أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شفيق التلولي - بين اسبرطة وأثينا














المزيد.....

بين اسبرطة وأثينا


شفيق التلولي

الحوار المتمدن-العدد: 5604 - 2017 / 8 / 8 - 02:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بين اسبرطة وأثينا
بقلم شفيق التلولي

قبل هذا الفضاء الأزرق الوسيع كانت أصابعنا خشنة تجيد الإمساك بالحجارة؛ نرجم الجند الغاصبين مدينتنا كلما مروا جيئة وإيابا؛ فلم يمتص خشونتها لمس شاشات أجهزة العصرنة الذكية، كنا نرى قرص الشمس وقوس قزح وأشياء أخرى دون نظارة شمسية، نقرأ ما تشتهيه الأبصار بلا أي من النظارات الطبية، نكتب بخطيّ النسخ والرقعة ما يجول في وجداننا من خلجات وخواطر.

لم تكن لتشوش هذه التكنولوجيا المجنونة رؤيتنا للأشياء؛ كان بريق عيوننا يشق دروب عتمة المخيم؛ لنصرخ في وجه حاكم المدينة كلما تمطى حظر التجوال الثقيل، زادنا أصابعنا الخشنة وسواعدنا التي شدتها الطوابير الصباحية في مدارسنا القرميدية أو الصفيحية ومونتنا القرطاس والقلم والحجر.

أما وقد حطت غزوة الانترنت الكبرى حتى أسقطتنا في براثن "سوء استخدام التكنولوجيا" وتَسيّدت صحائفها، أوقعتنا أزرارها في فِخاخ مواقعها التواصلية الاجتماعية الافتراضية، اصطادتنا شِباك "السوشلة الفوضوية"، أصابتنا الحُمى الكيبوردية؛ فطوقتنا أنظمتها وقوانينها وساقتنا أحكامها "الخُنفشارية" بالجرم المشهود.

ليس هذا هو المهم، وجيد أن نمتطي أمواج التكنولوجيا الحديثة بكل فضاءاتها المعرفية، لكننا لم نفلح حتى اللحظة في الخروج من تردداتها وذبذباتها الإلكترونية إلى بَراح الحرية التي نتوق، فما زلنا نقاتل بأصابعنا الناعمة وبأسلحتنا الكيبوردية التي لم تؤسس مع الأسف إلى حراك حقيقي وفاعل يغير واقعنا المزري مع تقدير الدور الذي أسهمت به في تثوير الأمة بدايات ما سمي بالربيع العربي.

منذ أن اجتاحت تكنولوجيا المعلومات فضاءنا ونحن نختبئ خلف أصابعنا، نمارس التنظير من وراء شاشات أجهزتنا المحوسبة، نشكو إليها حالتنا الرثة ونلعن واقعنا المزري بين اسبرطة وأثينا، وندعو إلى التغيير ولوجاً للخلاص والانعتاق؛ لعل وعسى أن تُفضي إلى بلوغ غايتنا وتحقيق هدفنا المنشود وتعيد مدينتنا.

ليتني أقدر أن أمضي في الشوارع والطرقات لا لكي أحمل الحجارة وألقيها في وجه من يوصد أبواب المدينة، ليتني أستطيع أن أركض صوب الحصون، أتسلق كل الجُدر العاليات؛ كي أصرخ بملء حنجرتي وأسمع حاكم المدينة صوتي؛ بيد أن إصابتي الملعونة وما أعملت تخذلني وتعيدني خلف هذه الشاشة الزرقاء، أخط بقلمي خيطاً؛ عله يجمع اسبرطة بأثينا.

يا أهل السوشلة، معشر فيس بوك وقوم تويتر وهواة انستجرام وأخواتها من مواقع انترنتية، دعونا نسجل في رواياتنا ما يستحق من شهادات؛ أخرجوا من خلف شاشات الوهم والهوان، حرروا أصابعكم الناعمة تغدو خشنة، أطلقوا أظفاركم وتسلقوا الجدران الصماء، أصرخوا عالياً واسمعوا حاكم المدينة صوتكم؛ لتعد مدينتكم إلى النور.



#شفيق_التلولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غَواية
- حكومة المحبة
- -سئمنا المارين على جراحنا-
- -زمكان البتر والاقتلاع-
- خميس الترك -أبو نادر- من فرسان الزمن الجميل
- -غيمة عشتار- رواية تُمطر أدباً
- حُزيران خزان الأحزان
- حماس والوقت الضائع
- جريمة في غزة
- إضراب الأسرى وهبة النشامى
- أغبياء نيسان والكذبة الأقسى
- حماس والفرصة الأخيرة
- موظفو غزة والخيارات الصعبة
- بين القديم والجديد
- سورية في غزة
- ومات صابر
- -أراب آيدول- برنامج محبة وسلام
- -يا ليت الشباب يعود يوماُ-
- بطالة
- شيراز


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شفيق التلولي - بين اسبرطة وأثينا