أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يوسف الصفار - روما القديمة والمسيحية















المزيد.....

روما القديمة والمسيحية


يوسف الصفار

الحوار المتمدن-العدد: 5597 - 2017 / 7 / 31 - 13:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


روما القديمة والمسيحية
كان اهل روما في القرون الاولى من حياتهم يحرقون موتاهم , ثم جرت العادة ان يدفنوهم , وذلك لاعتقادهم إن ارواح موتاهم تحيا في مكان ما. وتراقبهم مما كان له اكبر الاثر في استقرار الاخلاق . وحسب الاساطير الرومانية كانوا يعتقدون ان موتاهم ينتقلون الى جنات النعيم . او الى جزر معينة . على ان كلهم تقريبا ً ينزلون الى الى الارض ليستقروا في مملكة الاشباح . التي يسيطر عليها بلوتوا , اما العقاب بعد الموت في المجتمع الروماني فله موقع اسمه مسكن الاشباح . يعانون فيه ظلام العذاب الابدي والنسيان النهائي ..
عام 150 قبل الميلاد كتب ( بولبيبوس) الموءرخ والسياسي اليوناني المولود عام 200 قبل الميلاد ما يستدل منه ان الدين الروماني لم يكن الا اداة طيعة من ادوات الحكم , وكان يدحض الخرافات المسيطرة على عقول الرومان . لكن وبعد سلسلة طويلة من النكسات الدنيوية التي عانت منها روما , وبعد ان هدد هانيبال روما . آمنوا بالام الكبرى ونقلوا الحجر الاسود الذي يجسدها ا الى روما .
ولكن تمثال الام الكبرى كاد ان يغرق في نهر التيبر لولا انقاذه من قبل العذراء كلوديا الفستية , ولكن بعد احتلال روما لليونان كان الشعب يعتنق الطقوس الدينوسية ( دينوس باخوس اله الخمر حيث كانت تقام الاحتفالات الليلية الماجنة ) , و كان منهم اقلية حذوا حذو ابيقور في وصفه للدين بانه اكبر الشرور في حياة البشر. مع هذا لم تتم النهظة العلمية والفلسفية الا على ايدي الرواقيون .
من هؤلاء فيلسوف اسمه سينكا ولد في العام الرابع قبل الميلاد وقد تشرب الفلسفة الرواقية من اتالس . ورث عن ابيه ثروة فاشتغل في الكتابة , وحينما اراد الامبراطور كاليغولا ان يقتله عقابا على وقاحته تدخل بعض اصدقاءه فنفاه الى جزيرة كورسيكا , وعندما ولد الامبراطور نيرون واصبح صبيا , بعثت ام نيرون امرا لاستقدام سينكا ,فظل خمس سنوات يعلمه وخمسة اخرى يرشده وفي هذه الفترة كتب عدة رسائل يعرض فيها الفلسفة الرواقية يؤكد فيها على الرحمة والغضب وقصر الحياة وضرورة هدوء الروح والرحمة للحياة السعيدة المنشودة , وكان رغم ثراه الفاحش ينام على خشبة صلبة ولا يشرب الا الماء القراح فعاش حياة الزهد والتقشف والاقلال من الطعام وكان يندد دائما بوحشية المجالدين في العاب المصارعة ويستنكرها و كان كل هذا نتاج اعجابه بزينون اليوناني المولود 300 قبل الميلاد ابوا الفلسفة الرواقية الذي اكد ان العالم عضوي ككل تتخلله قوة الله الفاعلة وان راس الحكمة معرفة هذا الكل .ومع التاكيد ان الانسان لايمكنه ان يلتمس هذه المعرفة الا اذا كبح جماع عواطفه وتحرر من الانفعال لذا كان يدعوا الى التناغم مع الطبيعة والاخذ باهداب الفضيلة واعتبر الغضب والحسد والحب الملتهب والجنس المتقد هي مشاعر هدامة .
كان سينكا مشبعا برؤية الرواقيون الذين ظهروا في القرن الثالث قبل الميلاد واتخذوا من الاروقة اماكن لاجتماعاتهم لذا لقبوا بهذا اللقب .
اعتنق سينكا مذهب وحدة الوجود لدى الرواقيين فاعتبر العالم كله ماديا وعقليا واحدا .. وان الاخلاق اذا عولجت على شكل سليم فستمكن الانسان من بلوغ السعادة والامن والخير ..
( كن محبوبا من الجميع حيا و مأسوفا عليه ميتا ) وهي تتفق مع الصيغ المسيحية التي بشر بها بولس الرسول واكد سينكا ( اذا اردت ان تكون محبوبا عند الله كن صالحا واذا اردت التعبد له كن مشابها له فليس العبادة بتقديم الاضاحي بل في الارادة الورعة المستقيمة ) . ثم تسائل .. لم نتجه الى الى دراسة طبيعة الله وصلته بالعالم فأقر ان النفس البشرية مسكونة من الله فهي الاصل وهي التي نزلت من السماء كشذرات لتسكن الجسم وبهذا اتفق مع بولس بدون معرفة سابقة على الطبيعة البشرية والالهية للمسيح .. حتى انه كتب مسرحية باسم ( هرقل ) وبين ان هذا البطل افتدى شعبه على المحرقة فتأله مما ينسجم مع رؤية بولس بصلب المسيح كفداء للخطيئة الاولى للبشر .
كان سينكا ككل الرواقيين يستخف بالسلطة وانزل الرواقية من عليائها وجعلها في متناول الجميع وهذا ما فعلة بولس باليهودية اولا فحولها الى مسيحية خالصة .. لذا فان سينكا يكون اول من هيأ للمسيحية حتى ان القديس اوغسطين قال عنه ( ماذا يستطيع المسيحي ان يقول اكثر مما قاله هذا الوثني )
كان في طرسوس وهي المدينة اليونانية التي ولد بها بولس وكمعظم المدن اليونانية اتباع لعقيدة اسمها ( الارمية ) اتباعها يؤمنون ان الله قد مات من اجلهم ثم قام من قبره وباستطاعة هذا الاله ان يستجيب لدعائهم وينجيهم ويشركهم معه في الحياة الخالدة ..
ولد بولس في طرسوس في السنة العاشرة للميلاد من عائلة يهودية فرسية ( الفرسيون احد الاحزاب اليهودية المتشددة ) وبقى لاواخر حياته مخلصا لموسى النبي وهذا ما استثمرته البروتستانية فيما بعد لتخالف فيها الكثلكة . تزعم في بداياته نشاط محموم لاضطهاد المسيحين في اورشليم لكنه بغتة وكنتاج الى رؤية خاصة حيث ظهر له المسيح يعاتبه على اضطهاد مريديه فتحول هذا المنكر الشديد للمسيحية الى اكبر المدافعين عنها .ثم اعلنها صريحة ومدوية ان عيسى ابن الله .
بعدها اختفى خوفا من الاضطهاد ثمان سنوات في مدينته طرسوس و انظم اليه برنابا في انطاكية لهداية الناس لكنه رجم بالحجارة وجر على وجهه الى خارج المدينة وبعد ان عانى من الاضطهاد في اورشليم ودمشق ولكونه يتمتع بالمواطنة الرومانية ارسله الحاكم الى ايطاليا فعامله ولاة الامور بعناية حتى يبت في امره الامبراطور نيرون وظل عشر سنوات يكتب الرسائل . كان في رسائله متأثرا بالافلاطونية والرواقية لقد تقبله الرومان لايمانهم المسبق بالهتهم اوزوريس واتيس وديونشيس التي كانت تفتدى بموتها بني الانسان وكانت الالقاب مثل سوتر ( المنقذ ) والبوثربوس ( المنجي ) تطلق على هذه الاله وكان لفظ كريوس ( الاب ) الذي سمى به بولس المسيح هو اللفظ الذي تطلقه الطقوس اليونانية على ديونشيس الميت المفتدى ..شاءت الصدف ان يعدم سينكا والرسول بولس في نفس الزمن ( 63-65 ) ميلادية على يد الطاغية نيرون ..
عام 1768 نشر جتهولد لسنج وكان له كتاب من الف واربعمائة صفحة يفند بها المسيحية يقول : ان يسوع لايمكن ان يعد مؤسس المسيحية او ان يفهم هذا الفهم .. بل يجب ان يفهم على انه الشخصية النهائية الرئيسية في جماعة المتصوفة القائلين بالبعث والحساب ومعنى هذا ان المسيح لم يفكر بايجاد دين جديد بل كان يفكر بتهيئة الناس لاستقبال دمار العالم المرتقب وليوم الحشر الذي يحاسب به الله الارواح على ما قدمت من خير وشر ..
على اي حال نحن لسنا بامكاننا ان نجزم ولكن ايضا لسنا في موضع نخفي بها الحقائق المتواترة على ظهور المسيحية وتاثرها بالرواقية اليونانية كما لا نخفي تاثر الفكر اليهودي بالاساطير السومرية والفرعونية ولا نتجاوز على احد حين يعترينا التفكير في نشأة الاسلام على افكار المسيحية النسطورية والزرادشتية واليهودية فكل هذا يحتاج الى بحث لانتجنى به على الحقيقة ..
ملاحظة : هناك بعض الاسماء والنصوص اليونانية نقلت عن التراجم وليس عن اللغة الام للتنويه رجاءً



#يوسف_الصفار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيزوقراطية وشيوعية القرن الثامن عشر
- الرجل المقلوب / قصة قصيرة
- فولتير والدين /ج 3
- فولتير والدين /ج2
- فولتير والدين /ج 1
- المتنورون في القرن الثامن عشر /ج4
- لنوقف هذا المد الفاشي
- المتنورون في القرن الثامن عشر ج /3
- المتنورون في القرن الثامن عشر /ج2
- المتنورون في القرن الثامن عشر / ج1
- يوم ماطر/ قصة قصيرة
- الفيلسوف والبقال قصة قصيرة
- تعددت الابواب والكاتب واحد
- الدولة والاحزاب
- فلسفة الاديان
- الرواية مهنة ام امتهان
- اعلان للصمت
- ترامب والخراف الضالة
- الجزر الهوائية /قصة قصيرة
- شيٌ من هذا القبيل / قصة قصيرة


المزيد.....




- إبادة جماعية على الطريقة اليهودية
- المبادرة المصرية تحمِّل الجهات الأمنية مسؤولية الاعتداءات ال ...
- الجزائر.. اليوم المريمي الإسلامي المسيحي
- يهود متشددون يفحصون حطام صاروخ أرض-أرض إيراني
- “متع أطفالك ونمي أفكارهم” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ب ...
- لولو يا لولو ” اظبطي تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- شاهد: عائلات يهودية تتفقد حطام صاروخ إيراني تم اعتراضه في مد ...
- أمين عام -الجماعة الإسلامية- في لبنان: غزة لن تبقى وحدها توا ...
- وزيرة الداخلية الألمانية: الخطوط الحمراء واضحة.. لا دعاية لد ...
- لجنة وزارية عربية إسلامية تشدد على فرض عقوبات فاعلة على إسرا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يوسف الصفار - روما القديمة والمسيحية