أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - المغالاة في رواية -رفقا بما تبقى مني- زينة إياد حلبوني















المزيد.....

المغالاة في رواية -رفقا بما تبقى مني- زينة إياد حلبوني


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5604 - 2017 / 8 / 8 - 02:38
المحور: الادب والفن
    


المغالاة في رواية
"رفقا بما تبقى مني"
زينة إياد حلبوني
الكتابة عمل إنساني بامتياز، وهو يعد نقلة نوعية في شخصية الكاتب/ة، لكن ليس دائما ما يتم انتاجه من أدب مقنع لنا، واعتقد أن اصعب انواع الكتابة الادبية هو الرواية، لأنها بحاجة إلى العديد من الإمكانيات والمهارات الفنية، من حيث الحبكة، لغة الشخوص، الفصل بين الكاتب/ة والراوي/ة، المعرفة بتفاصيل المكان، تحيد الزمن والوقت، وجود حيادية عن الراوي/ة، بحيث يسمعنا وجهة النظر المغايرة، الأخرى، لغة الرواية بشكل عام.
اعتقد بأننا أمام عمل يكاد أن ينسف كل هذا الأساس في الرواية، فقد قدم لنا عمل في غالية التواضع، وهو بحاجة إلى التوقف عنده، ليس لإظهار ضعفه فحسب بل لتقديم النصح للكاتبة لتتريث أكثر في المرة القادمة ولتكون على علم بما اخفقت ووقعت فيه في رواية "رفقا بما تبقى مني" من أخطاء قاتلة، سنحاول الدخول إلى اماكن الضعف ونبدأ بما يلي:.
لغة الشخوص
هناك هيمنة من الكاتبة على شخوص روايتها بحيث جعلتهم يتكلمون بلغتها هي وليس بلغتهم هم، وهذا ما كان عندما قال "عمر" شقيق خالد عن الصراع مع المحتل: "لم الخوف؟ أنا كبير الآن، وعمري 12ربيعا، ولو أنني أملك المال، لاقتنيت سلاحا حقيقيا" ص13، إذا توقفنا عند لفظ "ربيعا" يتأكد لنا بأن الراوي يتجاوز هذا العمر بكثير ويتمتع بلغة أدبية راقيا، فالمعروف أن يقول "سنة" لمن هيمنة الكاتبة على شخوصها جعلها تستخدم لفظ "ربيعا" وإذا ما تأملنا المعنى العام لهذه الفقرة نجدها أكبر من سن عمر أيضا، فلا يمكن أن تصدر هكذا فقرة عن طفل.
ونجد لغة الأم والتي من المفترض أن تكون ثقافتها متواضعة جدا، تتحدث بلغة فلسفية: "ـ كيف سنهزمهم يا أمي؟
ـ بالحب يا بني، حين نحب أرضنا ونفديها بأرواحنا، نحب الله الذي يملؤنا يقينا، بأن الله معنا، ويحمينا، فتنقشع الجبن من أفئدتنا فتصبح الشهادة أمنية، والرصاصة تقربنا من الجنة.... السر أن الطفل في غزة، شبل، السر في الأم التي تنتظر خبر استشهاد ابنها لتزغرد فرحا" ص21و22، كلنا يعلم حرص الأمهات على أبنائهن، لكن الكاتبة جعلتها تتكلم بلغة ثورية لا تصدر عن أم، وإنما عن قائد ثوري، أليس في هذا اجحاف بحق الأم التي تحرص على الأبناء أكثر من روحها، فالانزلاق إلى الخطاب العالي من الكاتبة لم يكن موفقا ولم يخدم فكرتها عن طبيعة الأم.
ونجدها تستخدم هذه اللغة كأنها عامة لغة عربية فتقول: "والله إنني مشتاق إليها اشتياقا أثيثا جما" ص64، لنتوقف عند لفظ "أثنيا جما" من أين لنا أو لأي أم أن تتكلم بمثل هذه الألفاظ؟ أليس هذه لغة أكبر بكثير من لغة الأم وتشوهها أكثر من تجملها، فالكاتبة هنا تزيد (المكياج) كثيرا، بحيث تبدوا لغة الأم مشوهة بالمغالاة بالغتها.
مثالية الأم
كافة شخوص الرواية تتكلم بلغة عالية النبرة، وكأنهم ثورا لا يعرفون إلا الشهادة والمقاومة، وإذا ما استثنينا شخصية "خالد" وشخصية ابن عائلة "الكيلاني" العائد من امريكيا، نكون أمام شخصيات مطلقة الإيمان بالثورة والمواجهة، لهذا نجد نبرة عالية في الرواية تقدمنا وكأننا شعب لا يعرف من الحياة إلا الموت في سبيل الوطن، وهذا طبعا غير صحيح وغير موضوعي، ويهين الشعب الفلسطيني أكثر مما يخدمه، فكان من الأفضل أن تقدمنا الكاتبة بالشكل الإنساني، بمعنى بشكل طبيعي، نحب الحياة ونريدها، ونخاف من رهبة الموت.
"...تلك الأم التي راحت تزغرد بابتسامة العزة، فرحة أن أولادها الخمسة، وبينهم ذلك الرضيع الصغير، قد نالوا الشاهدة جميعا، تلك التي لم تبكي ولم تيأس، بل ازدادت صلابة، وقوة" ص49، أننا أمام أم (سوبر) خارج النطاق الإنساني، وهذا تشويه لصورتها الحقيقية، فكان أجدر بالكاتبة أن تقدمها لنا كأم حقيقية وليست بهذه الصورة المشوهة والبعيدة بعد الأرض عن السماء.
"نظرات أم الشهيد يجب أن تؤرخ
أطلقت العنان لزغرودتها" ص33و34، لا أدري لماذا تريد الكاتبة أن تكون أمهاتنا مجردات من الحزن، وتصر على تقديمهن لنا ـ ونحن أعرف بهن ـ بهذا الشكل المغال فيه كثيرا؟ فالكاتبة هي امرأة وتمتلك من المشاعر المرهفة ما يجعلنا تتأثر بنسمة الهواء، فما بالنا عن موت ابنها، أحب إليها من روحها؟. هناك خلل واضح في تقديم هذه المشاهد عن الأم
لغة الشعرات
وهناك فجوة كبيرة وخلل في الصور التي قدمتها لنا الكاتبة، فنجد "أبو نزار" يتحدث بلغة السبعين عندما كانت الثورة في أوج عطائها، وليس بعد أن تم التراجع والرادة التي اصابت الكثير منا، بعد أن وجدنا (قادتنا) مجرد تجار ثورة وتجار دين، ليس أكثر: "ـ ماذا لو غادر كل الشباب؟
ماذا لو فكر الجميع بالهرب؟
من سيحمي الأرض؟
أنت هكذا تتركها لهم، لا تتأفأف يا خالد" ص94، من سمات الأدب الجيد أن تكون لغة الشخوص منسجمة مع العصر، والوقت، الظرف، الزمن الذي تتكلم فيه، لهذا لك تكن الكاتبة موفقة في استخدام هذه اللغة والنبرة الثورية العالية في زمن الردة والتقهقر، خاصة عندما يأتي من رجل عاصر وعرف حقيقة الثورة ورجالاتها.
ونجد التمسك الشكلي بالأفكار والعقائد من خلال حديثه عن الحياة في الغرب فيقول: "بالله عليك، أخبرني عندما أطفلا، فهل سيعرف أبناؤك معنى التواكل، والتوكل؟
هل سيعرفون الصلاة؟
هل سيعرفون الزكاة؟
وبناتك هل سيعرف الستر والحجاب؟" ص97، أسئلة تبين عقم التفكير عن "أبو نزار" لكن الكاتبة تصر على تقديم الصورة المثالية لشخوصها، لهذا جملتهم وزوقتهم أكثر من المطلوب فكنوا مشوهين اللغة والفكر معا.
لغة المعجم
الأدب الجيد هو الذي يستخدم لغة يستوعبها المتلقي ويستمتع بها، وكلما كانت اللغة أدبية لا بد أن يستمتع بها، لكن عندما يتم حشو العمل الأدبي بكلمات وألفاظ يقصد منها إظهار الكاتب/ة بصورة العبقي لغويا فهذا يضر بالعمل الأدبي ويشوه ويضرب بمزاج المتلقي، فيظهر بموضع غير العارف والضعيف أمام لغة الكاتب/الكاتب/ة، فمثل هذه الفذلكة غير مستحبة في الأدب: "العربي يرى أخاه العربي عريرا في العرارة، فقد دلصت دروع العروبة... ومهما احمرت ثجوج العيون... يدهشك العجوز الضنين بأرضه التي أعرد بها الشجر ونما، ويدهشك أطفالها اللبائب... وذلك الرئيس يحاول التظاهر أنه ملبوب" ص36، وهناك ألفاظ أخرى جاءت كما يلي: "يعاني من السعب" ص41، "واتخذت من القرآن ضميمها" ص41"صلب المكسر" ص47، "تشرئب رؤوسها" ص58، "عجوز هردبة" ص63، "أثنيا جما" ص64، لا أدري هل هناك خطأ في الطباعة أم أن الكاتبة أرادت أن تجمل روايتها فكان التشويه.
العقل الباطن للكاتبة
هناك لغة دينية واضحة في الرواية، وهناك استخدام واستحضار للآيات القرآنية، وهذا طبعا مسألة تحسب للكاتبة، فدائما التناص مع القرآن الكريم يرفع من قيمة العمل الأدبي، ويجعل المتلقي يذهب إلى عالم الجمال اللغوي والديني، ولكي نضع القارئ أمام هذا الاستخدام نستشهد بشيء مما جاء في الرواية: "وبتلت أوراق المصحف في جيبه الأيم بالدماء" ص 33، كناية عن العلاقة الحميمة بين القرآن الكريم زوج "أم سعد" الذي استشهد، وهذه ن الصور الجميلة التي انفردت بها الرواية، "تبقى فلسطين قضية إسلامية" ص58، وفهي هنا ليست وطنية أو قومية، بل إسلامية فقط!!، "صلت نافلة الضحى" ص69، "وضعت لهم الغداء ثم ذهبت لتصلي" ص128، الشواهد كثيرة التي تتحدث عن الثقافة الدينية التي تستخدمها الكاتبة في الرواية، وإذا ما أضفنا إليها الآيات القرآنية مثل: "فلا تخافي ولا تحزني" ص16، "وكانت نسيا منسيا" ص44، "إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى" ص59، أن الله اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون" ص96، كل هذا يؤكد على أن الثقافة الدينية حاضرة ومؤثرة في الكاتبة.
لكن في المقابل نجدها تتعامل مع (العربي) بشكل مهين ومغاير، فهي تفضل الإسلامي على العربي، وتجعل (العربي) سبب كل المصائب الواقعة على ابطال الرواية، حتى أننا نجدها تستخدم عبارة "لتشرشل" عدو العرب وسبب مصائب الفلسطينيين لتخدم أن العربي حقير/ منحط/خائن، ولكي نكون موضوعيين سنجد هذا الاحياز للإسلامي والعداء للعربي من خلال هذه الفقرات: "تصرخ باكيا: أنا جائع، الفقر لا يرحمني، والخوف يصيبني بالشلل، وتشعر بالحقد على كل العالم الذي ينظر إليك دون حراك، تلعن الإنسانية والعرب، والعالم ألف مرة" ص 26، إذا ما توقفنا عند هذا المشهد نجد هناك حقد وعنف وردة فعل طبيعية على الواقع، على النقيض من المواقف الأخرى التي قدمت لنا بشكل مثالي عندما استخدم فيها عبارات "حسبي الله ونعم الوكيل" ص80 من قبل ابن عائلة الكيلاني العائد، وكأن الكاتبة تقرن بين المشاهد السوداء والعربي، بينما تقرن الصبر والجلد بالإيمان والإسلام.
وتقول: أماه أـين العرب؟" ص27، كان من الأجدى أن تقول "أين المسلمين؟" لأن ثقافتها دينية، لكن تحاملها على ما هو عربي جعلها تستخدم هذه النداء لإدانة العربي وتبرئة الإسلامي/المسلم.
"أليست بلاد العرب قريبة منا؟" ص31، أيضا نجدد هنا ادانة للعربي، ولا ندري أي عربي الذي تدينه الكاتبة، دول النفظ الإسلامية أم العراق وسورية؟
"...صدق تشرشل حين قال: إذا مات العربي تموت الخيانة" ص37، وهنا تنقشع أمامنا حقيقة تحامل الكاتبة على كل ما هو عربي وانحيازها للإسلامي، فكان لها أن تتحرر من هذه الأفكار قبل الاقدام على كتابة الرواية، حتى لا تقع فيما وقعت فيه.
الرواية من منشورات الشامل للنشر والتوزيع، نابلس، فلسطين، الطبعة الأولى 2017



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللقاء بين الإنجيل والقرآن
- حاجتنا إلى الإنجيل
- مصر والتحرر في كتاب -جمال عبد الناصر- اجار يشيف
- الخراب في كتاب -خريف الغضب- محمد حسنين هيكل
- الحكمة في كتاب -كهل وكهف وقول- نجاح الخياط
- حقيقة الاخوان في كتاب -سر المعبد- ثروت الخرباوي
- شعب لا يعرف كيف يفرح
- الدخول إلى قصة -العائد- إبراهيم نوفل
- تشابه سلوك التيارات الدينية في كتاب -الثورة البائسة- موسى ال ...
- سلاسة السرد وسهولته في مجموعة -الأدرد- مجدلين أبو الرب
- الطبخ السياسي
- سلسة السرد في رواية -ثلاثة فلسطين- نبيل خوري
- الفكر في كتاب -جنون الخلود- انطون سعادة
- انطفاء
- تعدد المداخل في كتاب -ألوهة المسيح وفلسفة الألوهة- محمود شاه ...
- القائد في رواية -قناديل ملك الجليل- إبراهيم نصر الله
- الآخر في مجموعة -القاتل المجهول- هادي زاهر
- نهضة تركيا على حساب سورية
- النبل الفلسطيني
- حيوية النص في ديوان -خربشات على جدار ميت- منصور الريكان 2


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - المغالاة في رواية -رفقا بما تبقى مني- زينة إياد حلبوني