغالية ،من على الطرف الأخر /الماسينجر / مشهدي الجميل
فاجأني قولها في نبرة عتب خفية ،مانك شاعرة حالك ،صرت لوزانية ، وعم تتغزلي بجمال لوزان

ولدتِ حين كان القمر بدرا ،على ضفاف العاصي ، أنتِ ابنة القمر ، وابنة النهر المتمرد ، /هكذا كانت تقول لي أمي / ، انا الآن في مكان يبعد ألاف الكيلومترات من حيث ولدت ، فكيف أصبح لوزانية ، والناس هنا سادرون في سكونهم الكئيب ، لايتكلمون لغة القمر ، ولايقبضون على سنارات الحلم ، ولا يعتلون قوافي التمرد ،ولايتحدثون عن الحرب ، ومافائدة كل هذا الجمال، حين لايتقاطع جرح القلب ، مع استدارة القمر البدر .

#شادية_الأتاسي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات