أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - أثر الواقع في ديوان -زفير- سعادة أبو عراق















المزيد.....

أثر الواقع في ديوان -زفير- سعادة أبو عراق


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5614 - 2017 / 8 / 19 - 17:54
المحور: الادب والفن
    


أثر الواقع في ديوان
"زفير"
سعادة أبو عراق
سأبدأ بداية سياسية قبل أن ادخل إلى الديوان، أقول عن نفسي: "ها أنا في العقد الخامس من العمر ولم يمر في حياتي أي حدث/معركة/انجاز/عمل عظيم يشير/يحقق/يؤكد على كرامة المواطن في المنطقة العربية، فقد وعيت الحياة وكانت فلسطين قد احتلت بالكامل، وبعدها كانت احداث أيلول الأسود، ثم ذهاب السادات إلى القدس والذي اخرج أكبر وأهم دولة عربية من المعركة بشكل مخزي، ثم كان تل الزعتر والحرب الأهلية اللبنانية التي أكلت الأخضر واليابس، وأثناء ذلك قامت الحرب العراقية الايرانية التي افقدت العرب الكثير من الامكانيات والتي انتهت باحتلال العراق من قبل المحتل الامريكي وبمساند النظام الرسمي العربي، وبه تم القضاء على أهم وأكبر جيش عربي، ولم يكتفوا بذلك فتم استنساخ الحرب الأهلية اللبنانية فيه وما زال يأن تحت هذه الحرب، أما ليبيا فقد جعلوا منها قبائل متناحرة ولكل قبيلة حساباتها وتحالفاتها، وفي سورية ـ الدولة الحقيقية في المنطقة العربية ـ فقد "أدخلوا إليها كل زناة الأرض ليستبيحوا بكارتها" وتم تدميرها وتشريد وتهجير اهلها، وكان آخر المعاقبين اليمن السعيد الذي أصبح اليمن المريض بالكوليرا والذي يأن تحت الحرب الطائفية المدعومة من قبل أنظمة النفط العربي.
هذا واقعنا في المنطقة العربية، وكل من يحاول أن يجمل هذا النظام أو ذلك هو واهم ومخادع، لهذا تجدنا في المنطقة العربية نعاني من حالة القهر وعدم العيش السوي وعدم الاحساس بالكرامية، فقد جعلتنا الانظمة الرسمية مجرد قطيع من الأغنام تسيره كيفما تشاء.
... ولكن هناك من هم يعوا والواقع ومراته، ويعرفون كل شيء، ولا يسكتون، يعملون على كشفه كما هو، مبدين ضرورة "قرع الخزان" حتى لو لم يسمعهم إلا القليل، هؤلاء هم الشعراء والكتاب، فهم روح الأمة، "سعادة أو عراق" في دوانه "زفير" يخرج ما في نفسه من قهر وألم بشكل شعر، وبلغة والفاظ تتناسب والفكرة التي يريد أن يطرحها، فنجد الحرقة عند الشاعر من خلال استخدامه صيغة النداء، التي تطغى على الديوان، فنجد غالبية القصائد يستخدم فيها حرف "يا" أو صيغة النداء، فالشاعر ينبهنا ويعمل على ايقاظنا من سبوتنا، فهل هناك أبلغ من "يا" للتنبيه؟، ونجده أيضا لا يقدم لنا أفكاره بالطريقة المباشرة المتبعة، بل يستخدم صيغة السؤال، والذي من خلاله يجعلنا نفكر ونتوقف ونتأمل ما جرى ويجري، فهو يردنا أن نكون واعين ومتيقظين، وليس مجرد متلقين، وهذا يحسب له، فهو شاعر ويرفض أن نكون تابع مجرور له أو لغيره، لهذا يريدنا أن نكون مفكرين وواعي قبل أن نؤيده في طرحه.
فاتحة الديوان
الفاتحة دائما من العناصر المهمة في أي عمل أدبي، لأنها تفتح النص أمام المتلقي، فأما يندفع إلى ما فيه، ما يقدمه الكاتب/الشاعر أو يتركه في مكانه، "سعادة أبو عراق" يفتتح لنا ديوانه بهذه الفاتحة:
"من يندهني من جوف الليل؟
من طوق العتمة في دنياي
من يوقظني من حلم يكبر؟
من يمتلك سلكة توجيهي
أو تقليم الحلم كما يهوى؟
من أنت لتزعجني؟
أو لتقطع حبل اللذة
في بحر رؤاي؟
لا بأس...
سأكمل حلمي الرائع
رغم عنك" ص5.
بهذا التمرد والمواجهة يفتتح الشاعر ديونه، فقد استخدم صيغة النداء وصيغة السؤال معا، وكأنه بهما يريدنا أن نسمع ونبصر ونفكر، فهو ينادي الأخر، غير المرضي عنه بشكل استفزازي، تحدي "من جوف الليل" فرغم أن التعبير جاء "جوف الليل" يشير إلى زمان إلا أنه أيضا يعطي هيئة المكان فهو مخيف، وهذا المنادي المستفز للشاعر يرد عليه بشكل قاس: "من يوقظني من حلم يكبر" وهنا تكمن فكرة الشاعر عن ضرورة المواجهة وعدم التسليم أو القبول بعتمة الليل ومن يناديه، فهو يؤكد على فعل المواجهة من خلال: "حلم يكبر" فهنا الحركة الظلام وحركة ـ حلم ـ الشاعر متعاكسة، فكلما كان الظلام اكبر كلما كان حلم الشاعر اكثر واكبر، فهو بحلمه، بأمله، بفكره يواجه الظلام، وكأن الصراع سرمدي بينهما.
يعمل الشاعر على تنزيل مكانة المنادي من الظلام، حتى أننا نجد فيها تحقير للمنادي وتقليل من شأنه: "من يملك سلكة توجيهي أو تقليم الحلم كما يهوى؟، من أنت لتزعجني؟" فالشاعر له عالمه الخاص، عالم لن يرضخ فيه لما هو كائن وحاصل، ويبقى متمسك بحلمه وأمله وفكره، لهذا يختم لنا فاتحة ديوانه بقوله: "لا بأس... سأكمل حلمي الرائع".

وإذا ما توقفنا عند هذا الصراع سيعود بنا إلى فكرة الصراع الدائر بين إله الخصب الكنعاني "البعل" وإله الموت "يم" فهما في صراع دائم ومستمر، ودوافع الصراع بينهما سعي كلا منهما السيطرة على الآخر وفرض ما يريده، "البعل" يعمل على احداث الخصب والنماء في الأرض وبين الناس، و "يم" يعمل على نقيضه، جعل الظلام والموت هما السائدان، وإن عدنا إلى الملحمة الكنعانية سنجد المعتدي هو "يم" الذي غار من انجازات "البعل" وما يحفى به من مكانه عند الآلهة، ونجد نهاية الملحمة أن البعل يعود من الموت ويبني هيكل خاص به بعد أن يقضي على "يم" وهنا كانت نهاية الملحمة وفاتحة الديوان تخدم فكرة الانتصار وتحقيق الحلم.
صيغة السؤال
العديد من القصائد يستخدم فيها الشاعر صيغة السؤال، حيث يجدها أكثر الصيغ تحفيزا على التفكير والتأمل، فنجده يستخدمها في أول قصيدة "رحلة" والتي تبدأ:
"من أسقطني في إحدى عربات (القطر)
في مقعد، في طائرة الوقت
لم يستأذني أحد في السير
لم يسمع صوت ندائي
كي اتوقف لحظة
كي اقطف من أمسي ذكرى
كي افتح نافذة الرؤيا" ص7، كل هذه الأسئلة تؤكد على حالة عدم الرضى بما وجرى، فها أبلغ بكثير من طريقة تقديم الفكرة/الحدث بشكلها الخبري العادي.
ويقول في قصيدة "طيور العقل":
"قل لي ...
أين تعلمت خداع النفس وقول الزور
وصوت البوق الأجوف
تجلس مستمعا أبله" ص29، فرغم ان الفكرة واضحة ومباشرة إلا أن وضعها في صيغة سؤال جعلها تبدو غير ذلك، فهي مواجهة ليست لنا، وإنما ذلك المخاطب المجهول الواقف امام الشاعر، ونجد في هذا السؤال حالة استنهاض للمخاطب، ودعوة لاتخاذ موقف ايجابي من الواقع، فكانت صيغة السؤال تحمل الطرف المقابل على التوقف عما يصدر منه من سلوك والتوجه إلى فعل آخر فاعل ومؤثر.
ويقول في قصيدة "المخيم":
"أيتها الخيمة
كيف استرجعنا ظلك من ذاكرة البدو
وأزمنة الترحال
واوقات الكسل الممطوط
كيف توالدنا كالفطر على جيف المقت
ثم أقمنا حفلا للندب، وساحات عويل" ص56، الفكرة واضحة وتتحدث عن الفلسطيني والواقع الذي عاشه في المخيمات بعد أن فقد وطنه، لكن ما يميز هذه الفكرة الطريقة/الشكل الذي قدمت لنا فيه، فنجد فيها صورة تراجع في السلم الاجتماعي من المجتمع البدوي الذي يعد اقل المجتمعات تحضرا وتمدنا، ونجد صورة الخمول والكسل والعيش بشكل طفيلي من خلال تشبه حالة الفلسطيني بالفطر الذي يعيش على أبسط وأدنى عناصر التغذية، وأخيرا يذكر شيء عن المآسي التي مرت بها الفلسطيني من خلال العويل والندب، فالشاعر هنا قدمت فكرة معروفة وواضحة، لكن الشكل والتصوير الذي جاء به يعد خرقا للمألوف ويحمل صورة جمالية رغم سواد والقتامة الذي تحمله.
النداء
النداء يعد احدى صيغة المخاطبة التي تدفع المتلقي/المستمع/القارئ للانتباه والتيقظ أكثر، فهو إن كان موجه له أو لغيره يثير فيه احساس خاص بضرورة الانتباه والاستماع إلى ما سيقوله المنادي/الشاعر، وهذا الديوان يكاد أن يكون ديوان المنادى، للزخم الذي استخدمت فيه صيغة انداء، وهذا مؤشر على قوة وسخونة الحدث، ولكثر الشواهد في الديوان سنأخذ بعضا منها، يقول في قصيدة "صفيح الصلب":
"يا صلبا قرر قصفنا
هلا علمت بأننا
ما زلنا نعلن بأسنا
ما زالنا نرسم ظلنا
ما زلنا نحرس حلمنا
ما زلنا نشرع ريحنا
ما زلنا نرجو وعدنا
++++
يا عاصفة فقدت
بوصلة الوقت وبوصلة الموت
قفي...
كوني مت شئت سديما أعمى
يأتي دون هدف
يرجمنا صاروخا قنبلة
عشرا منها، ألفا
لكن تبقى في الأرض جذورا
أما أنت فتمضي للموت
ولا يذكرك أحد" ص52و53،
النداء الأول موجه إلى العدو/الآخر الذي يعمل فينا بوحشية دون أن يأخذ أننا بشر ولنا حقوق، ومع هذه الوحشية إلا أننا ما زلنا متمسكين بكل ما لنا من حقوق وبكل أحلامنا وآمالنا في الحياة السوية، فنحن وإن كنا مهزومين ما زال حلما متقدا ومشتعلا ينير لنا الطريق.
والنداء الثاني جاء فيه شيء من الرمزية عندما خاطب الشاعر "العاصفة" والتي يمكننا أن نقول عندها الجناح العسكري لحركة فتح، والتي كان لها الدور الأبرز في مقاومة المحتل، ويمكننا أيضا أن نعتبرها رمزا لكل الفصائل المقاومة دون استثناء، فالشاعر يدعوها إلى التوقف والتفكير عما آلت إليه الاحوال بعد أن خمدت نيران العاصفة، لأن الاستمرار النهج الجديد، سيقود إلى الموت الفعلي.
المباشرة والمواقف السياسي
من حق أينا منا أن يبكون له موقف سياسي، لكن التصريح به في الأدب يحمل شيء من الاشكالية، بمعنى يمكن أن تعجبنا لغة وشكل تقديم القصيدة/ الرواية/القصة لكن طرحها السياسي لا، لهذا يفضل دائما أن يكون الكاتب بعيدا من المنزلق المواقف السياسية، لأنها متغيرة ومتبدلة في كل ساعة، التصريح بالموقف من نظام لحكم في سورية يعد احد الاشكاليات التي أضعفت الديوان، خاصة بعد أن انجلى الغباش والذي تبين أن المطلوب لم يكن "بشار الأسد" وإنما المطلوب سورية وتدميرها وتشريد شعبها، فقد تبين للقاصي والداني أن مشروع "الشرق الأوسط الجديد" يعمل على تقسيم وتخريب الأوطان وتشريد وتهجير الشعب، لهذا كنا نتمنى على الشاعر أن يبتعد عن طرح مواقف سياسية في الديوان" كما جاء في قصيدة "الظاعنون" وقصيدة " الأسد"، لكن نجد في المقابل ذكاء الشاعر في قصيدة "اشجب" والتي يتناول فيها النظام الرسمي العربي دون تحديد، فيمكن للمتلقي أن يسقط هذه القصيدة على أي نظام عربي، وهذا يعد أحدة اشكال الاقناع واكثرها قبولا من المتلقي.
بقى أن نشير أن الديوان من منشورات دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع، عمان الأردن، الطبعة الأولى 2018،



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عالم السماء والأرض في قصيدة -مرايا العشق- جواد العقاد
- البياض والسواد في قصيدة -ذكريات وألم- منصور الريكان
- مناقشة بضع قصائد للشاعر مهند ضميدي
- نحن والاحتلال في قصة -الاشتباك- سعادة أبو عراق
- فاكهة الكتاب في -هذا ما أعنيه- سليم النفار
- المغالاة في رواية -رفقا بما تبقى مني- زينة إياد حلبوني
- اللقاء بين الإنجيل والقرآن
- حاجتنا إلى الإنجيل
- مصر والتحرر في كتاب -جمال عبد الناصر- اجار يشيف
- الخراب في كتاب -خريف الغضب- محمد حسنين هيكل
- الحكمة في كتاب -كهل وكهف وقول- نجاح الخياط
- حقيقة الاخوان في كتاب -سر المعبد- ثروت الخرباوي
- شعب لا يعرف كيف يفرح
- الدخول إلى قصة -العائد- إبراهيم نوفل
- تشابه سلوك التيارات الدينية في كتاب -الثورة البائسة- موسى ال ...
- سلاسة السرد وسهولته في مجموعة -الأدرد- مجدلين أبو الرب
- الطبخ السياسي
- سلسة السرد في رواية -ثلاثة فلسطين- نبيل خوري
- الفكر في كتاب -جنون الخلود- انطون سعادة
- انطفاء


المزيد.....




- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - أثر الواقع في ديوان -زفير- سعادة أبو عراق