أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - شادية الأتاسي - عيد حب مغمس باليأس














المزيد.....

عيد حب مغمس باليأس


شادية الأتاسي

الحوار المتمدن-العدد: 5443 - 2017 / 2 / 25 - 14:27
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


عيد حب مغمس باليأس

اعتدت أن يجمعني فنجان قهوة الصباح مع صديقتي على الماسنجر ، كل صباح
تشكو لي هموم البلد،هموم ما أنزل الله بها من سلطان ، بدءا بالعتمة والظلام والبرد والمرض ، ومرورا بغربة الوجوه والقلوب وإفراغ البلد ، وليس انتهاء بما يحدث في مأساة /الوعر/ المثير للجدل ، والقصف العشوائي عليه ، والذي يهز المدينة من أقصاها إلى أقصاها
أنا أيضا لي شجوني وشكوتي ،اليوم في صندوق بريدنا منشور كبير من الصليب الأحمر/موزع على الجميع / اختصر مأساة السوريين ، كشعب منكوب يحق له الإعانة والإغاثة فقط ، وليس / كقضية عادلة / تجري تحت سمع وبصر العالم كله ، ولا أنسى تلك المرأة الصومالية الضخمة ، التي ربتت على كتفي بإشفاق ودهشة ، عندما عرفت إني سورية ،قائلة بافتخار وبصوت عال ، نحن نذهب إلى المسجد ونتبرع بمالنا من أجلكم أنتم السوريون .

لعله من مفارقات القدر ، أو أنه دائما هناك أشياء لايمكن لنا نحن البشر العاديين تفسيرها ، أو إن الأمر ببساطة حالة معقدة ، كحال كل المتناقضات في هذه الحياة ، وهذا الأمر لن يستطيع أحد فهمه إلا من عاش وذاق لوعة هذه الحياة البائسة ،في هذا البلد المنكوب
سألتني صديقتي في هذا الصباح ، ربما هي تلمز الى شيء ما ، كيف كان عيد الحب عندكم ، وأنتم من تعيشون في بلد الحب والآمان
أجبتها دهشة من سؤالها،فقد كانت قد مرت ايام ،ونسيت الأمر كله
- قدم لي زوجي ورده حمراء صغيرة هذا كل شي
- وأنتم ، سألتها مشفقة من مرارة الجواب ؟
- صادف هذا اليوم عيد ميلاد صديقتنا ،الذي اعتدنا أن نحتفل به ، ذهبنا لنجلب لها قالب كاتو صغير يناسب ميزانيتنا الضيقة ، لكن كانت كلها من الحجم الكبير ،ملونة باللون الأحمر ، ومزينة بقلوب الحب ، وهكذا لم نستطع ان نجلب لها إلا بعضا من القطع المتفرقة ، ولكنها كانت أيضا حمراء ومزينة بقلوب الحب ،
-كيف يعني حمراء ،هل يمكن لقوالب الكاتو أن تكون حمراء ،سألتها مندهشة
- نعم كلها كانت ملونة باللون الأحمر ،أجابت ببساطة
-وأين احتفلتم ،سألتها وأنا أحاول أن أكتم بعضا من صدمتي
-في المقهى طبعا
-المقهى ! وهل كان مليئ بالناس، وهل كنتم تسمعون اصوات القصف على الوعر
- طبعا مليان و مافي محل فارغ ، كل المقاهي كانت مليانة يومها ، وكلها مزينة ،دببة حمراء بأهداب طويلة سوداء ، وبالونات حمرا ، وقلوب ، وحب
-وهل كنتم سعداء ، هل كانت الناس سعيدة
-ولماذا أنت مستغربة ، من يوم يومنا نحتفل بعيد الحب ، هل نسيت
أعيد نفسي ،إلى مشهد ما قبل / النكبة / ، هذا حقيقي ، البلد كله كان يحتفل بعيد الحب ، فالحب يصنع المعجزات ،والجميع يريد أن يحتفل على طريقة عشتار ،التي كانت تتعامل مع عشاقها باستعلاء ، كما فعلت بتموز لتغيظ كلكامش ، أو على طريقة /سان فالنتاين/ المثير للجدل ، الأمكنة و المحلات والإعلانات ،والمطاعم وحتى الشوارع ، الجميع كان يحتفل بعشتار وشهيد الحب /سان فالنتين /
عدت الى صديقتي التي كانت تتابع سؤالها
- وهل يرتبط مفهوم السعادة بهذا الموضوع ، نحن نعيش اليوم في ورطة حقيقية ، نفتقد إلى الحد الأدنى من مقومات أي حياة طبيعية ، هل هناك أي نمط عيش قادر أن يحقق لنا أو يرد لنا بعضا من انسانيتنا المهدورة .

سكت ،لم أجب ، يبدو إن دماغي في سجن مقفل ، أحدا ما سجنها وأخذ المفتاح ،فكرت في نفسي بحزن ، الحرب ليس قتلا وموتا يخطف الأرواح فقط ، الحرب هي في ما تخلفه من دمار في النفوس، في التقويض المنهك والمستمر لكل القيم الأساسية التي قامت عليها الحضارة البشرية

يحق لي أن أرى ان هناك شيئا كريها قد حدث ، عدت لأستعرض تاريخنا ” المشترك” بين كلّ المكونات السّورية ، ثمّ فكّرت بما يجري على الأرض، ووصلت لقناعة هي: ان الحديث في هذا الأمر هو نوع من العبث ، إنه من غير المسموح في هذا البلد وتحت هذه الظروف ، النقاش بشكل عقلاني ،فينما العالم يعيش صدمة تهديدات ترامب بإلغائنا ، نهدد بعضنا بإلغاء الآخر ، البلد اليوم شئنا أم أبينا ، تحت سيطرة من يملك القوة ،من يملك السلاح ، من لايملك الضمير ، من يستطيع أن يعيش كل هذه التناقضات ويرقص عليها ويغني كمان ، وبإمكان الآخرين أن يحزموا حقائبهم ويرحلوا


أنتظر المساء، أو أنتظر شيئا ما ،/أنا أيضا أريد أن أنسى / لعلني أنتظر القصيدة الرائعة المغناة من قبل ناظم الغزالي

لعلني أنتظر أحدا يسألني : ماذا أهديكي في العيد ياملاكي .



#شادية_الأتاسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترجمة ،دير مار موسى
- في أعالي الجبال
- حكايتنا
- أحن الى هذه الوجوه
- في انتظار الربيع
- نحن الحالمون بالديمقراطية
- مابيننا أجمل
- حديث الغربة
- نحو حياة افتراضية حارة
- إيقاع المدينة
- حين يهطل المطر في باريس
- غربة
- حلم
- أطلال


المزيد.....




- ملامح متشابهة وجمال مختلف..نجمات الثمانينيات وبناتهنّ
- لمنعهم من الهروب.. صور لتماسيح بقبعات إدارة الهجرة الأمريكية ...
- استغرقت واحدة منها 249 ساعة من العمل..إطلالات دوا ليبا في جو ...
- مصر.. وزير الخارجية يكشف عن -مصادر قلق بلاده- من الوضع في سو ...
- ترامب يكشف إن كان يتحدث مع الإيرانيين منذ مهاجمة منشآتهم الن ...
- جيفري ساكس وسيبيل فارس يكتبان عن خطة -السلام الشامل- في الشر ...
- تقرير عن -طلب- الجيش الإسرائيلي إنهاء الحرب أو احتلال غزة با ...
- ترامب يواجه تآكلًا في دعم قاعدته الانتخابية بعد الضربات الجو ...
- يورو 2025 للسيدات في سويسرا ـ ترقب لصراع كبار أوروبا
- موجة ترحيل جماعي... أكثر من 230 ألف مهاجر أفغاني غادروا إيرا ...


المزيد.....

- حين مشينا للحرب / ملهم الملائكة
- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - شادية الأتاسي - عيد حب مغمس باليأس