أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامح عسكر - دلالات صواريخ اليمن















المزيد.....

دلالات صواريخ اليمن


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 5594 - 2017 / 7 / 28 - 23:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ أيام طل علينا زعماء يمنيين كبار بخطابات حماسية تتوعد بالرد على العدوان السعودي، الأول : علي عبدالله صالح، والثاني عبدالملك الحوثي، شملت خطاباتهم تحديا للإرادة السعودية وتوعدا بالرد على عدوانهم الذي بدأ قبل عامين ونصف على الشعب اليمني، وشمل خطابهم نوع من الأقلمة بحيث تكلم الحوثي عن تحالف لبناني فلسطيني يمني ضد إسرائيل، هذا قد يؤسس لمحور مضاد يغير من خرائط الصراع.

بمعنى أن الرد على إسرائيل يلزمه الرد على السعودية أولا باعتبارهما حلفاء وذوي مصالح واحدة، لكن في فلسطين الوضع يختلف، حماس لا تنظر للقضية بتلك الرؤية، إنها أصبحت كيان طائفي سني بعد أحداث سوريا وانقلاب مشروعها المقاوم إلى مشروع أيدلوجي ديني..هذا يؤثر أو ربما يقضي على التحالف الذي يريده الحوثي، فالحمساويون رغم معارضتهم للسعودية الآن خصوصا في ظل صراعها مع قطر وبيان دول الحصار الذي وضع حماس على رأس الكيانات المنبوذة..مع ذلك تظل حماس محتفظة بهويتها الطائفية التي ترجمتها بدعم عمليات عاصفة الحزم أوائل عام 2015

أمس أعلن الجيش اليمني إطلاق 4 صواريخ بركان دفعة واحدة على محافظة الطائف السعودية، وقال أن الصواريخ استهدفت قاعدة الملك فهد العسكرية، وقبلها بيومين على منابع نفط في محافظة ينبع ، وبالنظر لطبيعة تلك الصواريخ فهي بالستية تزداد نسبة الخطأ فيها عن الجوالة، لكن ليست بالدرجة التي أعلنتها السعودية أنها كانت تستهدف مكة المكرمة، وهو سلوك انفعالي مقصود يهدف لتصوير المعركة ضد اليمن أنها معركة ضد خصوم الإسلام ، وإدخال كلمة مكة والحج في السياق له بعد أيدلوجي طائفي حيث يتصور السعوديون أن إيران تريد انتزاع الحرم الشريف منهم وتحويله إلى قمّ، وبما أنهم يعتقدون أن الحوثيين حلفاء لإيران فصواريخهم لهذا الغرض.

تناسى السعوديون أنهم من بدأوا المعركة ، وعسكريا وقانونيا هم (بلد معتدي) ربما نجحوا في تعطيل القانون الدولي الآن بنفوذهم وأموالهم لكن لا يعني تعطيل شئ القضاء عليه..هو معطل لفترة مؤقتة وهذا يعني أن حساب السعوديين على جرائمهم وعدوانهم على الشعب اليمني سيأتي حتما، ولعل نجاح روسيا في تحويل قضية اليمن من خروج على الشرعية –في مجلس الأمن - إلى قضية إنسانية مؤشر لذلك.

أما قصة حشر مكة في الصراع فليست في صالح المملكة، حيث تُشاع رؤية معنوية بأن مكة ليست بلدأ آمنا، وأن السعودية ليست بلد آمن..هذا له انعكاس سلبي على أوضاع السعودية إقليميا ويتم تقزيمها دوليا وشعبيا ، وكان الأحرى بمسئولي المملكة تجنب هذا الحشر لمصالحهم، فالعالم الآن بات يؤمن بقضية اليمن (إنسانيا) وأن المتسبب في معاناة اليمنيين هم السعودية بالدرجة الأولى والإمارات بالدرجة الثانية، ومشروعات تعليق مبيعات الأسلحة للمملكة في بريطانيا وأمريكا شاهد على ذلك، وأن المعركة قد تسير في اتجاه آخر لا يتحمله السعوديون إلا إذا دفعوا طبعا ..هنا تطبق نظرية ترامب بالحلب السريع للبقرة الخليجية دون اعتبار لأوضاعهم الاقتصادية المتأزمة جراء انخفاض أسعار النفط.

ثمة خطأ كبير للسياسة السعودية كشف حماقة قادتهم وضعف مستشاريهم، وهو تحويل كل مختلف إلى عدو، وكل عدو إلى مبدأ وجود، بمعنى أنهم ينظرون لأعدائهم بمبدأ.."أكون أو لا أكون"..وهذا خطأ، فالعداوة الإنسانية شئ طبيعي والحرص على إنهاء العدو للشعور بالراحة والسعادة هو تصرف (طوباوي) ملئ بالأحلام والأماني التي قد تصلح لمسلسلات ألف ليلة وليلة، فخصوم السعودية هم أنداد ومنافسين في الحقيقة، وأعدائها يقفون ضدها أيدلوجيا بالدرجة الأولى، بمعنى لو دعمت السعودية الفكر الوهابي السلفي فخصوم هذا الفكر سيكتسبوا عداوة السعودية تلقائيا، أي قصة القضاء على أعداء المملكة حالمة جدا..لأن خصومها هم كل خصوم الفكر الوهابي من العلمانيين والشيعة والماركسيين والقوميين..وهؤلاء أكثرية شعوب العالم.

ثم إذا كان المرء يوزن بأصدقائه فهو أيضا يوزن بأعدائه، وكلما كان له أعداء كبار فهذا يعني أنه (شخصية مهمة) ومؤثر ونفوذه واسع ، وهذا يتطلب البحث عن سلوك أفضل للمعاملة مع الأعداء، فمن يلاحظ العلاقة الآن مثلا بين الأمريكان والروس يجد حل لتلك المعضلة التي أرهقت العرب، فبإمكان الأعداء التعايش معا على مصالح مشتركة والتزام بالقانون الدولي، والحفاظ على خط عام أخلاقي يحكم العلاقة بين الطرفين، والأهم من ذلك هو الحرص على التواصل، فالقطيعة شئ مقزز سياسيا ويشعل الأوضاع ويؤسس لجذور وأحقاب من الكراهية قد تعاني منها عدة أجيال، وهذا يعني أن قصة طرد السفراء التي أصبحت لعبة سعودية الآن تؤثر على أجيالها في المستقبل وتجعل من المملكة كيان منبوذ ومكروه شعبيا على غرار إسرائيل في المنطقة العربية.

نعود إلى صواريخ اليمن وننهي المقال بحادثة طريفة وهي: إعلان المملكة أن الملك سلمان هو الذي فتح أبواب الأقصى، وبالتالي لا اعتبار لمظاهرات الفلسطينيين وكفاحهم على خطوط التماس ، وهذا الإعلان عندي يكشف حجم الأزمة التي يمر بها آل سعود، إنها أزمة (ثقة) بات يشعر بها صانعي القرار وداعمي وحلفاء المملكة الذين يتناقصون يوما بعد يوم، وإذا ربطنا هذا الإعلان منهم بالتصدي لصواريخ اليمن وإسقاطها ثم الإعلان أنها كانت ضد مدينة مكة وموسم الحج يعني أننا أمام مجتمع سعودي منغلق وليس مجرد أسرة لها أطماع..

فالشعب السعودي في معظمه يصدق قصة التصدي لصواريخ اليمن، ويصدق قصة استهداف مكة، ويصدق قصة هزيمة الحوثي..بل صدق خبر مقتله منذ عامين، ولا ينتبه أنه أمام حرب على دولة جارة وشعب شقيق له في الدين والدم، هذه (عُزلة جبارة) وانغلاق ثقافي تسبب فيه آل سعود بحرصهم على تحويل كل معاركهم إلى صراع وجود، أثر على نظرتهم لعلي عبدالله صالح وخسروا حليف يمني مهم وقوي، وأثر على نظرتهم حتى لمصر وباتوا حساسين جدا لدور مصر في اليمن وسوريا، وأخيرا أثر على نظرتهم لقطر فخسروها كدولة وكشعب لعدة عقود مقبلة.

أما داخليا فأكيد الصواريخ أعطت دفعة معنوية رائعة للشعب اليمني، ودلالة إطلاق أربعة صواريخ دفعة واحدة جديرة بالاهتمام، هذا مؤشر على مخزون استراتيجي كبير من الصواريخ وأن ما أعلن عنه في السابق غير حقيقي، وقد يكون ثمة تمويل من دول إقليمية أو جهات وكيانات لها مصالح في تطويل أمد الصراع أو الانتقام من السعودية بطريقتها، فأكيد اليمن أصبحت دولة معادية للسعودية وسيظل شعبها كذلك لعدة أجيال، ساهم في شيوع هذه الرؤية ضيق عقل وأفق مسئولي المملكة الذين يصروا على التعامل مع الملف اليمني باستعلاء وعنجهية لا تليق سوى بمنطق الأسياد والعبيد

قلت منذ بداية حرب اليمن أنها ليست حرب الأيام والشهور بل هي حرب السنوات والدهور، وأن الثمن الذي ستدفعه المملكة لكي تنتصر أكبر بكثير من أن تتحمله، فهي إما ستقتل الملايين من الأبرياء أو تضحي بملايين من شعبها في حرب مباشرة، وإما تعلنها صريحة بوقف الحرب والاعتراف بهزيمتها مما قد يؤثر على وحدتها كدولة وأسرة كشف صراع بن سلمان وبن نايف على هشاشة وضعها الداخلي وشكل وحجم الصراع على السلطة الذي تكلل بعزل بن نايف واتهامه بالإدمان وحبسه في منزله بجدة.

أما أكبر دلالة على خروج تلك الصواريخ الآن بعد عامين ونصف ، هو أن الحرب فشلت في القضاء على قوة الحوثي وأن خصوم المملكة في اليمن أقوى مما كان يعتقد (الطفل المعجزة) عادل الجبير أو (صحاف العصر) العميد عسيري، وأن مستقبل المنطقة بالتوازي مع حصار قطر أوشك على الاشتعال أو ربما يكون النهاية حسب أسوء السيناريوهات المتوقعة بانهيار تلك الممالك التي أفسدت في الأرض أكثر مما أصلحت، وجعلت نفسها عرضة للانتقام من الجميع



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قاعدة محمد نجيب..قوة أم خدعة؟
- الدولة الدينية..كشك الفتوى نموذج
- تجريد مشكلتي سوريا والعراق
- ملاحظة في العصر المملوكي
- قصة ورأي..الحرب بين العراق وإيران
- أسئلة مهمة للملحدين
- مقدمة في فلسفة الصورة
- تيران وصنافير..السؤال الصعب
- الكارما الهندية والتقوى الإسلامية
- عدوانية آل سعود والخطر العربي
- الإعلام وخداع الألفاظ
- نظرات في الطائفية الإسلامية
- هذا ما فعله المتطرفون بالمصريين
- أكذوبة عدم تحلل أجساد الأنبياء
- لماذا تحتضن الدولة الفكر السلفي؟
- لا جهاد للطلب في الإسلام
- رؤية أخرى لتنوير محمد علي
- تضامنا مع د. عبدالعزيز القناعي
- حد الردة عقوبة سياسية وليست دينية
- هل الأزهر مرجعية للإرهاب؟


المزيد.....




- تحقيق لـCNN.. قوات الدعم السريع تطلق العنان لحملة إرهاب وترو ...
- ستتم إعادتهم لغزة.. مراسل CNN ينقل معاناة أمهات وأطفالهن الر ...
- أردوغان يريد أن يكمل -ما تبقى من أعمال في سوريا-
- استسلام مجموعة جديدة من جنود كييف للجيش الروسي (فيديو)
- عودوا إلى الواقع! لن نستطيع التخلص من النفط والغاز
- اللقاء بين ترامب وماسك - مجرد وجبة إفطار!
- -غباء مستفحل أو صفاقة-.. مدفيديف يفسر دوافع تصريحات باريس وب ...
- باشينيان ينضم إلى مهنئي بوتين
- صحة غزة: ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 31819 قتيلا ...
- هل مات الملك تشارلز الثالث؟ إشاعة كاذبة مصدرها وسائل إعلام ر ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامح عسكر - دلالات صواريخ اليمن