أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الحرف في قصيدة -عبود الجابري-














المزيد.....

الحرف في قصيدة -عبود الجابري-


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5632 - 2017 / 9 / 6 - 22:00
المحور: الادب والفن
    


الحرف في قصيدة
"عبود الجابري"
"عبود الجابري" يكتب بطريقته الخاصة، فأحيانا نجده يقدم لنا نصوص أقرب إلى السريالية، والتي توجب على القارئ أن يتوقف عندها متأملا فيها لتفكك المشاهد قدمها، ومن ثم ربط الشكل الذي قدمه بالمضمون/الفكرة التي أرادها، وأحيانا نجده يستخدم مشاهد عادية سهلة لكنها تخفي وراءها معاني وأفكار إنسانية وما على القارئ إلا أن يتأمل فيها، ليصل إلى ما فيها من معاني وأفكار، وأحيانا أخرى نجده يحدثنا بالغة الحكمة/الفلسفة والتي تؤكد ما عند الشاعر من ينابيع معرفية ومشاعر إنسانية، تجعل المتلقي يستمع ويتقدم من جديد من تلك المياه العذبة التي يقدمها لنا.
عندما يشعر الإنسان بأنه محاصر، يخضع لظرف غير سوي، يمر بحالة ضغط، غير راضي عن حالته، يستخدم الحروف أكثر من الكلمات، وإن كان لا بد من الكلمات فستكون مختصر، فالحديث/الكلام إذا كانت فيه الحروف بكثرة يعطي دلالة إلا أن المتحدث ممتعض وغير راضي، لهذا نجده يستخدم هذه الحروف لكي يظهر للطرف المقابل عدم رضاه، ومن ثم على الطرف الآخر أن يفهم ما وراء هذه الأمر.


يبدأ الشاعر بكلمة "أخطأت" والتي تدل على الاعتراف بالقيام بشيء غير سوي، والاقدام على فعل لا يرضى عنه الشاعر، فيبدأ يحدثنا عن تفاصيل الخطأ الذي أقدم عليه:
"أخطأتُ في كتابة العناوين" فنحن لا نعرف بعد ما هي تلك العنوان التي تجعله يشعر/يمر بحالة من الضيق وعدم الرضا عن النفس، لكنه يشعرنا من خلال وجود حروف "لا، لكن، لمن، إلى، لم، يكن، كما" في كلامه عن حالة عدم الرضا، لا عن نفسه وإلى عنا نحن المتلقين/القراء أيضا:

" أخطأتُ في كتابة العناوين
لكنّي لا أعرف
لمن وصلت رسائلي
فبعضها يحمل أدعيةً
كتبتها إلى الله
بشكل شخصيّ جدا
لم يكن الأمر هينا كما كنت أتصوره"
فرغم عندم الرضا عن الخطأ الذي قام به، إلا أن حديثه معنا، أو تكلمه فيه يشير إلى أنه يجد فينا نحن المتلقين، القراء من يفهمه ويستوعب ما يقول، وأننا على مسافة قريبة منه، لهذا خصنا بهذا الكلام، بهذا الحديث يريد أن يريح نفسه مما يثقلها ويسبب لها الألم، فلم يجد أقرب منا إليه، فأخذ حديثه هذا الشكل، يكمل لنا الشاعر حديثه فيقول:

" فقد سعيت ببراعة الجائع
أن أبدو عفيفا
وانتقيت ُ الفاظا
لا تخدش السمع
كما لو كنتُ أكتب أغنية
لمطرب ذائع الصيت"
نجد هنا تبرير وشرح للخطأ الذي وقع فيه، فرغم الدقة التي توخها الشاعر، لكنه لم ينجح في إيصال رسائله، فبهذا التبرير يريد أن يخلص نفسه من تبعات الخطأ الذي وقع.

" أخطأت في كتابة العناوين
لكنّي أعرفها تماما تلك
اللحظة
لحظة يعلن المذيع
ارتطام الدمعة بالأرض
لحظة سقوط الخواتم
من الأصابع الذابلة"
مشهد يدهش المتلقي/القارئ، فمن أين جاءت صورة المذيع الذي يعلن: "ارتطام الدمعة بالأرض" وهل للدمعة هذا الدوي على الأرض؟ وإذا ما قارنا بين سقوط الدمعة والخواتم بالتأكيد سيكون الصوت الناتج عن الخواتم أعلى بكثير، فالدمعة الساقطة لا يمكننا أن نسمعها بالإذن البشرية، لكن الشاعر يقلب تأثره/نا بالدمعة أكثر بكثير من الخواتم.
ويقدم لنا تبريرا آخر من خلال قوله:

" فأنا كذلك لي انتصاراتي
التي تقبّلت فيها العزاء"
فهو رغم الخطأ الذي اقترفه له انتصارات/انجازات/مآثر لكنها انتصارات غير منطقية، انتصارات فيها العزاء، فهل أراد بهذا الكلام أن يشير إلى حالة عدم الرضا عن نفسه؟، أم أرادنا أن نعيد التفكير (بانتصاراتنا) نحن؟ فالعزاء لا يمكن أن يقرن بالانتصارات، لكن هنا شيء أراده الشاعر، وعلينا نحن أن نبحث عنه.
يخبرنا الشاعر بحقيقة الانتصار الذي تحقق، فهو انتصار فيه من الألم الإنساني والخراب الجغرافي/المكاني:

"ما من شهيد
سيعود من أجل بكاء شجرة
وما من منزل
سينهض من ركامه
أنا في عراء شاسع"
يقدم لنا الشاعر صورة نحن "المنتصرون" غافلون عنها، هناك شهداء ومنازل لن تكون موجودة، فهؤلاء الشهداء وتلك المنازل التي كانت هي من يجعل الشاعر/يجعلنا في عراة/مدانين/مخطئين إلى أقسى درجة.
بعد الصورة غير المنطقية، "ارتطام الدمعة، الانتصار والعزاء، يقدمنا من الفكرة التي ينشدها، التي تلبي طموحه/نا:

" أبحث فيه عن انتصاري القادم
حيث لا إخوة يرحلون
ولا أعداء يعودون إلى منازلهم
بحصيلة وافية
من فرح كسير"
وهنا يعود بنا الشاعر إلى المشاهد العادية، السوية، المفهومة لنا، والتي ليست بحاجة إلى وقفة أو تأمل، وهذا الانسجام بين الشكل الذي قدمت فيه الفكر وبين المضمون يعد ذكاء من الشاعر، فهذا المشهد/الكلام هو الأكثر بساطة وانسجاما مع العقل، فلا نجد فيه أي تشويش/عدم وضوح، وما علنا إلا الأخذ به، وتقديمه للآخرين بالطريقة والشكل الذي جاءت به، على النقيض من المشاهد/الصور التي جاءت في حديثه.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانحياز للأطفال والفقراء في مجموعة -عصافير المساء تأتي سرا- ...
- الصور الشعرية عند -محمد العموش-
- غياب المكان والزمان في مجموعة -هي لعبة .. ولكن- عمر الخواجا
- الالفاظ القاسية في قصيدة -الخرافة- جواد العقاد
- طبيعية الشخصيات في رواية -مقامات العشاق والتجار- أحمد رفيق ع ...
- اللغة المتألقة والصوت الواحد في رواية -وداع مع الأصيل- فتحية ...
- استحضار النص الديني في ديوان -طفل الكرز- عدلي شما
- مناقشة -الاشتباك- في دار الفاروق للروائي الفلسطيني :سعادة أب ...
- المرأة والحرب في رواية -زبد الحديد- إيفان أوخانوف
- الهدهد الذي يرى في قصيدة
- أثر الواقع في ديوان -زفير- سعادة أبو عراق
- عالم السماء والأرض في قصيدة -مرايا العشق- جواد العقاد
- البياض والسواد في قصيدة -ذكريات وألم- منصور الريكان
- مناقشة بضع قصائد للشاعر مهند ضميدي
- نحن والاحتلال في قصة -الاشتباك- سعادة أبو عراق
- فاكهة الكتاب في -هذا ما أعنيه- سليم النفار
- المغالاة في رواية -رفقا بما تبقى مني- زينة إياد حلبوني
- اللقاء بين الإنجيل والقرآن
- حاجتنا إلى الإنجيل
- مصر والتحرر في كتاب -جمال عبد الناصر- اجار يشيف


المزيد.....




- من الدلتا إلى العالمية.. أحمد نوار يحكي بقلب فنان وروح مناضل ...
- الأدب، أداة سياسية وعنصرية في -اسرائيل-
- إصدار كتاب جديد – إيطاليا، أغسطس 2025
- قصة احتكارات وتسويق.. كيف ابتُكر خاتم الخطوبة الماسي وبِيع ح ...
- باريس تودّع كلوديا كاردينال... تكريم مهيب لنجمة السينما الإي ...
- آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى ...
- آلة السانتور الموسيقية الكشميرية تتحدى خطر الاندثار
- ترامب يعلن تفاصيل خطة -حكم غزة- ونتنياهو يوافق..ما مصير المق ...
- دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ
- جون طلب من جاره خفض صوت الموسيقى – فتعرّض لتهديد بالقتل بسكي ...


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الحرف في قصيدة -عبود الجابري-