لماذا قال نبى الإسلام (جعل رزقى تحت رمحى)؟

طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5593 - 2017 / 7 / 27 - 15:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

لماذا قال نبى الإسلام ((جعل رزقى تحت رمحى))؟
طلعت رضوان
ولماذا قال لجنوده: اغزوا باسم الله؟
وما علاقة ذلك بكراهية الزراعة؟
أعتقد أنّ كتب التراث العربى/ الإسلامى أثــّـرتْ على عقلية الكثيرين من العرب والمسلمين، خاصة محتواها السلبى. وبغض النظرعن (صحة ودقة) المادة المُـدوّنة فى تلك الكتب (سواء أحاديث نبوية أو أحداث تاريخية) فإنّ أعضاء التنظيمات الإسلامية الذين ينتهجون أساليب العنف وقتل من يعتقدون أنهم (خصوم الإسلام) يهتدون بهذه الكتب ويُـبرّرون بها أفعالهم.
ومن بين تلك الكتب كتاب (السير الكبير للإمام محمد بن الحسن الشيبانى - المتوفى سنة189هـ مطبعة جامعة القاهرة- عام1958) وقد اكتشفتُ أنّ هذا الكتاب يعتبر أحد الكتب المعتمدة لدى فصائل الإسلام السياسى (وذلك بمراجعة كتاباتهم ومطابقتها على ما ورد فيه) بينما من أطلقوا على أنفسهم (يسار الإسلام) يتجاهلونه.
من بين الوقائع التاريخية أنّ الخليفة الرشيد أراد أنْ ينقض عهد نصارى تغلب، وهو العهد الذى عقده معهم عمربن الخطاب، وأعفاهم من أداء الجزية، مقابل أنْ يـُـضاعف عليهم مقدار (الصدقة) لأنهم كانوا يأنفون من كلمة (الجزية) ولكن الرشيد خالف سنة عمر، وأراد أنْ يقتل رجالهم ويسبى ذراريهم بسبب الحرب التى بينه وبين الروم، فلما أخذ رأى الفقيه محمد بن الحسن (مفتى العراق وتلميذ أبى حنيفة) قال ((ولمَ يا أمير المؤمنين وقد صالحهم عمرعلى ما صالحهم عليه؟)) فقال الرشيد ((إنما صالحهم على ألاّ يغمسوا أولادهم فى المعمودية)) وبعد حوار طويل لم يقتنع الرشيد برأى المفتى وأصرّعلى رأيه. فقال المفتى ((أيها الأمير الرأى رأيك.. ورأيك أعلى)) (من ص14- 16)
ونظرًا لأنّ خلفاء المسلمين لم يلتزموا بقاعدة (الشورى) لذلك كان الفقهاء يتهرّبون من إبداء الرأى. وفى التعليقات التى كتبها الشيخ محمد أبوزهرة كتب ((كان السلف الصالح من التابعين يفرون من تولية القضاء عندما يـُـطلب منهم ذلك. وكذلك كان يفر بعض الفقهاء عندما كان يـَـطلب منهم بنوالعباس ذلك، والسبب فى فرارهم هو خطر المنصب، لأنّ الخلفاء لم يكونوا فى كل مطالبهم يـُـنفذون الشرع، ولذلك فرّ الشـُـعبى والحسن البصرى، وامتنع أبوحنيفة عن الولاية للأمويين، وعندما تولى منصب القضاء للعباسيين، عذبوه بالأذى الشديد فقال : لأنّ أغرق فى الفرات خيرٌ لى من أنْ أتولى القضاء)) (ص134)
وذكر المؤلف فى تبريراته عن كراهية الزراعة عدة أحاديث نبوية منها أنّ الرسول إذا رأى شيئـًـا من أدوات الزراعة فى بيت قوم قال ((ما دَخـَـلَ أدوات الزراعة بيت قوم إلاّ ذلوا)) وسبب هذا الحديث (وغيره كثير) لأنّ الرسول كان يفضل الجهاد عن الاشتغال بالزراعة، وفى التعليق كتب أبوزهرة ((انتصر المسلمون لما حملوا سيوفهم على عواتقهم، وأخذوا بأمر الله تعالى بالاستعداد للجهاد وبتحريض النبى على الجهاد دفاعـًـا عن (الحوزة) وورد فى المأثور: اطلب الموت توهب لك الحياة (ص134، 135) وللتأكيد على التفرقة بين أدوات الزراعة وأدوات القتال ذكر ابن عمربن الخطاب أنّ الرسول قال ((إذا تبايعتم بالعين واتبعتم أذناب البقر، وتركتم الجهاد ذللتم حتى يطمع فيكم عدوكم)) وفى شرح المؤلف كتب ((وقوله واتبعتم أذناب البقر، أى اشتغلتم بالزراعة وتركتم الجهاد، فيطمع العدو فى المسلمين)) (ص160، 161)
أما الحديث الذى يتجاهله أغلب أعضاء الكهنوت الإسلامى فهو حديث الرسول الذى قال ((إنّ الله بعثنى بالسيف بين يدى الساعة، وجعل رزقى تحت رمحى، وجعل الذل والصغارعلى من خالفنى، ومن تشبـّـه بقوم فهو منهم)) وفى الشرح كتب المؤلف ((والمراد بقوله (بعثنى بالسيف) أى بعثنى أقاتل فى سبيل الله ولذلك قال الرسول ((أمرتُ أنْ أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلاّ الله فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم..إلخ)) وأضاف المؤلف ((أنّ القتال فى حق الأنبياء لم يكن مأمورًا به، وخصّ به رسول الله الذى قال : السيوف أردية الغزاة)) وعن سفيان بن عينيه قال : بعث الله رسوله بأربعة سيوف : سيف لقتال المشركين باشر به القتال بنفسه. وسيف لقتال أهل الردة كما قال الله فى كتابه ((تقاتلونهم أو يـُـسلمون)) (الفتح/16) وهو السيف الذى قاتل به أبوبكر مانعى الزكاة (الصحيح مانعى الصدقة) وقاتل به عمر لقتال المارقين، وكذلك ما رُوى عن على بن أبى طالب الذى قال ((أمرتُ بقتال المارقين والناكثين..إلخ))
وعن ابن معبد قال ((إذا زرعتْ هذه الأمة نزع منهم النصر، وقذف فى قلوبهم الرعب)) وعن محمد بن كعب قال ((قيل لعلى بن أبى طالب : إنْ تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين)) (آل عمران/149) أهو التعرب؟ قال: لا، ولكنه الزرع)) وقال الرسول ((السيف محـّـاء الذنوب)) وعندما أرسل الرسول جيشه إلى الشام قال لجنوده ((انطلقوا إنكم تنتقلون من الجوع إلى هذه الأرض الخصبة)) (ص187) وقال ((من استشهد فى سبيل الله فبأول قطرة تقطر من دمه يغفر له جميع ذنوبه. وبالقطرة الثانية يكتسى حـُـلة الكرامة. وبالقطرة الثالثة يتزوج بحور العين)) (من ص137- 152) والحديث الآخر الذى يتجاهله الكهنوت هو الذى يؤكد أنّ الجهاد كان (بالأجر) حيث سأل الذى استؤجر للقتال بديناريْن، فقال له الرسول ((لك ديناراك فى الدينا والآخرة)) (ص156) أى أننا أمام حالة شبيهة بما يحدث فى عصرنا الحالى على من يـُـعرفون باسم (المرتزقة)
ومن الأحاديث المسكوت عنها حديث جابر(رضى الله عنه) قال ((رآنى رسول الله مهتمًـا (= حزينــًـا) فقال : مالك يا جابر؟ قلتُ : أستشهد أبى وترك ديـْـنــًـا وعيالا فقال الرسول: ألا أبشرك يا جابر؟ إنّ الله كلــّـم أباك..إلخ)) (ص169) وهنا يبرز السؤال : كيف خاطب الله هذا الرجل وهو ليس من الأنبياء؟ هل لمجرد أنه أستشهد فى صفوف المسلمين فحاز ذلك الشرف؟ أم أنّ الأمر له علاقة بحديث الرسول الذى كان يـُـشجـّـع أتباعه على الحرب؟ فكان إذا بعث جيشـًـا أو سرية قال لجنوده ((اغزوا باسم الله)) (ص175)
ومن خلال العرض المختصر لهذا الكتاب التراثى، سألتُ نفسى أليس أعضاء التنظيمات الإسلامية الذين تركوا أوطانهم الأصلية وغزوا العراق وسوريا واليمن وليبيا، وقتلوا ودمّروا الحقول والمرافق العامة، قد تأثروا بما ورد فيه؟ بغض النظر عما إذا كانوا يفعلون ذلك عن (عقيدة إيمانية) أو يؤجرون أنفسهم لمن يدفع.
***

#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات