أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف حمك - التمييز بين الموت الظالم و العادل .














المزيد.....

التمييز بين الموت الظالم و العادل .


يوسف حمك

الحوار المتمدن-العدد: 5616 - 2017 / 8 / 21 - 00:16
المحور: الادب والفن
    


ممن الممكن مواجهة أي أمرٍ مهما كان عظيماً ، و مقامه رفيعاً إلا الموت .
فهو الغالب دوماً ، و غيره المغلوب حتماً ، مهما امتلك القوة و النفوذ و الجاه و الغطرسة . لأن الهزيمة ستكون من نصيبه كيفما علا شأنه في الجولات الأولى من صراعه مع الحياة ، فسقوطه في آخر الجولة محتمٌ .

يتحدثون كثيراً عن إنصاف الموت إزاء المخلوقات و عدالته بين العباد .
على اعتبار أن كل كائنٍ تخطفه يد المنون بلا استثناءٍ ، و الرحيل الأبدي مصير الجميع .

اتفق معهم في مساواة المصير ، و دفنهم تحت الثرى .
لكنني في توقيت الرحيل أجد الغبن ، و في نوع المخطوف و مدى صلاحيته للعمل أو عدمه أرى الظلم بدلاً من العدل .
كما إنني أنأى بنفسي عن ( الاستغفار ) . لأن قول الحقيقة – و إن كان مراً - لا يستوجب الاستغفار . و لاسيما إذا كان الحزن الذي يعجز الإنسان عن تحمله من أهم نتائج هذا الفعل .

فالموت هو الفعل الذي يولد الألم ، و بعض أنواعه يفجر أشد المواجع إذا كان مدوياً .

منذ أكثر من عقدٍ مد الموت يده فاختلس صبيةً كان دواؤها الموت ذاته . و لم تكن الحياة بها تليق .
على المقبرة أثناء الدفن ، دنوت من والدها لأعزيه على طريقتي .
صافحته مبتسماً ، و أخبرته همساً : ( أشاركك الفرحة لا الحزن ، كانت تستحق الموت ، أحسن الله صنعاً ، و أبارك مشيئته الصائبة بموتها .
فرحيلها يجلب راحة البال لكم ، و لها الاطمئنان الأبدي .)

لم يمضي وقتٌ طويلٌ حتى غدر الموت بأخيه الشاب و هو في عز شبابه و أوج عطائه .
ترملت زوجته في مقتبل العمر ، و ترك في عهدتها أولاداً صغاراً .
قدمت له عزائي بأسلوبي الخاص أيضاً .
و مقارنةً بالمرة الأولى قلت له : ( لقد زاره الموت في الوقت الخطأ ، و لم يكن مصيباً في حقه ، بل كان قاسياً عليه و عليكم ، و على عائلته كان جائراً .
لم يدعه يكمل رسالته العائلية ، فمنعه من إتمام واجباته الاجتماعية .
استأنفت الكلام : الموت زارك في المرة الأولى عادلاً ، و في زيارته هذه كان ظالماً .)

أعرف امرأةً أخرى كان لها ابنٌ معاقٌ تخدمه بإخلاصٍ ، و تعتني به كثيراً ، فتسهر على راحته بقلبٍ صبورٍ منفتحٍ .
يدخل الموت بيتها فيخطئ الهدف مرةً أخرى بخطف الأم ، و يبقي المعيق بلا سندٍ لتزداد حياته تعقيداً و بؤساً .
في حين أنه كان الأولى به أخذ المعاق و الإبقاء على الأم .

ثم ما ذنب الرضيع الذي يفقد والديه في حادثة سيرٍ أو هدم المنزل فوق رأسيهما ، أو الموت غرقاً ؟!

حينما يخفق الموت في اختيار الزمن السليم ، و يفشل في التمييز بين الشخص الفاعل المعطاء و العاجز المقعد . و بين الفاضل الوفي و السفيه الشرير . و بين راجح العقل الرزين و الجاهل الحاقد ، عندها سيكون سلوكه مداناً بكل المقاييس .

أما قول : ( قدر الله و ما شاء فعل ) . بدون تمييزٍ بين القدر العادل و الظالم . ففيه مذلةٌ و هوانٌ .
نقر بأن الموت آتٍ لا محالة ،ولا نملك القدرة على إبطاله .
لكننا نملك العقل للتمييز بين الموت العادل و الظالم .
انطلاقاً من توقنا للتفكير الحر ، و إعطاء العقل دوره الفعال .
دون خوفٍ من قول الحقيقة و المنطق السليم .



#يوسف_حمك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشعوذ النشال .
- هياطهم زوبعةٌ في فنجانٍ .
- من ألاعيب القدر .
- حياةٌ عبثيةٌ .
- رنين الهاتف .
- أفئدةٌ أعياها المنفى .
- أعناقٌ إلى الانعتاق تشرئب .
- الأطراف الكردستانية كلها أمام امتحانٍ عسيرٍ .
- دعابةٌ خاتمتها مسكٌ .
- لوحدي أواجه الأقدار .
- امضوا في استفتائكم ، و اضربوا عليه بالطبول .
- إطفاء نور العقل بالسوط .
- الضمائر الميتة تستغل المرأة ، ثم عنها تتخلى .
- أذيال رجال السلطة .
- حنينٌ فيروزيٌّ جارفٌ .
- الأماكن تستحوزها الأرواح الحميدة .
- أردوغان يضع حجر أساس الدكتاتوية .
- صداقةٌ في مهب الريح .
- أرواحٌ تهدم ، فلا تعرف البناء .
- عيدٌ طمرته آلة الموت أسفل الركام .


المزيد.....




- بعد أنباء -إصابته بالسرطان-.. مدير أعمال الفنان محمد عبده يك ...
- شارك بـ-تيتانيك- و-سيد الخواتم-.. رحيل الممثل البريطاني برنا ...
- برنامج -عن السينما- يعود إلى منصة الجزيرة 360
- مسلسل المتوحش الحلقه 32 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- -الكتابة البصرية في الفن المعاصر-كتاب جديد للمغربي شرف الدين ...
- معرض الرباط للنشر والكتاب ينطلق الخميس و-يونيسكو-ضيف شرف 
- 865 ألف جنيه في 24 ساعة.. فيلم شقو يحقق أعلى إيرادات بطولة ع ...
- -شفرة الموحدين- سر صمود بنايات تاريخية في وجه زلزال الحوز
- من هو الشاعر والأمير السعودي بدر بن عبد المحسن؟
- الحلقة 23 من مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة الثالثة والعشرو ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف حمك - التمييز بين الموت الظالم و العادل .