أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد الخميسي - الأزمة الدانمركية بين الدين والسياسة














المزيد.....

الأزمة الدانمركية بين الدين والسياسة


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 1455 - 2006 / 2 / 8 - 09:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بدأت الأزمة الدانمركية في سبتمبر الماضي بكاريكاتير ساخر نشره الرسام إدجار كوك فولد في صحيفة " يولاند بوسطن " صور فيه النبي ( ص) داعية للإرهاب على رأسه عمامة في شكل قنبلة ، مع رسم آخر للنبي ( ص) واقفا عند أبواب الجنة قائلا إنه لم تعد هناك من العذارى ما يكفي للانتحاريين !
وبداية فإن الرسوم الدانمركية عمل سياسي في المقام الأول يحتاج إلي رد سياسي أكثر مما هو بحاجة إلي رد ديني . والرسالة الوحيدة لتلك الرسوم هي المساهمة في ترويج فكرة سياسية تقول بوجود " الإرهاب الإسلامي "، وهي الفكرة التي يحاولون بها منذ زمن تشويه كل مقاومة تتصدى للاحتلال الأمريكي الإسرائيلي في فلسطين والعراق ( حيث توجد للدانمرك قوة عسكرية مشاركة ) ، ولبنان ، وبلدان أخرى ، ولا أعتقد أن القصد الأساسي كان السخرية من الدين أو الرسول ، بل تشويه مبدأ مقاومة الاحتلال ، وتحقير الفدائيين الباذلين أرواحهم من أجل بلادهم بتصويرهم كأنهم مجرد إنتحاريين باحثين عن عذارى في عالم آخر . لكن رد الفعل عندنا كان دينيا ، وليس سياسيا ، وهكذا ساهمنا نحن في تعميق الحفرة التي حفروها لنا حين جعلوا الأمر كأنه معركة بين الأديان . والاستعمار هو وحده المستفيد الأول والأخير من طرح قضية الاحتلال والتحرر بوصفها صراعا بين الأديان . وللتدليل على أن المقصود بالرسوم ليس السخرية الدينية من النبي ( ص) بل تشويه المقاومة الوطنية ، ما صرح به فلامينج روزيه مدير القسم الثقافي في الصحيفة الدانمركية من بأن : " صحيفتنا قامت منذ عامين بنشر رسم كاريكاتوري يصور السيد المسيح مصلوبا وبيده عدد من زجاجات الخمر " !
وإذن فإن المسألة ليست دينية ، كما يراد لنا أن نستقبلها ، وكما يراد لنا أن نفهمها ، وكما يراد لنا أن نتحرك على أساس ذلك الفهم .
وإذا كانت القضية قضية سياسية في الأساس ، فهل يعني ذلك أن نقبل بالإساءة إلي الأنبياء سواء أكان الرسول ( ص ) أو السيد المسيح ؟ وهل يندرج نشر تلك الرسوم في حرية التعبير حقا ؟ . في الحقيقة أن حرية التعبير لم تكن أبدا مفهوما معلقا في فراغ ، بعيدا عن الاعتبارات المحددة الاجتماعية والاقتصادية والفكرية والسياسية . ولا أعتقد أن الحكومة الدانمركية الحريصة على حرية التعبير ستقبل بنشر صور عارية أو جنسية لوالدة فخامة الملكة مارجريت التي تفضلت فتحدثت عن " الإسلام المتطرف "، فالحكومة قبل غيرها تعلم تمام العلم أن هناك " حدودا " لا ينبغي تجاوزها ! وهي مستعدة للتكشير عن أنيابها الديمقراطية إذا تطاول أحد على والدة فخامة الملكة برسم إباحي .
لا يمكن لمواطن مصري أن يقبل بالإساءة إلي الأنبياء ، أو العقائد الدينية . هذا أمر مفروغ منه . لكن تحويل المعارك السياسية إلي معارك دينية أمر آخر ، بحاجة إلي نقاش، لأن معنى ذلك أنهم قد نجحوا في خداعنا ، وصرف أنظارنا عن طبيعة الصراع الفعلية . وقد سحبت السعودية وسوريا سفيريهما ، وأغلقت ليبيا سفارتها ، وأدان وزارء الخارجية العرب حكومة الدانمرك ، واحتجت جهات عربية أخرى على ما جرى ، فلماذا لم نشهد مثل هذه الإجراءات مع استمرار احتلال العراق ؟ وعلى العكس من ذلك نحن نرى كيف تبذل كل الحكومات العربية جهودا مستميتة لفتح سفاراتها في بغداد تحت مظلة الاحتلال الأمريكي لمباركة ذلك الاحتلال وإضفاء الشرعية عليه ؟ ولماذا تظهر الحكومات العربية غيرة دينية غير مسبوقة وهي التي تقف صامتة إزاء المساعي المستمرة لتهويد المسجد الأقصى والتنقيب تحته عن هيكل سليمان المزعوم ؟! ولماذا تواصل تلك الحكومات التعاون بكل أشكاله مع إسرائيل التي تغتصب أرض فلسطين على مرأى من الجميع ؟ . حين أعادت صحيفة " دي فيلت " الألمانية نشر الرسوم على صدر صفحتها الأولى كان تعليقها : " كان بالإمكان أن تؤخذ الاحتجاجات في العالم الإسلامي على محمل الجد ، لو أنه لم يكن بها شئ من النفاق " . والحق أن الصحيفة تشير ولو من دون قصد إلي جوهر المسألة ، أي إلي التناول الديني لموضوع سياسي ، الأمر الذي جعلنا نصب كل جهودنا على مقاطعة البضائع الدانمركية ، مغفلين تماما مقاطعة البضائع الأمريكية ، بل والإسرائيلية التي أغرقت أسواقنا المحلية ، علما بأن أمريكا وإسرائيل هما المستفيد الأول من إضفاء الطابع الديني على قضية سياسية. إن رائحة النفاق تتضح في التأكيد المستمر لحكوماتنا على علاقاتها الطيبة مع أمريكا بل وإسرائيل ، بالرغم من الإهانات المتصلة للمقدسات الإسلامية من قبل جهات رسمية أمريكية ، والمجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال الأمريكي في العراق والمقابر الجماعية التي حفرتها هناك ! ولقد أدلت جلالة ملكة الدانمرك بتصريح حذرت فيه من " الإسلام المتطرف " فأكدت بتصريحها ذلك أن " الإسلام المتطرف " هو الصورة التي يحاول بها الاستعمار الأمريكي التمويه على دوافع العدوان والاحتلال لديه ، كما حاول من قبل التمويه على تلك الدوافع بالحديث عن العدو " الشيوعي " . ومن الطبيعي أن تختلط لأقدم والأهداف في الملعب حين تتحول القضية السياسية إلي موضوع ديني ، يمكن له أن ينتهي بسلام مع اعتذار رسمي من الدانمرك . لكن أحدا خلال ذلك لم يفكر في مطالبة الدانمرك بسحب قواتها التي تشارك بها في احتلال العراق ! الاحتلال إذن على عيني ورأسي ، أما إهانة مقدساتنا ، فأمر مرفوض ! تفضلوا واستبيحوا ثرواتنا ، وأراضينا ، وحدودنا ، وأغرقوا أسواقنا بالكوكاكولا ، والماكدونالدز ، وسنرسل بدرونا الغاز والأسمنت لإسرائيل ، لكننا لن نسمح لأحد بإهانة مقدساتنا !
رحم الله أمير الشعراء أحمد شوقي حين كتب :
" ويا وطني لقيتك بعد يأس .. كأني لقيت بك الشـبـابــا
ولو أني دعيت لكنت ديـنـي .. عليه أقابل الحتم المجابا "



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميشيل باشليه واليسار الجديد
- رحيل فؤاد قاعود .. موال الرفض والحرية
- الجوائز الأدبية وكرامة الكاتب
- اعتذار للشعب السوداني ، واستنكار لما جرى
- بروزاك .. صديق المبدعين
- ألفريد فرج .. في وداع الخيال
- الوجه الآخر لفوز الإخوان في مصر
- يوميات جندي أمريكي في العراق
- من أين يأتي الحزن ؟
- أقباط مصر .. هل يريدون الكثير ؟
- أحداث باريس وكلمات ألبير كامي
- الثقافة والطائرات
- المسألة القبطية وماجرى في الاسكندرية
- اللحظة الحرجة
- علاء الأسواني وروايته التي أثارت ضجة
- هي وأخواتها علماء العراق
- الرواية اليوم
- الانهيار الاقتصادي عصر مبارك
- الثورة مع الاستعمار
- فاجعة مسرح بني سويف


المزيد.....




- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد الخميسي - الأزمة الدانمركية بين الدين والسياسة