أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - شادية الأتاسي - ترجمة ،دير مار موسى















المزيد.....

ترجمة ،دير مار موسى


شادية الأتاسي

الحوار المتمدن-العدد: 5441 - 2017 / 2 / 23 - 13:21
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


على أطراف البادية دير مار موسى حافظ على التقاليد العريقة بقلم: بروك أندرسون ـــ ت.شادية الأناسي
تقرع أجراس الغداء في دير مار موسى الحبشي عادة في الساعة الثالثة بعد الظهر، حيث يتوجب على المقيمين وضيوف اليوم التوجه لتناول وجبة منتصف النهار التي تقدم كل يوم في الوقت ذاته تقريباً –دير مار موسى دير أثيوبي من القرن السادس، ويبعد ثمانين كيلومتراً شمال مدينة دمشق وعلى مدى نصف ساعة في السيارة من أقرب قرية إليه.‏
بعد أن تسلقت عائلتان الصخور شديدة الانحدار التي تطل على أرض الدير الملونة المبنية داخل الجبل الصخري الصحراوي، رحب بهم الأب باولو الراهب الإيطالي والمسؤول عن الدير بأكواب من الشاي بعد استراحتهم من عناء الصعود المضني لمدة عشرين دقيقة قائلاً بابتهاج: "هكذا نحن نعيش". وشارحاً بأن دير مار موسى يفتح أبوابه لكل الناس من مختلف العقائد؛ رهبان وراهبات، مستخدمين وضيوف، يجلسون كلهم معاً إلى طاولة الغداء، الذي يعد عادة من منتجات الارض المحلية، وتقول الراهبة مارمونة إن وقت الغداء هو الوقت الذي تدور في أثنائه الأحاديث بين الضيوف من مختلف الأماكن ومختلف العقائد،
في الأيام الدافئة يقدم الغداء عادة على المصطبة المطلة على الصحراء خلف الكنيسة، أما في الشتاء فيقدم في البناء الصغير الصخري المشيد على الطراز القديم للدير الصحراوي، ويشارك الضيوف في غسل الأطباق بعد الأكل كما هو حال أي فرد يتوقع منه الانخراط في حياة الدير الجماعية.‏
هذا الدير الصحراوي حافل بذكريات تعود إلى حقبة كانت فيها الطبيعة الصخرية الصحراوية تقدم ملاجئ طبيعية للجماعات الدينية وتساعدها على البقاء. وتقول الأساطير بأن ابن ملك أثيوبيا، غني يدعى موسى هو الذي أقام الدير، مفضلاً حياة الرهبنة عن العرش، حيث غادر أثيوبيا إلى مصر، ثم إلى الديار المقدسة، إلى أن استقر في سورية وأصبح راهباً في بلدة قارة، وعاش ناسكاً في الوادي حيث موقع الدير الآن، ثم استشهد عندما قتله جندي بيزنطي. وتمضي الأسطورة بالقول إن عائلته أخذت جثمانه، غير أن إبهامه الأيمن انفصل عن جسده بمعجزة، ولا يزال أثراً مقدساً في الكنيسة السورية في النبك.‏
الأب باولو الذي تولى إعادة ترميم الدير بدءاً من عام 1984، يقيم جولات سياحية في الكنيسة، ويقدم شرحاً عن تاريخها بأربع لغات على الأقل.‏
وجد دير مار موسى منذ بداية القرن السادس وانتمى إلى المذهب الأنطاكي السوري، أما الكنيسة، بنيت فيما بعد في العام 1058، اللوحات الجصية المنقوشة، على جدران الكنيسة يعود تاريخها إلى القرنين الحادي عشر والثاني عشر وهي بحق مفخرة الدير.‏
كشفت الترميمات حتى الآن ثلاث طبقات من النقوش الجدارية، الأولى منذ منتصف القرن الحادي عشر، والثانية إلى نهايته، أما الثالثة تعود إلى نهاية القرن الثاني عشر وبداية القرن الثالث عشر، ومن المتوقع أن تكشف الترميمات صوراً جدارية أقدم.‏
تصور الرسوم الجصية مشاهد من العهدين، وعلى سبيل المثال فقد تم تزيين صحن الكنيسة بصور القديسين النساء على الأقواس، والرجال على الأعمدة، وهناك أحرف سريانية كتبت في الأناجيل بأيدي مبشري الأناجيل الأربعة على حائط في صحن الكنيسة. وهناك أيضاً، رسومٌ تمثل آدم وحواء يصلون من أجل أطفالهم، وكذلك العذراء مريم، وملكان يعزفان الأبواق.‏
ومثلما عاش قاطنو الدير منذ ألف وخمسمائة سنة، فإن المقيمين حالياً يعيشون حياة متوازنة في جوهرها، ومنتجات الماعز هي إحدى الطرق التي أوجدها السكان للتعايش مع الأرض، وحماية بيئتهم، وأغلب الوجبات التي تحضر في الدير تحتوي بشكل ما على منتجات الماعز من الحليب، والجبن، أو اللحم.‏
الدير و ما حوله، لم يعان من مشاكل التصحر بالمقدار الذي عانت منه المناطق المأهولة بالحياة المتطورة، وذلك يعود في جزئه الأعظم للملجأ الذي قدمته المنطقة للزرع والضرع، ومع ذلك فإن الوديان التي تحيط بالدير تتعرض لخطر التصحر، بالرغم من قيام السكان بإقامة مشاريع لتجنب التدهور البيئي مثل تصنيع منتجات الماعز وزرع الأشجار وتجميع المياه عبر مشاريع مختلفة بما في ذلك بناء سد صغير. وقد بدؤوا أيضاً بنقل أكوام النفايات المرمية على طريق الدير وتحويلها إلى بستان متعدد الأحياء.. إن المحافظة على بيئة الدير والمنطقة المحيطة به كانت دوماً مطلباً أساسياً للسكان حتى يبقى مكاناً للتأمل والعزلة الروحية. كل مساء بين الساعة السابعة والثامنة هناك وقت مخصص للتأمل، الهواء النقي والهضاب الجرداء تجعل من مارموس مكاناً مثالياً للاسترخاء والتفكير.‏
تقول (مادج)، وهي طالبة عربية تعيش في بريطانيا، وزائرة منتظمة للدير، بأنها تحب عزلة الدير، وخاصة أنه قريب بما فيه الكفاية إلى دمشق بشكل يمكن من القيام برحلة سهلة إليها في النهار ذاته. وتضيف: "الناس في مارموس منفتحون جداً وودودون"، وتتابع: "إذا ما أردت أن يهتموا بك فسيفعلون، ولكن إن أردت تمضية وقتك وحيداً فسيعطوك مكانك".‏
واحد من المشاريع الاجتماعية المعروفة جيداً من قبل الجميع هو التزام الدير بإبقاء الحوار مفتوحاً مع الناس من كل العقائد، غير أن الذي لا يعرفه إلا القلة إنما هي برامجه الاجتماعية المسيحية، الناس في الدير يشعرون بأن الهجرة المستمرة إلى الخارج خصوصاً من قبل العائلات المسيحية قد عرضت الحوار المسيحي للخطر، إنهم يعتقدون بأنه من الأهمية بمكان بقاءهم كمجتمع مسيحي مزدهر في سورية، لذا فإنهم يعملون كدير ما في وسعهم لتشجيع الشباب المسيحي على البقاء، أو على العودة بعد إكمال الدراسة في الخارج، إنهم يساعدون الشباب السوريين على الحصول على منح دراسية، كما يساعدون على ترميم البيوت القديمة في الأبرشية وبناء أخرى جديدة.‏
مجتمع دير مارموس على صلة أيضاً بالمثقفين المسلمين والمسيحيين في المنطقة وذلك لهدف تحفيز التفاعل بين العقيدتين، وليس التعايش فقط.‏
تقام الصلاة في الساعة الثامنة مساءً وتغنى الأناشيد بالسريانية، ويقيم خدمة الصلاة رجال ونساء وأورثوذكس وكاثوليك من الراهبات والرهبان، وتقول (رامونة) الراهبة الكاثوليكية بأنها تركع عندما تصلي، وتضع جبهتها على الأرض كما يفعل المسلمون، وبأنها تحب أن تصلي بهذه الطريقة.‏
وحوالي الساعة التاسعة والنصف ليلاً يقدم العشاء ويتم تناوله على الغالب على ضوء الشموع، وبعد العشاء وقت حر حيث يأوي النزلاء والضيوف إلى أسرتهم التي يوجد بعضها في كهوف في الهضاب المحاذية للدير، والكل موضع ترحيب على أمل مشاركتهم في الحياة الجماعية د



#شادية_الأتاسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في أعالي الجبال
- حكايتنا
- أحن الى هذه الوجوه
- في انتظار الربيع
- نحن الحالمون بالديمقراطية
- مابيننا أجمل
- حديث الغربة
- نحو حياة افتراضية حارة
- إيقاع المدينة
- حين يهطل المطر في باريس
- غربة
- حلم
- أطلال


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - شادية الأتاسي - ترجمة ،دير مار موسى