أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - خيانة المثقفين لشعبنا المصرى















المزيد.....

خيانة المثقفين لشعبنا المصرى


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5570 - 2017 / 7 / 3 - 23:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



عندما قرأتُ تفاصيل أحداث ثورة برمهات/ مارس1919، أيقنتُ أنّ جدودنا هم الذين صنعوا زعامة (حزب الوفد) وزعامة سعد زغلول الذى تحوّل إلى أسطورة، مثل أسطورة أنّ بعض أوراق النبات كان عليها اسم سعد، وأسطورة الطبيب الذى وضع السماعة الطبية على بطن فلاحة مصرية فسمع صوت الجنين يقول (سعد.. سعد..يحيا سعد) وتلك الأساطيرمغزاها (حب الشعب) لسعد زغلول ولأعضاء حزب الوفد، فهل وقف سعد وأعضاء حزبه مع طموحات شعبنا لتحقيق آليات الليبرالية، وتأسيس دولة القانون؟ كان على (الوفديين) الوقوف مع التيارالليبرالى لوكان لديهم أدنى درجة من درجات تفعيل الليبرالية، ونقلها من الإطارالفكرى، إلى الإطار السياسى، ولكن ماحدث هوالعكس، حيث وقفوا (وعلى رأسهم سعد زغلول) فى أول اختبارضد الشيخ على عبد الرازق بسبب كتابه (الإسلام وأصول الحكم) ثم جاء الاختبارالثانى (وكان أشد ضراوة) ضد عميد الثقافة المصرية (طه حسين بسبب كتابه (فى الشعرالجاهلى) ولأنّ السياسيين (غالـبًا) يهتمون بمصالحهم الطبقية ويستغلون مناصبهم لتحقيق تلك المصالح، لذلك كثرتْ الانشقاقات داخل حزب الوفد، بل إنّ الوفدى الكبير(مكرم عبيد) الذى كان لصيق الصلة بسعد زغلول وكان سعد يقول عنه إنه ((ابنه البكر)) وكثيرًا ما أثنى مكرم عبيد على سعد بسبب احتضانه له، وتدورالأيام فيكتب مكرم عبيد كتابه الشهير(الكتاب الأسود) الذى اتهم فيه السيدة زينب الوكيل (زوجة النحاس) باستغلال النفوذ، وهواتهام باطل، وكان الهدف منه تشويه سمعة النحاس، والدليل على ذلك أنّ الكتاب طـُـبع داخل القصر. وعندما اشتـدّ الهجوم على النحاس من خصومه السياسيين، ونظرًا لشعبية النحاس الكاسحة خرجتْ الجماهيرتهتف ((حرامى..حرامى..بس بنحبه)) وأثناء الحرب العالمية الثانية أجرى النحاس (بصفته رئيس الوزراء) بعض الاصلاحات الاجتماعية، مثل رفع الحد الأدنى لأجورالعمال الزراعيين، وإلغاء مصروفت المدارس الابتدائية، وتخفيض الضرائب عن صغارالمُـلاك، وإعطاء النقابات العمالية الصفة القانونية.
من هذا التقديم المُـختصرجدًا أجمع المؤرخون على شعبية حزب الوفد، وأنه كان أكبروأهم الأحزاب قبل يوليو1952، ورغم ذلك عندما سيطرالضباط على مصر بقيادة البكباشى عبد الناصر، استسلم قادة الوفد للضباط دون أدنى مقاومة، وكأنّ ما حدث (قدرإلهى) لايمكن مواجهته أوحتى الاعتراض عليه، لدرجة أنّ النحاس باشا (رئيس الحزب) وفؤاد باشا سراج الدين (سكرتيرعام الحزب) ذهبا إلى مجلس القيادة العسكرية لمقابلة الضباط وتهنئتهم ب (الثورة) ورغم أنّ الضباط تركوهما فى الاستراحة لعدة ساعات، ورغم المقابلة الخشنة والفاترة، فإنهما لم يتعظا من تلك المقابلة غيرالمرغوب فيها، ولم ينتبها إلى النتائج المُـترتبة على حياتهما إزاء هذا الأسلوب الفج فى المقابلة، وبالتالى لم ينشغلا بمصيرالحزب ومصيرمصر، وما فعله النحاس وسراج الدين فعله كبارقادة الحزب الذين توجــّـهوا لمقرالقيادة العسكرية للتهنئة ب (الثورة) فلماذا كان الاستسلام السريع للضباط؟
وهل السبب أنّ شعبية الحزب كانت (عاطفية) أكثرمنها (موضوعية/ جذرية) وأنّ تلك العاطفة تعود بجذورها إلى عام1919عندما (فاوض) سعد زغلول ورفاقه الإنجليزحول استقلال مصربعد الحرب العالمية الأولى؟ وعندما رفض الإنجليزأى حوارمع سعد ورفاقه بحجة أنهم ((لايـُـمثلون الشعب المصرى)) وبسبب هذا الرد الاستعمارى، نبتتْ فكرة (التوكيلات) العبقرية/ العفوية. وكان مضمونها أنّ الشعب المصرى (يـُـوكــّـل) سعد ورفاقه فى (التفاوض) مع الإنجليزمن أجل الاستقلال. وبعد القبض على سعد ورفاقه ونفيهم، خرج الملايين من أبناء شعبنا فى مظاهرات- شملتْ كل قرى مصرومدنها- احتجاجًا على نفى سعد ورفاقه. وشملتْ المظاهرات اقتحام مخازن السلاح البريطانية وتعطيل مرفق السكك الحديدية، وإقامة (جمهورية زفتا المُـستقلة) إلى آخرأشكال المقاومة التى أبدعها الأميون، الذين قاوموا رصاص الإنجليزبصدورهم، وقـدّم الآلاف منهم أرواحهم فى سبيل الاستقلال والحرية. ونتيجة لتلك الثورة الشعبية التى بلغتْ ذروتها فى شهربرمهات/ مارس1919، وبعد تعاطف الرأى العام العالمى مع شعبنا وإدانته للاحتلال الإنجليزى، وبعد أنْ هدأتْ العاصفة، تمّ تشكيل حزب الوفد.
وبهذا العرض المُـختصرللأحداث يتبيّن أنّ (ولادة) حزب الوفد جاءتْ بعد تضحيات شعبنا، أى بعد الثورة لاقبلها، وبالتالى فإنّ الفضل الأول يعود إلى الجماهيرالشعبية، وأنّ تلك الجماهيرهى التى صنعتْ (زعماء حزب الوفد) وهى التى صنعتْ اسم (سعد زغلول) بصفته (قائد الثورة) بينما الحقيقة أنّ دوره انحصرفى (التفاوض) مع الإنجليز، ولكن– لاهوولارفاقه- من (وفد) التفاوض كانوا فى الشوارع التى امتصتْ دماء الأميين الذين صنعوا الثورة. ولعلّ دلالة اسم الحزب أنْ تكون دامغة فى التفرقة بين من صنعوا الثورة وبين أعضاء (الوفد) الذين ذهبوا للتفاوض مع الإنجليز. ومن تعبير(وفد) التفاوض جاء اسم الحزب.
ولكن هل هذا التوضيح– من خلال السرد التاريخى للأحداث- يكفى للاعتقاد بأنّ شعبية الحزب كانت (عاطفية) أكثرمنها (موضوعية/ جذرية)؟ أعتقد أنّ الإجابة تحتاج إلى جراحة– والأدق- إلى (سونار) أو(أشعة مقطعية) أو(رنين مغناطيسى) بلغة الطب لكشف الداء الذى تسبّب فى خنوع قادة الحزب للضباط فى يوليو52.
أعتقد أنّ المرض توزّع على طرفيْن: القيادة السياسية والجماهيرالشعبية. كما أعتقد أنّ أكبرحشد للجراثيم كان من نصيب الجماهير، وأنّ الفيروسات ليست من خارج الجسد الشعبى، وإنما من داخله. وأسبابى هى: أثبتتْ تجارب التاريخ أنّ انتفاضات شعبنا ضد الغزاة– من الفرس واليونان والرومان والعرب- كانت تحكمها (العفوية) وأعتقد أنّ هذه الكلمة فيها مفتاح فهم ما حدث طوال التاريخ المصرى، فهى تؤكد على أنّ (كل) الانتفاضات كانت بلا تخطيط، ومعنى أنها بلا تخطيط أنها بدون (قيادة) ومعنى أنها بدون قيادة تأكيد على أنّ الأميين هم أصحاب المُبادرة وهم مشعلوالشرارة الأولى، وبمعنى أكثرتحديدًا أنّ (كل) الانتفاضات كانت تتم بمعزل عن (المُـتعلمين) أى فى غيبة (قيادة روحية) تقود الشعب، وتضع له خطط المقاومة، والأهداف المرجوّة من تلك المقاومة، وماذا يحدث فى حالة الفشل فى أول جولة، وماذا يحدث لوتحقق أى انتصارعلى العدوإلخ.
فى كل تجارب شعبنا ضد الغزاة والمحتلين، لم يجد بجانبه (القيادة الروحية) التى تضع له هذه الخطط وتــُـدعـّمه. ليس هذا فقط وإنما حدث ماهوأبشع، حيث أنّ القيادة الروحية (المُـفترضة) لم تكتف بدورها السلبى (عدم مساندة الجماهير وتشجيعها على المقاومة) وإنما كان لها موقف (إيجابى) لصالح الغزاة، فعندما غزا العرب مصر((كان بالإسكندرية أسقف للقبط يـُـقال له: أبوبنيامين، فلما بلغه قدوم عمربن العاص إلى مصر، كتب إلى القبط يُعلمهم أنه لاتكون للروم دولة. وأنّ ملكهم قد انقطع. ويأمرهم بتلقى عمرو. ويُـقال أنّ القبط الذين كانوا بالفرما كانوا يومئذ لعمرأعوانـًا)) (ابن عبد الحكم- فتوح مصروأخبارها- مؤسسة دارالتعاون- عام 1974- ص49) ويعترف ابن عبد الحكم– فى نفس الصفحة- أنّ أهالى بلبيس- أى الجماهيرالشعبية- قاوموا عمروبن العاص ((وقاتلوه نحوًا من شهرحتى فتح الله عليه..ثمّ أتى (مقاطعة أم دنين) فقاتلوه بها قتالاشديدًا وأبطأ عليه الفتح. فكتب إلى عمربن الخطاب يستمده فأمـدّه بأربعة آلاف تمام ثمانية آلاف فقاتلهم)) وما ذكره ابن عبدالحكم يؤكد أنّ الجماهيرالشعبية- أى الأميين- كانوا ضد الغزاة العرب- وقاوموا جيش عمروالذى استنجد بعمربن الخطاب لـيُـرسل إليه المزيد من القوات، بينما أسقف القبط (بنيامين) استسلم للأمرالواقع وطلب من الشعب استقبال عمرو، وذلك بدلامن أنْ يُعلنها حربًا ضد المحتل الرومانى وضد العرب (الغزاة الجـُـدد)
وابن عبدالحكم (القرشى) كان شديد الموضوعية عندما نقل آراء من قالوا أنّ الغزو/ الفتح كان (صُـلحـًا) وآراء من قالوا أنه كان (عنوة) أى التأكيد على المقاومة الشعبية. ودليل قوة المقاومة أنّ عدد جنود العرب وصل إلى رقم إثنى عشرألف بقيادة الزبيربن العوام (ص51) وبدليل ما ذكره فى أكثرمن صفحة أنّ الغزاة العرب خيّروا شعبنا بين ثلاثة بدائل: الإسلام أوالجزية أوالقتال. وعندما فكــّـرعمروبن العاص فى التوسع فى احتلال مناطق جديدة من مصر، فإنّ سبعمائة ألف راهب استقبلوه ودلوه على منطقة وادى النطرون (فيما بين مريوط والفيوم) مقابل طلب الأمان على أنفسهم وديارهم (المقريزى- المواعظ والاعتبار- ج1- ص186)
وماحدث من تخاذل آباء الكنيسة (أى المُـتعلمين أوالمُـثقفين بلغة عصرنا) تكرّر عندما حدثتْ ثورة شعبنا فى منطقة البشمور. وهى الثورة التى فشل الإفشين قائد الجيش فى عهد الخليفة المأمون فى قمعها. فجاء المأمون بنفسه ومعه المزيد من الجنود. فشل فى البداية فى العثورعلى أماكن اختباء الثوار(فى أحراش الدلتا) فلجأ إلى قساوسة الكنيسة الذين دلوه على أماكن الثوار. وذهب القساوسة لإقناع الثوار بالاستسلام، ولما رفضوا الخضوع لأوامرالقساوسة، بدأ المأمون هجومه عليهم. ووصف المقريزى ماحدث قائلا ((حكم أميرالمؤمنين فيهم بقتل الرجال وبيع النساء والأطفال فبيعوا وسبى أكثرهم. ومن حينئذ أذلّ الله القبط فى جميع أرض مصر وخذل شوكتهم فلم يقدرأحد منهم على الخروج ولاالقيام على السلطان..إلخ)) (المصدرالسابق- ص79، 80) ويلاحظ على نص المقريزى أنه كتب ((حينئذ أذلّ الله القبط)) فهل (الله) مهمته إذلال البشر؟ أم أنّ الأدق لوأنه كتب ((أذلّ العرب القبط)) ومع ملاحظة أنّ المقريزى مصرى النشأة والميلاد والجنسية، ومع ذلك انحازللتراث العربى/ الإسلامى مثله مثل أغلب المُـتعلمين المصريين الذين كانوا أحد أهم الكوارث التى حطــّـتْ على شعبنا المصرى.
وكما حدث فى الثورات ضد الغزاة فى العصورالقديمة والوسيطة، من تخاذل المُـتعلمين، حدث مثله فى ثورة1919. نسى زعماء حزب الوفد دماء الضحايا ولم يهتموا بالمصابين بأمراض مزمنة، ولم يهتموا بتحقيق أدنى درجة من درجات العدالة الاجتماعية، وتركــّـزجهدهم فى شىء واحد وهوالحصول على شكل من أشكال الاستقلال الشكلى (لحفظ ماء الوجه) فكان تصريح 28فبراير1922 الذى تضمّـن إعلان بريطانيا إنتهاء الحماية والاعتراف بمصردولة مستقلة ذات سيادة وإلغاء الأحكام العرفية. مع احتفاظ بريطانيا– بصورة مطلقة- بحقها فى 1- تأمين مواصلات الامبراطورية البريطانية 2- الدفاع عن مصرضد كل إعتداء أوتدخل أجنبى بالذات أوبالواسطة 3- حماية المصالح الأجنبية فى مصروحماية الأقليات 4- السودان. وهذه الحقوق الاستعمارية هى التى أخذتْ اسم (التحفظات الأربعة)
ورغم تضحيات الأميين فإنّ المُـتعلمين استجابوا لضغوط الأصوليين الإسلاميين بالنص فى الدستورعلى أنّ ((الإسلام دين الدولة)) (مادة رقم 149) ورغم أنّ تلك المادة جاءتْ فى ذيل مواد دستور1923، إلاّ أنها كانت بداية التراجع عن شعار الأميين أثناء الثورة ((الدين لله والوطن للجميع)) وهوما انتبه إليه بعض المفكرين المُحترمين أمثال محمود عزمى الذى انتقد مشروع الدستور- قبل صدوره- بسبب تلك المادة، وأمثال عميد الثقافة المصرية (طاها حسين) الذى كتب مقالافى مجلة الحديث (فبراير1927) هاجم فيه الشيوخ الذين فرضوا تلك المادة التى لن تـــُـفرّق بين المسلمين وغيرالمسلمين فقط، وإنما سوف تـــُـفرّق بين المسلمين والمسلمين أنفسهم لأنهم لم يتفقوا على (مفهوم) واحد للإسلام.
وإذا كان المُـتعلمون خانوا الجماهير الشعبية، فإنّ تلك الجماهيرتتحمّـل مسئولية فشل تحقيق أحلامها المشروعة (من عدالة اجتماعية وحرية وإقامة مجتمع عصرى) وأعتقد أنّ آفة شعبنا أنه (ينتفض وينام) ينتفض ويترك غيره يجنى ثمارتضحياته. وماحدث لجدودنا ثواربرمهات/ مارس1919، تكرّرمع الهبة العظيمة فى شهر طوبة/ يناير1977بعد قرارالحكومة برفع أسعارأكثرمن سلعة (شعبية) تنفيذا لتعليمات صندوق النقد الدولى، فخرجتْ الجماهير- بشكل عفوى وتلقائى- من الإسكندرية إلى أسوان تـــُـردّد شعارات واحدة ضد النظام وضد الولايات المتحدة الأمريكية (صاحبة الصندوق الأسود) واستمرتْ المظاهرات من مساء 17 ينايرإلى عصر19يناير، ولم تترك الجماهيرالشوارع إلاّبعد تراجع الحكومة عن قرارات رفع الأسعار. وكانت خطة السادات الخبيثة (بوحى من موظفى صندوق النقد الدولى) هى الانتظارفترة (بعد هدوء العاصفة) ليتم بعدها سياسة (تحريك الأسعار)
والدرس المُستفاد من هبة يناير77 هوأنّ الجماهيرالشعبية كانت بلا قيادة (روحية أوحتى سياسية) ولكن هذا شىء وحالة (الاسترخاء) التى (تغزو) شعبنا بعد كل انتفاضة شىء آخر، وبالتالى فهو- كما فى كل التجارب السابقة (ينتفض وينام) ويترك لغيره جنى ثمارتضحياته.
ونفس الشىء تكرّرفى انتفاضة شعبنا العظيمة فى شهرطوبة/ يناير2011. انتفض ونام ليجنى مجلس طنطاوى/ عنان العسكرى ثمارتضحيات 18 يومًا فى برد طوبة فى كل ميادين مصر، وتسليم الوطن للإخوان المسلمين بالتنسيق والتواطؤمع الإدارة الأمريكية. وحتى عندما انتفض شعبنا فى يونيو2013 لمساندة عبدالفتاح السيسى فى التخلص من الإخوان، وخرج أكثرمن 30 مليون إنسان مصرى فى كل قرى ومدن مصر، للتعبيرعن رفضهم أى شكل من أشكال الحكومة الدينية، وبعد نجاح الانتفاضة التى ترتــّـب عليها الاطاحة بالرئيس (المسلم) الذى كان أداة طيعة فى يد مكتب (مرشد) الإخوان، ذهب شعبنا ل (ينام) ويعطى نفسه إجازة (استرخاء) طويلة. ولأنّ شعبنا بلا قيادة (روحية) فإنّ التنظيمات الإسلامية المُـدرّبة على العمل السرى والتنظيمى، انتهزتْ فرصة (الاسترخاء الجماهيرى) ونشطتْ لتكون هى البديل عن الإخوان، وكان أبرزتلك التنظيمات حزب الضلمة (الاسم الحركى لحزب النور) الذى احتضنته السلطة الحاكمة وروّج له الإعلام الحكومى والخاص. وهكذا هى آفة شعبنا: يترك لغيره جنى ثمارتضحياته.
وأعتقد أنّ ما حدث فى يوليو52 هوحلقة من تاريخ آفة شعبنا: (ينتفض وينام) فهل استسلام قادة حزب الوفد لضباط يوليو، كان عن وعى بتلك الآفة؟ سؤال يدخل فى إطار(علم الاحتمالات) وهل أدركوا أنّ جماهيرية حزب الوفد (عاطفية) أكثرمنها (موضوعية/ جذرية)؟ وبالتالى لم يهتموا بحشد الجماهيرضد الضباط؟ أم أنهم فقدوا الثقة فى الجماهير، وتغلــّـب عليهم الشعوربأنّ الجماهيرلن تقف معهم؟ وفى كل الأحوال فإنّ الدرس المؤكد هوخيانة القادة والمُـتعلمين للجماهيرالشعبية، وخيانة الجماهيرلنفسها لأنها لم تــُحاول التخلص من مرض (الانتفاضة ثم النوم الطويل) ولعلّ سؤال: لماذا لم يهتم أحد من الباحثين (سواء فى علم الاجتماع أو المُهتمين بالتاريخ) ببحث العلاقة بين القادة والجماهير، وبين الجماهيروالمُـتعلمين، ولماذا (كل) انتفاضات شعبنا يجنى ثمارها أعداء الشعب؟ أعتقد أنّ هذا السؤال المُـتشعــّـب– الذى لم يهتم به أحد– فيه الدليل الأكيد على خيانة المُـتعلمين لشعبنا، الذى كان– وربما سيظل– بلا قيادة روحية، وبالتالى لن يتمكــّـن من مقاومة ذلك المرض اللعين: ينتفض وينام فى حالة استرخاء طويلة. فمتى يثورشعبنا على متعلميه؟ أى على (النخبة المثقفة)؟
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النصوص الدينية ومواثيق حقوق الإنسان العالمية (1)
- أسئلة الواقع وردود السماء
- هل ساهمتْ الفلسفة فى التحررمن الثوابت؟
- مقولة التراجع فى التاريخ العربى/ الإسلامى
- نماذج من قتل الفلاسفة فى التاريخ العربى/ الإسلامى
- العلاقة بين الدين والفلسفة: متوازية أم عكسية؟
- دينامية المجتمع الإسرائيلى
- هل يمكن إنتاج مسلسل أوفيلم عن ماريه المصريه؟
- من توابع يوليو1952
- التفسير المادى والتفسير المثالى لحركة التاريخ
- جامعة الدول العربية : آن الرحيل
- كيف نشأت فكرة (التأليف)؟
- كيف انخدع المتعلمون فى أدعياء الليبرالية؟
- طه المليجى: الهوس بالناصرية والاتهام بالصهونية
- لماذا فرح العبرانيون بأحادية أخناتون ؟
- علم المصريات وأهمية تدريس اللغة المصرية القديمة
- لماذا ردّد الماركسيون أكاذيب عبد الناصر؟
- الجذر التاريخى للتمييز بين البشر
- أثر الواقع على القرآن
- لماذا دعمت أمريكا ضباط يوليو1952 ؟


المزيد.....




- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - خيانة المثقفين لشعبنا المصرى