أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - علم المصريات وأهمية تدريس اللغة المصرية القديمة















المزيد.....

علم المصريات وأهمية تدريس اللغة المصرية القديمة


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5549 - 2017 / 6 / 12 - 14:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



كلــّـما سمعتُ وقرأتُ الهجوم على الحضارة المصرية، بترديد مزاعم بنى إسرائيل عن (فرعون الطاغى) إلى آخرهذا الكلام الذى ليست له أدنى علاقة بعملىْ المصريات واللغوايات. كلما سمعتُ وقرأتُ عن هذا (الهوس العبرى) أتذكــّـر- على الفور- عالم المصريات الكبيرمحسن لطفى السيد، الذى رحل عن دنيانا يوم 4/3/2009 عن عمريناهز الثمانين عامًا (مواليد 1927) وهوابن سعيد باشا شقيق المفكرالليبرالى الكبيرأحمد لطفى السيد. نشأتْ الأسرة فى قرية (برقين) مركزالسنبلاوين بمديرية (محافظة) الدقهلية. ورغم أنّ محسن لطفى من أسرة باشوات فقد اشترك مع الفدائيين المصريين فى الكفاح المسلح ضد الإحتلال الإنجليزى. وبعد العدوان الثلاثى على مصرعام 56 اشترك مع المقاومة الشعبية المسلحة ضد الدول المعتدية تحت إشراف كمال رفعت الذى اعترف بأنّ ((مهمة جمع سلاح الفدائيين فى القنال كانت إحدى المهام التى أوكلتها إلىّ قيادة الثورة. وقد استطعتُ بحكم معرفتى ببعضهم (ومن بينهم محسن لطفى ابن عمته) خلال معركة القنال سنة 1951 أنْ أحصل على السلاح الذى كان لديهم)) (طارق البشرى- الديمقراطية ونظام 23 يوليو- كتاب الهلال- ديسمبر91)
من دراسة القانون إلى علم المصريات
فى أواخرالخمسينات سافرإلى باريس لدراسة القانون. وبعد أنْ حصل على ليسانس الحقوق حدث أكبرتغيرفى حياته. إذْ اعترف فى محاضراته أنه انبهربإهتمام الفرنسيين بالحضارة المصرية ، فقرّردراسة التاريخ المصرى القديم، ولكنه لم يقتنع بالدراسة الأكاديمية، ورأى أنّ التخصص فى علم المصريات لايكون تخصصًا علميًا إلاّ اذا أجاد اللغة المصرية القديمة. وبالفعل عكف عدة سنوات على تعلم تلك اللغة. وقد اعترف أنّ من بين الأساتذة الذين تعلم على أيديهم العالمة الكبيرة (كريستيان ديروش نوبلكور) وعندما عاد إلى مصرعمل بالمحاماة فترة قصيرة . ثم عمل مرشدًا سياحيًا فترة أخرى لم تدم كثيرًا أيضًا. وقد حكى واقعة طريفة فى يوم امتحانه أمام لجنة الآثارالإسلامية، إذْ استنكروا حديثه عن بناء مسجد السلطان حسن، وأنّ الذين صمموه وبنوه هم المصريون المسيحيون الذين كانوا متأثرين ببناء المعابد المصرية، وكاد يرسب فى الإمتحان لولا أنه تمكن من إقناعهم بحججه العلمية ومراجعه الكثيرة. ومن الطرائف أيضًا ما ذكره أمام وفد من السياح حيث ذكرلهم أنّ رمسيس الثانى كان له أكثرمن زوجة فسأله سائح أمريكى: هل كان رمسيس مسلمًا؟
صالون محسن الثقافى
تعود معرفتى بالراحل الجليل منذ أوائل التسعينات عندما حضرت ندوة له نظمها د. فخرى لبيب فى مقرحزب التجمع بالزيتون، وكانت الندوة عن دورمصرالحضارى فى العالم القديم. ثم علمتُ أنه يفتح منزله يومىْ الأحد والأربعاء من كل أسبوع من الساعة العاشرة صباحًا إلى الثانية ظهرًا. وبدأتُ أواظب على الحضور. كان يُخصص الساعة الأولى لتعليم اللغة المصرية القديمة. والساعتيْن التاليتيْن يشرح لنا فى كل مرة (على الشاشة من خلال البروجيكتور) مقبرة من المقابر الشهيرة فى مصرالقديمة وباقى الوقت يكون للمناقشات الفكرية الحرة أو قراءة الشعرأو الاستماع إلى الموسيقى والغناء، خصوصًا فى الأيام التى كان يحضرفيها الفنان محمد نوح، الذى حدّثنا عن الموسيقى فى مصرالقديمة. وفى السنوات الأخيرة داهم المرض العالم محسن لطفى، فاقتصراللقاء الأسبوعى على يوم الأحد من كل أسبوع. وعندما اشتد عليه المرض فى الشهورالأخيرة بحيث كان يظل فى فراشه ، ظلتْ شقته مفتوحه لاستقبال ضيوفه، ووفقــًـا لطقوس الضيافة المعتادة، حيث الفطورالشهى المكون من الطعمية السخنة والمشروبات السخنة. وأتذكرأنه- قبل المرض- كان يحرص على أنْ يراجع معنا ما أخذناه فى (الحصة السابقة) عن اللغة المصرية القديمة. ويُصحح لنا معلوماتنا ونطقنا. كما أنه أخذنا إلى المتحف المصرى أكثرمن مرة وإلى منطقة سقارة. ورغم أنه فى هذه المرحلة كان قد تجاوزالسبعين من عمره، إلاّ أنه أشعرنا ب (شباب الروح) الكامنة داخل وجدانه المصرى، وإيمانه بما يفعله، خاصة عندما ينزل إلى المقابرالمحفورة تحت الأرض، ويتحمل مشقة النزول والأتربة والهواء الخانق، ليشرح لنا معنى الرسوم على الجداريات. وكان الراحل خفيف الظل يشعرمن يجلس معه أنه يجلس مع (ابن بلد) خاصة وأنه كان شديد التواضع والبساطة رغم علمه الغزيروإجادته لأكثرمن لغة قديمة وحديثة. وكان يقبل بحق الاختلاف معه بصدر رحب. والأهم أنه كان يحفظ الكثيرمن النكت (جمع نكتة وهى صحيحة لغويًا) مثله مثل أغلب المصريين.
القومية المصرية وحزب مصرالأم
كان محسن لطفى من المؤمنين بالقومية المصرية. وأننا نحن المصريين لاننتمى إلى العرب (خاصة من ناحية المفهوم العلمى للثقافة القومية التى تــُـميزالشعوب عن بعضها). كما كان من أشد المؤمنين بالليبرالية بشقيها الفكرى والسياسى، وقد تطورتْ المناقشات بينه وبين المؤمنين بنفس أفكاره حتى تبلورتْ حول فكرة تأسيس حزب يدافع عن هذيْن المحوريْن (القومية المصرية وعلمنة مؤسسات الدولة) وبالفعل تم تجميع عدد الأعضاء وفق قانون الأحزاب وتم إخطارمجلس الشورى الذى نشرأسماء المؤسسين فى صحيفة الأهرام. وقد تمّ التصويت على أنْ يكون محسن لطفى هو وكيل المؤسسين ومعه د. وسيم السيسى و أ. سامى حرك. كان ذلك عام 2002 وبعد عدة سنوات رفضتْ المحكمة طلب المؤسسين. وأذكرأنّ عددًا كبيرًا من الكتاب ساهموا فى الدعاية للحزب تحت التأسيس من خلال الهجوم الضارى على مؤسسيه الذين يدعون إلى ((عبادة البقر)) كما كتب أحدهم. وكتب آخرأنّ المؤسسين يدعون إلى أنْ نمشى فى الشوارع ونحن نرتدى الزى الفرعونى. ثم تركزالهجوم على أنّ المؤسسين يعادون الشعوب العربية إلى آخرهذه الافتراءات التى لم يرد حرف واحد منها فى برنامج الحزب، ورغم الألم الذى عانى منه محسن لطفى وباقى الأعضاء، إلاّ أنّ الاتصالات التليفونية بالعشرات كل يوم للسؤال عن مقرالحزب المؤقت (شقة محسن لطفى) والوفود القادمة من كل محافظات مصر، كل ذلك خفف من ألم الهجوم غيرالموضوعى الذى شارك فيه بعض كبارالكتاب مثل المرحوم جمال بدوى الذى تغيرموقفه بعد عدة شهوروكتب سلسلة مقالات أشاد فيها بالحضارة المصرية ثم جمعها فى كتاب صدرعن أخباراليوم- سبتمبر2007 سلسلة كتاب اليوم بعنوان (مصرالقديمة فى عيون حديثة)
لماذا الحرص على تدريس اللغة المصرية القديمة؟
من خلال عمله كمرشد سياحى اكتشف أنّ كثيرين من المرشدين السياحيين ليسوا على قدرمن الكفاءة العلمية التى تؤهلهم ليكونوا واجهة مصر، وهم يشرحون الجداريات للسياح، وأنّ معلومات بعض السياح عن الحضارة المصرية أكثردقة عن معلومات المرشد المصرى، لذلك كان يرى أهمية تدريس اللغة المصرية القديمة فى المدارس والجامعات كما تفعل أوروبا وأمريكا رغم أنها ليست لغتهم. وإذا تمّ ذلك سوف يكون لدينا بعد عدة سنوات مرشد سياحي على دراية علمية بالحضارة المصرية من خلال القدرة على قراءة ما هومكتوب فى البرديات وعلى الجداريات. أما السبب الثانى- من وجهة نظره- فهوأنّ علم المصريات لايزال حكرًا على العلماء الأوروبيين (رغم الاعتراف بفضلهم) وأنه من العارإستمرارهذا الوضع المقلوب. وبالتالى لابد من أنْ يكون من بين الأجيال القادمة عدد من المصريين المتخصصين فى علم المصريات، وأنّ ذلك لن يتحقق إلاّمن خلال تدريس اللغة المصرية القديمة فى المدارس والجامعات.
لم يكتف الراحل بالمحاضرات فى منزله وإنما كتب أكثرمن كتاب عن الحضارة المصرية على نفقته الخاصة مثل كتابه (كتاب الموتى للمصريين القدماء) وشرح فيه أن الاسم الحقيقى هو كتاب (الخروج الى النهار) وهوما أثبته فى الصفحة التالية للغلاف الأمامى. والكتاب يحمل النص الهيروغليفى وترجمتيْن بالإنجليزية والعربية وطبعته مؤسسة روزاليوسف عام 2004. أما الكتاب الوحيد الصادرعن مؤسسة رسمية فهوكتاب (أساطيرمعبد إدفو) عن الهيئة المصرية العامة للكتاب– سلسلة الألف كتاب الثانى عام 2003. وحيث أنّ عدد نسخ طبعات كتبه محدود، وحيث أنّ هذه الطبعات نفد معظمها، لذلك فإننى أناشد المسئولين فى هيئة الكتاب وفى الهيئة العامة لقصورالثقافة وفى هيئة الآثارالاتفاق على جمع كل تراث الراحل محسن لطفى السيد وطبعه من جديد تكريمًا لذكراه من ناحية وحتى ينتفع به المؤمنون بأنّ الحضارة المصرية كانت مهد الحضارات الإنسانية، وهى الحقيقة التى ذكرها أكثرمن عالم من العلماء المتخصصين فى علم المصريات، وتتجاهلها وتعاديها الثقافة السائدة.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا ردّد الماركسيون أكاذيب عبد الناصر؟
- الجذر التاريخى للتمييز بين البشر
- أثر الواقع على القرآن
- لماذا دعمت أمريكا ضباط يوليو1952 ؟
- باب أسباب النزول: الكشاف Focus الذى يخشاه الأصوليون
- مثقف خارج طابور الثقافة السائدة
- العلاقة بين الأنبياء والرب فى العهد القديم
- الطابع القومى للشعوب وأثره على الإسلام
- العلاقة العضوية بين النص القرآنى والواقع
- مغزى قول الخليفة على: مصرافتتحها الفجرة
- هل يمكن شفاء العروبيين من (غيبوبة) الناصرية؟
- تعدد أسماء الآلهة بتعدد لغات الشعوب
- زوجة الخديو المتمرّدة على تراث التخلف
- صحيفة السياسة وحزب الأحرار الدستوريين
- الجذرالتاريخى للإرهاب وعلاقته بالغزو
- حزب الأحرارالدستوريين: ما له وما عليه
- الحزب المصرى الديمقراطى وظروف نشأته
- هل كان عبدالناصرحليفا للعمال وضد الإخوان؟
- الأحزاب السياسية قبل يوليو1952 (3)
- سليمان بين العهد القديم والقرآن


المزيد.....




- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...
- إيهود أولمرت: إيران -هُزمت- ولا حاجة للرد عليها
- يهود أفريقيا وإعادة تشكيل المواقف نحو إسرائيل
- إيهود باراك يعلق على الهجوم الإيراني على إسرائيل وتوقيت الرد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - علم المصريات وأهمية تدريس اللغة المصرية القديمة