أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سامح عسكر - قصة ورأي..الحرب بين العراق وإيران















المزيد.....

قصة ورأي..الحرب بين العراق وإيران


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 5576 - 2017 / 7 / 9 - 01:39
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


باختصار ودون تفاصيل

الحرب أصلها اتفاق الجزائر عام 1975 بين صدام حسين .."نائب الرئيس"..وبين الشاة الإيراني.."محمد رضا بهلوي"..

ويسأل البعض لماذا صدام تحديدا هو الممثل- وهو نائب الرئيس- بينما الرئيس .."أحمد حسن البكر"..غير موجود ؟!..الإجابة أن صدام فعليا كان هو الرئيس في هذا الزمن، سلطاته واسعة وشخصيته مفروضة على قطاعات الدولة، وانتماؤه البعثي وأفكاره أعطوه زخم شعبي..

قضت الاتفاقية بانسحاب العراق من بعض المناطق المتنازع عليها في.."شط العرب"..وهو الحد الشرقي لنهري دجلة والفرات الموحدين عند القرنة في البصرة، مقابل وقف دعم إيران للانفصاليين الأكراد في الشمال، حيث كان الشاة يدعمهم بالمال والسلاح للضغط على العراق من أجل ترسيم الحدود، وباتفاقية الجزائر تم إنهاء هذه المشكلة..

بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 أًعلنت إيران عدم التزامها باتفاقية الجزائر، وهي رسالة بأن دعمها للأكراد سيعود، وهو ملف شائك للعراق منذ زمن فعقد صدام حسين العزم على التخلص من النظام الإيراني الجديد مستغلا ضعف الدولة المركزية هناك وتشتت الجيش والفوضى المنتشرة في الشارع ، وأغلبنا يعلم حقيقة أوضاع الدولة بعد الثورات الشعبية الكاسحة والناجحة ..

هامش: إيران تنفي عدم اعترافها باتفاقية الجزائر، وتقول أنها فبركات صحفية يقف ورائها صدام مع أمريكا لتبرير الغزو العراقي

المهم: عقد صدام حسين العزم على غزو إيران وإعادة المناطق التي انسحب منها شرقي شط العرب، وبالفعل بدأ في احتلال هذه المناطق سنة 1980 وأضاف إليها أراض أخرى في إقليم الأهواز، ونادى بانفصال العرب الإيرانيين وانضمامهم للعراق..وشنت أمريكا والسعودية ومصر حرب إعلامية على إيران بهدف تصوير الغزو الصدامي على أنه مقاومة للفرس والشيعة، وكانت هذه أول بذرة أشعلت الأصولية المذهبية بعد ذلك ونشرت الطائفية في العالم العربي..أي أن من وضع بذرة الطائفية الآن ليست فقط الجماعات الإرهابية بل نظامي السادات في مصر والملك خالد في السعودية..

قاوم الإيرانيون الغزو العراقي وبحلول عام 1982 أي بعد مرور عامين من الحرب استعادوا كل المناطق التي احتلها صدام، وطردوا الجيش العراقي غربي شط العرب..وأعادوا الحدود إلى ما قبل اتفاقية الجزائر، هذان العامان هما الذين تسببا في طول الحرب بعد ذلك، فالعراق والسعودية وأمريكا صمموا على إكمال المشوار للنهاية..وإسقاط النظام الإيراني الذي تمت شيطنته عربيا بشكل واسع خلال هذين العامين..

كانت خسارة العراق معناها هزيمة لأمريكا فنظام الخوميني معاد لأمريكا وروسيا معا، فأمريكا لديه ممثلة للرأسمالية والإمبرالية، بينما روسيا ممثلة للشيوعية ..وكلاهما أعداء للنظام الإسلامي.. أي لا ضابط حقيقي على الخوميني ولا اتصال به حتى، إذ لو كان موالي لروسيا سيتصلوا به لتهدئته أو التفاوض معه، لكن نظام الخوميني كان مستقل ولا يسمع من أحد، وتجربته الدينية جديدة أعاد بها ثقافة القرون الوسطى بولاية الفقيه وسلطات الخليفة، وهذا المعنى هو الذي دفع أمريكا والسعودية لتسمية نظام إيران وقتها بالمتطرف أو مركز الإسلام السياسي، رغم أن السعودية قبلها كانت تدعم المجاهدين الأفغان المتطرفين أيضا ونظامها كان يسمي كل مخالف لمذهب السنة وللأسرة الحاكمة بتسميات كفرية..

استعمل صدام السلاح الكيماوي ضد الجيش الإيراني وضد الأكراد العراقيين، لكن شكاوى إيران والأكراد لم يسمع بها أحد لأن العالم (كله) وقتها كان متعاطف مع العراق ومؤيد لإسقاط نظام الخوميني، وبالتالي لن يسمع أحد صرخات ضحايا الكيماوي كما لم يسمع أحد الآن صرخات اليمنيين بقصف القنابل المحرمة السعودية أيضا..وهذا أنتج في الشخصية الإيرانية الحديثة شعور بالمظلومية وتآمر العالم ضدهم، وعدم ثقتهم بأي دولة حتى الجيران..

هذا الشعور بالمظلومية انقضى عند الإيرانيين شيئا فشيئا بعد نهاية الحرب وصعود الإصلاحيين، وتوالي أنظمة رفسنجاني وخاتمي وأخيرا روحاني عالجوا هذا الشعور وانفتحوا على العالم بشكل كبير، لكن ظل الشعور بالاضطهاد مرافق لكل صورة لهم عن الحرب في بداياتها، أي صورة داعش الآن هي نفسها صورة صدام حسين في المخيلة الإيرانية، وصورة ترامب الآن هي نفسها صورة ريجان وجرائم أمريكا إبان الحرب..والمحافظون المتشددون يستغلون هذه المخيلة في الصعود شعبيا وتأزيم الوضع سياسيا مع الخصوم..لذلك عمليا أي عداء لإيران أو شتم لها الآن يستفيد منه المتشددون لديهم ويصعدوا من لهجاتهم خصوصا ضد السعودية..

المهم تلقى صدام حسين الدعم من كل دول العالم تقريبا، إعلاميا وسياسيا ودينيا وماليا وعسكريا..لكن فشل في استعادة المناطق التي فقدها بعد عام 1982 وعلى مدار 6 سنوات حرب ظلت المعركة مراوحة مكانيا، أي لا تقدم حقيقي لأي جانب، وظل سلاح الجو والصواريخ البالستية تقوم بجرائمها دون إحداث نصر عسكري.

كان كل مرة يضغط صدام على حلفائه ليجبروا الخوميني على التفاوض وإنهاء الحرب، لكن الخوميني كان يرفض بحجة أنه لم يكن المعتدي، وأن على صدام دفع تعويضات للشعب الإيراني، أو سيواجه ثورة الإيرانيين ضده في بغداد، وهي إشارة لتهديده بإسقاط نظام صدام حسين والسيطرة على بغداد.

ظلت هذه المفاوضات جارية لإقناع الخوميني بالسلام طيلة 6 سنوات لكنه كان يرفض بحجة (الثأر)..حتى قبل أخيرا بالسلام عام 88 بعد اقتناعه باستحالة سقوط صدام نظرا للدعم الهائل الذي كان يتلقاه من الدول الغنية، والحرب العقائدية التي كان يشنها عليه العراقيون، وقال في تصريحه الشهير.."ويل لي كوني ما زلت حيا لأتجرع كأس السم بموافقتي على السلام وأنا أشعر بالخجل أمام تضحيات هذا الشعب"...وسبب لغة الخوميني هذه أنه تعهد للإيرانيين بأخذ ثأرهم وإسقاط صدام في معقل حكمه..

أدت الحرب لمقتل حوالي نصف مليون عراقي، وثلاثة أرباع مليون إيراني، وتدمير شبه كامل لكلا الجيشين والبنى التحتية في مناطق التماس، وانتهت الحرب عام 1988 باتفاق سلام ، لكن بموازين القوى استفادت إسرائيل من هذه الحرب كونها حدثت بين أكبر عدوين لها في الشرق الأوسط بعد مصر التي نجحت في تحييدها في كامب ديفيد، ويمكن اعتبار حرب العراق وإيران نقطة مفصلية في تاريخ إسرائيل..عملت أمريكا على إشعالها متعمدة كي يتنفس الإسرائيليون الصعداء وينجحوا في امتصاص هجمة الإسلاميين والبعثيين والقوميين عليهم.

الدرس المستفاد من هذه الحرب أن كل دولة لها مصالح لن تفرط فيها ولو بالحرب، وأن على الجميع التفاوض سلميا حين اختلاف وجهات النظر، وأن قطع العلاقات بين الدول –خصوصا الجيران- هو شئ خطير في السياسة..ولا يفعله سوى المراهقين أو أصحاب الأيدلوجيات والمنافع الخاصة، وأن الحروب العقائدية خطرة جدا ومشعليها في العادة هم المستفيدين وحطبها هم الأغبياء والمرتشين، وأن كل حروب التاريخ لم تصنع نصرا حقيقيا، وأن النصر الحقيقي هو في البناء والتنمية وإشاعة روح الفكر والثقافة والتسامح.



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسئلة مهمة للملحدين
- مقدمة في فلسفة الصورة
- تيران وصنافير..السؤال الصعب
- الكارما الهندية والتقوى الإسلامية
- عدوانية آل سعود والخطر العربي
- الإعلام وخداع الألفاظ
- نظرات في الطائفية الإسلامية
- هذا ما فعله المتطرفون بالمصريين
- أكذوبة عدم تحلل أجساد الأنبياء
- لماذا تحتضن الدولة الفكر السلفي؟
- لا جهاد للطلب في الإسلام
- رؤية أخرى لتنوير محمد علي
- تضامنا مع د. عبدالعزيز القناعي
- حد الردة عقوبة سياسية وليست دينية
- هل الأزهر مرجعية للإرهاب؟
- جذور الإرهاب من التراث
- الإمارات تحتل جزيرة سوقطرى اليمنية
- الاستحسان في القرآن
- تحديات الإرهاب في الشرق الأوسط
- الغباء ودوره في أزمات العرب والمسلمين


المزيد.....




- أضرار البنية التحتية وأزمة الغذاء.. أرقام صادمة من غزة
- بلينكن يكشف نسبة صادمة حول معاناة سكان غزة من انعدام الأمن ا ...
- الخارجية الفلسطينية: إسرائيل بدأت تدمير رفح ولم تنتظر إذنا م ...
- تقرير: الجيش الإسرائيلي يشكل فريقا خاصا لتحديد مواقع الأنفاق ...
- باشينيان يحذر من حرب قد تبدأ في غضون أسبوع
- ماسك يسخر من بوينغ!
- تعليقات من مصر على فوز بوتين
- 5 أشخاص و5 مفاتيح .. أين اختفى كنز أفغانستان الأسطوري؟
- أمام حشد في أوروبا.. سيدة أوكرانية تفسر لماذا كان بوتين على ...
- صناع مسلسل مصري يعتذرون بعد اتهامهم بالسخرية من آلام الفلسطي ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سامح عسكر - قصة ورأي..الحرب بين العراق وإيران