استقلال اقليم كردستان والتحديات المتوقعة

حسن نبو

الحوار المتمدن-العدد: 5620 - 2017 / 8 / 25 - 14:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

ان لم يتأجل موعد الاستفتاء المزمع اجراءه في يوم الخامس العشرين من شهر ايلول الحالي سيكون ذلك اليوم يوما تاريخيا في مسيرة شعب اقليم كردستان العراق بشكل خاص والشعب الكردي بشكل عام إذا نجم عن الاستفتاء تصويت اغلبية شعب اقليم كردستان بنعم لانفصال الاقليم عن العراق وتحويله الى دولة مستقلة ذات سيادة .
هناك احتمالات لتأجيل عملية الاستفتاءالى موعد لاحق مسمى او غير مسمى فيما اذا اقتضت الظروف تأجيلها ، ولكن قطعا لن يكون هناك اي قرار بالغاء الاستفتاء مهما كان حجم الضغوطات والتحديات الخارجية والداخلية كبيرا ، لان انفصال اقليم كردستان عن العراق امر لابد منه بعد اتباع الحكومات المتعاقبة على سدة الحكم في بغداد بعد سقوط نظام الديكتاتور صدام حسين سياسات تجاه الاقليم وشعبه لاتختلف كثيرا عن السياسات التي مارستها الحكومات المتعاقبة على سدة الحكم في بغداد قبل اسقاط الديكتاتورية .
وقد يقول البعض ان حكومات مابعد اسقاط الديكتاتورية في عام 2003 لم تشن اي حرب على مناطق الاقليم ولم ترتكب اي مجازر بحق شعب الاقليم كما فعلت الحكومات السابقة مرارا وتكرارا وان عراق مابعد الديكتاتورية لايحكمه العرب فقط بل يحكمه العرب والكرد وسائر الاقليات الاخرى معا بدليل ان رئيس الجمهورية هو كردي منذ اسقاط الديكتاتورية حتى الآن .
بخصوص منصب رئيس العراق لابد من الاشارة الى ان هذا المنصب هو منصب شكلي وان من يقود الجيش والحكومة ويقرر اعلان الحرب ويرسم السياسات المختلفة .... هو الحكومة او مجلس الوزراء وليس رئيس الجمهوية . اما عدم شن حكومات مابعد اسقاط الدكتاتورية الحرب على اقليم كردستان وعدم ارتكابها المجازر بحق شعبه كما فعلت الحكومات السابقة فهذا سببه الاساسي هو تحويل اقليم كردستان الى رقم صعب يصعب او يستحيل محاربته بسهولة وارتكاب المجازر بحق شعبه ، اضافة الى ان الاقليم محمي من قبل الدول الولايات المتحدة الامريكية والدول الغربية المتحالفة معها . ولكن رغم هذا كله عمدت حكومات بغداد بعد اسقاط الديكتاتورية الى اضعاف الاقليم وتهميشه واخضاعه لارادتها ، وبهذا الصدد يتوجب الاشارة الى تهرب حكومات بغداد من عدم تنفيذ العديد من مواد الدستور المتعلقة باقليم كردستان وابقاءها حبرا على ورق كالمواد المتعلقة بتسوية الاوضاع في المناطق المتنازع عليها ، اضافة الى تعطيلها للمواد المتعلقة بميزانية الاقليم وبمسائل اخرى مرارا وتكرارا .
لابد من القول ان مسيرة شعب كردستان الجنوبية نحو الحرية والاستقلال سترافقه تحديات واخطار جمة يجب عدم الاستهانة بها. وتعتبر معاداة الدول المجاورة لمسيرة شعب الاقليم نحو الاستقلال من اخطر التحديات التي تواجه استقلال الاقليم عن العراق ، لأن هذه الدول ترى في استقلال اقليم كردستان عن العراق خطرا عليها بسبب وجود ملايين الكرد لديها ، الذين قد يطالبوا ايضا بالاستقلال . ولذلك فإن الدول المذكورة ستبذل كل جهودها وستحرك كل بيادقها وخلاياها النائمة - ان صحت العبارة - لمنع استقلال الاقليم او وضع العراقيل امامه على الاقل ، لكن الدول المجاورة تعرف جيدا انها لن تتمكن من التدخل العسكري في الاقليم لاسباب عديدة وفي مقدمتها حماية الاقليم من قبل الولايات المتحدة الامريكية وحلفاءها الغربيين .
بالنسبة للموقف العربي اعتقد ان اقصى ماتستطيع الدول العربية ان تفعله هو اصدار بيان من الجامعة العربية يندد (بتقسيم العراق ) . لكن رغم هذا اعتقد ان عددا من الدل العربية سترحب بشكل سري باستقلال الاقليم .
من المهم جدا وقوف الولايات المتحدة الامريكية وحلفاءها الغربيين الى جانب اقليم كردستان في خطوتها نحو الاستقلال .
ويبدو من خلال تصريحات العديد من المسؤولين الامريكيين ان الادارة الامريكية تقف الى جانب السعي القانوني لشعب اقليم كردستان نحو الاستقلال ولكنها من جهة اخرى تطالب قيادة الاقليم بتأجيل عملية الاستفتاء الى موعد لاحق ، بسبب خشيتها من ان تؤدي عملية الاستفتاء في هذا الوقت الى خلق المزيد من الفوضى وعدم الاستقرار ، وكل هذا قد يؤدي الى تشتيت جهود محاربة الدواعش التي تعتبرها الادارة الامريكية من اهم اولوياتها حاليا في العراق وسوريا .
اضافة الى التحديات الخارجية التي تواجه استقلال الاقليم هناك تحديات داخلية ايضا ، تتمثل في معارضة بعض الاطراف السياسية بشدة عملية انفصال الاقليم عن العراق ، اضافة الى وجود الكثير من الخلافات والمشاكل الحادة التي قد تؤدي الى تفجير الوضع لاحقا فيما اذا بقيت الخلافات والمشاكل قائمة ولم تتمكن القوى السياسية المختلفة من ايجاد حلول لها .
.

#حسن_نبو (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل