أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جدعون ليفي - مُعْجزةٌ تحدث في نابلس: حكاية مستشفى النجاح تحطّم كلّ القوالب















المزيد.....

مُعْجزةٌ تحدث في نابلس: حكاية مستشفى النجاح تحطّم كلّ القوالب


جدعون ليفي

الحوار المتمدن-العدد: 5616 - 2017 / 8 / 21 - 10:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



مُعْجزةٌ تحدث في نابلس: حكاية مستشفى النجاح تحطّم كلّ القوالب

جدعون ليفي ، أليكس ليبك



(ترجمة: أمين خير الدين)
المستشفى الأكثر هدوءا الذي زرناه، وعلى ما يبدو الأكثر نظافة مما زرنا. تنتهي ساعات الزيارة عند الظُهر فيخيّم الهدوء في الأروقة. التعليمات على الحيطان تُلْزم بغسل الأيدي، على شكل أوامر تقريبا. في قسم العلاج المكثف لمرضى القلب يرقد مريض واحد فقط، تعلّم في صباه مع رئيس الحكومة الفلسطينيّة في نفس الصّفّ، البروفسور رامي الحمد الله ، والآن يتصل الحمد الله ليطمئن عن صحته، بعد أن سمع أنه ربما توفي. الحمد الله يُشْغِل اليوم رئيس مجلس إدارة هذا المستشفى وهو الذي جنّد المدير العام، البروفسور سليم الحاج- يحيى.
حكاية الحاج- يحيى وهذا المستشفى الذي أقامه، النجاح – المستشفى الجامعي الأول في الأراضي المحتلّة، حكاية عجيبة. تشبه معجزة تحدث في نابلس، على قمّة جبل عيبال. قبل ثلاث سنوات ونصف السنة احْتُفِل بافتتاح هذا المستشفى، مع 217 سريرا وحوالي مائة طبيب. اليوم تحفر الجرّافات بالجبل للعمل على إنهاء المرحلة الرابعة – وبناء برج لمكوث المرضى من 15 طابقا. كي يصل المستشفى لإمكانية استيعاب 800 سرير.
ميزانيّة بناء البرج: 100مليون دولار. من المُقرر إنهاء العمل فيه خلال خمس سنوات. هذا المستشفى مزوّد بكل الأجهزة الطبّيّة المتطوّرة، جهاز الإم آر آي (MRI) حتى القلب الاصطناعي، ينقصه فقط جهازPAT CI TI (للتصوير المقطعي) لتشخيص أمراض السرطان. المال المُعدّ لشرائه موجود، لكن إسرائيل تمنع إحضاره. "يظن الإسرائيليّون أننا متطوّرون وسنصنع بهذا المال قنبلة ذريّة"، هذا ما يقوله الحاج يحيى وهو يبتسم بسخرية.
حكاية هذا المستشفى، كحكاية مديره العام، حكاية تحطّم كلّ القوالب والأفكار المُسْبَقَة. حداثة وتكنولوجيا طبيّة مُتْقّنَة في نابلس، جرّاح للقلب مشهور عالميا. بدأ الحاج – يحيى دراسة الحقوق في جامعة تل أبيب وبعد سنتين انتقل لدراسة الطّب في التخنيون. والده يحمل لقب دكتور في علم الإجرام، أخوه، سامر، رئيس مجلس إدارة في بنك لئيومي، أمّا هو أنهى تخصّصه في جراحة القلب والصدر في مستشفى شيبا (تل شومير- المترجم).
بعد سنة من العمل في شيبا، دعاه البروفسور المصري مجدي يعقوب، من كِبار جرّاحي القلب وزراعته في العالم ليعمل معه في لندن. هكذا بدأت السيرة المهنية العالميّة لهذا الشاب ابن مدينة الطيّبة وخلالها أجرى عمليات، وزرع قلوبا بشريّة واصطناعيّة في كلّ العالم، من الرياض وحتى جوهانسبورغ (أجرى هناك عمليّة لكاهن يهودي). "أجريتُ عمليّات زرع كما تأكل أنتَ حُمُصا"، كما قال. يدرّس اليوم في جامعة بريستول، إلى جانب عمله في نابلس. زوجته لانا، ممثلة مسرح عربيّة تقيم مع أبنائها الثلاثة في غلاسكو، حيث أقام مشروعه القومي سكوتلاند لزراعة القلوب الاصطناعيّة. يسافر مرة كل عشرة أيام لعائلته في غلاسكو، يعود بعد ثلاثة – أربعة أيّام إلى المستشفى. يقول إنه ينام عادة على سرير ميداني في المستشفى.
عمره 50 سنة، رجل أنيق مع ربطة عُنُق، يبدو كقائد طيّارة أو كممثل سينمائي أكثر منه مديرا لمشفًى. يتكلّم اللغة العبريّة والإنجليزيّة بطلاقة متماثلة. يقول إنه تلقى الإيحاء بالتجديد والتقنيّة من إسرائيل. "أنا إسرائيلي جدا، لكن بدون الوقاحة الإسرائيلية وقلّة الأدب". "مِنَ المؤسف رؤية كيف أنكم فقدتم القدرة على رؤية الطرف الثاني، الاحتمال الوحيد للسلام إذا اعترفتم بوجود شعب آخر، لا يقلّ عنكم بشيء". أبناؤه يتقنون الحديث بالإنجليزيّة أكثر من العبريّة. أنهَوْا هذا الأسبوع عطلتهم الصيفية لدى جدِّهم وجدتهم في مدينة الطيبة.
بلاط الرخام يلمع في الأروقة، وتُدخل النوافذ الواسعة كثيرا من الضوء لهذا المستشفى الذي تظهر تحته بيوت نابلس بالمنظر الفتّان. موظّف العلاقات العامّة في المستشفى، سامي رشيد، عازف كمان فتى من القدس الشرقيّة. في قسم أمراض سرطان الدم، ذات الجدران المزيّنة بالصور الملوّنة، ثمّة أولاد مرضى بالسرطان ينتظرون زرع مُخّ العظام أو أنهم ينتعشون بعد عمليّة كهذه، قسم الدَيْاليزة (الغسل الكلوي) مع ألـ -45 سريرا فيه، يخدم 260 مريضا من كلّ الضّفّة الغربيّة. صور معلّقة في الأروقة لمناظر من حيفا، عكا، يافا والقدس ربّما هي الوحيدة التي تذكّر بالوطنيّة هنا.
تأتي الأموال لبناء المستشفى من التبرّعات، خاصّة من الكويت ومن السعوديّة، وأيضا ثمّة أفراد تبرعوا للمستشفى. الجار من جبل جرزيم، الجبل المقابل، رجل الأعمال الفلسطيني منيب المصري تبرع بمليون دولار. فقط السلطة الفلسطينيّة مدينة بالمال للمستشفى، تحوّل جزءا بسيطا من التزاماتها مقابل المكوث، وتصل ديونها للمستشفى لمبلغ وقدره 90 مليون شاقل. الدكتور حاج- يحيى ترك المسيرة العالميّة وجاء ليدير بظروف كهذه المستشفى في نابلس المحتلّة.
"طبعا ثمّة دافع قوميّ لعودتك إلى هنا"، قال. "أردتُ أن أُثْبِت أننا قادرون، شِعاري هو ألاّ نفتش عن أعذار. لا الاحتلال ولا الحالة الماديّة". كانت بداية المستشفى على قطعة من ارض قريبة لمنشأة عسكريّة. خوفا من أن تصادر إسرائيل الأرض، قررت الجمعيّة، صاحبة الأرض، سنة 2006، أن تتبرّع بالأرض لجامعة النجاح، لتقيم عليها مستشفى جامعيّا وبذلك تمنع المصادرة.
يوجد في جامعة النجاح كليّة ضخمة للطب وللعلوم الصحيّة، أكبر كليّة في الشرق الأوسط، يتعلّم فيها حوالي 4000 طالب جامعي. خلال عِدّة سنوات أصبح حاج يحيى عميدا للكليّة. الآن يوجد لآلاف الطلاب مستشفى أيضا. في شريط فيديو يظهر كيف أقام الطلاب قبل سنتين استقبالا حافلا لحاج- يحيى، بعد أول عمليّة زرع للقلب في فلسطين: استقبله مئات الطلبة بالبالونات وبالهُتافات. وفي كلمة الشكر على الاستقبال رد على الطلبة، وقال لهم: "لا تسمحوا لأحد أن يقول لكم ثمّة شعوب أفضل من غيرها".
إقامة المستشفى بالنسبة له جزء من بناء أمّة. قبل وصوله إلى هنا اعتاد سكان نابلس أن يتلقَوا العلاج في المستشفى الحكومي رفيديا وفي الحالات المعقّدة، طلبوا توجيها لمستشفيات إسرائيل. هذا ما أراد حاج - يحيى تغييره.أراد أن يوقف التوجّه لمستشفيات إسرائيل، ثمّة أسباب اقتصاديّة: حوالي 600 عامل يعملون في هذا المستشفى، وقد اشتريت في السنة الأخيرة أجهزة للمستشفى بـ- 100 مليون شاقل في السوق الفلسطينية، والعلاج فيه أرخص بكثير مما يجبيه جهاز الصحّة الإسرائيلي من السلطة الفلسطينيّة.
ومن الطبيعي أنه توجد أسباب قوميّة."أجريتُ عمليّات جراحيّة في أسَرٍ مالكة كثيرة في العالم، وعدتُ إلى هنا لأرى أنّ كلّ ما يطلبونه مني توجيه إلى تل شومير أو هداسا. أريدُ أن أقول إننا أقمنا هنا هداسا فلسطيني. اعتزازي كبير". الاعتزاز الوطني أحد الأشياء التي يريد إعطاءها لطلابه الفلسطينيين. مستشفى النجاح من وجهة نظره، مدعاة للاعتزاز الفلسطيني، فيما يعرضه المستشفى ذكر أيضا للتواضع والإنسانيّة، في مجتمع أغلبية العلاج فيه خاص وفرديّ، يُمنع الأطباء العاملون في المستشفى من ممارسة أيّ عمل إضافيّ، باستثناء التدريس في الجامعة والعمل في المستشفى.
مع آلاف الطلبة، يعتقد الحاج- يحيى أنّه يستطيع تكوين جيل من الفلسطينيين، يظن أنه في الوقت الذي يرغب كثيرون بالهجرة، كانت عودته إلى فلسطين، بالإضافة إلى كونه عربيا إسرائيليا، هو قُدْوَة لشيء آخر. يقول لطلابه إن عليهم أن يخرجوا إلى العالم ليتعلّموا، لكن عليهم واجب العودة – يمكن خلق تغيير هنا. يقول لهم إن الطبيب ليس إلها، وليس هو مركز الاهتمام، المريض هو مركز الاهتمام، لن يكون عنده بأيّ حال مرضى ينتظرون في الأروقة، بسبب خطر التلوّث، قام بتحضير برنامج خاص لإقامة تشكيل من أطباء العائلة في فلسطين- موضوع غير متطوِّر بما فيه الكفاية. "عندنا يذهبون إلى الطبيب الذي يعْتَبَر طبيبا ماهرا ليس مهمّا إن كان طبيبا للدماغ وعندهم مشكلة بالأرجُل.
حوالي ربع الذين يتعالجون جاؤوا من قطاع غزّة. يخطط الحاج - يحيى لإقامة فندق صغير في منطقة المستشفى يستضيف به عائلات المرضى القادمين من أماكن بعيدة، ويحلم بسياحة علاجيّة من الدول العربيّة، وفروع جديدة لتحسين الوضع الاقتصادي مثل جراحة التجميل والإخصاب. للمستشفى علاقات مع مراكز طبيّة كبيرة في العالم، لا تشمل إسرائيل.
80 طالبا عربيا إسرائيليا يتعلمون هذه السنة في كليّة الطب هنا، وحوالي 400 طالب إسرائيلي يتعلمون الطبّ خلال باقي السنوات. وحوالي 300 طالب إسرائيلي يتعلّمون في كل كليّات الجامعة. بالنسبة للإسرائيليين يشكّل التعليم في هذه الجامعة بديلا للتعليم في الأردن.
وقد أجريت عمليّة واحدة هنا لم تُجْرَ في هداسا: زرع قلبين اصطناعيين لنفس المريض. عيون البروفسور حاج - يحيى تتراقص فخرا: نعم. نحن قادرون.



#جدعون_ليفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسرائيليّون يقتلون إسرائيليين
- 15 رصاصة على ابن 15 سنة
- تخيّلوا أن نتنياهو اعْتُقِل في لندن
- أقتلوهم ، دمهم مهدور
- مُتْعةٌ أن تكون عربيًا
- لا يوجد شريك
- مات عربي. حسنا
- تمثيلية نتنياهو
- محمود درويش باق فينا ما حيينا
- بقينا مع الهذيان، ومع الكذب
- التمْر والقهوة السّادة للمحزونين على الطفلة التي قُتِلت بهكذ ...
- في سنجل، ابن الخامسة يستقبل المُعَزّين
- شُلّ محمد بنجاح: الآن هو مُصاب برأسه، يتحرك على كرسي مُتحرِّ ...
- الجنازة الثالثة في دوما
- المواطنون الأمريكيون من أصل فلسطيني يُهانون عند دخولهم إلى إ ...
- القائمة المشتركة بصيص ضوء في هذه الانتخابات
- أب وابنه لم يلتقيا ولن يلتقيا
- أربع رصاصات خاطئة، وصفر اعتذار
- ليس عيبًا: الدم اليهودي يساوي أكثر!
- زوجته وابنه


المزيد.....




- بوتين: ليس المتطرفون فقط وراء الهجمات الإرهابية في العالم بل ...
- ما هي القضايا القانونية التي يواجهها ترامب؟
- شاهد: طلاب في تورينو يطالبون بوقف التعاون بين الجامعات الإيط ...
- مصر - قطع التيار الكهربي بين تبرير الحكومة وغضب الشعب
- بينها ليوبارد وبرادلي.. معرض في موسكو لغنائم الجيش الروسي ( ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف مواقع وقاذفات صواريخ لـ-حزب الله- في ج ...
- ضابط روسي يؤكد زيادة وتيرة استخدام أوكرانيا للذخائر الكيميائ ...
- خبير عسكري يؤكد استخدام القوات الأوكرانية طائرات ورقية في مق ...
- -إحدى مدن حضارتنا العريقة-.. تغريدة أردوغان تشعل مواقع التوا ...
- صلاح السعدني عُمدة الدراما المصرية.. وترند الجنازات


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جدعون ليفي - مُعْجزةٌ تحدث في نابلس: حكاية مستشفى النجاح تحطّم كلّ القوالب