أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - شادية الأتاسي - أحن الى هذه الوجوه














المزيد.....

أحن الى هذه الوجوه


شادية الأتاسي

الحوار المتمدن-العدد: 5430 - 2017 / 2 / 12 - 15:59
المحور: سيرة ذاتية
    



أحن الى هذه الوجوه . ..

هيلا ذات الوجه الصبوح ، إبنة المعضمية ، إبنة الحياة ، تقرع بابي والأبواب ، في صباحات البرد والحر ، تبيع تعبها ، تبيع يومها وتروي حكايتها ، حياة مفعمة بالبؤس ، هزيلة الفرح ، رديئة الإخراج ، تروي وهي تضحك و تشرق بدموعها ساخرة من آلامها ومن الحياة ، وتعود إلى بيتها في آخر النهار راضية ، وفي يدها بضعة وريقات ثمنا ليوم طويل من العرق والقهر والتعب .


بائع الصبارة ، إبن داريا الوسيم ذو الوجه الأسمر المعروق
في ركنه المعهود ، يشعل فوانيسه الملونة كل مساء ، وينثر الماء على أصص الفل والشاب الظريف والست المستحية ، وتخترق رائحة بضاعته أميرة البساتين الشهية عمق الليل الدمشقي الحار ، ويسهر المحبون على كراسيه الواطئة في الأرصفة والزوايا مع نسمات المساء حتى الصباح ... ..

بائع الذرة ، إبن بساتين المزة القوي ، الملوح بوهج الشمس ، يشق صوته الأجش عمق الغروب ، كل غروب دافعا عربته المتأرجحة ، حانيا ظهره ، مقدما لبضاعته الشهية ،/ بيضا ..بيضا /، يلقي سلام الصديق وهو يتخذ مكانه المألوف في زاويته المعتادة تحت ضوء الشارع ، تغرف رائحة العرانيس الساخنة القلوب في هرج المساء .. ويعود مع الصباح والعربة فارغة والقلب أتعبه يوم شاق طويل


بائع المواسم إبن الغوطة الشرقية والغربية ، يلم ما تجود به أرضه من مواسم خيرة ،، ناثرا بضاعته في وهج الشمس على الأرصفة الفول والبازلاء ،الملوخية و البامية ، خضراء ناضجة مغرية .يجادل ويدافع بشراسة عن تعب وضنى الأيام الطويلة . إلا إنه سرعان ما يتراجع و يرضى ويحمد الله ويشكره ، داعيا أن تزين مائدتك دائما بضاعته ، المجبولة بالتعب والشمس والخير .


المسحراتي إبن الحارات القديمة ، نداءه الأجش القادم من جوف الليل الرمضاني ، على إيقاع طبلته يا صايم وحد الدايم ، يثير في اعماقنا شجن واشواق غامضة الى البيت القديم والريح تعصف في الخارج لكن الداخل دافئ و حنون . كنا نرى في المسحراتي وطبلته السحرية ، مارد خرافي يخرج في الليالي الرمضانية الباردة داعيا إلى الإسراع في الطعام والشراب قبل أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود ..فنهرع مذعورون الى ملء بطوننا بالطعام والشراب خوفا من جوع يوم طويل


وفي جنون الدمار والموت الذي يحوم فوق الجميع ، أتساءل فيما إذا كانت هذه الوجوه الجميلة قد اختفت !!!
هي وجوه عابرة ولكنها وجوه حقيقية تلملم ما تبعثر من تفاصيل الأيام في الذاكرة قبل أن تخبو وتبهت .
شربما اختفى بعضهم وربما اختفوا جميعا ، غيابهم القوي عن حياتنا ، الذي كان يشكل تفاصيل أيامنا ونحن لاندري ، يفقدها حيوية الحنين إلى الدفء ، إلى البيت ، إلى الوطن . أتمنى لو كنت قد عرفتهم عن قرب ، أتمنى أن أسأل عنهم ، ولكني لا أفعل ، فالجميع اليوم يذهب دون وداع والجميع يغيب دون استئذان ، ونحن قد نغيب فجأة دون وداع ..فلا أحد على رأسه خيمة اليوم !



#شادية_الأتاسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في انتظار الربيع
- نحن الحالمون بالديمقراطية
- مابيننا أجمل
- حديث الغربة
- نحو حياة افتراضية حارة
- إيقاع المدينة
- حين يهطل المطر في باريس
- غربة
- حلم
- أطلال


المزيد.....




- بسبب -كثرة المصافحات-.. البيت الأبيض يكشف سبب ظهور كدمات على ...
- للمرة الأولى في الإتحاد الأوروبي.. سلوفينيا تمنع وزيرين إسرا ...
- مراسلون بلا حدود: ترامب يستلهم أساليب الأنظمة الاستبدادية
- حرب غزة تسبب مشاكل عقلية لآلاف الجنود الإسرائيليين
- مسؤول سوري: القصف الإسرائيلي يعرقل البحث عن الأسلحة الكيميائ ...
- -عدالة مُضللة-.. كيف دمرت خوارزميات البريد البريطاني حياة ال ...
- بيت ديفيدسون ينتظر مولوده الأول من شريكته إلسي هيويت
- راجت إحدى أغانيها على تيك توك مؤخرا.. وفاة كوني فرانسيس عن ع ...
- أردوغان: الهجمات الإسرائيلية على سوريا تُهدد المنطقة بأكملها ...
- محلل درزي سوري لـCNN: إسرائيل لا تحمي الدروز.. وتستخدم السوي ...


المزيد.....

- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - شادية الأتاسي - أحن الى هذه الوجوه