أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - أحمد الخميسي - حكاية هند والفيشاوي














المزيد.....

حكاية هند والفيشاوي


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 1461 - 2006 / 2 / 14 - 11:27
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


منذ أكثر من مئة عام هزت الرأي العام المصري قصة حب الشيخ على يوسف لصفية السادات وزواجه منها في 14 أغسطس عام 1904 بشهود ومأذون ، وبرغبة وأهلية العاشقين . لكن والد صفية الشيخ السادات تقدم في اليوم التالي ببلاغ إلي النيابة العامة يطلب فيه التفريق بين الزوجين، لأن الزوج لا يرقى من حيث أصله الاجتماعي إلي مرتبة أهل العروس كما أنه يمتهن مهنة حقيرة هي الصحافة . وفي 11 أغسطس حكمت المحكمة بعدم صحة عقد الزواج وبتفريق الزوجين ، واستندت في حكمها على أن أصل الشيخ على يوسف لا يؤهله لمصاهرة بيت الشرفاء ، كما أنه نشأ فقيرا ، والمعلوم أن " عار الفقر لا يزول عنه عرفا " حتى وإن أصبح ثريا فيما بعد ! وخاضت في القضية كبريات الصحف كالأهرام والمؤيد واللواء ومصباح الشرق والمنار، وطلب الخديوي عباس حلمي ملف القضية لدراسته ، وتدخلت في النزاع لأسباب سياسية معقدة عواصم مثل أنقرة ولندن ، وتابع الرأي العام القضية يوما بيوم . ولم تعد صفية السادات إلي بيت والدها إلا بعد أن تدخل اللورد كرومر شخصيا ! وقد طوى الزمان قصة الحب ، ولم يبق سوى الأثر الاجتماعي والفكري للقضايا التي أثارتها القصة ودفعت بالتطور إلي الأمام . أول تلك القضايا يتعلق بحرية المرأة وسلطة الآباء والأسرة . وثانيا هل يمكن للعلوم والمعارف أن تفتح الباب لأصحابها ليكونوا أكفاء لمصاهرة بيوت الشرفاء ذوى الحسب ؟ هل يمكن معاملة المرأة كسلعة يبيعها والدها لمن يدفع فيها مهرا ضخما ؟ هل يمكن الحكم بعدم صحة عقد زواج صحيح بالكامل جريا وراء تقاليد بالية ؟ . هذه القضايا ذات البعد العام وليس قصة الغرام وحدها هي التي أبقت على حكاية على يوسف وصفية ، كحكاية غيرت من تفكير المجتمع المصري .
أمامنا الآن حكاية أخرى معاصرة ، هي حكاية هند الحناوي مع الممثل أحمد الفيشاوي مقدم برنامج المواعظ الدينية " يللا يا شباب " . وهي حكاية تختلف قليلا عن حكاية على يوسف ، لأن المرأة هنا في الحكاية العصرية هي التي تطالب بحقها، هذه المرة حقها في إثبات نسب ابنتها إلي والدها أحمد الفيشاوي . والقصة هنا تختلف أيضا لأن والد هند ، الدكتور حمدي الحناوي ليس عقبة ، بل إنه يؤازرها بعقله وقلبه وضميره الشجاع . تزوجت هند من الفيشاوي بعقد عرفي ، وأنجبت منه طفلتها لينا ، لكن الفيشاوي ينكر نسب ابنته . ومع أن الكثيرين من الشيوخ يقرون بشرعية الزواج العرفي ، إلا أن المحكمة الابتدائية أصدرت حكمها مؤخرا برفض دعوى إثبات نسب الطفلة " لينا " ل " أحمد الفيشاوى " بذريعة أنه لم يثبت لها صحة الزواج ، رغم اعتراف الفيشاوي على مرأى ومسمع من الجميع في برنامج تلفزيوني بوجود العلاقة مع هند .
منذ مئة عام وأكثر حكمت إحدى المحاكم ببطلان عقد زواج تم على يد مأذون وبشهود ، لمجرد أن الأعراف السائدة كانت تقتضي رضا والد العروس . الآن تصدر محكمة أخرى حكما لمجرد أن الأعراف السائدة لا تحبذ الزواج العرفي . وفي الحالتين هناك تجاهل للمنطق والواقع الحي . فقصة الزواج العرفي ليست قصة هند الحناوي وحدها ، فهناك نحو ثلاثة ملايين حالة زواج مماثلة ، وهناك 12 ألف دعوى لإثبات النسب تنظرها المحاكم المصرية ، وعشرات الآلاف من الأطفال الذين تكتظ بهم الملاجئ بعد أن تخلت عنهم أمهاتهم خوفا ، هذا غير مئات الأجنة التي تجهض يوميا في السر والعلن . والمسئول الأول عن ظاهرة الزواج العرفي بين الشباب هو البطالة وضيق ذات اليد والأمل الضائع في توفير سكن أو عمل مما أدى إلي وجود 13 مليون شاب وفتاة في سن الزواج لا يجدون حلا لأزمتهم ، منهم 9 ملايين تجاوزوا سن الخامسة والثلاثين دون اقتران . وقاد ذلك إلي ظهور أشكال أخرى للزواج مثل " زواج المسيار " وارتفاع نسبته بين طلبة وطالبات الثانوية والجامعة رغم تحريم مفتى الديار له بشكل قاطع ، وهناك أشكال أخرى لحل الأزمة كزواج الأشرطة الكاسيت ، والدق بالوشم ، والطوابع ، وكلها سبل لتخطي السدود والاستمرار بالحياة . والحكم الذي صدر لطمة على وجه الحقيقة الماثلة أمام الجميع ، وبه يعلن المجتمع المصري صراحة أنه يفضل زواج المتعة ، والزنا ، والإجهاض ، عن الزواج العرفي المعترف به . وعلى هند أن تفكر الآن وهي تخوض إحدى معارك المرأة المصرية ، ليس في مصير طفلتها الصغيرة وحدها ، بل مصير أكثر من طفلة ، وعليها – وقد فتحت الباب على مصراعيه – أن تواصل السير لتدافع عن حق كل الأطفال في إثبات نسبهم لآبائهم ، وأن تفسح ضميرها لكل الطفولة .
وقد يشير الزمن فيما بعد بسرعة إلي موقف الفيشاوي ، وإلي مرارة هند ، وإلي المثل النبيل الذي ضربه والدها د . حمدي في الأبوة ، لكن الزمن سيتوقف طويلا عند المغزى العام لتلك الحكاية الجديدة، وأثرها في التفكير الاجتماعي ودفعها للتطور ، باعتبارها قصة سيدة شجاعة قررت أن تدافع عن الحقيقة إلي النهاية .



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزمة الدانمركية بين الدين والسياسة
- ميشيل باشليه واليسار الجديد
- رحيل فؤاد قاعود .. موال الرفض والحرية
- الجوائز الأدبية وكرامة الكاتب
- اعتذار للشعب السوداني ، واستنكار لما جرى
- بروزاك .. صديق المبدعين
- ألفريد فرج .. في وداع الخيال
- الوجه الآخر لفوز الإخوان في مصر
- يوميات جندي أمريكي في العراق
- من أين يأتي الحزن ؟
- أقباط مصر .. هل يريدون الكثير ؟
- أحداث باريس وكلمات ألبير كامي
- الثقافة والطائرات
- المسألة القبطية وماجرى في الاسكندرية
- اللحظة الحرجة
- علاء الأسواني وروايته التي أثارت ضجة
- هي وأخواتها علماء العراق
- الرواية اليوم
- الانهيار الاقتصادي عصر مبارك
- الثورة مع الاستعمار


المزيد.....




- مقتل امرأة وإصابة آخرين جراء قصف إسرائيلي لمنزل في رفح جنوب ...
- “لولو بتدور على جزمتها”… تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر ناي ...
- “القط هياكل الفار!!”… تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 لمشاهد ...
- السعودية.. امرأة تظهر بفيديو -ذي مضامين جنسية- والأمن العام ...
- شركة “نستلة” تتعمّد تسميم أطفال الدول الفقيرة
- عداد جرائم قتل النساء والفتيات من 13 إلى 19 نيسان/ أبريل
- “مشروع نور”.. النظام الإيراني يجدد حملات القمع الذكورية
- وناسه رجعت من تاني.. تردد قناة وناسه الجديد 2024 بجودة عالية ...
- الاحتلال يعتقل النسوية والأكاديمية الفلسطينية نادرة شلهوب كي ...
- ريموند دو لاروش امرأة حطمت الحواجز في عالم الطيران


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - أحمد الخميسي - حكاية هند والفيشاوي