أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال التاغوتي - المقامة الياسمينية (مخطوط بإحدى المكتبات الهندية)














المزيد.....

المقامة الياسمينية (مخطوط بإحدى المكتبات الهندية)


كمال التاغوتي

الحوار المتمدن-العدد: 5614 - 2017 / 8 / 19 - 15:44
المحور: الادب والفن
    


اشْتَهَيْتُ الكُسْكُسِيَّ، فَقَصَدْتُ البَيْتَ التُّونِسِيَّ يَدْفَعُنِي القَرَمُ ويُطْمِعُنِي الكَرَمُ. فلمَّــا جاوزتُ –بَعْدَ لأْيٍ- المَطَارَ واخْتَرْتُ مِنْ دُونِ المطَايا القِطَــارَ جَلَسْتُ جلْسَةِ المُتْعَبِ قُبَالَةَ عَجُوزٍ مَالَتْ بِشَعْرِهَا الأشْيَبِ عَلَى كَتِفِ غَادَةٍ ذَابَتْ الواحاتُ في عيْنَيْهَــا وارْتَحَلَتْ النَّارُ في خَدَّيْهَــا؛ فَتَنهَّدْتُ وعَنِ الحدِيثِ

أحْجَمْتُ. لكنَّ العَجُوزَ بادَرَتْنِي بالسُّؤَالِ والقِطَارُ كالهوْدَجِ بينَ الرِّمَالِ:" ألَسْتَ ابنَ الشَّيْخِ مَنْصُور صاحِبِ القُصُور؟" فَأجَابَتْ عَنِّي الحَسْنَـــاءُ ووجْهُهَــا يَكْسُوهُ الحَيَــاءُ:" ما لَكِ يا جَــدَّتِي؟ لِمَ تُخَــاطِبِينَهُ بِهَذِهِ الحِدَّةِ؟". فانْثَالَتْ مِنْ فَمِ العَجُوزِ شَتَــائِمُ تَسْقُطُ لِذِكْرِهَــا العَمَــائِمُ؛ فقُلْتُ وقدْ أفْرَخَ رَوْعِي

واقْتَنَصْتُ سَانِحَةَ الجَمْعِ:" كَلاَّ يا خَالَة، إنَّنِي غَرِيبٌ عنْ هذِهِ الدِّيَـــارِ كَثِيرُ الأَسْفَــارِ. ولكِنْ ماذَا فَعَــلَ ابنُ الشّيْخِ حَتّى تَقْذِفِيهِ بكلِّ هذا الطَّيْخِ؟" فقَالَتْ:" لقَدْ جَنَى عَلَيْهِ أبُوهُ وما جَنَى عَلَى أَحَدٍ. قُلْتُ: كَيْفَ؟ قَالَتْ:" كانَ الشَّيْخُ مَنْصُــور حَفَّــارَ قُبُــور، وبَعْدَ سَوْرَةِ الياسَمِينِ بِبِضْعِ شُهُــورٍ وجدْنَــاهُ مِنْ

أَصْحَــابِ المَلاَيِينِ، لاَ نَدْرِي شيْئًا عَنْ مَأْتَاهَــا ولاَ مِنْ أيْنَ جَنَـــاهَــا. " قُلْتُ:" عَثَــرَ عَلَى كَنْزٍ أوْ فَتَحَ اللهُ علَيْهِ بِحِرْزٍ". قالتْ وعُرُوقُ ذِرَاعَيْهَــا لاَحَتْ كالأسْلاَكِ فَخَشِيتُ أنْ تُلْقِيَ بِي مِنَ الشُّبَّــاكِ:" أَ مَــازَالَتْ رَأْسُكَ مَحشُوَّةً بالتَّــخَارِيفِ أمْ أنَّكَ مُولَعٌ بالأَرَاجِيفِ؟" قُلْتُ مُسْتَسْلِمًــا:" لا هَذَا ولاَ ذاكَ"

قالتْ:" الغَرِيبُ أنَّهُ لَمْ يتَخَلَّ عَنْ مِهْنَتِهِ رَغْمَ أنَّ المَالَ أَعْتَقَهُ مِنْ مِحْنَتِهِ؛ فلمَّــا عَالَجْنَا المسْألَةَ ومَحَصْنَــاهَــا وتَقصَّيْنَــا القِصَّةَ وفَحَصْنَـــاهَــا تَبَيَّــنَ لَنَــا أَمْرُهُ وافْتَضَحَ سِرُّهُ: فَثَــرَاهُ مِنَ الثَّرَى مُنْذُ أَمَدٍ لَمْ يَكْشِفْهُ لأَحَدٍ، خَوْفًــا مِنَ الحِسَــابِ ودَرْءًا لِلعِقَــابِ، فقدْ تعَوَّدَ أنْ يَبِيعَ جُثَثَ الأَمْوَاتِ مِنَ الجِلْدِ إلَى

الرُّفَـــاتِ فَلاَ يُبْقِي مِنْهَــا شَيْئًا تَحْتَ اللَّحْدِ، ولَمْ يَنْجُ مِنْهُ سِوَى جَدِّي، لأَنَّ الدَّهْرَ سَبَقَ العُهْرَ. أَ يُرْضِيكَ أنْ أَقِفَ عَــلَى قَبْرِ زَوْجِي ولاَ أَدْرِي مَــا فِيهِ وأَقُولُ شِعْرًا تَضِيعُ قَــوَافِيهِ؟" قَالَتِ الحَسْنَـــاءُ وعلَى مُحَيَّــاهَــا الرّجَـــاءُ:" جَدَّتِي إنَّــمَــا نتَرَحَّمُ علَى رُوحِهِ الطَّــاهِرَةِ لاَ أَلْوَاحِهِ العَــابِرَةِ". قالتْ:"

أَجَــلْ، ولَكِنَّ لِجَسَــدِهِ حُرْمَةً أنْ كَــانَ مِنَ اللهِ نِعْمَــةً. واعْلَمْ يَــا كَنَّــاز – تُرِيدُنِي أنَــا – أنَّنِي طالَبْتُ بفَتْحِ القَبْرِ لأَتَثَبَّتَ مِنَ الأَمْرِ، وأعَــانَتْنِي هذِهِ البُنَيَّةُ واسمُهَــا سُمَيَّةُ، فَضَرَبَ الحِصَـــارَ مِنْ حَوْلِي لِعِلْمِهِ بانْــحِسَــارِ حَــوْلِي، والشَّيْخُ أَمْسَى ذَا أنْيَــابٍ وَمَخَالِبَ بَعْدَمَــا التَحَقَ بِمَجْلِسِ النُّوَّابِ، بلْ

نَوَائِبَ؛ وأَمْضَيْتُ علَى الْتِزَامٍ قَهْرًا ألاَّ أعْرِضَ لِسِيرَةِ الشيْخِ سِرًّا أوْ جَهْرًا، فأَصَابَتْنِي نَوْبَةٌ فِي القَلْبِ وآخَــاهَــا تَلُيُّفٌ فِي الكَبِدِ واجْتَــاحَنِي السُّكَّرِيُّ وفَيْرُوسٌ مِجْهَرِيُّ، وبِتُّ أُعَانِي تَصَلُّبَ الشُّــرْيَــانِ، أَنْتَظِرُ يَــوْمِي كَأنَّنِي أسِيرَةُ الرُّومِ، وإنْ كُنْتُ أخْشَى سَطْوَةَ ذَاكَ البَــازِ ذِي العِرْقِ النَّــازِي،

فَــيَرْمِي بِلَحْمِي فِي المَخَــابِرِ كالفَحْمِ. يا كَنَّـــاز، لاَ تَبْخَلْ علَيَّ بالأدْعِيَةٍ الرَّحِيمَةِ وأنْتَ تَأكُلُ مِنْ كُسْكُسِيِّ الوَضِيمَةِ". فَتَطَيَّرْتُ وأصَابَتْنِي السُّوَيْــدَاءُ، والتَفَتُّ فَإذَا بِرَجُلٍ يُــطَالِبُنِي بِبِطَاقَــةِ هَوِّيَّتِي، فقُلْتُ دُونَ أنْ أتْرُكَ رَوِيَّتِي:

أَنَــا مِنْ جُفُونِ البِحَـــارِ** وَرَجْعُ الصَّدَى والمَحَــارِ

أُطَــاعِنُ دَهْرًا بِنَــارِي ** وَأَصْحَبُ طَيْرَ البَـــرَارِي



#كمال_التاغوتي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليس الاتحاد لحية ولا قناعا
- تقْرِير
- إليْكِ يَا اسمهان
- ܗܦܪا [هَذَر]
- عيْنَاها متاهَةٌ
- في الرِّئاسَةِ وَغْدٌ
- عن الأقصوصة بقلم: ياسمين عياشي
- حِذْوَ نِرْسِيس
- مَلأَتْنِي حُبًّا
- أَرْضُنَا
- أما بِنعْمة ربّك فحدّث
- أعشق فيك حريقي
- جبران خليل جبران
- سَرَقُوا أوجَاعَنَا
- المُعَلِّمُ
- أَيُّهَا القَلْبُ
- القُطْبُ والمُرِيدُ
- إلى عِراقِيَّةٍ
- حَنْظَلَةُ
- المَوْؤُودَةُ تُغْتَصَبُ مِنْ جديد


المزيد.....




- على مدى 5 سنوات.. لماذا زيّن فنان طائرة نفاثة بـ35 مليون خرز ...
- راما دوجي.. الفنانة السورية الأميركية زوجة زهران ممداني
- الجزائر: تتويج الفيلم العراقي -أناشيد آدم- للمخرج عدي رشيد ف ...
- بريندان فريزر وريتشل قد يجتمعان مجددًا في فيلم -The Mummy 4- ...
- الكاتب الفرنسي إيمانويل كارير يحصد جائزة ميديسيس الأدبية
- -باب البحر- في مدينة تونس العتيقة لا يطل على البحر
- -طاعة الزوج عبادة-.. فنانة خليجية تشعل جدلا بتعليق
- لغة الدموع الصامتة
- مصر.. عمر هلال يجمع أحمد حلمي وهند صبري في فيلم -أضعف خَلقه- ...
- فنانة سورية تصبح سيدة نيويورك الأولى...من هي ؟


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال التاغوتي - المقامة الياسمينية (مخطوط بإحدى المكتبات الهندية)